- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3914
على شفا الهاوية؟ احتمالية اندلاع نزاع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط
يناقش جنرال إسرائيلي ومسؤولان أمريكيان سابقان احتمالات وقوع هجوم إيراني وشيك وما يمكن القيام به لردعه.
"في 12 آب/أغسطس، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي بمشاركة اللواء (متقاعد) أمير إيشيل، السفير ديفيد م. ساترفيلد، ودانا سترول. واللواء (متقاعد) إيشيل، هو زميل بارز في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، وشغل سابقاً منصب المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية وقائد القوات الجوية الإسرائيلية. والسفير ساترفيلد هو مدير "معهد بيكر للسياسة العامة" والمبعوث الخاص السابق للولايات المتحدة للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط. وسترول هي مديرة الأبحاث وزميلة أقدم في برنامج الزمالة "شيلي ومايكل كاسن" في معهد واشنطن، وهي المناصب التي تولتها في فبراير 2024. عادت إلى المعهد بعد أن شغلت منصب نائبة وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط من 2021 إلى 2023، حيث كانت أعلى مسؤول مدني في البنتاغون مسؤولاً عن المنطقة.
اللواء (متقاعد) أمير إيشيل
في أعقاب اغتيال القائد البارز في "حزب الله" فؤاد شكر وزعيم "حماس" إسماعيل هنية، تستعد إسرائيل لهجوم من قبل إيران ولبنان. وعلى الرغم من أن الشعب الإسرائيلي قلق جداً من هذا الاحتمال، إلا أنه لا يشعر بالذعر. ويبدو أن المنطقة على شفا تصعيد واسع النطاق على الرغم من أن أياً من الجهات الفاعلة الرئيسية - بما في ذلك إيران، إسرائيل، و"حزب الله" - لا تريد ذلك. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت طهران ووكيلها اللبناني سيتمكنان من الرد بطريقة تُرضيهم دون تجاوز عتبة الحرب.
إن النزاع مع إيران ليس جديداً بالنسبة للإسرائيليين. فبعد تدخل طهران في سوريا منذ سنوات عديدة وإعلانها لاحقاً عن نيتها مهاجمة إسرائيل، قدّرت القدس أن التهديدات والنزاعات المباشرة قد تصبح أكثر تواتراً وبدأت في الاستعداد وفقاً لذلك. ومن جانبها، تدرك إيران أن الردع هو عنصر أساسي في استراتيجية الثأر الإسرائيلية وتتحرك بحذر. وقد تعهّد النظام سابقاً بهزيمة إسرائيل بحلول عام 2030، لذا فمن غير المرجح أن يعجّل هذا الجدول الزمني. كما أن طهران تحقق تقدماً في برنامجها النووي وتشكل صداقات مع روسيا والصين. وعلى هذا النحو، قد تكون راضية عن هجوم انتقامي محدود النطاق وصغير الحجم في المستقبل القريب، والذي تستعد له إسرائيل هجومياً ودفاعياً.
في الوقت الحالي، من غير الضروري أن تتخذ إسرائيل إجراءات استباقية ضد إيران إلا إذا قام أحد الطرفين بتصعيد الأمر إلى حرب شاملة. ومن المؤكد أن إسرائيل سترد على أي هجمات من إيران و "حزب الله" بضربات من جانبها، تعكس نتيجة هجماتهما.
هناك أيضاً إجماع في إسرائيل على أن استمرار وجود "حزب الله" على الجبهة الشمالية أمر غير مقبول. وقد ناقش الكثيرون الفكرة بأن وقف إطلاق النار في غزة قد يؤدي إلى وقف إطلاق النار مع "حزب الله"، لكن ذلك لن يكون كافياً لجعل المواطنين الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم يشعرون بارتياح البال للعودة إلى منازلهم في شمال البلاد. ولن يتحقق ذلك الشعور بالأمان إلا إذا تم إبعاد الحزب بالكامل عن الحدود. ومن المؤكد أنه يتعين على إسرائيل بذل جهود دبلوماسية وسياسية كبيرة لتحقيق وقف إطلاق النار على كلا الجبهتين، لكنها يجب أن تكون مستعدة أيضاً للقيام بما هو ضروري في الشمال. ويشمل ذلك احتمال إعلان السيادة على طول الحدود - وهي خطوة قد تؤدي إلى حرب شاملة ولكن قد تكون مبررة إذا انتهك "حزب الله" الاتفاقيات المستقبلية لوقف إطلاق النار.
وفيما يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة، من المهم أن نفهم أن قائد "حماس" يحيى السنوار لم يصل بعد إلى حد اليأس. وقد تسيطر إسرائيل على "محور فيلادلفيا" بين مصر وغزة، ولكن "حماس" لا تزال قادرة على الوصول إلى بعض خطوط إمدادها بالأسلحة. وتم طرح شروط جديدة لوقف إطلاق النار، لكن ليس هناك مساحة كبيرة للتوافق بين الجانبين.
السفير ديفيد م. ساترفيلد
لا تريد إيران و"حزب الله" تصعيداً إقليمياً يؤدي إلى رد فعل إسرائيلي كبير أو، ما هو أسوأ، رد فعل أمريكي. ومع ذلك، هناك خطر كبير من حدوث سوء تقدير أو خطأ قد يؤدي إلى نزاع أوسع نطاقاً. إن الأطراف الوحيدة التي ترغب في توسيع الحرب هي "حماس" وحركة "الحوثيين" في اليمن. ويتطلب حل الأزمة ضمانات ليس فقط من "حماس"، بل أيضاً من "حزب الله" في الشمال، حيث ينتظر 80,000 إسرائيلي العودة إلى منازلهم.
وكان الأساس لصد هجوم إيران السابق على إسرائيل في نيسان/أبريل الماضي هو استعداد الشركاء العرب والأوروبيين للعب دور في العملية الدفاعية التي قادتها الولايات المتحدة. وهذا الاستعداد نفسه واضح اليوم. وفي الآونة الأخيرة، أعلن الأردن أنه سيرد على أي انتهاك لمجاله الجوي من قبل أسلحة أي دولة - وهو تعليق موجه إلى طهران. ويواصل المسؤولون الأمريكيون حشد تحالف دولي من "الراغبين والقادرين" لضمان عدم قيام إيران بالتعجيل بحدوث نزاع أوسع نطاقاً.
وفي غضون ذلك، تتخذ الولايات المتحدة إجراءات وقائية من خلال إرسالها مجموعة حاملة طائرات، وغواصة مزودة بصواريخ موجهة، ومقاتلات إضافية إلى المنطقة. وقد اتخذت خطوات مماثلة بعد هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، حيث أعادت توجيه قواتها وأرسلت تحذيراً لإيران: "لا تفعلوا". ومع ذلك، ينصب تركيز إدارة بايدن على المشاركة الدبلوماسية لكي لا يُضطر الرئيس إلى توجيه أوامر بشن ضربات عسكرية.
وعلى الرغم من أن وقف إطلاق النار أمر بالغ الأهمية، إلا أن السنوار لا يزال يعتقد أنه يحقق الانتصار. ففي الحروب غير المتكافئة، يكفي أن تبقى الأطراف غير الحكومية صامدة لكي "تنتصر". ويعتقد السنوار أنه سينجو من هذه الحرب وأن "حماس" ستظل الحاكم الفعلي لغزة، مع بقاء يدها العليا في تشكيل مستقبل القطاع.
وعلى الرغم من أنه من الممكن، بل وينبغي، استنفاد جميع الموارد لمعرفة ما إذا كان وقف إطلاق النار ممكناً، إلا أن المراحل والضمانات التي يتطلبها مثل هذا الاتفاق معقدة للغاية، ويجب أن تكون التوقعات معتدلة وفقاً لذلك. لكن حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال جولة المفاوضات هذا الأسبوع، فمن غير المرجح أن تتخلى الولايات المتحدة عن العملية.
دانا سترول
توفر الدبلوماسية والإجراءات العسكرية الأمريكية منذ 7 تشرين الأول/كتوبر إطاراً مهماً لفهم نهج واشنطن تجاه التصعيد الأخير. وعلى وجه التحديد، أحرزت الجهود لمنع نشوب نزاع إقليمي شامل تقدماً في ثلاث مراحل خلال حرب غزة.
