- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
نقل السفارة إلى القدس وسقوط الضحايا في غزة يُضعفان آمال تحقيق خطة السلام الأمريكية
لا يمكن أن يكون التناقض أكثر حدة بين المراسم الاحتفالية لافتتاح السفارة الأمريكية في القدس من جهة، والاشتباكات الحدودية التي اندلعت يوم الاثنين من جهة أخرى والتي أسفرت عن وقوع 61 ضحية [حتى كتابة هذه السطور] - وهو اليوم الأكثر دمويةً في غزة منذ حرب عام 2014 بين حركة «حماس» وإسرائيل.
لماذا الأمر مهم: يزيد كلا الحدثين الطين بِلّة على الديناميكيات المشتعلة أساساً بين الفلسطينيين وإسرائيل. فقد دفع نقل السفارة "السلطة الفلسطينية" إلى قطع الاتصالات مع إدارة الرئيس ترامب، مما أضعف بشكلٍ كبير أي فرصة لاستئناف مفاوضات السلام الدبلوماسية، كما أن مقتل المتظاهرين في غزة قد زاد من احتمال نشوب حرب أخرى بين إسرائيل و«حماس».
الخلفية: يأتي قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل والموقع الجديد للسفارة الأمريكية وفاءً لما وعد به في حملته الرئاسية وهو تطبيق "قانون سفارة القدس" لعام 1995. فقد كان الرؤساء السابقون يقلقون من تداعيات مثل هذا القرار، لذلك كانوا يوقّعون إعفاءات متعلقة بالأمن القومي كل ستة أشهر لتأجيل نقل السفارة. وبالرغم من الترحيب الحار الذي رافق القرار في إسرائيل، إلّا أنّ غالبية المجتمع الدولي عارضته، كما وأثار غضب القادة والمواطنين الفلسطينيين.
وتأتي الاحتجاجات على نقل السفارة في غزة يوم الاثنين في أعقاب سلسلة من التظاهرات الأسبوعية المقررة التي بدأت في 30 آذار/مارس وستبلغ ذروتها في 15 أيار/مايو، وهو يوم ذكرى إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 والمعروف لدى الفلسطينيين بـ "يوم النكبة". وقد ضمّت التظاهرات ناشطين من حركة «حماس» بالإضافة إلى عدد كبير من المدنيين من سكان غزة، وقد دفعتهم مجموعة من الأهداف القومية - لا سيّما "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين النازحين في حرب عام 1948 وأحفادهم - بالإضافة إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل حاد في القطاع الساحلي. وفي حين كان معظم المتظاهرين مسالمين إلى حد كبير، إلّا أنّ البعض حاول اختراق السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل واستخدام الطائرات الورقية المزوّدة بقنابل المولوتوف. وقبل وقوع الضحايا يوم الاثنين، كان قد قُتل أكثر من 40 فلسطينياً بنيران إسرائيلية منذ بدء الاحتجاجات.
ماذا عن المرحلة القادمة؟ إنّ الشاغل الأكثر إلحاحاً هو ما إذا كان يمكن التخفيف من حدة الوضع السائد على طول الحدود. وفي حين تقول الحكمة التقليدية أن كل من «حماس» و إسرائيل لا تتطلّعان لشنّ حرب شاملة جديدة، إلّا أنّ الارتفاع الكبير في عدد الضحايا الفلسطينيين قد يتسبّب في المزيد من التصعيد. وحتى إذا تم تفادي التصعيد الفوري، فإن غياب السياسات اللازمة لحل الوضع الإنساني الرهيب في غزة قد يؤدي إلى استمرار حالة عدم الاستقرار في الجيب الفقير المكتظ بالسكان. وفي الوقت الذي يتحدث فيه الرئيس ترامب وإدارته عن خطة سلام أمريكية، فإن التوترات في غزة والاضطراب الدبلوماسي الناجم عن نقل السفارة قد رسخت الشكوك حول احتمال نجاحها.
غيث العمري هو زميل أقدم في معهد واشنطن. وقد تم نشر هذه المقالة في الأصل من على موقع "أكسيوس"( "Axios").
"أكسيوس"