- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
لا تعقد اجتماعات مع «الإخوان المسلمين» أيها الكونغرس
سيُلقي العضو البارز في جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية، عمرو دراج، خطاباً في "جامعة جورجتاون" يوم الخميس، 14 أيلول/سبتمبر، وسيحاول أن يوسّع أداءه الخطابي إلى جولة ضغطٍ، تماماً كما فعلت قبله وفود أخرى تابعة لـ «الإخوان المسلمين».
وسيكون من الحكمة أن يرفض المسؤولون الأمريكيون وأعضاء الكونغرس الأمريكي إجراء اللقاءات التي يطلبها دراج: فجماعة «الإخوان المسلمين» هي مجموعة دولية عدائية تسعى للإطاحة بالحكومات القائمة في المنطقة، ويجب ألا تبدي واشنطن أي اهتمام بالسماح لها بإحراز نصرٍ دعائي عبر مقابلة دراج خلال زيارته.
وتتعدد الجهات التي يحرّض «الإخوان» على كراهيّتها. فمنظمة دراج معروفة بالتحريض ضد المجتمع المسيحي في مصر، من خلال قيام «الإخوان» في كثير من الأحيان بتقديم تبريرات للهجمات الإرهابية على الكنائس وغيرها من الأهداف المسيحية. كما يروّج «الإخوان المسلمون» لنظريات المؤامرة المعادية للسامية، وقد نعوا موت أهم الإرهابيين مثل أسامة بن لادن و "الشيخ الضرير" عمر عبدالرحمن، وطوّروا تفسيرات للشريعة لتبرير الهجمات الإرهابية على مجموعة واسعة من الأهداف.
ويعكس هذا التعصب جدول الأعمال السياسي الطويل الأمد الخاص بـ«الإخوان»: فهم يسعون للوصول إلى السلطة في جميع بلدان الشرق الأوسط، ليوحّدوا بعدها هذه الدول تحت سيطرتهم ويعلنوا قيام "دولة إسلامية عالمية" أو خلافة جديدة. وفي الواقع، يُستبعَد جدّاً احتمال تحقق هذه الرؤية. فلم ينجح «الإخوان» في السيطرة على مصر لأكثر من عامٍ واحد، لذلك فإنّ فرصتهم للهيمنة على المنطقة ضئيلة بالفعل.
بيد أنّ «الإخوان» لا يرون الأمور على هذا النحو - فقد تم تلقينهم لكي يؤمنوا بأن منظمتهم ستحقق السيطرة على المنطقة، ويساوون هذه السيطرة مع انتصار الإسلام. وبالتالي، يعتبر «الإخوان» أن أي شخص لا ينتمي إلى صفوفهم - المسيحيون، اليهود، الغرب، المسلمون الذين يعارضونهم - هو من الأعداء الّذين عليهم إما أن يخضعوا وإما أن يُهزَموا.
ويقيناً، يعطي دراج صورةً مختلفة عن العديد من الشخصيات الإسلامية. فبعيداً عن كونه شخصاً متشدّداً ذا لحية طويلة، فهو مهندس يتحدث بلطافة ويحمل شهادة الدكتوراه من جامعة بوردو، وعمل لفترة وجيزة كوزير للتعاون الدولي أثناء فترة رئاسة زعيم «الإخوان المسلمين» محمد مرسي، الذي انتخب رئيساً لمصر في حزيران/يونيو 2012. لكن سلوك دراج اللطيف يعطي انطباعاً خاطئاً عن دوره الأساسي في أحد قرارات «الإخوان» الأكثر تعطشاً للسلطة - والتي تَبيَّن أنها مكلفة للغاية - خلال رئاسة مرسي التي دامت عامٍ واحد.
لقد شغل دراج منصب الأمين العام "للجمعية التأسيسية" التي يهيمن عليها الإسلاميون في مصر، والتي توصلت بالقوة إلى التصديق على دستورها في كانون الأول/ديسمبر 2012. وقد أدّت الطريقة الإقصائية التي استخدمها دراج في الإشراف على صياغة الدستور، واللغة المقيّدة للدستور المتعلقة بتفسير الشريعة الإسلامية، إلى تعزيز المخاوف الواسعة الانتشار من قيام «الإخوان» بفرض الثيوقراطية في مصر، وساهمت في التعبئة الجماهيرية ضد مرسي التي سبقت الإطاحة به في تموز/يوليو 2013.
وبعد الإطاحة بمرسي، هرب دراج إلى قطر، ثم إلى تركيا حيث أسس "المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية". ويعرّف المعهد نفسه على أنه مركز فكري للدراسات العلمية، ولكنه غالباً ما يروّج للتفسيرات العنيفة للنصوص الإسلامية. وفي إحدى مقالات المعهد، على سبيل المثال، يقول أحد الكتّاب السلفيين إن الجهاد "إلزامي لإنهاء الفتنة والشرك والكفر على الأرض"، ويكتب أن بإمكان غير المسلمين اعتناق الإسلام أو العيش في ظل الحكم الإسلامي، من خلال دفعهم "الجزية".
وفي مقال آخر للمعهد، جمع أحد الشباب الإسلاميين مقتطفات من كتاباتِ الشيخ محمد الغزالي، يدافع فيها هذا الأخير عن "الواجب المقدّس للأمة الإسلامية المناضلة بالجهاد من أجل إصلاح أي نظام لا يتماشى مع تعاليم الإسلام"، ويُحذّر من التهديد المفترض من العلمانيين.
وفي نصٍ ثالث، يُفسّر أحد أعضاء «الإخوان» الجهاد على أنه كفاحٌ شامل للجميع بل عنيف ضد الاستبداد - مما يعني صراعاً ضد الحكومة المصرية الحالية. (وقد كَتب بـ "أن الثورات ضد القتلة والسفاحين لا يمكن أن تكون إلا حربية").
على المسؤولين الأمريكيين وأعضاء الكونغرس أن يأخذوا هذا التطرف في عين الاعتبار عندما يطلب دراج عقد اجتماعات معهم خلال زيارته لواشنطن. وفي حين أن لِدراج مصلحة واضحة في ممارسة الضغوط ضد الحكومة المصرية التي تقمع بعنف جماعة «الإخوان»، يجب ألا يبدي المسؤولون الأمريكيون أي اهتمام بإعطائه فرصة لإحراز نصرٍ دعائي من خلال الترحيب به في مكاتبهم. وهذا ما سيسعى إليه دراج على وجه التحديد.
وفي السنوات الأخيرة، نشرت وفود «الإخوان» [تفاصيل] عن اجتماعات عقدتها مع مسؤولين من الإدارة الأمريكية كان من المفترض أن تكون غير رسمية، وبالغت في [وصف] قدرتها على الوصول إلى الكونغرس، بما في ذلك نشر صور ومقاطع فيديو لاجتماعاتها مع موظفي الـ "كابيتول هيل" [الكونغرس الأمريكي].
وبالفعل، يريد «الإخوان» أن يظهروا بأنهم يلقَون قبولاً لدى كبار المسؤولين في واشنطن، على الرغم من ترويجهم رؤية سياسية عدائية. على واشنطن أن ترد من خلال إيضاح إدراكها للمناصرة العنيفة التي يخفيها دراج إزاء قضيته، وأن تعيده إلى اسطنبول فارغ اليدين.
إريك تراجر هو زميل "استير ك. واغنر" في معهد واشنطن، ومؤلف الكتاب "الخريف العربي: كيف ربح «الإخوان المسلمون» مصر وخسروها في 891 يوماً".
"ذي هيل"