- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
مهمة غير مُنجزة: التغريدة التي قلبت سياسات ترامب بشأن مكافحة الإرهاب وإيران رأساً على عقب
دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القرار المتهوّر الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي بسحب القوات الأمريكية من سوريا من خلال ادعائه بأن تنظيم «داعش» قد هُزم في سوريا. غير أن مستشاريه لا يوافقونه الرأي. ويبدو أن الرئيس الأمريكي لم يفهم هذه الرسالة، أو أنه ربما فهمها - نظراً إلى أنه ناقض نفسه لاحقاً، مدعياً أن تنظيم "الدولة الإسلامية" أصبح الآن مشكلة دول أخرى - واختار ببساطة تجاهلها. وفي كلا الحالتين، سيترتب على سحب القوات الأمريكية المتسرّع من سوريا العديد من التداعيات السلبية على الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في المنطقة.
أولاً وقبل كل شيء، إن الهروب من سوريا سيبث حياة جديدة في تنظيم «الدولة الإسلامية»، وقد يفيد عمليات تنظيم «القاعدة» في المنطقة أيضاً. فقد مارست القوات الأمريكية ضغوطاً مباشرة على المسلحين من كلتا الجماعتين، كما لعبت دوراً حاسماً في دعم الجهات الفاعلة الأخرى على أرض المعركة التي تقاتل ضدهما. بالإضافة إلى ذلك، فمن دون الدعم اللوجستي للجيش [الأمريكي]، ستواجه وكالات الاستخبارات الأمريكية صعوبات أكبر في جمع المعلومات الاستخباراتية على الأرض في سوريا. وذلك سيجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة ولحلفائها الغربيين فيما يتعلق بكشف العمليات الخارجية التي يخطط لها تنظيما «داعش» أو «القاعدة». كما أن التخلي عن «قوات سوريا الديمقراطية»، الشريك الرئيسي للولايات المتحدة على أرض المعركة، سيُضعف التحالف الذي يساعد في محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، ويُمْكِن أن يؤدي إلى قيام أعضاء التحالف بتقليص جهودهم في هذا المجال أو إنهائها بالكامل. ثانياً، إن الانسحاب من سوريا بهذه الطريقة المفاجئة سيشجع إيران و«حزب الله». فقد كان تواجد القوات الأمريكية بمثابة مراقبة لأنشطتهما، وأساسياً لتقويض المغامرة الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة. وإلى جانب فقدان الضغوط المباشرة على طهران، من المرجح إلى حدّ كبير أن يؤدي خروج القوات الأمريكية إلى إحداث فراغ يرافقه قيام منافسة أكبر على الأراضي التي تسيطر عليها حالياً «قوات سوريا الديمقراطية» التي تدعمها الولايات المتحدة. وسيستفيد أصحاب النفوذ الإقليميون، بمن فيهم إيران، وعميلها، وسوريا، وتركيا، من خلال ملء هذا الفراغ.
مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»
يُذكّر قرار الرئيس الأمريكي بإعلان النصر في سوريا وسحب القوات الأمريكية الأخطاء التي ارتكبها الرئيسان [السابقان] بوش وأوباما من خلال التقليل من أهمية النسخ السابقة لتنظيم «داعش». فبعد فترة قصيرة من إعلان الرئيس بوش عن "إنجاز المهمة" في أيار/مايو 2003، أصبحت «جماعة التوحيد والجهاد»، التي كان يتزعمها آنذاك أبو مصعب الزرقاوي، الفصيل المتمرد المهيمن ضدّ القوات الأمريكية، وبعد عام واحد أعيد تسميته تنظيم «القاعدة في العراق» عندما بايع الزرقاوي أسامة بن لادن. وفي عام 2006، أعاد تنظيم «القاعدة في العراق» تسمية نفسه «الدولة الإسلامية في العراق»، وتوسّع ليصبح «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») في كانون الثاني/يناير 2014. كما أن تصنيف أوباما الساخر لتنظيم «داعش» في الشهر نفسه باعتباره "فريق الناشئين"، مقارنة مع تنظيم «القاعدة»، برز قبل ستة أشهر فقط من استحواذ الجماعة على أراض بحجم بريطانيا تمتد عبر أجزاء في العراق وسوريا. ويشير انسحاب ترامب المفاجئ إلى ثقة مفرطة بالنفس مماثلة [لتلك التي تكونت لدى بوش وأوباما]. ومع ذلك، يمكن القول إنها أسوأ. فقد أدلى بوش بخطابه قبل تبلور تهديد الجهاديين، وتفوّه أوباما بزلّة لسانه قبل إعادة ظهور التنظيم. وحيث فشل سلفاه في أخذ التهديد الوشيك بجدية كافية، يشيح ترامب بنظره عن هذا الأمر ويسحب الولايات المتحدة من اللعبة قبل أن يتم هزيمة النسخة الحالية من تنظيم «داعش».
