قاتل هشام الهاشمي يفلت من العدالة
تمت تبرئة أحد قتلة "كتائب حزب الله" من جميع التهم رغم وجود أدلة مقنعة على قيامه بقتل المعلق العراقي الشهير وناشط المجتمع المدني هشام الهاشمي.
في 21 آذار/مارس، نقلت قناة "الحدث" ما كان قد سرّبه العديد من مراقبي وسائل التواصل الاجتماعي في وقتٍ سابقٍ وهو: أن قاتل هشام الهاشمي الذي استأجرته إحدى الميليشيات تمت تبرئته من جميع التهم من قِبَل القضاء العراقي الخاضع لسيطرة الميليشيات. وكان الهاشمي قد قُتل بالرصاص أمام منزله في منطقة زيونة في العاصمة بغداد بتاريخ 6 تموز/يوليو 2020. وحدث ذلك بعد أن انتقد علناً "كتائب حزب الله" على شاشة التلفزيون، وحدد العضو الرفيع المستوى في "كتائب حزب الله" حسين مؤنس على أنه أبو علي العسكري، وهو الاسم المستعار الذي يستخدمه القائد الأمني في الميليشيا. وكان الهاشمي قد نشر أيضاً بحثاً مفصلاً قبل أيامٍ من وفاته حول الابتزاز الذي تمارسه نقاط التفتيش غير القانونية حول بغداد التابعة لـ"كتائب حزب الله" وميليشيا بارزة أخرى هي "عصائب أهل الحق".
واعتقلت القوات الحكومية مطلق النار في ذلك الوقت، وهو ضابط شرطة برتبة ملازم أول منسوب إلى وزارة الداخلية يُدعى أحمد حمداوي الكناني، وقد اعترف بأن ميليشيا استأجرته لقتل الهاشمي. وقال الكناني في مقطع إعلامي روى فيه تفاصيل عملية القتل ضمن لقطات تلفزيونية ذات دائرة مغلقة: "لقد سحبتُ مسدس الشرطة الخاص بي وأطلقتُ عليه أربع رصاصات". وفي شباط/فبراير 2021، توصل تحقيق منفصل أجراه برنامج "فرونتلاين" (Frontline) التابع لشبكة "بي بي أس" (PBS) إلى أن "كتائب حزب الله" هي من أمرت بالاغتيال.
إلا أن الكناني اختفى بعد تغيير الحكومة في تشرين الأول/أكتوبر 2022، عندما صادق ائتلاف "الإطار التنسيقي" الذي ضم "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. ومن ثم، فهو لم يكن حاضراً عندما حكمت "محكمة جنايات الرصافة" في بغداد عليه بالإعدام غيابياً في 7 أيار/مايو 2023.
وتحت الضغط الذي مارسته "كتائب حزب الله"، لم تسعَ الحكومة إلى إعادة القبض على الكناني المفرَج عنه بشكل غير قانوني والمتواجد خارج العراق، ربما في لبنان. وفي 2 كانون الثاني/يناير 2024، ألغت "محكمة التمييز الاتحادية"، التي يديرها القاضي فائق زيدان المدعوم من الميليشيا، حكم الإعدام وأحالت القضية مجدداً إلى محكمة ذات درجة أدنى لإعادة المحاكمة.
وادعت المحكمة الدنيا في نهاية المطاف أنه ليس هناك قضية يجب أن يرد عليها الكناني، الذي تراجع في هذه المرحلة عن اعترافه وعاد إلى العراق خصيصاً هذا الأسبوع عند إصدار الحكم. وقضت المحكمة بأن مذكرة الاعتقال الأصلية غير شرعية. وبعد تبرئته، تم نقل الكناني مرة أخرى إلى خارج العراق عبر مطار بغداد من قبل فريق أمني تابع لـ "قوات الحشد الشعبي".
وفي مقال تأبيني نُشر عام 2020 بعد مقتل الهاشمي، طرح أحد الأصدقاء المقرّبين من هذا الناشط، وهو الدكتور توبي دودج من "كلية لندن للاقتصاد"، السؤال الآتي: "هل ستكون قوات القانون والنظام المؤسسية والشرطة والقوات المسلحة العراقية أم الميليشيات هي التي تصيغ مستقبل البلاد؟ لن يحدد ذلك سوى رد الفعل الذي تقوم به الحكومة العراقية إزاء القتل الوحشي لأحد أفرادها". ومن المؤسف أن الإجابة واضحة للغاية وهي: أن الميليشيات المدعومة من إيران تصيغ مستقبل العراق في ظل حكومة السوداني.
وقد خرجت "كتائب حزب الله" بشكل خاص منتصرةً في قضية الهاشمي. فإلى جانب إدراجها على اللائحة الأمريكية كمنظمة إرهابية قامت مؤخراً بقتل ثلاثة أمريكيين في 28 كانون الثاني/يناير، فإن "كتائب حزب الله" هي أيضاً شريكة في الائتلاف مع السوداني من خلال كتلة "حقوق" التابعة لها في مجلس النواب. وبالإضافة إلى ذلك، تشكل هذه الجماعة جزءاً من "قوات الحشد الشعبي" التي يقودها السوداني، وهي جهاز حكومي يتلقى نحو 2.3 مليار دولار من أموال الحكومة العراقية سنوياً، ويسيطر عليها كبار شخصيات "كتائب حزب الله" الذين أدرجتهم واشنطن أيضاً على لائحة العقوبات كإرهابيين. ومن بين قائمة الانتهاكات الطويلة التي ارتكبتها "كتائب حزب الله"، فإنها لا تزال تحتجز الباحثة في "جامعة برينستون" إليزابيث تسوركوف، التي اختُطفت في بغداد في 21 آذار/مارس 2023، وهي محتجزة بشكل غير قانوني منذ ذلك الحين.