من هو السياسي البصري الذي يقف وراء "كتائب المصطفى"؟
أعلنت ميليشيا صغيرة غريبة تُدعى "كتائب المصطفى" عن نفسها وسط ضجة كبيرة في البصرة، وبالنظر إلى التغطية الإعلامية التي تلقتها، فإن لها داعماً غامضاً مهماً.
في 29 أيلول/سبتمبر، عقدت جماعة مسلحة عراقية غير معروفة تُدعى "كتائب المصطفى" مؤتمراً صحفياً في البصرة. فقد دخل تسعة رجال ملثمين إلى ما بدا وكأنه مسجد، وقرأ المتحدث بياناً مكتوباً بشكل سيء يعلن فيه استعداد الجماعة لـ "كسر ظهر الصهاينة". وتابع قائلاً: "يا أبناء مرحب [لقب لليهود]، لن تروا السكينة والراحة، لأن صواريخنا بعيدة المدى وتصل إلى جحور الصهاينة. وسيفاجأ العدوّ بالإمكانات البيولوجية والسلاح المطوّر من الصواريخ والمسيّرات من طراز HD و RQ و 4U، فضلاً عن التصنيع العسكري المحلي البعيد المدى من نوع المهندس ونوع آخر وهو القاصم". وأضاف: "أن قواعد الشر الأمريكية تحت مرمى صواريخنا وسننتصر" (الشكل 1).
ملاحظات
تشابهت أوضاع ومعدات المسلحين مع تلك الخاصة بمقاتلي العشائر العراقية، ولكن على عكس الجماعات المماثلة، عقدت "كتائب المصطفى" مؤتمرها الصحفي في مبنى ديني مضاء جيداً، بدلاً من موقع مظلم وغير محدد.
وتمكنت "كتائب المصطفى"من إقناع ما لا يقل عن سبع وسائل إعلام عراقية بحضور الحدث، بما في ذلك قناة "النجباء" الفضائية (التي تديرها ميليشيا "حركة حزب الله النجباء")، وقناة iNEWS (التابعة لـ "كتائب سيد الشهداء")، وقناة "الغدير" (التي تديرها "منظمة بدر")، وقناة "الجنوب" (التي تديرها "سرايا الجهاد")، وقناة "الرابعة" الفضائية (المعروفة بقربها من عدة ميليشيات مدعومة من إيران). وقد أدى هذا الانتشار إلى مشاهدة الحدث حوالي 850,000 مرة على منافذ "الرابعة" وحدها.
من يقف وراء "كتائب المصطفى"؟
ظهر اسم "كتائب المصطفى" لأول مرة في 21 حزيران/يونيو 2023، عندما أصدرت الجماعة إعلاناً آخر مكتوباً بشكل سيء يستخدم لغة مشحونة للغاية لتهديد أهداف أمريكية (الشكل 2). وبناءً على تحليل قناة "كتائب المصطفى" على تلغرام، فإن الشخصيات الرئيسية وراء الجماعة هما شبر الموسوي وسيف المرياني الموسوي، وكلاهما على الأرجح من البصرة.
في 14 حزيران/يونيو 2024، عقد المرياني مؤتمراً صحفياً ندد فيه بمشروع خط أنابيب حديثة - العقبة، والذي يهدف إلى نقل النفط إلى الأردن، جار العراق الموالي لأمريكا، بدلاً من الوجهة المفضلة للميليشيات، سوريا. وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي متعلق بالمؤتمر الصحفي، وُصف المرياني بأنه "أحد أبطال «كتائب المصطفى» في البصرة" (الشكل 3).
إن الصوت وأسلوب الكتابة والإلقاء في المؤتمرين الصحفيين اللذين عُقدا في 29 أيلول/سبتمبر و14 حزيران/يونيو متشابهان بشكل لافت للنظر، مما يشير إلى أن المرياني قرأ على الأرجح كلتا الرسالتين اللتين تهددان بمهاجمة إسرائيل والقواعد الأمريكية. ومن الجدير بالذكر أن "كتائب المصطفى" لم تنشر المؤتمر الصحفي الذي عقد في 29 أيلول/سبتمبر على قناتها الخاصة على تلغرام، ربما لإخفاء الصلة بين المرياني والتهديدات الموجهة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتمكن المرياني من جذب عدد كبير من القنوات التلفزيونية الفضائية العراقية إلى المؤتمر الصحفي الذي عُقد في 14 حزيران/يونيو أيضاً. ويشير ذلك إلى أنه بينما قد لا تكون "كتائب المصطفى" ميليشيا حقيقية ذات قدرات عسكرية فعلية، إلا أن المرياني أتقن فن التعامل مع وسائل الإعلام من خلال الحصول على تغطية إعلامية واسعة النطاق لجماعته رغم مكانتها المحدودة. ويبدو أن "كتائب المصطفى" هي عبارة عن جهد دعائي فقط، لكن ما هو الغرض منها ولمن تعود بالفائدة يبقيان غير واضحين. ويشير تجَمّع العديد من وسائل الإعلام الوطنية البارزة لتغطية مثل هذا الحدث المحلي المخيب للآمال، وبقوة إلى أن الجماعة تحظى بدعم من سياسي بارز في البصرة.