- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
ما هي أسباب الهجوم في اسطنبول؟
يبدو أن هناك دوافع متعددة وراء الهجوم الذي شنه تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية» في اسطنبول في 12 كانون الثاني/يناير. أولاً، من خلال وقوع التفجير في قلب وسط المدينة القديمة - التي تضم العديد من المساجد والمتاحف والسياح، ولكن عدد قليل من الأتراك - استهدف التنظيم صناعة السياحة المربحة في البلاد ودخلها الذي يصل إلى 30 مليار دولار سنوياً. وقد قُتل عشرة أشخاص على الأقل في التفجير الانتحاري، جميعهم من السياح. وإذا استمرت هذه الهجمات، فسيكون لها تأثير ضار على صناعة السياحة من جانب واحد، وعلى ميزان المدفوعات في البلاد من الجانب الآخر.
ثانياً، من خلال جلب الحرب إلى أكبر مدينة في تركيا، يهدف تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى تقويض الحملة الأمريكية-التركية المخططة ضد قواته في سوريا، التي من المقرر أن تبدأ في غضون أسابيع وفقاً لبعض التقارير، وذلك في أعقاب زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أنقرة في 23 كانون الثاني/يناير. ويكمن الهدف الواضح من الخطة المشتركة هو الاستيلاء على ممر جرابلس-عزاز على طول الحدود السورية الذي يمتد مسافة ستين ميلاً [حوالي 100 كيلومتر]، ومعظمه يقع حالياً تحت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية». وإذا ما نجحت الحملة، فإنها ستغلق بشكل فعال آخر ممر بري للجماعة الإرهابية من سوريا إلى تركيا وأوروبا. وتدرك قيادة تنظيم «داعش» جيداً أن مثل هذا التطور من شأنه أن يضر بالموارد المالية للجماعة، وجهود التجنيد التي تقوم بها، وهيبتها، لذلك يبدو أنها قد تصرّفت بصورة استباقية على أمل أن تتراجع تركيا [عن القيام بعملياتها ضد التنظيم] أو على الأقل لا تزيد من جهودها العسكرية. ومن خلال الحفاظ على الهجوم الذي وقع في اسطنبول بصورة محدودة نسبياً - على الأقل بالمقارنة مع عملياته الكبيرة في باريس وأماكن أخرى - من المرجح أن التنظيم يريد أن يشير إلى أن بإمكانه أن يلحق ضرراً أسوأ بكثير داخل تركيا إذا شنت أنقرة حرباً شاملة ضده بالإشتراك مع واشنطن.
ثالثاً، بينما قد لا يكون تنظيم «الدولة الإسلامية» على علم بجنسية الناس الذين استهدفهم، إلّا أنه شن الهجوم بصورة متعمدة في منطقة يتم ارتيادها بشكل كبير من قبل السياح الأوروبيين الألمان وغيرهم. وبالفعل، قُتل على الاقل تسعة اشخاص ألمان. لذلك يبدو أن الجماعة الإرهابية عازمة على إثارة المشاعر المعادية للمسلمين في القارة الأوروبية وإنماء رد فعل عنيف ضد سياسة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الموالية للاجئين. إن أي رد فعل من هذا القبيل يعكس حالة من المفارقة المحزنة، لأن العديد من اللاجئين الذي سمحت ميركل بدخولهم إلى ألمانيا يفرون من وحشية تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا.
سونر چاغاپتاي هو زميل "باير فاميلي" ومدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن.