- تحليل السياسات
- مقابلات وعروض تقديمية
مصفوفة اليمن: الحلفاء والخصوم
The Yemen matrix is no longer being actively updated as of March 2022.
تُعتبر "مصفوفة اليمن" دليلًا عن العلاقات بين الجهات الفاعلة الأساسية المشاركة في النزاعات المختلفة في البلاد. ومن المفترض أن تشكل موردًا أوليًا للمحللين الجدد، ومجلدًا يتيح وصولًا سريعًا لصانعي السياسات، ووسيلة تذكير للخبراء.
المقدمة
بالنسبة إلى المطّلعين الجدد على الملف اليمني، قد يبدو أن الصراع الحالي في اليمن بدأ عندما أحكمت جماعة متمردة سيطرتها على العاصمة في العام 2015، ما أدى إلى هروب أعضاء الحكومة إلى المنفى وتدافع جيران اليمن الإقليميين لإنقاذه. ولكن هذه الرواية لا تكشف إلا عن ظاهر الأمور. فاليمن ليس قصة واحدة، بل هو عبارة عن حبكة معقدة من القصص. وهذا ما يسميه بعض اليمنيين بالمسلسل التلفزيوني الطويل (المتعارف عليه في اليمن بالمسلسل التركي). في الواقع، وعلى غرار المسلسل التلفزيوني الطويل، تتسم قصة اليمن بالعلاقات المعقدة، والأحداث الصادمة، والحوافز المتغيرة باستمرار، والشراكات غير المتوقعة – وهي أمورٌ تسببت جميعها، في أحيانٍ كثيرة وعلى مدى عقود، بعدم الاستقرار لدى الشعب اليمني وأغرقته في الحيرة والمجهول.
يكفي القول إن السيناريوهات الملحوظة في اليمن اليوم لم تبدأ في العام 2015، ومعظمها لن ينتهي عند انتهاء الحرب الحالية. في الواقع، يعرب العديد من اليمنيين عن قلقهم من أن أبناء وطنهم بدأوا أصلًا يكتبون سيناريو الموسم القادم من قصة اليمن فيما لا يزال الموسم الجاري مستمرًا. ويُفترض أن يشكل ذلك مصدر قلق ليس فقط لليمنيين. فاليمن يطل على ممرات مائية رئيسية للتجارة العالمية، وقد شكل ملاذًا لـ "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية" وأبقى منطقة الخليج متورطة في الصراع منذ العام 2015. وحيث أن تعقيده يعكس انعدام الاستقرار، يتطلب دفع اليمن نحو الاستقرار تضافر الجهود وفهمًا عميقًا للعلاقات القائمة في البلاد.
غالبًا ما تكون شبكة العلاقات محيّرة بالنسبة إلى المطّلعين الجدد على ملف اليمن. أولًا، يضم اليمن حوالي 30 مليون نسمة، ولكن يبدو وبشكل يصعب تفسيره أن كل يمني يعرف الآخر. واليمن مكان تؤثّر فيه الشخصيات على الأحداث أكثر من المؤسسات، وغالبًا ما يكون فيه التأثير غير الرسمي أقوى من السلطة الرسمية. إنها دولة ذات ذاكرة ثاقبة، حيث لا تزال أحداث الأعوام 1962 و1986 و1994 و2004 تلعب دورًا بقدر الأحداث الراهنة. فلا شك في أن الحوثيين يتذكرون مَن كان ضدهم في حروب صعدة الست بين 2004 و2010 (مثلًا، الجنرال علي محسن الأحمر وحزب "الإصلاح"). ويتذكر أعضاء "المجلس الانتقالي الجنوبي" مَن حارب الانفصال في العام 1994 (مثلًا، علي محسن، والرئيس عبد ربه منصور هادي، وحزب "الإصلاح"، وحزب "المؤتمر الشعبي العام"، وعائلة صالح)، ولكنهم يتذكرون أيضًا مَن دعمهم، على الأقل نظريًا (مثل المملكة العربية السعودية). وفي المستقبل، ستتذكر الأطراف الفاعلة في اليمن اليوم من حارب معها ومَن حارب ضدها في هذه الحرب.