ولا يشارك كبار مستشاري ترامب لمكافحة الإرهاب ثقته المفرطة. فقد شهد ضابط البحرية نائب الأدميرال جوزيف ماغواير، الذي تمت المصادقة أخيراً على تعيينه في منصب المدير الجديد لـ "المركز الوطني لمكافحة الإرهاب"، في وقت سابق من هذا العام قائلاً أنه، على الرغم من خسارة تنظيم «داعش» لمعظم الأراضي التي كان يسيطر عليها، "إلّا أنه لم يتمّ بعد تقليص قدرته على إطلاق تمرّد في سوريا والعراق والحفاظ على شبكة عالمية بالشكل الكافي، وأن الوتيرة الثابتة للأنشطة الإرهابية الموجّهة والمستوحاة من تنظيم «الدولة الإسلامية» هي بمثابة تذكير لانتشار الجماعة المستمر على الصعيد العالمي". ولم تغيّر الوكالات الحكومية الأمريكية تقييمها منذ شهادة الأدميرال ماغواير. وقبل أسبوع من إعلان ترامب عن الانسحاب المتسرّع، قال المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، بريت ماكغورك إن "أحداً لم يعلن إنجاز المهمة". ومنذ ذلك الحين، استقال ماكغورك احتجاجاً على قرار الرئيس الأمريكي. وقبل يوم من تغريدة ترامب التي أشار بموجبها إلى انتهاء المهمة العسكرية في سوريا، كرّر المستشار الخاص لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون سوريا، السفير جيم جيفري على ضرورة الحفاظ على وجود عسكري أمريكي في سوريا من أجل ضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم «الدولة الإسلامية»، والضغط على القوات التي تقودها إيران من أجل الانسحاب من البلاد، والإسهام بتوفير الظروف المناسبة لحلّ سياسي للحرب الأهلية من أجل المساعدة على إرساء الاستقرار في المنطقة.
هناك الكثير من الأدلة العملية لدعم المخاوف التي عبّر عنها مستشارو ترامب. ففي وقت سابق من هذا العام، نشرت الأمم المتحدة تقريراً أشار إلى أنه ما زال لدى تنظيم «الدولة الإسلامية» ما يصل إلى 20 -30 ألف مقاتل في العراق وسوريا. وفي 19 كانون الأول/ديسمبر، قدّر متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم، الكولونيل شون ج. ريان، أن الجماعة لا تزال تملك بين 2000 و2500 مقاتل في هجين وحدها، آخر معقل إقليمي لتنظيم «داعش» في سوريا. وحتى في ظل استعادة هجين في وقت سابق من هذا الأسبوع، فإن تقييم هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» استناداً إلى السيطرة على الأراضي قد يكرر الأخطاء التحليلية ويستخف من قدرة الجماعة على العودة بالطريقة نفسها التي اعتبر الكثيرون أن زيادة القوات والصحوة القبلية في الفترة بين 2007 و 2010 كانت ناجحة. وعلى الرغم من عدم سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على أي أراض في العراق منذ أكثر من عام، إلا أن الجماعة أعادت بناء قدراتها التمردية، حيث رفعت مستوى العنف في محافظات كركوك ونينوى وديالى. واليوم، نجح تنظيم «داعش» في إتباع نفس قواعد اللعبة التي انتهجها في أعقاب زيادة عدد القوات والصحوة القبلية، من خلال قتل القادة المحليين وشيوخ المدينة لمحو أي فرصة لإرساء الاستقرار في المناطق التي كان يسيطر عليها سابقاً وإعادة إعمارها. فضلاً عن ذلك، وعلى الرغم من عدم سيطرته على أي أراضِ تقريباً في سوريا، نفذ تنظيم «الدولة الإسلامية» سلسلة من الهجمات في محافظتي الرقة ودير الزور وأعلن مسؤوليته عنها عبر رسالة برقية في غضون ساعات من إعلان ترامب. وبالإضافة إلى ذلك، استمر التنظيم في بناء قدرات الخلايا النائمة في محافظة إدلب في محاولة لانتزاع السيطرة على المنطقة من الجماعات الجهادية المتنافسة مثل «هيئة تحرير الشام».
