- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
مواقف بيونغ يانغ: البعد الإيراني
تحليل الأدلة المتعلقة بالتجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية في 6 كانون الثاني/يناير لا يزال مستمراً، ولكن هناك شك في الوقت الحالي حول ما إذا كانت هذه التجربة هي قنبلة هيدروجينية قوية، كما ادعت بيونغ يانغ أم لا. وبالأحرى، ربما كانت قنبلة نووية انشطارية من نوع مماثل للتصميم الذي اختبرته تلك البلاد بالفعل ثلاث مرات حتى الآن، على الرغم من أنها ربما كانت نسخة أكثر تطوراً تُعرف باسم سلاح مُعزز. وعلى كل حال، تتعلق العواقب الفورية للحادث بشرق آسيا، حيث أن كوريا الجنوبية، واليابان، وحتى الصين - الحليفة الوثيقة لكوريا الشمالية - قلقة بالفعل بشأن أسلوب القيادة الفظ الذي يتبعه كيم جونغ أون. ولكن هناك عدة سياقات مزعجة في الشرق الأوسط أيضاً، التي يجب أن تثير الاهتمام الدولي.
يُعتقد أن التجارب النووية الأولى التي أجرتها كوريا الشمالية في عامي 2006 و 2009 قد استخدمت البلوتونيوم المستخرج من الوقود المستهلك. وربما كانت تجربتها في عام 2013 قد استخدمت يورانيوم عالي التخصيب الذي تم الحصول عليه من محطة التخصيب بالطرد المركزي، التي تم الكشف عن وجودها إلى جماعة زائرة أصيبت بدهشة كانت تضم مسؤولين أمريكيين سابقين وأكاديميين في عام 2010. وقد حصلت بيونغ يانغ على تكنولوجيا الطرد المركزي من باكستان، بما في ذلك آلات P2 الفعالة نسبياً، والتي تُظهر تحسناً كبيراً مقارنة بآلات P1 التي تهيمن على المخزون الإيراني، وتم الحصول عليها في الأصل من باكستان. وتعمل إيران على تطوير آلات IR-2M الخاصة بها، والتي تشابه آلات P2. ويجدر بالذكر أنه يُسمح بالقيام بمثل هذه الأعمال في إطار الاتفاق النووي الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في العام الماضي.
وهناك تداخل في تكنولوجيا الصواريخ أيضاً. فكل من باكستان وإيران تقوم بتصنيع وتشغيل نسخ من صاروخ "نودونغ" الكوري الشمالي الذي يبلغ مداه نحو 1000 ميل وقادر على حمل رأس نووي. وفي باكستان يُعرف الصاروخ بالإسم "غوري" ويشكل جزءاً من القوة النووية الأستراتيجية في البلاد. وتُطلِق إيران على نسختها من الصاروخ اسم "شهاب 3"، وقد طوّرت بديلاً أكثر تقدماً يدعى "عماد". وفي 5 كانون الثاني/يناير، عرض التلفزيون الإيراني الرسمي صواريخ قال أنها من نوع "عماد" محمولة على مركبات قاذفة في مجمع النفق الذي يجري تفتيشه من قبل رئيس البرلمان علي لاريجاني. وكانت الصور مماثلة لتلك التي ظهرت في تشرين الأول/أكتوبر، والتي يُزعم أنها من مجمع نفق مختلف.
وعلى الرغم من الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة والقيود الدولية القائمة منذ فترة طويلة على أنشطة إيران في مجال الصواريخ الباليستية، تواصل طهران تطوير صواريخ من أنواع مختلفة. إن الاختبار الأخير لصاروخ من نوع "عماد"، هو الذي انتهك قرار مجلس الأمن الدولي وكان من المفترض ان يؤدي الى فرض عقوبات أمريكية جديدة على إيران في الأسبوع الماضي، إلى أن تم فجأة اتخاذ قرار معاكس في واشنطن. وتشعر الولايات المتحدة بالقلق أيضاً إزاء مبيعات معدات الصواريخ الكورية الشمالية إلى إيران، فضلاً عن وجود الفنيين الإيرانيين في كوريا الشمالية، الذين يعملون على مُعزز صاروخ.
وهذه التطورات، جنباً إلى جنب مع أحدث تصعيد للعنف في علاقات طهران مع المملكة العربية السعودية (انظر "الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وإيران تهدد السياسة الأمريكية في المنطقة")، تضيف بعداً خطيراً للتوترات المستمرة في الخليج. وفي حين يمكن للخبراء التقنيين أن يستغرقوا في التفكير عن العيوب في تكنولوجيا الأسلحة النووية التي بحوزة كوريا الشمالية وتعقيدات إيجاد مزيج من صاروخ/رأس حربي من شأنه أن يعمل فعلياً على أرض الواقع، إلا أن التصوّر هو واقعه الخاص. وإذا ما زالت هناك روابط لايران مع تكنولوجيا الصواريخ الكورية الشمالية، فقد تكون طهران قادرة على الوصول إلى مهارات في مجال السلاح النووي أيضاً. وعلى الرغم من أن ذلك مربكاً للدبلوماسيين الذين يسعون إلى تخفيف حدة التوتر في الشرق الأوسط، إلا أنه لا ينبغي أن تُعتبر العلاقة بين طهران وبيونغ يانغ قضية منفصلة.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، ومؤلف مشارك (مع أولي هاينونين) في البحث بعنوان "إيران النووية: مَسْرَد المصطلحات".