غالبًا ما تساعد هذه الذكريات العنيفة على فهم لمَ تكمن المظالم، في أغلب الأحيان، في قلب القرارات والعلاقات في اليمن. فحتى عند بروز منظمات سياسية جديدة (مثلًا، "المجلس الانتقالي الجنوبي" في العام 2017)، غالبًا ما تكون مجرد أوجه جديدة لمظالم قديمة. وما يجعلها أكثر قوة هو عدم استناد هذه الشكاوى إلى القصص التقليدية المتناقلة، بل تراكمها خلال حياة المعنيين. فاليمنيون الذين يعيشون اليوم في كلٍّ من الشمال والجنوب فقدوا مثلاً أفرادًا من عائلاتهم في حروب 1962 و1986 و1994 و2004، ويحمّلون جهات فاعلة أخرى المسؤولية عن ذلك. وهذه الحروب، شأنها شأن سائر الحروب، أوجدت خصومًا أكثر مما حفزت الشعور بالمصلحة المشتركة. والواقع أن المصلحة المشتركة بين الجهات الفاعلة غالبًا ما تكون هي خصمها المشترك. وبنتيجة ذلك، إذا كان المرء يحاول فهم سبب وجود تحالف في اليمن، فمن الأفضل غالبًا البدء بالخصوم المشتركين أو المظالم المشتركة.
على سبيل المثال، شكّل غزو الحوثيين للجنوب نقطة تحول بالنسبة إلى حكومة هادي و"المجلس الانتقالي الجنوبي". بالنسبة إلى حكومة هادي، كان ذلك رمزًا آخر للانقلاب الحوثي ضدها. وبالنسبة للأفراد الذين شكلوا في ما بعد "المجلس الانتقالي الجنوبي"، كان ذلك غزوًا شماليًا آخرًا للجنوب. وهذا الشعور المشترك بالظلم جعل الاثنين يصطفان بشكل مؤقت ضد الحوثيين، إلا أن العداء الذي يضمره أحدهما للآخر – والمنبثق من أحداث 1986 و1994 وما بعدها – كان بمثابة جمر تحت الرماد اشتعل بقوة في نهاية المطاف.
نظرًا لكثرة العلاقات العدائية في اليمن، غالبًا ما تختار الجماعات أهون العدوين للعمل معه ضد العدو الأكبر. إنها الاستراتيجية الكلاسيكية التي يمكن اختصارها بمقولة "عدو عدوي صديقي"، أو كما يحبذ اليمنيون القول: "أنا وأخي ضد ابن عمي. وأنا وابن عمي ضد الغريب". قد يكون ذلك مربكًا للمحللين الجدد، ولكنه يتضح أكثر عند معاينته من منظور التركيز على الخصوم.
في الحرب الحالية مثلًا، يوحي استخدام مصطلح "القوات الموالية للحكومة" بالانسجام بين تلك القوات، في حين أن القليل من القوات التي تقاتل الحوثيين هي في الواقع موالية للحكومة؛ فهي بالأحرى مناهضة للحوثيين. ويُعدّ اصطفافها إلى جانب الحكومة هشًا في أفضل الأحوال، وهذا ما يتضح من خلال رفض "المجلس الانتقالي الجنوبي" وقوات طارق صالح اتباع تسلسل قيادي تترأسه الحكومة. وكذلك، فإن العديد من المتحالفين مع الحوثيين ليسوا مؤيدين للحوثيين بل هم بالأحرى معادون للسعودية.
إن هذا الميل إلى تصنيف الخصوم وتشكيل فرق وفقًا لذلك يخلق شراكات غريبة – على غرار علي محسن مع متظاهري الربيع العربي، أو "المجلس الانتقالي الجنوبي" مع حكومة هادي، أو ربما الأغرب على الإطلاق، الرئيس السابق الراحل علي عبد الله صالح مع الحوثيين. ولكنه يبين أيضًا بوضوح للمحللين وصانعي السياسات الانقسامات التي قد تحدث عند إزالة الخصم المشترك أو المظالم المشتركة.
ومثلما لا يمكن الافتراض بأن الأطراف المتحالفة تتشارك مصالح أبعد من العدو المشترك، لا ينقسم الخصوم دائمًا بشكل نهائي بسبب الكراهية. فمن المعروف أن من كانوا خصومًا في السابق، مثل الحوثيين والرئيس السابق صالح، يتحالفون مع بعضهم البعض، ليعاودوا الانفصال لاحقًا. وكذلك، من المعروف أن الحلفاء يصبحون أعداءً، كما حدث مع "المجلس الانتقالي الجنوبي" وحكومة هادي، ليتحالفوا مجددًا بداعي المصلحة.
تشكل المظالم العدسة التاريخية التي يرى اليمنيون من خلالها الحاضر، فتحدد علاقاتهم وتشكل وجهات نظرهم وتقود سلوكياتهم. وغالبًا ما يكون من الصعب معرفة الوقائع في اليمن - كالتأكيد مثلاً على الجهة التي نفذت تفجيرًا معينًا - نظرًا لكثرة الجهات الفاعلة والصعوبات التي يواجهها الصحفيون وغير ذلك من العوامل المتعلقة بالسياق. بالتالي، غالبًا ما يكون تقييم المنظور أكثر فائدة للتنبؤ بأفعال المجموعات أو الأفراد. ففي آب/أغسطس 2019 مثلًا، اعتقد "المجلس الانتقالي الجنوبي" أن "الإصلاحيين" داخل حكومة هادي كانوا وراء مقتل أحد كبار قادتهم، بالرغم من تبني الحوثيين للهجوم. وتوقع العديد من مراقبي اليمن، بمن فيهم المؤلفة، أن يقود المنظور السلوكيات؛ وفي الواقع، أدى ذلك إلى دخول "المجلس الانتقالي الجنوبي" في صراع مع الحكومة واستيلائه على مدينة عدن.
