نسب معظم المعلقين التابعين للميليشيات عملية خطف الباحثة الإسرائيلية الروسية في أواخر آذار/مارس على يد ميليشيات "المقاومة" في بغداد إلى "كتائب حزب الله"، واعتبروا أن عملية الاختطاف مرتبطة بالتجسس الإسرائيلي.
في 5 تموز/يوليو 2023، أفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إليزابيث تسوركوف، وهي أكاديمية إسرائيلية روسية، قد اختُطفت في 27 آذار/مارس تقريباً في العراق، مضيفاً أن "كتائب حزب الله" تقف وراء عملية الاختطاف وأن الرهينة لا تزال على قيد الحياة.
ورحّبت وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ"المقاومة" بخبر اختطاف تسوركوف واتهمتها بالتجسس لصالح إسرائيل ومحاولة إشعال فتيل حرب أهلية بين الشيعة في العراق. وفي هذا الإطار، نقلت قناة "صابرين نيوز" عن مصدر أمني لم يُذكر اسمه قوله إن تسوركوف اختُطفت على يد خليّة (مكونة من ثلاث نساء) من نادٍ رياضي في بغداد (الشكل 1). إلا أن هذا الادعاء يتعارض مع تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" الذي يفيد بأن الباحثة اختُطفت "بعد وقت قصير من مغادرتها مقهى في بغداد".
كما لمّحت قناة "صابرين نيوز" في منشور آخر، وهذه المرة باللغة الفارسية، إلى أن تسوركوف نُقلت إلى إيران، وجاء فيه: "هي تأكل الآن أطيب سوهان (حلويات إيرانية)، وتحديداً سوهان الحاج حسين سوهانى" (الشكل 2). ولا يمكن التحقق من صحة هذا الادعاء، لا سيما وأن قناة "صابرين نيوز" استخدمت هذا الاسم لإقناع بعض الوسائل الإعلامية والشخصيات في المنطقة بأن قائداً في "الحرس الثوري الإيراني" يدعى الحاج حسين سوهانى قد قُتل بغارة جوية إسرائيلية في سوريا.
وبدوره، تفاعل المسؤول الأمني لـ"كتائب حزب الله"، أبو علي العسكري، مع خبر اختطاف تسوركوف قائلاً في بيان له: "إن اعتراف رئيس وزراء الكيان الصهيوني بوجود عنصر أمني إسرائيلي أسيراً في العراق، هو مؤشر خطير للغاية، ويجب الوقوف عنده والتعامل معه بدقة وحزم، وعلى الأجهزة الأمنية المختصة كشف الشبكات المرتبطة بهذا الكيان وتقديمها للعدالة".
كما تضمن الجزء الأخير من هذا البيان بضع رسائل مهمة. وأضاف العسكري: "بدورنا في كتائب حزب الله المنصورة سنبذل جهداً مضاعفاً للوقوف على مصير (الأسير أو الأسرى) الصهاينة في العراق... ولمعرفة المزيد عن نوايا تلك العصابة الإجرامية، ومن يقوم بتسهيل تحركاتهم في بلد يحظّر ويجرّم التعامل معهم". (الشكل 3).
واستخدم أبو علي العسكري لغة مبهمة لتزويد "كتائب حزب الله" بالإنكار المعقول من ناحية، ولإثبات قوة الجماعة في العراق من ناحية أخرى. ولم ينكر بوضوح تورط "كتائب حزب الله" في عملية الخطف، بل قال إن الجماعة ستحاول معرفة مصير الرهينة، في إشارة إلى أن "كتائب حزب الله" ليست الجهة المسؤولة عن الاختطاف. ولكن تجدر الإشارة إلى أن أبو علي العسكري نكر سابقاً وفي أكثر من مناسبة، وبوضوح شديد، ضلوع "كتائب حزب الله" في حادثة معينة حين ترددت أخبار عن تورطها فيها. على سبيل المثال، في آب/أغسطس 2022، عندما تم ذكر اسم "كتائب حزب الله" فيما يتعلق بهجوم بطائرة بدون طيار على ثكنة التنف في سوريا، أفاد أبو علي العسكري في بيان: "إن كتائب حزب الله لم تتبادل القصف مع الغزاة الأمريكان... سواء في العراق أو في سوريا أو غيرها... "(الشكل 4).
بالإضافة إلى ذلك، تعمّد أبو علي العسكري التلميح إلى امتلاكه معلومات مباشرة عن هذه الحادثة وربما حوادث مشابهة عند تحدثه عن "أسير أو أسرى صهاينة في العراق". وهو يدعي بشكل غير مباشر أن "كتائب حزب الله" تحتجز أكثر من رهينة واحدة متهمة بالعمل لصالح إسرائيل.
وقد تلقت وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ"المقاومة" الجزء الثاني من رسالة أبو علي العسكري وبدأت بنشر عدد كبير من المنشورات والأناشيد التي تشيد بـ"كتائب حزب الله". أما قناة "فريق اخوة جهاد" على منصة تلغرام فلم تكتفِ بالإشادة بـ"كتائب حزب الله" بل ربطت أيضاً عملية الخطف بالجماعة مباشرةً. كما أنها تطرقت في أحد منشوراتها إلى الحادثة وتناولت السبب الذي جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي يكشف هذه المعلومات بعد بضعة أشهر من اختطاف تسوركوف... وأنهت رسالتها بعبارة «بوركت سواعد "كتائب حزب الله"» (الشكل 5).