- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3595
لا تشطبوا «الحرس الثوري» الإيراني من قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"
نظرياً، سيكون لإزالة «الحرس الثوري» الإيراني من قائمة واحدة فقط من قوائم التصنيف الأمريكية العديدة تداعيات قانونية قليلة - إن كانت هناك أي تداعيات - لكنها لا تزال فكرة رهيبة.
في إطار الجهود المبذولة لإنهاء المفاوضات النووية، أفادت بعض التقارير أن إدارة بايدن قد نظرت في الموافقة على طلب إيران بإزالة «الحرس الثوري» الإيراني من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية لـ "المنظمات الإرهابية الأجنبية". وفي المقابل، ستقوم إيران على ما يبدو بتقديم "التزام علني... بوقف التصعيد في المنطقة".
ولا يعني شطب صفة "المنظمة الإرهابية الأجنبية" عن «الحرس الثوري» إزالته كلياً عن قائمة الإرهاب - إذ تظهر هذه المنظمة في العديد من قوائم التصنيف الأمريكية الأخرى بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان وأنشطة الانتشار النووي والأنشطة الإرهابية. كما أنه لا يعني أن الولايات المتحدة توقفت عن اعتبار «الحرس الثوري» منظمة إرهابية - حيث ستبقى الجماعة على قائمة إرهابية حكومية منفصلة. وبدلاً من ذلك، يتعلق الجدل بشكل أكبر بالرسائل [التي يوجهها هذا القرار للرؤساء في منطقة الشرق الأوسط] ودعم شركاء أمريكا في المنطقة، حيث يخشى الكثير منهم أن يؤدي إلغاء تصنيف «الحرس الثوري» كـ "منظمة إرهابية أجنبية" إلى تفاقم آثار الإجراءات الأمريكية الأخيرة في المنطقة.
سلسلة من التصنيفات
حددت الولايات المتحدة «الحرس الثوري» الإيراني كمنظمة إرهابية وفرضت عليه عقوبات قبل فترة طويلة من إضافة إدارة ترامب الجماعة إلى قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" في إطار حملة "الضغط الأقصى" التي قامت بها. وفي ذلك الوقت، كانت عملية الإدراج على قائمة إضافية مثقلة بالرسائل ولكن لم تكن تحمل سوى القليل من المزايا العملية نظراً للإجراءات العديدة التي كانت قد اتُخذت أساساً ضد المنظمة.
وتم تصنيف «الحرس الثوري» للمرة الأولى من قبل وزارة الخزانة الأمريكية في تشرين الأول/أكتوبر 2007 بموجب سلطات مكافحة الانتشار بموجب "الأمر التنفيذي رقم 13382". وقد صنف هذا الإجراء أيضاً «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» - وإن لم يكن «الحرس الثوري» الإيراني بشكل عام - على أنه مجموعة إرهابية بموجب "الأمر التنفيذي 13224". وفي حزيران/يونيو 2011، صنفت الوزارة «الحرس الثوري» على خلفية انتهاكاته لحقوق الإنسان بموجب "الأمر التنفيذي 13553". وفي تشرين الأول/أكتوبر 2017، تم تصنيف «الحرس الثوري» بكامله ككيان إرهابي بموجب "الأمر التنفيذي 13224". وبعد عامين، أضافت وزارة الخارجية الأمريكية المنظمة إلى قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية".
إن التصنيف على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" لعام 2019 هو الوحيد الذي تبحث إدارة بايدن في إلغائه وفقاً لبعض التقارير. وكما هو موضح أدناه، كان هذا التصنيف رمزياً إلى حد كبير.
فهم تصنيف "المنظمات الإرهابية الأجنبية"
أضاف تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني على أنه منظمة إرهابية أجنبية صلاحيتين غير تلك الواردة أساساً في السجلات:
1. فرض قيود هجرة على أعضاء «الحرس الثوري» لمجرد عضويتهم السابقة أو الحالية، لذلك يمكن الآن منع أي شخص تابع للتنظيم من دخول الولايات المتحدة.