وكأنّ العلاقات اليمنية-اليمنية ليست معقدة بما فيه الكفاية، يأتي العنصر الإقليمي أيضًا ليزيد من تعقيدها. إذ يعتمد الكثير من الجهات الفاعلة اليمنية على راعٍ خارجي للحصول على الدعم المالي - وكما يفعل "المجلس الانتقالي الجنوبي" مع الإمارات العربية المتحدة، يفعل المحتجون المهريون مع عُمان، والحوثيون مع إيران. تُظهر هذه المصفوفة أن أقرب "التحالفات" في اليمن تتم عادةً مع راعٍ أجنبي. ولكن، ربما بشكل غير منطقي، تعبّر معظم الجماعات اليمنية بشدة عن مشاعر مناهضة للتدخل الأجنبي. بالنتيجة، تكتسي العلاقات مع الرعاة الأجانب أبعادًا متعددة: فالموارد المالية تساعد الجماعات اليمنية على السعي وراء طموحاتها، إلا أن هذه الجماعات تصون استقلاليتها من خلال عدم اتباع نصائح رعاتها في جميع الاحوال. فمن النادر أن تتصرف جماعة معينة في اليمن كوكيل تام لدولة خارجية – إذ أن هادي يصد المملكة العربية السعودية بين الفينة والأخرى، والحوثيون لم يتقيدوا بالنصائح الإيرانية، و"المجلس الانتقالي الجنوبي" يتجاهل أحيانًا تحذيرات الإمارات العربية المتحدة.
علاوةً على ذلك، ما من جماعة متجانسة تمامًا في اليمن، ولا يتبنى كل يمني في جماعة ما وجهة نظر تلك الجماعة بأكملها، بل من الشائع فعليًا أن يختلف الأفراد في الرأي مع جماعتهم بطريقة أو بأخرى. ولا ينطبق نهج واحد يناسب الجميع بشكل كلي على اليمن. فحتى عندما يدفع الشعور المشترك بالهدف المنشود الجهات الفاعلة إلى الاصطفاف مع بعضها البعض ضد عدو مشترك، تظل كل جماعة وكل عضو داخلها مستقلة بشدة.
انطلاقًا من هذا التعقيد، ينبثق هذا المشروع الذي يحاول تفكيك وشرح شبكة العلاقات في اليمن من خلال معاينتها عن كثب. فمن المفترض أن يكون موجزًا من دون أن يكون غامضًا، وبسيطًا من دون أن يبالغ في التبسيط، وتثقيفيًا من دون أن يكون عامًا. ومن المستحيل بالطبع تصنيف أي دولة أو أي مجموعة من العلاقات ضمن فئة معينة واعتبار أن هذا التصنيف يشمل باقي الدول أو العلاقات، فكيف بالحري اعتباره نهائيًا. في الواقع، من المحتمل ألا يتفق خبيران يمنيان على الفئة المحددة للتصنيف نظرًا للفوارق الدقيقة ضمن كل علاقة. ولكن، بالنسبة إلى محللي اليمن الجدد أو صانعي السياسات الذين يشعرون بالحيرة بانتظام عند الولوج في الزواريب الضيقة والغامضة للعلاقات اليمنية، يسعى هذا المشروع إلى توضيح الأمور والتثقيف. بالنسبة إلى الخبراء في اليمن، يجب أن يشجع هذا المشروع المحادثات ويوفر أداة مشتركة بين أصحاب المصلحة تسمح بإجراء محادثات أكثر تعمقًا ودقة. لا يمثل هذا المشروع سوى نقطة في بحر الإضاءة على دولة اليمن ذات الأوجه المتعددة، ولكن يُؤمل منه توضيح التفاصيل الدقيقة والغامضة الخاصة باليمن لصانعي السياسات.
الجوانب التقنية للمشروع
تُعتبر "مصفوفة اليمن" دليلًا عن العلاقات بين الجهات الفاعلة الأساسية المشاركة في النزاعات المختلفة في البلاد. ومن المفترض أن تشكل موردًا أوليًا للمحللين الجدد، ومجلدًا يتيح وصولًا سريعًا لصانعي السياسات، ووسيلة تذكير للخبراء.
