- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 2782
منع المتطرفين من أن يصبحوا إرهابيين: استراتيجية لإدارة ترامب
Part of a series: Counterterrorism Lecture Series
or see Part 1: U.S. Efforts against Terrorism Financing: A View from the Private Sector
"في 31 آذار/ مارس، خاطب راند بيرز وسامانثا رافيتش وماثيو ليفيت منتدى سياسي في معهد واشنطن بمناسبة نشر تقرير مجموعة الدراسة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، "هزيمة التطرف العنيف المستلهم من العقيدة: استراتيجية لبناء مجتمعات قوية وحماية الوطن الأمريكي". وبيرز هو أستاذ زائر في "كلية دارتموث" ومستشار أقدم سابق للرئيس أوباما. ورافيتش هي مستشارة بارزة فى "مجموعة شيرتوف" ونائبة مستشار الأمن القومي السابق لنائب الرئيس ديك تشيني. وليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في المعهد. وفيما يلي موجز المقررة لملاحظاتهم".
راند بيرز
بدأت أفكّر في المفاهيم الأساسية الكامنة وراء "مكافحة التطرف العنيف" قبل خمسين عاماً بصفتي قائد سرية ومجموعة من الجنود خلال حرب فيتنام. ففي ذلك الوقت، أدركنا أن الهدف لا يتمثل بالحفاظ على الأرض فحسب، بل بالحفاظ أيضاً على دعم الناس للجهود الأمريكية. وقد استخلصتُ الفكرة بأن العنف العشوائي والإكراه اللذين يتركّزان على طبقة كاملة من الناس عوضاً عن العدو، لا يؤديان سوى إلى بروز معارضة الأهداف الأمريكية أو تأكيدها.
وعندما عدتُ إلى الحكومة في عام 2009 في "وزارة الأمن الداخلي"، اكتشفتُ أن الإدارة السابقة كانت تفكر في أفضل السبل للتعامل مع التطرف على المستوى المحلي. وعندما بدأت إدارة أوباما بمتابعة الجهود التي بذلتها إدارة بوش، عوّلت على دراسة أجراها "مكتب التحقيقات الفدرالي" نُشرت قبل عدة سنوات من ذلك الوقت ووردت فيها أنماط من السلوك المشترك بين منفّذي الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة. وكان بالإمكان ملاحظة هذه المسببات للعنف، وقد حدّد "مكتب التحقيقات الفدرالي" أربع مجموعات هي الأكثر ترجيحاً لملاحظة مثل هذه التغيرات السلوكية، وهي: الرفاق، وأفراد الأسرة، وشخصيات مؤسسية (أي الأساتذة أو رجال الدين)، وأفراد آخرين من المجتمع المحلي.
ثم برز السؤال التالي: إذا كان الناس يلاحظون هذا السلوك، فلماذا لا يبلغون السلطات عنه؟ هناك ثلاث إجابات سائدة لهذا السؤال: (1) هم لا يدركون ما يحمل هذا السلوك من معانٍ، (2) هم في حالة إنكار لما قد يعنيه هذا السلوك الصادر عن أحبائهم، أو (3) يترددون في الإبلاغ عنه لأن السبيل الوحيد للقيام بذلك هو عبر إنفاذ القانون.
وبينما تسعى الولايات المتحدة للحصول على إجابات للتطرف العنيف المحلي، يتعين عليها النظر في تطوير أو تعزيز خيارات غير مرتبطة بإنفاذ القانون للأفراد الذين قد يشكّلون مصدراً للمشاكل. وعلى الرغم من أنه لا يمكن استبعاد إنفاذ القانون عن هذا الحل، يحتاج الأمريكيون إلى وسيلة للفت نظر الآخرين للسلوك المضطرب، لا سيما للذين بإمكانهم تقديم المساعدة أولاً، على غرار المتخصصين في الصحة العقلية وموظفي الخدمات الاجتماعية. ولا بدّ من جمع برامج التدخل مع التوعية العامة لإحاطة الناس علماً بأنماط التطرف والخيارات المتاحة أمامهم للإبلاغ عنها. وفي إطار هذه المقاربة للمجتمع ككل، يمكن التصدي للسلوك المثير للقلق قبل أن يتبلور ليصبح إجرامياً.
وتضطلع الحكومة الفدرالية بدور في هذه المقاربة، كما حصل في "برنامج المنح لمكافحة التطرف العنيف" الذي أنشأه الكونغرس الأمريكي العام الماضي والمبادرة ذات الصلة التي أطلقتها مكاتب المدعين العامين الأمريكيين في جميع أنحاء الولايات المتحدة. غير أنه لا بدّ حتى من ترسيخ جهود "مكافحة التطرف العنيف" المدعومة فدرالياً على الصعيد المحلي من أجل بناء الثقة الضرورية لعلاقات عمل جيدة.