2. فرض حظر جنائي على تقديم أي دعم مادي أو موارد عن قصد لـ «الحرس الثوري» الإيراني.
لقد اعتبر مؤيدو التصنيف أنه سيجعل الدول والشركات تفكر ملياً في ممارسة الأعمال التجارية مع إيران، نظراً لأن «الحرس الثوري» متجذر بعمق في الاقتصاد الإيراني. لكن من الناحية العملية، لم يكن من الواضح كيف يفاقم تصنيف "المنظمات الإرهابية الأجنبية" على وجه التحديد مخاطر العقوبات الحالية المتمثلة في التعامل مع إيران. وبالإضافة إلى التصنيفات العديدة لوزارة الخزانة الأمريكية المذكورة أعلاه، حظر "الاتحاد الأوروبي" المعاملات الاقتصادية مع "الحرس الثوري الإيراني" في عام 2010، وبقيت التصنيفات الخاصة بالولايات المتحدة و "الاتحاد الأوروبي" سارية المفعول بعد تنفيذ الاتفاق النووي لعام 2015.
ويُعرِّض تصنيف "المنظمات الإرهابية الأجنبية" رجال الأعمال لتهمة جنائية إضافية تتمثل بتقديم الدعم المادي للإرهابيين بموجب "قانون مكافحة الإرهاب وعقوبة الإعدام الفعالة (18 USC 2339B)" إذا كانوا يتعاملون تجارياً عن قصد مع «الحرس الثوري». ومع ذلك، فإن دور المنظمة في الاقتصاد الإيراني غامض كما هو معروف، لذا من الصعب جداً إثبات معيار "تقديم الدعم المادي عن قصد". وفي الواقع، لم تصدر وزارة العدل الأمريكية أي لوائح اتهام بموجب هذه السلطة خلال إدارة ترامب أو بايدن.
والأهم من ذلك أن الأشخاص المنخرطين في مثل هذه الأنشطة قد تعرضوا أساساً للمساءلة الجنائية قبل إدراجهم على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية". وبموجب صلاحية وزارة الخزانة الأمريكية، فإن أي شخص يتصرف عن قصد بالنيابة عن كيان مصنف مثل «الحرس الثوري» الإيراني مسؤول عن التهرب من العقوبات بموجب "قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية (50 USC 1701)". والفرق الجوهري الوحيد بين هذا القانون والتصنيف كمنظمة إرهابية أجنبية هو أن الأول ينطبق فقط على الأنشطة ذات الصلة الإقليمية الكافية بالولايات المتحدة، في حين يشمل الأخير إجراءً خارج الحدود الإقليمية لأنشطة "الدعم المادي".
لماذا يجب أن يبقى «الحرس الثوري» الإيراني على القائمة
نظرياً، قد تبدو أسباب إلغاء التصنيف كمنظمة إرهابية أجنبية مقنعة: فهو لا يعود بفائدة عملية تذكر في مساعدة الحكومة الأمريكية على التعامل مع «الحرس الثوري»، وستبقى المنظمة كياناً إرهابياً مصنفاً من قبل الولايات المتحدة ضمن قوائم وزارة الخزانة، وسيبقى العديد من الحواجز الخطيرة للقيام بأعمال تجارية مع إيران قائماً. ومع ذلك، فإن شطب «الحرس الثوري» من قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" تُعد فكرة سيئة.
أولاً، تدرك طهران أن تصنيف المنظمة على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" هو رمزي إلى حد كبير، ولهذا السبب تضغط باتجاه شطبها من القائمة. ويريد النظام الإيراني أمراً يمكنه الرجوع إليه عند محاولة إقناع المستثمرين بأنه ليس متورطاً فعلياً في الإرهاب وأن مثل هذه الاتهامات هي مجرد دعاية غربية.