مفهوم القصة
قد يكون تعلم أي مجال مواضيعي جديد مهمة شاقة، ولكن ذلك يحدث بشكل خاص عندما يكون منحنى التعلم حادًا، أي أن درجة صعوبة التعلم كبيرة، كما هو الحال في اليمن. على غرار المسلسلات التلفزيونية الطويلة أو المسلسلات الدرامية المعقدة، يضم اليمن مجموعة واسعة النطاق ومستقلة بشدة من الشخصيات ذات علاقات متشابكة وقصص متعددة تتكشف في وقت واحد. في هذه الحالات، تشكل أقواس القصة أدوات فعالة لنقل الأسس بسرعة. على سبيل المثال، إذا علم أحدهم أن الحوثيين يعتقدون أن علي محسن أصدر الأمر بقتل زعيمهم، حسين بدر الدين الحوثي، عام 2004، يفهم على الفور وبشكل عميق جانبًا واحدًا من تلك العلاقة من دون معرفة أي من التفاصيل الأخرى المتعددة في تاريخهم. فهذه التفاصيل تأتي في الوقت المناسب.
تسمح القصة أيضًا لأولئك الجدد في ملف اليمن بالارتباط بالجهات الفاعلة، تمامًا كما يفعل المرء مع شخصيات في رواية محبوكة جيدًا أو برنامج تلفزيوني ناجح. فالقصص هي طريقة لإضفاء الطابع الإنساني على التجربة اليمنية، وترك انطباعات راسخة، وسرد تاريخ اليمن من خلال الأشخاص والمجموعات التي عايشته، بدلاً من القيام بذلك عبر سلسلة مخططات زمنية تاريخية وافتراضات أكاديمية مملة. وقد شدد الكاتب الأمريكي كورت فونيجت على قوة أقواس القصة بما أن جميع البشر يعرفونها عن ظهر قلب، باعتبارها انعكاسًا لحياتهم. وبالتالي، يمكن أن يشكل إيجاد أقواس القصة القائمة في اليمن بين الجهات الفاعلة الرئيسية طريقة فعالة لوصف تعقيدات اليمن بوجيز العبارة.
على عكس المسلسلات الدرامية أو المسلسلات التلفزيونية الطويلة، لا يضفي هذا المشروع طابعًا دراماتيكيًا أو مثيرًا على الأحداث أو العلاقات من أجل صياغة قصة جيدة. ولكن جزءًا كبيرًا من تاريخ اليمن دراماتيكي على أي حال. فقصة الحرب الأهلية عام 1986 في الجنوب، مثلًا، تبدو وكأنها منبثقة عن رواية مظلمة.
المنهجية
تُعدّ هذه المصفوفة نتاج سنوات من تتبع الوضع في اليمن ومجموعته الواسعة من الشخصيات، حيث تأتي الكثير من المعلومات في هذا المشروع، وخصوصًا الفوارق الدقيقة والتفاصيل، من المحادثات مع الجهات الفاعلة بذاتها، بما فيها على مستوى القيادة والمستوى المتوسط ومستوى "الشارع". فهذا المشروع هو باختصار عبارة عن مجموعة من وجهات النظر كما فسرتها المؤلفة. تكوّن وجهات نظر الجهات الفاعلة تجاه بعضها البعض علاقاتها، ويساعد فك شفرة هذه العلاقات على فهم الأحداث في اليمن.
بالطبع، إن أي محاولة لتبسيط علاقات معقدة بقدر العلاقات في اليمن على شكل سلسلة رموز لن تكون شاملة أو نهائية على الإطلاق، بل يُفترض أن تكون تثقيفية وإرشادية. للمحافظة على بساطة المشروع وسهولة الاستعانة به، يخضع عدد الكلمات في جميع جوانبه لحد معين، بما في ذلك الملفات الشخصية وتوصيفات العلاقات، بالإضافة إلى عدد الأعضاء المختارين والأحداث المختارة.
مكونات المشروع
تماشيًا مع مفهوم القصة، يتمحور هذا المشروع حول عنصرين: مجموعة الشخصيات والعلاقات في ما بينها. يبدأ القسم المعني بمجموعة الشخصيات بصفحة خرائط ويتابع بصفحة لكل جهة فاعلة، تتضمن ملف تعريف موجزًا وقائمة مختارة من الأعضاء (للمجموعات)، والعلاقات. ويشير رمز إلى مكانة كل علاقة على طول الطيف من حليف إلى خصم، مصحوبًا بشرح موجز وببضعة أحداث مختارة أثرت عليها.
مجموعة الشخصيات
يشمل المشروع اثنتي عشرة جهة فاعلة: أربع دول، وشخص واحد، وسبع مجموعات ذات تماسك متفاوت.
