- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
ما تقوله رسالة الكونغرس إلى إيران عن دبلوماسية أوباما
مع كل الجدل الذي يحيط بالرسالة المفتوحة التي وُجهت إلى القادة الإيرانيين، [من قبل أعضاء من الكونغرس الأمريكي من الحزب الجمهوري] بزعامة السيناتور توم كوتون، اقتصر محتوى الرسالة على شيء معروف بالفعل وهو: أن لدى أعضاء من الكونغرس من كلا الحزبين تحفظات شديدة حول المسار التي تتخذه الدبلوماسية الأمريكية مع إيران، ويشعرون بالقلق حول ما يقال عما يتضمنه الاتفاق النووي وما قد يغفل عن ذكره. وقد تبيّن من خلال استطلاع للرأي أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" بالاشتراك مع شبكة "إن. بي. سي." في الأسبوع الثاني من آذار/مارس أن 71% من الأمريكيين يشاركون الشكوك نفسها.
وفي الواقع أن الإيرانيين وغيرهم من المسؤولين الأجانب يفهمون هذه التحفظات. فالرد الذي يحتمل أن يبديه الكونغرس على الاتفاق النووي يشغل حيزاً كبيراً من الاهتمام في الخارج (لا بل هو حتماً موضوع يسود المحادثات التي تجري خلال زيارة الزعماء الأجانب للمشرّعين الأمريكيين والعكس بالعكس). أما فيما يتعلق بجوهر السياسة الأمريكية تجاه إيران، فالمخاوف نفسها التي أعرب عنها الكونغرس تنتاب بعضاً من الشركاء الأجانب - ومن ضمنهم إسرائيل ولكن أيضاً الحلفاء العرب في الشرق الأوسط. فهم يخشون من أن يسفر الاتفاق "السيء" عن تمتع إيران بالقوة وعدم انخراط الولايات المتحدة.
بيد، أن أي اتفاق تقريباً تتفاوض عليه إدارة أوباما سيواجه في هذه المرحلة تشكك عميق، سواء في الولايات المتحدة أم في الخارج. وقد يترجم هذا الأمر في الكونغرس إلى رفض رفع العقوبات؛ ولكن على مستوى الحلفاء قد يؤدي إلى مساعٍ تهدف إلى مضاهاة الإمكانيات النووية الإيرانية أو غيرها من تدابير التحوّط. وهذه مشكلة بالنسبة للرئيس أوباما ولخلفه ولأي شخص آخر يرغب في حصيلة دبلوماسية ثابتة تدعم المصالح الأمريكية. وسيكون ضمان دعم الساحة المحلية والحلفاء ككل حيوياً لإنجاح الاتفاق، مهما كان فحواه.
لكن على الرغم من تقديم إدارة أوباما تنازلات لإيران، إلا أنها لم تظهر التهاون نفسه مع النقاد. فقد استهزأ مسؤولو الإدارة الأمريكية بالمشككين بوصفهم دعاةً للحرب، وبدوا مستعدين للمراهنة بأنه سيستحيل إبطال الاتفاق عند إبرامه أو بأنه سيقود إلى تغيّر واسع في السياسات الإيرانية بشكل يبرر مقاربتهم في النهاية.
وقد أدى هذا كله إلى زيادة هواجس المتشككين بدلاً من التخفيف من قلقهم. وقد ينجح أسلوب المواجهة الذي تعتمده الإدارة الأمريكية في النهاية مع الكونغرس نظراً إلى سلطة الرئيس على السياسة الخارجية. ولكن عندما يتعلق الأمر بالحلفاء ستعطي هذه التكتيكات على الأرجح مفعولاً معاكساً - إذ أن الولايات المتحدة لا تستطيع ممارسة حق النقض عليهم - لا سيما إذا كانت العلاقات معهم متوترة. وليس منطقياً أن نتوقع رضوخ الكونغرس أو الحلفاء إذا شعروا أن البيت الأبيض يتجاهل مخاوفهم.
لكن الخبر السار هو أن معظم أعضاء الكونغرس والمواطنين العاديين الذين يشككون في الاتفاق ليسوا من دعاة الحرب بل يؤيدون خيار التفاوض على الاتفاق. وينطبق الأمر نفسه على حلفاء الولايات المتحدة، الذين يتشارك معهم الأمريكيون الكثير من المصالح في المنطقة. وبغض النظر عن مشاعر الرئيس أوباما تجاه الرسالة المفتوحة، لا يزال عليه أن يتحاور مع النقاد. فإذا كان الاتفاق مكلفاً ويصعب إبطاله، فإنه ليس مبرراً لتفادي التعامل مع المشككين في الوقت الراهن، بل يوضح على وجه التحديد سبب معالجة مخاوفهم. وتستوجب التداعيات على الأمن القومي أن يلتمس الرئيس دعماً واسعاً لأي اتفاق كان.
وفي هذا الإطار، ينبغي على الرئيس أن يقدّم مسوغات متينة لسياسته مع إيران وأن يكون مستعداً لأخذ مخاوف النقاد في الحسبان إذا أراد كسب دعمهم. وتحقيقاً لهذه الغاية، عليه أن ينظر إلى أبعد من الاتفاق ويحاول طمأنة الحلفاء على أن الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة بمصالحها المشتركة وبقضايا الشرق الأوسط في الفترة التي تلي المفاوضات. وإذا صحّ ما يقال عن أن الاتفاق أصبح وشيكاً، فكان يجدر البدء بهذه المساعي منذ فترة طويلة.
ولا تقتصر الدبلوماسية على التفاوض مع الخصوم، بل تعني أيضاً كسب تأييد الحلفاء والجمهور المحلي، فمن دون هذا الدعم يصبح الاتفاق مجرد إنجاز تافه لا معنى له. ولا تتمثل القيادة ببساطة في ممارسة الصلاحيات فحسب، بل في إقناع الآخرين باتباع [المسار المفضل] أيضاً.
مايكل سينغ هو المدير الإداري لمعهد واشنطن. وقد نشرت هذه المقالة في الأصل من على مدونة "ثينك تانك" على موقع الـ "وول ستريت جورنال".
"وول ستريت جورنال"