في الفترة من 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى 13 نيسان/أبريل، كانت أولويات واشنطن هي دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ومنع اندلاع حرب إقليمية. وقد سعت إلى تحقيق هذه الأهداف من خلال تقديم المساعدة الأمنية لإسرائيل، وبدء بناء عسكري سريع، وضمان توجيه رسائل متسقة ومحددة إلى الحلفاء والخصوم، من بين خطوات أخرى. كما تعاملت مع الأزمات الجانبية في أماكن أخرى من المنطقة بقدرات فريدة. وفي العراق وسوريا، استهدفت مباشرة الميليشيات المدعومة من إيران والتي كانت تهاجم القوات الأمريكية. وفي اليمن، عملت بصورة هجومية ودفاعية مع تحالفات منفصلة متعددة الجنسيات لمواجهة هجمات "الحوثيين" في البحر الأحمر وتقليص القدرات العسكرية للحركة. أما في لبنان، فقد عززت دبلوماسيتها لتحديد ملامح خارطة طريق لخفض التصعيد مع "حزب الله" حالما يتم تحقيق وقف إطلاق النار في غزة.
ومع ذلك، فإن الهجوم الذي شنته إيران في 13 نيسان/أبريل فتح مرحلة جديدة في الأزمة وشكل لحظة فارقة في الشرق الأوسط. فبدلاً من الاعتماد على استراتيجية طهران القديمة القائمة على استخدام الجماعات الوكيلة لإبراز قوتها، قامت إيران بشن هجوم مباشر ومعقد بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل رداً على مقتل شخصيات عسكرية إيرانية بارزة في دمشق. وكان التحالف الدفاعي الذي تقوده الولايات المتحدة من بين التطورات الكبيرة أيضاً، حيث تمكنت إسرائيل وعدة شركاء عرب وأوروبيين من صد الغالبية العظمى من الهجوم الإيراني. وقد غيرت تلك الأحداث بشكل جذري البيئة الاستراتيجية في المنطقة والطريقة التي تفكر بها جميع الأطراف بشأن الاستخدامات الهجومية والدفاعية للقوة.
ويُعد الهجوم الصاروخي الذي شنه "حزب الله" على مجدل شمس في 27 تموز/يوليو مثالاً مثيراً على المخاطر التي تصاحب هذا الوضع الجديد. واليوم، لا يتمثل التهديد الأكبر في اتخاذ خطوة حاسمة نحو حرب إقليمية، بل في احتمال وقوع خطأ أو سوء تقدير قد يدفع الأطراف باتجاه دورة تصعيدية. وبعد هجوم مجدل شمس الذي أدى إلى مقتل اثني عشر طفلاً، استهدفت إسرائيل فؤاد شكر في بيروت، ويُعتقد أنها نفذت العملية التي قتلت إسماعيل هنية في وسط طهران. واعتبُرت هذه الاغتيالات تصعيداً كبيراً وإحراجاً علنياً لقادة إيران و"حزب الله". وفي الوقت الحالي، يُفترض أن جميع الجهات الفاعلة تريد تجنب حرب أوسع نطاقاً، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كانت الرغبة في الانتقام من الإذلال العلني ستتفوق على الحاجة العملية لخفض التصعيد.
وفي المرحلة الراهنة، قامت الولايات المتحدة بتسريع جولة جديدة من عمليات الانتشار العسكري في المنطقة، مما يشير إلى استعدادها لاستخدام القوة للدفاع عن إسرائيل حتى مع استمرارها في الدفع نحو وسيلة دبلوماسية لمنع نشوب حرب إقليمية. وفي الماضي، لاحظ الخصوم تلك العروض غير المتوقعة والديناميكية للقوة العسكرية الأمريكية. إن واقع كَون المسؤولين الأمريكيين يتحدثون علناً عن نشر غواصة ذات صواريخ موجهة هي رسالة قوية موجهة إلى القادة الكبار في طهران. ومع ذلك، لم توضح واشنطن بعد ما إذا كانت مستعدة للتعامل مع إيران بشكل مباشر أو استباقي.
أعدّت هذا الملخص سارة بوشيس. أصبحت سلسلة منتدى السياسات ممكنة بفضل كرم "عائلة فلورنس وروبرت كوفمان".