وسيؤثر الانسحاب أيضاً على شركاء الولايات المتحدة الذين يحاربون تنظيم «داعش». ففي غضون ساعات من تغريدة ترامب، ظهرت تقارير مفادها أن «قوات سوريا الديمقراطية» الحليفة للولايات المتحدة، والتي يهيمن عليها الأكراد - قد يتم التخلي عنها في شمال شرق سوريا عند انسحاب القوات الأمريكية - تنظر في إطلاق سراح ما يصل إلى 3200 سجين من تنظيم «الدولة الإسلامية» الذين تحتجزهم. ومعظم هؤلاء الأفراد هم من المقاتلين الأجانب. وقد يشكّل إطلاق سراحهم تهديدات مباشرة وفورية على الدول الأوروبية وغيرها، وربما تشمل الولايات المتحدة. وعلى غرار الملاحظة التي أبدتها "إستراتيجية الأمن القومي" للرئيس ترامب، "من المرجح أن يعود العديد من هؤلاء الإرهابيين الجهاديين [في العراق وسوريا] إلى بلدانهم الأصلية، حيث يمكنهم مواصلة التخطيط لمؤامرات وشن هجمات على الولايات المتحدة وحلفائنا". ولا بدّ من التذكير أيضاً أن الإفراج عن السجناء في الفترة ما بين 2010 و 2014 قد ساهم في تعزيز قدرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على البروز مجدداً.
وفي ظل هذه الخلفية، بالإضافة إلى التقارير التي تفيد بأن الانسحاب الأمريكي قد يتضمن نهاية للضربات الجوية الأمريكية أيضاً، أصدر حلفاء رئيسيون، من بينهم فرنسا والمملكة المتحدة بيانات تبيّن تقييماتهم بأنه رغم خسارة تنظيم «داعش» لأراضي شاسعة، إلّا أنه لم يُهزم ولا يزال يشكل تهديداً. ومع ذلك، فمن المشكوك فيه إلى حد كبير ما إذا كان أي من هذه البلدان سيظل منخرطاً في المنطقة بنفس الدرجة إذا ما انسحبت الولايات المتحدة. ولن يشكّل انسحابهم ضربة أخرى للحملة المناهضة لتنظيم «الدولة الإسلامية» وللاستقرار الإقليمي فحسب، بل للجهد الأمريكي الأوسع لتعزيز تقاسم الأعباء أيضاً.
أما خارج العراق وسوريا، فيواصل تنظيم «داعش» إلهام الأفراد للقتل باسمه. ففي الأسبوع الثالث من كانون الأول/ديسمبر، قام أربعة رجال كانوا قد بايعوا أبو بكر البغدادي بقطع رأس سائحتين في المغرب أثناء قيامهما برحلات للتنزه والتخييم. وفي شريط فيديو مسجل بشكل مسبق، ربطوا الهجوم بالأحداث في سوريا، قائلين، "هذا انتقام لإخواننا في هجين". وإذا كان تنظيم «الدولة الإسلامية» قادراً على استعادة سيطرته على الأراضي، فسيكون لديه موارد وأصول أكثر بكثير بدون ضغوط لتخطيط هجمات أكثر تطوراً على غرار أشهر هجماته في باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2015. وبعبارة أخرى، يشكل تنظيم «الدولة الإسلامية» تهديداً متعدد المستويات يتخطى حدود أي منطقة محدودة يعمل فيها في العراق وسوريا، ويظل تهديداً إرهابياً باستطاعته القيام بأعمال تمرد في المنطقة وخارجها، تشمل فروعه النائية في دول مثل أفغانستان ومصر والصومال والفلبين. ولن يساهم سحب القوات ووقف الحملة الجوية ضدّ التنظيم سوى في زيادة جرأته وتهيئة الساحة لعودة أخرى على الصعيدين المحلي والدولي.