الدول الأربع هي جهات فاعلة إقليمية رئيسية ذات صلة بالحرب الحالية في اليمن واللاعبين فيها: إيران وعُمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أنها ليست على الإطلاق الدول الإقليمية الوحيدة التي لديها مصلحة في اليمن. يمكن أن يشمل مشروع موسع قطر أو حتى تركيا، خصوصًا إذا استمرت مصالحهما ونفوذهما بالتعاظم. فهاتان الدولتان لديهما تأثير خاص على الجماعات المتفرعة من حزب "الإصلاح"، التي لا تزال ناشطة.
الشخص الذي يسلط عليه المشروع الضوء هو علي محسن الأحمر، وهو شخصية بارزة في السياسة اليمنية يستوجب تاريخها المعقد دراسة علاقاتها على حدة. ولو كان الرئيس السابق علي عبد الله صالح أو الشيخ عبد الله الأحمر، الزعيم الراحل لـ "إتحاد قبائل حاشد"، لا يزال على قيد الحياة، كان كل منهما ليحظى بمعاملة مماثلة - كفرد كانت قيادته الشخصية عظيمة بما يكفي ليحظى بحيز خاص به في هذا المشروع.
تشمل المجموعات السبع التي يتناولها المشروع الجهتين الفاعلتين الرئيسيتين في الحرب (الحوثيون وحكومة هادي)؛ والحزبين السياسيين الرئيسيين ("الإصلاح" و"المؤتمر الشعبي العام")؛ وعائلة صالح التي لا تزال تضطلع بدور مهم ونافذ، والتي سميت تيمنًا برئيس اليمن الراحل، الذي استمرت ولايته ثلاثة وثلاثين عامًا؛ و"المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي اكتسب شهرة في الجنوب؛ والمحتجين المهريين، الذين انتفضوا ضد الوجود السعودي في محافظتهم على الحدود اليمنية مع عُمان.
التعامل مع المنشقين
انقسمت بعض الأحزاب السياسية، مثل "الإصلاح" و"المؤتمر الشعبي العام"، بسبب الحرب. وبدلًا من تغطية جميع الفصائل، التي لا يزال من الصعب تحليلها بدقة، لا يشمل هذا المشروع سوى نواة كل حزب سياسي.
بالتالي، عندما يشير هذا المشروع إلى "الإصلاح-الرياض"، فهو يشير إلى فصيل حزب "الإصلاح" المقيم حاليًا في الرياض ويقوده المنتخبون للقيادة، وهما محمد عبد الله اليدومي وعبد الوهاب أحمد العنسي. يقبل آخرون يتخذون دولًا أخرى من المنطقة مقرًا لهم، في القاهرة وعمّان وأماكن أخرى، هذه القيادة. فيما يعرَّف هذا الفصيل الأساسي من خلال تحالفه مع التحالف، يعرَّف الإصلاحيون الآخرون (غير الممثلين في هذا المشروع) من خلال معارضتهم للتحالف. يميل هؤلاء الأفراد - الذين طُرد العديد منهم رسميًا من الحزب الأساسي - إلى أن يكونوا أكثر ارتباطًا بجماعة "الإخوان المسلمين" العابرة للحدود ويقيمون في تركيا وقطر وعُمان. يُعتبر هؤلاء الإصلاحيون المناهضون للتحالف مهمين، بالرغم من أنهم لا يشكلون مجموعة متماسكة، ويجب أن يكونوا معروفين لدى مراقبي اليمن بما أنهم سيلعبون دورًا في مستقبل البلاد. يمكن لنسخة موسعة من هذا المشروع أن تأخذ في الاعتبار أعضاء هذه المجموعة، سيما إن اندمجوا.
عندما يشير هذا المشروع إلى "المؤتمر الشعبي العام-صنعاء"، يقصد بذلك الحزب الأساسي في صنعاء المتحالف مع الحوثيين. يطمح العديد من أعضاء "المؤتمر الشعبي العام" الذين يعيشون خارج اليمن- وكثير منهم غير مقربين من الحوثيين- إلى الانضمام إلى الحزب وإعادة بنائه في أعقاب الحرب، بما في ذلك العديد من الأفراد في مسقط والقاهرة وأبو ظبي، لكنهم لا ينتمون إلى جماعة "المؤتمر الشعبي العام-صنعاء" في هذا المشروع. فيما يعرَّف "المؤتمر الشعبي العام" في صنعاء من خلال معارضته للتحالف، يعرَّف أتباع الحزب الآخرون خارج صنعاء من خلال اصطفافهم إلى جانب التحالف أو حكومة هادي. ولكن أعضاء "المؤتمر الشعبي العام" المصطفين مع التحالف لم ينشئوا حزبًا بديلًا متماسكًا لـ "المؤتمر الشعبي العام" وغالبًا ما يتصرفون بصفتهم الشخصية عوضًا عن ذلك (مثلًا، كحاكم أو شخصية عسكرية).
