- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
ما السبب الإسلامي الذي يحتم على السلطة الفلسطينية تحرير سليم سويدان؟
لا أريد أن أنادي أنه ينبغي على السلطة الفلسطينية إطلاق سراح الصحفي الفلسطيني والناشط المعتدل في حركة "الوسطية" سليم سويدان من منطلق أنه بريء ولم يخالف أي قانون. فهذا ما يفعله محاميه. وقد سبق أن أفادت وكالة "معا" الإخبارية أن سويدان لم يكن مصدر المعلومات التي تم نقلها بأن أجهزة الأمن الفلسطينية قد ساعدت إسرائيل على توقيف الأشخاص الخمسة الذين يُزعم انتماؤهم لخلية تابعة لحركة «حماس» يُشتبه أنها قتلت إيتام ونعمة هنكِن على إحدى طرقات الضفة الغربية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
لا أريد أن أنادي أنه ينبغي إطلاق سراح سويدان من منطلق إنساني لأن حالته الصحية تستوجب عناية طبية دائمة لن يحصل عليها في السجن. فهذا ما تفعله عائلته.
لا أريد أن أنادي أنه ينبغي إطلاق سراح سويدان من منطلق أنه يحق لكل صحفي في دولة ديمقراطية ممارسة حرية الصحافة. فهذا ما يفعله "المعهد الدولي للصحافة" وزملاء سويدان الصحفيين. وقد قال "مدير الدعوة والاتصالات" في "المعهد الدولي للصحافة" ستيفن م. إيليس إن "سجن الصحفيين الذين يبلغون عن قضايا حساسة تتعلق بالمصلحة العامة مناقض للديمقراطية". وأضاف إيليس أنه "كان يتوجب على السلطة الفلسطينية ممارسة حقها في نفي التقرير إذا لم يكن صحيحاً، بدلاً من توقيف الصحفي الذي نقله. يجب ألا يتعرض سويدان للسجن التعسفي والمستمر، ونحن نحث السلطة الفلسطينية على الإفراج عنه فوراً".
وقد دعا أيضاً عضو المجلس التنفيذي في "المعهد الدولي للصحافة" داود كتّاب، وهو صحفي فلسطيني حائز على جائزة، إلى الإفراج عن سويدان بشكل فوري، قائلاً: "يستوجب المكون الأساسي لحرية التعبير امتناع المسؤولين الأمنيين عن التدخل في شؤون الصحفيين ووسائل الإعلام أو ممارسة ضغوط عليهم أو ترهيبهم. وتشكل قضية احتجاز سليم سويدان والضغط الممارس على وسائل الإعلام المختلفة الناجم عن ذلك انتهاكاً فاضحاً للقانون الأساسي الفلسطيني ولالتزامات دولة فلسطين".
لا أريد أن أنادي أنه ينبغي إطلاق سراح سويدان من منطلق أنه ناشط معتدل في حركة "الوسطية" يعمل من أجل المصالحة وحل النزاعات وإرساء السلام من خلال الحوار والوسائل غير العنيفة. فآخرون يقومون بذلك.
لا أريد أن أنادي أنه ينبغي إطلاق سراح سويدان من منطلق أن اتهامات المدعي العام للسلطة الفلسطينية في نابلس أدرجت تهماً ملفقة قائمة على "التشهير بالسلطات العامة واختلاق أخبار كاذبة ونشرها وخرق قوانين الصحافة الفلسطينية ونشر مقالات تناقض المسؤوليات القومية وانتهاك الأخلاقيات الصحافية ونشر مواد تحرض على الكراهية والعنف ونشر مواد قد تضر بالوحدة الوطنية"، وكلها تُهم تفتقر للأدلة الداعمة في محكمة قانونية في أي بلد ديمقراطي.
لا أريد أن أنادي أنه ينبغي إطلاق سراح سويدان من منطلق أنه شخص لطيف للغاية لم يقم بما قد اتُهم به عن سوء نية. يمكن لأصدقائه أن يشهدوا على ذلك.
ما أريد قوله هو أن السلطة الفلسطينية، من خلال إنكارها أنها قد تعاونت مع السلطات الإسرائيلية في محاربة الإرهاب، تشجع الإرهابيين على الاعتقاد بأنهم يسيطرون على الوضع من جهة والفلسطينيين على اعتبارهم أبطالاً من جهة أخرى. لا بد من أن تتمتع السلطة الفلسطينية بالشجاعة لإخبار المواطنين بأن أجهزتها الأمنية قد ساعدت بالفعل إسرائيل على توقيف الإرهابيين المشتبه بهم في قتل أب وأم أمام أعين أولادهم لمجرد أنهم يهود، وبأنها ستقوم بذلك مجدداً من المنطلق الديني بأن القرآن يحرّم قتل الأبرياء.
لا يجدر بالسلطة الفلسطينية التنصل من الإعلان بأن سياستها تقوم على محاربة الإرهاب في فلسطين، سواء ارتُكب على يد مسلمين، مسيحيين أو يهود. فهذه الرسالة، التي مفادها أن الإرهاب ليس الجهاد وأن العنف ليس الطريق الصحيح الواجب سلوكه، سيكون لها وقع أقوى بكثير لدى الفلسطينيين والإسرائيليين والمجتمع الدولي.
محمد الدجاني هو زميل "ويستون" في معهد واشنطن ومؤسس "حركة «الوسطية»" للإسلام المعتدل.
"تايمز أوف إسرائيل"