- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
مشتريات بايدن من النفط مجرد نقطة في بحر احتياطي النفط الاستراتيجي
Also published in "ماسينجر"
في ظل حالة عدم اليقين المستمرة بشأن الهجمات على سفن الشحن في مضيق باب المندب ودبلوماسية النفط التي تتبعها روسيا، لا يزال احتياطي النفط أقل مما ينبغي.
بدا إعلان إدارة بايدن في الثامن من كانون الأول/ديسمبر بشأن إعادة ملء "احتياطي النفط الاستراتيجي" منطقياً - فالنفط الآن رخيص نسبياً - ولكن الأخبار يمكن أن تتحول بسرعة إلى أمر محرج. وتخطط وزارة الطاقة الأمريكية لشراء 3 ملايين برميل من النفط الخام، إلا أن "احتياطي النفط الاستراتيجي" تم استنفاده أساساً بمقدار 291 مليون برميل منذ بداية عهد إدارة بايدن، لا سيّما في وقت سابق من هذا العام مع محاولة الإدارة الأمريكية خفض أسعار البنزين للمستهلكين.
نعم، هذا صحيح، تقتضي الخطة سد النقص في "احتياطي النفط الاستراتيجي" بنسبة (تزيد قليلاً عن) 1 في المائة. لا عجب إذاً أنهم أعلنوا الخبر بعد ظهر الثامن من كانون الأول/ديسمبر. ففي ظروف أخرى، قد يكون 3 ملايين برميل - أي ما يمكن أن تحمله ناقلة عملاقة واحدة أو ناقلتين - خطأ في التقريب.
ويأتي هذا الرقم المنخفض نتيجة أعمال الصيانة التي تحد من حجم كهوف الملح القابعة تحت الأرض على "ساحل الخليج الأمريكي" حيث يقع احتياطي النفط الاستراتيجي. وقال نائب وزير الطاقة الأمريكي، ديفيد تورك، لـ "تلفزيون بلومبرغ" في 4 كانون الأول/ديسمبر: "نحن نعيد التعبئة بقدر ما نستطيع". ومع ذلك، تبلغ المخزونات أدنى مستوياتها منذ 40 عاماً، وفقاً لـ "بلومبرغ". ومن المفترض أن تحتفظ "وكالة الطاقة الدولية"، وهي النظيرة الغربية لمنظمة "أوبك"، بكمية تكفي لتسعين يوماً من صافي صادرات النفط. وتبلغ المدّة الحالية للولايات المتحدة 55 يوماً.
ولكنهم على الأقل ينوون شراء النفط بسعر أدنى من السعر الذي باعوه به وهو 95 دولاراً للبرميل. وتبلغ أسعار النفط الخام اليوم حوالي 71 دولاراً. ويبدو أن السعر المستهدف للشراء كان في الأصل 70 دولاراً للبرميل، ولكنه ارتفع لاحقاً إلى 79 دولاراً.
إذاً، فإن المحاسبين راضين من كل ذلك. وفي الوقت نفسه، يعمل الحوثيون على تصعيب الأمور في العالم الحقيقي. هم رجال القبائل الذين يسيطرون على اليمن، والأهم من ذلك، على الطرف الجنوبي من البحر الأحمر الذي يتعين على السفن عبوره بعد مرورها قناة السويس شمالاً، من أجل الوصول إلى المحيط الهندي والوجهات الآسيوية.
وفي هذا الإطار، أعلن الحوثيون، المدعومون من إيران، أنهم لن يسمحوا للسفن المرتبطة بإسرائيل بالمرور عبر المياه الضيقة لباب المندب، والذي يتمكنون من إحكام سيطرتهم عليه من خلال استعمالهم طائرات مسيّرة حديثة بل منخفضة التقنية نسبياً فضلاً عن صواريخ "كروز". وقبل عشرة أيام من تاريخ كتابة هذا المقال، تدخّلت المدمرة الأمريكية "يو إس إس كارني" التي تجوب المنطقة للدفاع عن السفن التجارية. وفي العاشر من كانون الأول/ديسمبر، أسقطت فرقاطة فرنسية طائرتين بدون طيار.
إذاً فإن التهديد الذي تواجهه سفن الشحن لا يزال قائماً وأي إغلاق للممر المائي سيؤثر على التجارة الدولية، ولا سيما تجارة النفط. وهذا من شأنه أن يرفع الأسعار، في الوقت الذي ينخفض فيه "احتياطي النفط الاستراتيجي". وقبل بضعة أشهر، أفادت بعض التقارير أن هذا "الاحتياطي" لم يتعدّى 347 مليون برميل.
ولا شك أن لدى "البحرية الأمريكية" بعض الخطط لمعالجة الوضع، وهي عبارة عن مشاريع متنوعة تدخل في الإطار "الحركي". لكن الإدارة الأمريكية تحصر تفكيرها العام في "البحث عن شركاء لحماية السفن"، كما جاء في أحد العناوين الرئيسية في صحيفة "واشنطن بوست". ومن المحتمل أن يكون عدد القوات البحرية التي يمكنها التعامل مع هجمات الطائرات بدون طيار والتي تكون "البحرية الأمريكية" مستعدة للعمل معها لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
ويبدو أن الوضع المشحون لا يشكل ضغطاً على صنّاع القرار في الوقت الحالي لأن تأثير القتال في غزة بين "حماس" وإسرائيل على الأسعار قد تراجع بعد أن ازداد في البداية. ولكن الأسعار اليومية تخضع للمراقبة عن كثب، على الرغم من أن الاتجاه على المدى الطويل هو نحو الانخفاض، نظراً لعدم اليقين الاقتصادي في الصين.
وربما، بدلاً من محاولة التنبؤ بما سيفعله الحوثيون، ستكون هناك فائدة أكبر في مراقبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي زار الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي في رحلة ليوم واحد، ثم استقبل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في موسكو في اليوم التالي. وربما كانت أسعار النفط الموضوع المشترك لهذه الاجتماعات، إلا أن الزعيم الروسي لا يأبه لمشاعر المستهلكين في بقية أنحاء العالم.
سايمون هندرسون هو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.