إشكالات أخرى
بالرغم من أن عائلة صالح كانت الدعامة الأساسية لحزب "المؤتمر الشعبي العام" على مدى ثلاثة عقود عندما كان علي عبد الله صالح على قيد الحياة، إلا أن علاقة العائلة بالحزب أصبحت معقدة للغاية منذ مقتل صالح على يد الحوثيين في كانون الأول/ديسمبر من العام 2017. بالتالي، يتم التعامل مع العائلة بشكل منفصل عن "المؤتمر الشعبي العام-صنعاء" في هذا المشروع.
توضح الخريطة المصاحبة لكل رمز شخصية أن العديد من المجموعات المدرجة في هذا المشروع ممثلة في اليمن وكذلك في العواصم الإقليمية للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان. على سبيل المثال، يملك الحوثيون و"المؤتمر الشعبي العام-صنعاء" والمحتجون المهريون ممثلين في مسقط؛ ولدى "الإصلاح-الرياض" وحكومة هادي ممثلين في الرياض؛ ولدى "المجلس الانتقالي الجنوبي" وعائلة صالح ممثلين في أبو ظبي. ترتكز قيادة بعض الجماعات بشكل أساسي في اليمن مع ممثلين في أماكن أخرى، فيما تملك المجموعات الأخرى بنية عكسية.
المجموعات غير المدرجة
تم النظر في عدة مجموعات ولكنها لم تُدرج في النهاية في المشروع.
عائلة الأحمر: كان من الممكن إدراج عائلة الأحمر في مشروع كهذا قبل الحرب الحالية؛ ولكن العائلة فقدت نفوذها الجماعي منذ وفاة الشيخ عبد الله الأحمر عام 2007 واجتياح الحوثيين معاقلها وإحراقهم منزل العائلة عام 2014. ولا ينفي عدم إدراج العائلة إمكانية عودتها إلى الساحة عبر اضطلاعها بدور مهم ونافذ في المستقبل.
الجماعات السلفية: لم يتم أيضًا إدراج الجماعات السلفية وهي كثيرة. نظرًا لطبيعة السلفية، لا توجد مجموعة أساسية. فالسلفيون يتواجدون بأشكال مختلفة بين "المجلس الانتقالي الجنوبي" والحوثيين وقوات ساحل البحر الأحمر و"الإصلاح" و"القاعدة في شبه الجزيرة العربية" وتنظيم "الدولة الإسلامية"، وتنظيمات أخرى. وإذا اتحدوا ضمن مجموعات منفصلة، فقد يتم إدراجهم في المستقبل.
قوات البحر الأحمر: لم يتم إدراج قوات البحر الأحمر-بما فيها ألوية مختلفة وقوات مقاومة تهامة وحتى قوات طارق صالح. ولكن منظور قوات طارق صالح يندرج ضمن عائلة صالح، وتندرج قوات العمالقة تحت فئة السلفيين المحددة أعلاه، ويندرج الآخرون تحت قيادة حكومة هادي. لا يزال البحر الأحمر منطقة يجب مراقبتها عن كثب، ولكن بصورة عامة، تجنب هذا المشروع إدراج الألوية العسكرية ضمن مجموعة الشخصيات.
القبائل: لا يتناول المشروع أيضًا القبائل الفردية، بالرغم من أن العديد منها يستحق المراقبة عن كثب ويتمتع بنفوذ، بما في ذلك قبائل مراد وعبيدة في مأرب، وقبيلة يافع، وقبائل العوالق في شبوة، وقبائل حجور في حجة، وغيرها.
الجماعات الإرهابية: أخيرًا، لم يتم إدراج الجماعات الإرهابية على غرار "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" وتنظيم "الدولة الإسلامية"، ما يعزى إلى حد كبير إلى معارضة كل الجهات الفاعلة الأخرى لها على نطاق واسع، وبالتالي عدم تشكيلها خارطة علاقات مفيدة. تواجه جماعات معينة في اليمن مزاعم منتظمة بالتعاون مع عناصر إرهابية، لكن جميع الجهات الفاعلة في هذا المشروع تدين الإرهاب في تصريحاتها العلنية.
**
الملف الشخصي للجهات الفاعلة
يخبر الملف الشخصي عن تاريخ الجهة الفاعلة بأكبر قدر ممكن من الإيجاز مع إشارة خاصة، حيثما أمكن، إلى الجهات الفاعلة الأخرى والأحداث المختارة المذكورة في قسم العلاقات.