شبكة التهديد الإيرانية
إلى جانب إلحاق الهزيمة بتنظيم «الدولة الإسلامية»، جعلت إدارة ترامب أيضاً من مواجهة رعاية الدولة الإيرانية للإرهاب إحدى أولوياتها، من بينها في إستراتيجيات الأمن القومي ومكافحة الإرهاب على السواء. وكما أوضح السفير جيفري في تشرين الثاني/نوفمبر، بأن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا يساعد على الحد من الأنشطة الإيرانية الخبيثة. فهو يمنع إيران من تأمين جسر بري إلى لبنان، تستطيع من خلاله بسهولة تسليح الأسد و«حزب الله» بالصواريخ والأسلحة الأخرى، ويُعقّد الجهود الإيرانية لبناء "قوة مشاة" من المقاتلين المخضرمين من الميليشيات الشيعية التي أقامتها إيران وتدعمها في سوريا والعراق. وعلّق مؤخراً منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية قائلاً "خلال الأشهر القليلة الماضية رأينا بشكل مباشر مدى خطورة هؤلاء الوكلاء"، بإشارته إلى قيام الميليشيات الشيعية العراقية المرتبطة بإيران بإطلاق صواريخ على السفارة الأمريكية في بغداد وعلى القنصلية الأمريكية في البصرة. وبالتالي، من الواضح أن إيران ووكلائها سيتشجعون ويرون استخدامهم للإرهاب وتدخلهم العسكري الإقليمي مبرراً إذا تمكنت طهران من تأمين قاعدة عسكرية واستخباراتية دائمة في سوريا وإذا كانت قادرة على تبنّي الفضل - باستحقاق أم لا - لانسحاب الولايات المتحدة من سوريا.
ولن يكون للانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وفرض عقوبات على طهران أثر كبير إذا قام الرئيس الأمريكي من خلال إجراءات أخرى بتقويض إستراتيجيته الخاصة تجاه إيران. وبالفعل، كان من بين المطالب الاثني عشر التي وجهها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى إيران "ضرورة قيام الجمهورية الإسلامية بسحب كافة القوات العاملة تحت قيادة إيرانية من جميع أنحاء سوريا". وإذا لم ترغب الولايات المتحدة في القيام بما هو ضروري لتحقيق هذا المطلب، فلِمَ قد يفعل ذلك أي طرف آخر؟
ومن شأن الانسحاب الأمريكي من سوريا أن يعني ترك إسرائيل بمفردها لمواجهة الدعم الإيراني لـ «حزب الله»، مما يعزز الاحتمال الخطير بحدوث صراع مباشر بين إسرائيل وإيران. ففي أيار/مايو، أطلقت إيران صواريخ على إسرائيل من قواعد في سوريا بعد بضعة أشهر فقط من إطلاق طائرة بدون طيار من قاعدة سورية باتجاه المجال الجوي الإسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، سيزيد الانسحاب الأمريكي من احتمال نشوب صراع بين إسرائيل و«حزب الله»، كما تم التأكيد عليه مؤخراً من خلال كشف برامج الصواريخ الدقيقة والأنفاق الهجومية التابعة لـ «حزب الله».
وتسعى الإدارة الأمريكية جاهدةً إلى التحرك رداً على مخططات الاغتيالات الإيرانية في أوروبا، وتوفير الأسلحة إلى وكلائها في أماكن مثل أفغانستان، والبحرين، ولبنان، والأراضي الفلسطينية، واليمن، والتهديدات بعرقلة حرية الملاحة البحرية. وفي الوقت الذي تضغط فيه واشنطن على حلفائها في أوروبا وأماكن أخرى من أجل "مواجهة الإرهاب المدعوم من إيران"، فإن التخلي المفاجئ عن مهمة وصفتها قبل يوم واحد فقط [من إعلانها] بأنها جزء أساسي من إستراتيجيتها لمواجهة الأنشطة الإيرانية الخبيثة يقوّض مصداقية إدارة ترامب فيما يخص الجمهورية الإسلامية.