سامانثا رافيتش
في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر، هيمن اعتقاد أساسي على الولايات المتحدة بأنها دخلت حرباً مع "حركة إرهابية عابرة للحدود الوطنية تغذيها إيديولوجيا راديكالية قائمة على الكراهية والقمع والقتل". وقد تمّ التعبير عن هذا التوجه العقلي في "الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب" لعام 2006 التي ذكرت أن "الحرب على الإرهاب" هي حرب من نوع آخر. إنها معركة أسلحة ومعركة أفكار، تلزم الولايات المتحدة بمحاربة أعدائها الإرهابيين في ساحة المعركة وسط توفير بدائل للرواية الإرهابية القمعية. ويشمل نموذج مكافحة الإرهاب كافة جوانب القوة والنفوذ الوطني الأمريكي: العسكرية والدبلوماسية والمالية، وما إلى ذلك.
وبناءً على ذلك، اتسمت فترة الولاية الثانية لإدارة بوش بالاندفاع المشترك بين الوكالات لمواجهة التهديد الإرهابي. وقد تركزت هذه الجهود المبكرة على ما يمكن أن تفعله الحكومة الفدرالية للبلاد، من دون أن تولي اهتماماً كافياً لما يمكن أن تفعله المجتمعات المحلية لتمكين نفسها. وكما ورد في تقرير مجموعة الدارسة التابعة لمعهد واشنطن، تتمثل الخطوة الضرورية بمفهوم وقائي "لمكافحة التطرف العنيف" لا يستفيد من مقاربة الحكومة ككل فحسب، بل من مقاربة تصاعدية تشمل المجتمع ككل.
وفي هذا الصدد، سيكون من الخطأ تجاهل العنصر العابر للحدود الوطنية ضمن "مكافحة التطرف العنيف". فبعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر، بدأت الولايات المتحدة العمل مع شركائها الأجانب لمواجهة نمو الإرهاب والتطرف في بلدانهم. ومع ذلك، فمن المفارقات، أنها كانت متهاونةً في تطوير برامج مماثلة محلياً. واليوم، هناك الكثير الذي يمكن أن تتعلمه واشنطن من المبادرات الناجحة التي أطلقها شركاؤها الأجانب.
ومع ذلك، تهدف توصيات المعهد الشاملة إلى تعزيز إنفاذ القانون وليس الاستعاضة عنه. بإمكان البرامج المجتمعية مساعدة [أجهزة] إنفاذ القانون على استباق التطرف العنيف، حيث تشكّل قاعدة دعم واسعة النطاق للسلامة العامة. كما يمكن تطبيق نماذج الصحة العامة في حين تقدّم الحكومة هذه البرامج إلى شريحة أكبر من السكان.
واستناداً إلى تقرير لـ "دائرة أبحاث الكونغرس" الأمريكي لعام 2007، "يعتبر المحللون على نحو متزايد أنّ الإرهاب عمليةٌ تدريجية. فما إن يكتسب موطئ قدمٍ، يصبح مستداماً بذاته ... وبالتالي، فإن أي عملية إرهاب كان من الممكن أن يتمّ تعطيلها في مرحلة سابقة مع انفراج نسبي، غالباً ما تصبح قويةً على نحو متزايد إذا تُركت دون رقابة، وخاصة فيما يتعلق بتلقين العقيدة للشباب". لذلك، يمثل منع التطرف العنيف ومحاربته جزءاً أساسياً من ذلك الجهد المبكر.
ماتيو ليفيت
في الوقت الذي تحاول فيه أجهزة إنفاذ القانون الأمريكية تعطيل تهديدات المتطرفين للوطن، فإنها تواجه عدداً هائلاً من قضايا الإرهاب المحتملة، بما في ذلك أكثر من 900 تحقيق مرتبط بتنظيم «الدولة الإسلامية» وحده. وبالتالي، ليس من المفاجئ أن تكون سلطات إنفاذ القانون الداعم الرئيسي لإنشاء برامج تحدث تغييراً في عملية التطرف في مرحلةٍ مبكرة. و[اليوم]، تحتاج الولايات المتحدة إلى المزيد من الموارد التي يمكنها التدخل على مستوى الأفراد المعرضين للتطرف قبل أن يدخلوا مرحلة الإجرام.