الأعضاء المختارون
إن قسم الأعضاء المختارين هو قائمة مختصرة ملحقة تضم أعضاء المجموعة الأكثر نفوذًا أو مناقشةً أو اقتباسًا أو شهرةً. وهي غير معدة لتكون – لا بل بعيدة كل البعد عن - قائمة شاملة. كما أنها ليست تصنيفًا منظمًا أو قائمة بأصحاب أهم الألقاب. وتجدر الإشارة إلى أن اليمنيين الأفراد غالبًا ما يخالفون الاتجاه السياسي للحزب، وبالتالي لا يمكن نسب جميع آراء المجموعة إلى أعضاء منفردين.
العلاقات
يتضمن المشروع خمسة أنواع رئيسية من العلاقات على طيف من "الحلفاء" إلى "الخصوم"، مع "المؤاتية" و"المعقدة" و"غير المؤاتية" بين هذين القطبين.
إن العلاقات ليست راكدة وتتحرك على طول الطيف المحدد أعلاه، فتميل أحيانًا أكثر نحو الحلفاء أو نحو الخصوم. تحاول هذه المصفوفة أن تكون منفصلة عن عوامل الزمن بقدر الإمكان. وهي لا تعكس الطبيعة اليومية لتلك التغيرات بل الطبيعة العامة للعلاقة.
على سبيل المثال، يُشار إلى العلاقة بين "المجلس الانتقالي الجنوبي" وحكومة هادي على أنها "غير مؤاتية". ففي بعض الأحيان، كانت الجهتان الفاعلتان في حالة حرب ناشطة ضد بعضهما البعض، ما يشير إلى نزول عبر الطيف نحو الخصوم. عند تنفيذ اتفاق الرياض، استطاعتا أن ترتفعا عبر الطيف لتصبحا أقرب إلى العلاقة المعقدة. بالرغم من هذه التحولات العرضية، على نطاق واسع، لدى الجهتين الفاعلتين علاقة عدائية مع سبب واحد على الأقل للتعاون (كلتيهما جزء من التحالف ضد الحوثيين)؛ وبالتالي، تصنَف علاقتهما على أنها غير مؤاتية.
في حالات أخرى، تتغير العلاقات بشكل ملحوظ بحيث تستوجب المصفوفة تحديثًا.
على سبيل المثال، اتخذت علاقة عائلة صالح مع الحوثيين منعطفًا حاسمًا عندما قتل الحوثيون رب الأسرة في العام 2017. وبنتيجة ذلك، انتقل طارق صالح إلى الضفة الأخرى عبر تأييده الجانب الآخر في الحرب.
يصعب تحديد العلاقات بطبيعتها عندما تختلف المظاهر العامة عن المشاعر الخاصة، حيث ينطبق ذلك بشكل خاص على الدول التي قد يختلف موقفها العام عن وجهات نظر اليومية لمسؤوليها. في هذه الحالات، تعتمد المصفوفة عمومًا بشكل افتراضي الموقف العام للجهة الفاعلة بما أنه الأكثر أهمية لصانعي السياسات؛ ولكن في هذه الحالات، يلمح وصف العلاقة إلى الآراء الخاصة.
تشكل العلاقة بين حكومة هادي والإمارات العربية المتحدة خير مثال على ذلك. فالإمارات العربية المتحد تتبنى وجهة نظر سلبية تجاه حكومة هادي نظرًا لسجلها الحافل بسوء الإدارة وعلاقاتها بحزب "الإصلاح". في الوقت عينه، تشعر حكومة هادي بالغضب لأن الإمارات العربية المتحدة قامت بتمويل جماعات، مثل "المجلس الانتقالي الجنوبي"، تتنافس معها على شرعيتها. بالإضافة إلى ذلك، تعتقد الحكومة أن الإمارات العربية المتحدة تعمدت قصف قواتها في عملية في آب/أغسطس 2019 تدافع عنها الإمارات على أنها خطوة لمكافحة الإرهاب. بالرغم من هذه الخلافات الكبيرة، ينتمي الطرفان إلى التحالف المناهض للحوثيين وتدعم الإمارات العربية المتحدة علنًا شرعية حكومة هادي.
وفي مثال آخر، تتمتع الحكومة العُمانية بعلاقة ودية مع الجهات الفاعلة التي تستضيفها في مسقط، بما في ذلك الحوثيين. لكن المشروع يشير إلى علاقاتها بمعظم الجهات الفاعلة على أنها "معقدة" وليست "مؤاتية" بما أنها تتخذ رسميًا موقفًا محايدًا من الحرب.
