- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
قضايا الجنسية المصرية-الإسرائيلية عائقٌ أمام التطبيع
في العشرين من كانون الأول/ديسمبر، أعلنت القاهرة إسقاط الجنسية المصرية عن ياسمين نسيم التي هي في الواحدة والعشرين من عمرها والمقيمة في إسرائيل. وفي البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء المصري، تمت الإشارة إلى أن القرار جاء نتيجة حصول ياسمين على الجنسية الإسرائيلية دون إخطار السلطات المصرية بذلك. واستشهد المسؤولون بالقانون رقم 26 لعام 1975 الذي ينص في أحد أجزائه على أنه يجوز إسقاط الجنسية عن أي شخص "إذا وُصِف فى أي وقت بأنه صهيوني".
وقد أثار هذا القرار موجة جدل عارمة في الأوساط الإعلامية المصرية. إذ اتضح أن هذه المرأة هي حفيدة محمد نسيم، أحد عناصر حركة "الضباط الأحرار" التي شنت انقلاب عام 1952 وضابطٌ سابق في الاستخبارات معروفٌ بمشاركته في عمليات تجسس سابقة ضد إسرائيل.
وكانت الحكومة المصرية قد أقدمت في العام الماضي على سحب الجنسية من تسعة أشخاص مسلمين وأقباط يقيمون في إسرائيل. وفي الوقت نفسه سُمح عموماً للمصريين الذي حصلوا على الجنسية من دول أجنبية أخرى بالاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية.
وفي الوقت الراهن، يندرج معظم المصريين المقيمين في إسرائيل ضمن إحدى ثلاث فئات. الفئة الأولى تضم المغتربين غير الشرعيين الذين يسعون بالدرجة الأولى إلى ادّخار أكبر قدر ممكن من المال قبل عودتهم إلى مصر، في حين تتكوّن الفئة الثانية من مقيمين دائمين يدفعون الضرائب ويتمتعون بالحقوق والمزايا الكاملة في إسرائيل كالرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والمشاركة في الانتخابات البلدية.
أما الفئة الثالثة فتتألف من المصريين الذين حصلوا على المواطنة الإسرائيلية الكاملة. وعادة ما يكون هؤلاء الأفراد مدفوعين في التنعّم بمختلف المزايا التي يقدّمها جواز السفر الإسرائيلي مقارنةً بجواز السفر المصري. لكن العديد منهم يتعرّض لسوء المعاملة على يد السلطات المصرية خلال سفرهم إلى بلادهم لزيارة عائلاتهم أو خلال عودتهم إلى إسرائيل. ويمكن للمسلمين المصريين الحصول على الجنسية الإسرائيلية من خلال الزواج مع الإسرائيليين، ويتم ذلك عموماً عن طريق الحصول على تأشيرة إقامة سنوية والنجاح في تجديدها لمدة خمس سنوات، ثم توكيل محامٍ للحصول على الجنسية في المحاكم. بالإضافة إلى ذلك، فإن أي طفل يُولد عن زواج بين العرب الإسرائيليين والمصريين يحصل تلقائياً على الجنسية الإسرائيلية.
يُذكر أن الجالية المصرية في إسرائيل التي تعدّ بالآلاف قامت بالضغط على القاهرة منذ سنوات للاعتراف بها عبر نشرها إعلانات رفيعة المستوى في أهم الصحف وإرسالها رسائل إلى وزارة الشؤون الخارجية وسلطات الهجرة بهذا الشأن. وفي نهاية المطاف، رضخت السفارة المصرية في تل أبيب وطلبت من قادة الجالية (ومقرها في الناصرة) إنشاء هيئة رسمية لها. وفي شباط/فبراير 2017، وافقت الحكومة الإسرائيلية على تأسيس جمعية غير ربحية سمّيت "الجالية المصرية بإسرائيل" وهدفها "تسيير شؤون الأقلية المصرية في إسرائيل". ثم تم إرسال ميثاق الجمعية إلى السفارة المصرية - التي لم تُقْدِم بعد على إصدار أي رد على الإطلاق بهذا الخصوص.
وهناك ثلاثة عوامل تساعد في توضيح سبب ميل السلطات في القاهرة إلى إظهار هذا التعنّت تجاه المواطنين المصريين الإسرائيليين، وهي:
- ترى السلطات المصرية في كل مصري متزوج من إسرائيلية جاسوساً محتملاً، وهذه الشكوك تساورالأجهزة الأمنية بشكل خاص.
- لا تزال هذه السلطات تعتقد أن الإسرائيليين يريدون الحط من مكانة مصر لأنها أكبر البلدان العربية وأقواها.
- تعتقد السلطات المذكورة أن الوضع الاقتصادي السيئ لبلادها قد يدفع الشباب المصري الفقير إلى البحث عن الزواج مع إسرائيليات بدافع اليأس - ولهذا تنتهج تكتيك معاقبة مثل هذه الزيجات ووسمها بالعار.
توصيات في مجال السياسة العامة
على الرغم من مرور ما يقرب من أربعين عاماً من السلام، والتمثيل الدبلوماسي المتبادل، والتعاون السياسي والأمني الرفيع المستوى بين البلدين، لا تزال الحكومة المصرية مترددة في تقبّل إسرائيل بالكامل. فلا يُسمح للمصريين بالذهاب إلى إسرائيل دون إذنٍ مباشر من الأجهزة الأمنية - وإسرائيل هي واحدة من بين ستة عشر بلداً فقط تواجه قيوداً على السفر إليها [من مصر] بهذه الصرامة. ولا يزال أبناء الجالية المصرية في إسرائيل يواجهون نقصاً حاداً في التعاون من قبل القاهرة، بما في ذلك خطر فقدان جنسيتهم الأصلية.
ونظراً للتأثير السلبي الذي تخلّفه مثل هذه السياسات على التطبيع بين مصر وإسرائيل وعلى مسألة السلام العربي -الإسرائيلي الأوسع نطاقاً، يجب على المسؤولين الأمريكيين التطرق إلى هذه المسألة بوتيرة وصراحة أكبر عند تعاملهم مع القاهرة. وقد يبدو رفع القيود المفروضة على المصريين المسافرين من إسرائيل وإليها كمسألة بسيطة مقارنةً بالعديد من المسائل الكثيرة المتعلقة بالأمن والتجارة بين الطرفين، ولكن حتى خطوة صغيرة نحو قيام علاقات أكثر وداً تمثل تقدماً كبيراً.
هيثم حسنين كان زميل "غليزر" في معهد واشنطن في الفترة 2016-2017.