لا يزال المسؤولون في "المقاومة" يمتدحون بانتظام غزو بوتين لأوكرانيا، بل ويطلقون ألقاباً فخرية على المسؤولين الروس ترتبط بالإسلام الشيعي.
في آذار/مارس 2022، سلّطت "الأضواء الكاشفة للميليشيات" وللمرة الأولى الضوء على التطوّر الكبير في العلاقات بين روسيا و"المقاومة" منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي كانون الثاني/يناير 2023، ألقينا نظرة على استضافة موسكو لأشخاص من القيادة المتداخلة لـ "قوات الحشد الشعبي" و"المقاومة" الذين صنّفتهم الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان.
وبعد مرور أكثر من عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، لا تزال المنصات التابعة لـ"المقاومة" تُروّج بنشاط كبير للدعاية الروسية. ففي 22 نيسان/أبريل 2023، نشرت "صابرين نيوز"، منصة التواصل الاجتماعي الرئيسية التابعة لـ"المقاومة" على تلغرام، أغنية داعمة للمرتزقة الروس من مجموعة "فاغنر". وحملت الأغنية عنوان "شروگ ولد شروگ". فكلمة شروگ (شروگ أو شروگي وتعني حرفياً الأشخاص الذين يأتون من الشرق) تُستخدم لوصف الشيعة في جنوب العراق. ويمكن استخدام شروگ كمصطلح ازدرائي لشيعة العراق (ولا سيما عرب الأهوار ونسلهم الحضري)، ولكن في أيامنا هذه، استعاد بعض شيعة جنوب البلاد معنى الكلمة لتصبح رمزاً للفخر الاجتماعي. وينطبق ذلك بشكل خاص على حقبة ما بعد صدام. واليوم، تستخدم منصات التواصل الاجتماعي التابعة لـ "المقاومة" كلمة شروگي لوصف أشخاص من أمثال قيس الخزعلي ومؤخراً رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. ويُعتبر وصف مرتزقة "فاغنر" بأنهم "شروگيون" طريقة للقول بأنهم "واحد منا".
الأغنية هي بلهجة جنوب العراق وتُمجّد المجموعة الروسية على عملياتها في سوريا وأوكرانيا. كما تمّت صياغة كلماتها لتُظهر هذه المجموعة وكأنها امتداد للمجتمع الشيعي.
تجدر الإشارة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ"المقاومة" تستهدف المجتمع الشيعي، ولا سيما القبائل عندما تنقل أخبار الغزو الروسي. على سبيل المثال، وصفت "صابرين نيوز" رئيس مجموعة "فاغنر" بالحاج يفغيني (الشكل 1)، مع العلم بأن صفة الحاج لا تُطلق إلا على أشخاص في مراتب عُليا أتمّوا مناسك الحج. وضمن قيادة "الإطار التنسيقي"، عادةً ما يلقّب كل من هادي العامري ونوري المالكي علناً بالحاج.
ودأبت حسابات "المقاومة" على مواقع التواصل الاجتماعي على وصف روسيا بـ "روسيا العظمى". على سبيل المثال، تصف "تُرى نيوز"، وهي قناة تابعة لـ "المقاومة"على تلغرام، وزارة الدفاع الروسية بـ"وزارة دفاع روسيا العظمى". وفي الوقت نفسه، وصفت الرئيس الأوكراني بـ"الرئيس اليهودي" في محاولة منها للتقليل من شأنه في نظر المشاهدين العراقيين (الشكل 2).
ولا تزال شخصية بوتين تُفتن "المقاومة" التي تسعى إلى تصويره على أنه رجل قوي، حتى أنها أطلقت عليه لقباً دينياً (أبو علي) لتقريبه أكثر من أبناء الطائفة الشيعية.
وإذ لا يكف "الإطار التنسيقي" عن انتقاد "الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة" في العراق، جانين بلاسخارت، وسفيرة الولايات المتحدة في العراق، ألينا رومانوسكي، لاجتماعهما بعدد كبير جداً من المسؤولين العراقيين، إلّا أنه لم يتنقد يوماً السفير الروسي على ذلك. وفي 16 نيسان/أبريل 2023، وجّه هادي العامري دعوة إفطار رمزية إلى السفير الروسي إلى جانب سفراء الدول الإسلامية (الشكل 3).
وتُظهر هذه المؤشرات أن "الإطار التنسيقي" لا يعامل روسيا على أنها حليف سياسي فحسب، بل يتعاطى معها بشكل متزايد على أنها حليف أيديولوجي أيضاً. فقد وصفت "صابرين نيوز" السفير الروسي على أنه صديق لـ"المقاومة" العراقية.
ويبدو أن "المقاومة" مستعدة حتى لانتقاد ما يسمى بـ"حكومة المقاومة" برئاسة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بسبب تصويتها لصالح قرار ضد الحرب الروسية على أوكرانيا خلال اجتماعات "الجمعية العامة للأمم المتحدة" التي عُقدت في شباط/فبراير 2023. فقد اشتكى حسين مؤنس، رئيس "حركة حقوق" (الكتلة النيابية لـ "كتائب حزب الله") قائلاً: "ما هي المصلحة التي سيجنيها العراق بالتصويت ضد روسيا في الأمم المتحدة؟ فوضى السياسة الخارجية بعيدة عن التوازن فلا مصداقية للكلام عن الحياد" (الشكل 4).
وبالمثل، غرّد حسن سالم، نائب من كتلة "صادقون" (الكتلة النيابية لـ "عصائب أهل الحق")، في 25 شباط/فبراير 2023 قائلاً: "وزارة خارجيتنا بسياستها العشوائية وقراراتها المتخبطة تجر العراق إلى أزمة الحروب والصراعات من خلال التصويت على مشروع قرار دولي ضد روسيا" (الشكل 5).
ومن جهتها، أعقبت "حركة حزب الله النجباء" زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 5 شباط/فبراير 2023 بتغريدة لعضو مجلسها السياسي فراس الياسر جاء فيها: "الوفد الروسي المتكون من 65 شخصية يأتي إلى العراق...روسيا جاءت لترفع الخناق عن العراق وتقدم ملفات الطاقة والأمن الغذائي. الفرصة مؤاتية للعراق للانفتاح على دول العالم وتنويع الاقتصاد العراقي والانعتاق من الحصار الأمريكي. نحتاج قرارات سياسية شجاعة بمستوى المسؤولية" (الشكل 6).