وتعتقد إيران و«حزب الله» على حد سواء أنهما نجحا في إخراج القوات الأمريكية من لبنان في ثمانينيات القرن الماضي في أعقاب تفجيرات السفارة الأمريكية والثكنات البحرية في بيروت، ولطالما استغلا هذه العبرة في السنوات التالية. ففي عام 1988 على سبيل المثال، اعتبرت "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية أن إيران ترى أعمال التخريب والإرهاب كأدوات فعالة، ويعزى ذلك جزئياً إلى تقديرها بأن الانسحاب الأمريكي من لبنان قد أذل الولايات المتحدة وأثار تساؤلات جدية حول فكرة "استخدام واشنطن المحتمل لقواتها العسكرية للتأثير على التطورات السياسية في الشرق الأوسط". إن العقوبات وحدها لن تردع إيران، خاصة عندما ترى طهران تراجع واشنطن عن استخدام المزيد من التعهدات القوية مثل الحفاظ على وجود عسكري في سوريا.
ومع ذلك، فإن الرد على الإرهاب الذي ترعاه إيران أمراً ضرورياً، ولكن كما ذكرت "وكالة المخابرات المركزية" في عام 1985 في أعقاب سلسلة من المؤامرات الإيرانية: "إذا فشلت الولايات المتحدة في الرد على هجمات الجماعات التي ترعاها إيران، فسيستمر الإرهاب الإيراني وتتسع رقعته على الأرجح". واليوم، منح النجاح المتصور في أرض المعركة في سوريا «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني نفوذاً كبيراً، وسوف تعتبر طهران انسحاباً أمريكياً بمثابة انتصار من صنعها. وعلاوةً على ذلك، وبخلاف الولايات المتحدة، يرى حلفاء إيران أن «الحرس الثوري» حليف يمكن الاعتماد عليه حيث يناضل في سبيل تحقيق أهدافه. وقد مثلت منافسة إيران في "وادي نهر الفرات الأوسط" فرصة لمنعها من تحقيق أهداف إقليمية مهمة بتكلفة متواضعة فقط.
الوقت ليس متأخر جداً
لم يفت الأوان بعد على إنقاذ سياسة واشنطن تجاه سوريا، وبالتالي إستراتيجياتها المتعلقة بمكافحة الإرهاب وإيران. فنشر الجنود الأمريكيين في سوريا محدود، وغير مكلف، وفعال بشكل استثنائي، لكن في حالة ما إذا كان القرار [النهائي] هو خفْض القوات الأمريكية في سوريا، فيجب أن يتضمن خططاً ملموسة للحدّ من الفوائد المحتملة لنظام الأسد، وتنظيمي «الدولة الإسلامية» و«القاعدة»، و«حزب الله» وإيران. ومثل هذه الخطط يمكن أن تتضمن انسحاباً مرحلياً في شمالي شرقي سوريا، والتزاماً بالبقاء في قاعدة "التنف" بالقرب من الحدود الأردنية، وزيادة المساعدات للشركاء االمحليين على غرار «قوات سوريا الديمقراطية»، والتفاوض بشأن التوصل إلى اتفاق مع تركيا لمواصلة محاربتها تنظيم «الدولة الإسلامية»، ودعم التحالف الدولي المناهض للتنظيم، والتزاماً صريحاً بإبقاء القوات الأمريكية في العراق لا سيما على طول الحدود السورية-العراقية، والتزاماً بمواصلة الحملة الجوية بقيادة الولايات المتحدة في سوريا.
إن السياسات الجيدة لا تتُخذ من خلال تغريدة عرضية في أعقاب مكالمة هاتفية مع زعيم أجنبي، بل هي نتاج عملية متينة مشتركة بين الوكالات [الحكومية] يتم من خلالها توفير الحقائق والبيانات إلى عملية صنع سياسة مستنيرة ومدروسة لـ"مجلس الأمن القومي". ومن الواضح أن الرئيس الأمريكي يريد إعادة النظر في سياسة أمريكا إزاء سوريا، وهو أمر يندرج ضمن صلاحياته. عليه أن يطلب من مستشاره للأمن القومي أن يطرح الموضوع للجدال والنقاش، ومن ثم اتخاذ قرار مستنير بشأنه.
ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن. هارون ي. زيلين هو زميل "ريتشارد بورو" في "برنامج رينهارد" في المعهد.
"وور أون ذي روكس"