في حالات أخرى، قد تكون جهتان فاعلتان جزءًا من تحالف عام تعمّه فعليًا فوضى كبرى ما وراء الكواليس. في هذه الحالات المعقدة، حيث يمكن للخبراء المنطقيين أن يختلفوا بشأن وضعيتهما في الطيف، أصدرت المؤلفة حكمًا تقديريًا.
على سبيل المثال، إن الحوثيين و"المؤتمر الشعبي العام" متحالفون في الحرب ضد التحالف، لكن العلاقة بينهما متوترة بشكل متزايد. قد يعتبر البعض بأنهم "حلفاء"، فيما قد يعتبر آخرون بأن وضعهم "معقد". يصنف هذا المشروع علاقتهم بأنها مؤاتية بما أنهم متحالفون في حرب معًا ولكن مع بعض التعقيدات.
غالبًا ما أصدرت المؤلفة هذه الأحكام التقديرية من خلال مقارنة العلاقة المعنية بالعلاقات الأخرى المشار إليها سابقًا. بعبارة أخرى، تم تحديد العلاقات عبر مقارنتها مع بعضها البعض.
وما يجعل المشروع أكثر تعقيدًا هو أنه غالبًا ما يتم تحديد العلاقات بشكل مختلف من قبل الجهتين الفاعلتين المعنيتين. على سبيل المثال، قد تكره الجهة الفاعلة "أ" الجهة الفاعلة "ب" أكثر مما تكره الجهة الفاعلة "ب" الجهة الفاعلة "أ". في هذه الحالات، تميل العلاقة إلى التركيز على وجهة النظر الأقوى وتشير إلى عدم التوازن في توصيف العلاقة.
أخيرًا، يستخدم المشروع عنصر التوصيف "لا علاقة تُذكر" بشكل مقتصد ولكن متعمد. يعني ذلك في بعض الأحيان أنه لا يوجد علاقة على الإطلاق ولكن في معظم الأحيان يعني أنه لا يوجد علاقة جديرة بالذكر.
على سبيل المثال، علي محسن واللواء علي سالم الحريزي، وهو قائد حركة الاحتجاج المهرية، يعرف كل منهما الآخر منذ أن كانا يعملان في إدارة صالح، ولكن علي محسن لا يشارك علنًا بشكل فاعل إما لدعم الحركة الاحتجاجية المهرية أو معارضتها. بالتالي، تصنف علاقة علي محسن بالمحتجين المهريين على أنها "لا علاقة تُذكر ".
**
وصف العلاقات
تعتبر توصيفات العلاقات مبسطة من حيث التصميم، حيث أخذت المؤلفة العلاقة بأكملها بعين الاعتبار عند اتخاذ قرار التصنيف، ولكن تمت صياغة التوصيف بحيث يتقيد بأبسط تفسير ممكن. على سبيل المثال، إن العلاقات مثلًا بين علي محسن وعائلة صالح أو "المؤتمر الشعبي العام" وحزب "الإصلاح" تعود لعقود، ولكن يتم شرحها ببساطة من حيث ارتباطها الحالي بالحرب في اليمن. يجب على جميع القراء الذين يرغبون في أن يصبحوا متخصصين في اليمن الغوص بشكل أعمق في هذه العلاقات التاريخية.
الأحداث المختارة
إن الأحداث المختارة هي أحداث ثانوية تهدف إلى توجيه انتباه القارئ إلى تلك الأحداث التاريخية الرئيسية التي يعرفها كل يمني، وغالبًا ما يتذكرها شخصيًا، والتي تستند عليها العديد من العلاقات التي يبرزها المشروع. فقد اختارت المؤلفة الأحداث التي وقعت خلال حياة معظم اليمنيين اليوم. تعتبر أحداث مثل الحرب الأهلية في شمال اليمن عام 1962 أو الانسحاب البريطاني من جنوب اليمن عام 1967 أساسية لفهم كيفية وصول اليمن إلى وضعها الحالي، ولكن الجدول الزمني يقتصر على تلك الأحداث الأقرب في الذاكرة والتي يتم استذكارها أكثر عند وصف العلاقات الحديثة.
شكلت هذه الأحداث في بعض الأحيان نقطة تحول في العلاقة؛ وفي أحيان أخرى، لم تعمد سوى إلى توطيد علاقة قائمة. لا يُفترض بالقائمة أن تكون شاملة، وهي بعيدة كل البعد عن ذلك، إلا أن هذه الأحداث ضرورية لفهم اليمن اليوم. على غرار الأجزاء الأخرى من هذا المشروع، فُرضت قيود على عدد الكلمات، وبالتالي، تُعتبر التوصيفات إرشادية ولكن غير شاملة؛ عوضًا عن ذلك، تمت صياغتها بحيث تقدم فقط السياق الكافي لفهم كيفية انطباق الحدث على العلاقات التي شكّلها.