ثانياً، أوضحت إيران أن تركيز المفاوضات النووية يجب أن يبقى منصباً على أنشطتها النووية وحدها، وليس على مشاركتها في الإرهاب وانتشار الصواريخ وانتهاكات حقوق الإنسان والتمويل غير المشروع والأنشطة الخبيثة الأخرى في المنطقة. وطالما بقيت الأمور على هذا المنوال، يجب على الولايات المتحدة أن لا توافق على تخفيف أي عقوبات تتعلق بالإرهاب. وإذا كانت إيران تريد فتح ملف تصنيفاتها على قوائم الإرهاب، فيجب توسيع المفاوضات لتشمل أنشطتها الإقليمية الداعمة للإرهابيين، وإلا فإن شطب التصنيف على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" قبل أوانه قد يقوّض فعالية العقوبات الأخرى غير النووية.
ثالثاً، لحماية مصداقية سلطات العقوبات الأمريكية في جميع أنحاء العالم، على واشنطن تخفيف العقوبات المتعلقة بالإرهاب فقط رداً على التغييرات في دعم إيران للإرهاب، وليس كمنفعة جانبية لاتفاق نووي. ويعني ذلك أنه لا ينبغي إزالة «الحرس الثوري» من قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" إلى أن يتوفر دليل على أنه قد أوقف أنشطته الإرهابية - وهي عتبة لم تستوفها الوعود الغامضة بـ"وقف التصعيد" بشكل شبه كامل. إن شطب التنظيم من القائمة بينما يستمر بالانخراط في أعمال إرهابية واسعة النطاق يمكن أن يخلق تصوراً بأن العقوبات الأمريكية ليست أدوات تكنوقراطية لتغيير السلوك العدائي، بل أدوات سياسية يمكن استخدامها كيفما ترتأي إدارة معينة.
والأهم من ذلك أن إلغاء التصنيف على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" قد يمثل مشكلة خطيرة من ناحية توجيه الرسائل. فشركاء وحلفاء أمريكا في المنطقة، وخاصة دول الخليج وإسرائيل، قلقون بشدة من أن يؤدي اتفاق نووي متجدد إلى تقوية إيران في الوقت الذي يُنظر إلى دور الولايات المتحدة بأنه آخذ في التراجع من المنطقة. وهم يخشون على وجه الخصوص من أن تزيد طهران من دعمها لوكلائها الإرهابيين في جميع أنحاء المنطقة إذا تدفقت الأموال على طهران من تخفيف العقوبات، مما يتسبب في مزيد من زعزعة الاستقرار. وفي الوقت الذي يعمل فيه كبار ضباط «الحرس الثوري» في السفارات الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي أعقاب تولّي الحكومة المتشددة للرئيس إبراهيم رئيسي زمام السلطة [في إيران العام الماضي]، من المرجح أن تزداد قوة «الحرس الثوري». لذلك، يَعتبر حلفاء الولايات المتحدة أن الوقت ليس مناسباً على الإطلاق لتخفيف الضغط عن التنظيم من خلال شطبه من القائمة.
وشددت إدارة بايدن بحكمة على هدف تنشيط وتحديث شراكاتها حول العالم، ولكن علاقاتها مع الدول الرئيسية في الشرق الأوسط غير مستقرة في الوقت الحالي، ويُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى المخاوف الأمنية الإقليمية. فالانسحاب الأمريكي من أفغانستان والإجراءات الأخرى المتخذة مؤخراً أثارت قلق القادة في المنطقة من أن تتركهم واشنطن ليواجهوا مصيرهم بمفردهم بشأن مشاكل على غرار أنشطة إيران الإقليمية الخبيثة. وقد لا يكون لإلغاء تصنيف «الحرس الثوري» كمنظمة إرهابية أجنبية أثر عملي كبير على صلاحيات مكافحة الإرهاب الأمريكية، لكنه قد يقوّض بشدة المصالح الأمريكية الأوسع نطاقاً.
ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب" في معهد واشنطن.