إن أعضاء المجتمع هم في موقع أفضل للتعرّف على السلوكيات المقلقة وتوجيه الأفراد إلى المتخصصين القادرين على التدخل. وبدورهم يتعيّن على هؤلاء المتخصصين تحذير سلطات إنفاذ القانون إذا ما كشفوا تهديداً وشيكاً. وبالفعل، إن هذه السلطات بأمس الحاجة إلى شركاء في المجتمع المدني. وقد حصلت أربع حالات مأساوية على الأقل حقّق فيها "مكتب التحقيقات الفدرالي" مع أفراد مشتبه بهم ولم يجد أي أسس قانونية للاستمرار في التحقيقات، وأغلق التحقيق، إلا أن المشتبه بهم نفذوا في وقت لاحق هجمات إرهابية، ومنها: تفجيرات "ماراثون بوسطن" عام 2013، وعملية إطلاق النار في غارلاند في ولاية تكساس عام 2015، والهجوم على النادي الليلي في أورلاندو عام 2016، والتفجيرات في نيو جيرسي ونيويورك خلال العام نفسه. وفي كل حالة، كانت يدا المكتب مكبّلتين - فلم يكن لدى السلطات أي شركاء يمكنها الاعتماد عليهم في مثل هذه الحالات، وكانت النتائج كارثية. لذلك، على الحكومة بناء أنسجة ترابط بين "مكافحة التطرف العنيف" المرتكزة على الخدمة وسلطات إنفاذ القانون بطريقة غير قائمة على الشرطة.
ويتطلب المستوى الأول من نموذج المجتمع ككل الموصى به في تقرير المعهد بناء قدرة على الصمود تمتد على مساحة واسعة، في حين يركّز المستوى الثاني على الأفراد والأحياء والمدارس والمجتمعات العرقية التي تتعرض بشكل أكبر لخطر التطرف بسبب انكشافها على إيديولوجيات متطرفة وتواصلها مع شبكات متطرفة أو غيرها من العوامل المماثلة. أما المستوى الثالث، فيشمل خيارات التدخُّل عند بروز التطرف. وينبغي أن تستند الجهود الوقائية لـ "مكافحة التطرف العنيف" على الجغرافيا بدلاً من الإيديولوجيات المحددة مسبقاً، نظراً إلى اختلافها من مجتمع إلى آخر. ويجب تطبيق هذه الجهود على مجموعة كاملة من الإيديولوجيات المتطرفة: اليمين المتطرف واليسار المتطرف والإسلاميين، وإلى غير ذلك.
كما أنه من الضروري تغطية دورة الحياة بكاملها، من التطرف إلى إعادة التأهيل وصولاً إلى إعادة الدمج في المجتمع - وهو واقع تدركه بسرعة الدول الأوروبية الشريكة لواشنطن. وفي حين لا تواجه الولايات المتحدة التهديد نفسه الذي تواجهه أوروبا (أي عودة آلاف المقاتلين من ساحة المعركة في سوريا)، إلا أنه لا يمكنها تجاهل المشكلة. ويُذكر أنه من المقرر إطلاق سراح الأمريكية الأولى المدانة بتهم مرتبطة بتنظيم «الدولة الإسلامية» في الشهر المقبل، لتكون من بين المئات الذين سيتمّ الإفراج عنهم خلال العامين إلى العشر سنوات المقبلة. وتفتقر السجون الأمريكية إلى برامج "مكافحة التطرف العنيف" وإلى أي مبادرات لما بعد إطلاق السراح تركّز على مواضيع "مكافحة التطرف العنيف". وعلى الرغم من أن البعض يستهزئ "بنتيجة" البرنامج ويصفها بالمتهاونة، إلا أن هذه الجهود تشكل سياسةً ذكية وتندرج تماماً ضمن الجهود الأوسع نظاقاً الرامية إلى حماية الأمن القومي في الولايات المتحدة.
وخلال اجتماعات مجموعة الدراسة التي أفضت إلى صدور تقرير المعهد الذي لقي دعم الحزبيْن الجمهوري والديمقراطي، أعرب الخبراء عن انتقادات مشروعة لـ "مكافحة التطرف العنيف" بحالته الحالية. كما "تصارع" المشاركون مع مصطلح "مكافحة التطرف العنيف" بالإنكليزية CVE، وهو اختصار فقد قيمته لدرجة أنّ معظم البرامج المحلية في الولايات المتحدة تتجاهله. ولا يكون الردّ على مثل هذه الانتقادات من خلال تغيير المصطلحات، بل بوضع أنظمة تعالج المخاوف المشروعة المرتبطة بهذه المصطلحات - مع الاعتراف في الوقت نفسه بأنه بالنسبة إلى بعض الأشخاص، سيكون من المستحيل الدفاع عن هذا البرنامج بغض النظر عن إسمه.
ويتمثّل أحد مصادر القلق بإضفاء الطابع الأمني على سياسة "مكافحة التطرف العنيف". وليس هذا الأمر بالمفاجئ نظراً لأن سلطات إنفاذ القانون حضّت على إنشاء هذا البرنامج عقب تفجيرات "ماراثون بوسطن". وفي وقت لا يمكن فيه إلغاء إنفاذ القانون من المعادلة، يجب ألّا يشكّل هذا الأخير الواجهة الأمامية للبرامج المحلية، وعلى السلطات تكييف مقاربتها على هذا الأساس. يتعيّن على المجتمعات المحلية وسلطات إنفاذ القانون والحكومة الفدرالية العمل معاً من أجل تعزيز أمن الأمريكيين جميعاً.
أعدت هذا الملخص ماكسين ريتش.