- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3505
قوانين مناهَضة التطبيع: سلاح قوي في مكافحة السلام
تناقش لجنة من الخبراء جهود «حزب الله» إبطال تأثير "اتفاقيات أبراهام" من خلال تهديد ومحاكمة المواطنين اللبنانيين الذين يتعاملون مع الإسرائيليين، بمن فيهم المغتربون الذين يعيشون أو يعملون في دول الخليج.
"في 22 حزيران/يونيو، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع ماجد حرب ونديم قطيش وحنين غدار، بإدارة جوزيف براودي. وحرب هو محامي وناشط قانوني في بيروت رفع بشجاعة دعوى قضائية ضد «حزب الله» في المحاكم اللبنانية. وقطيش هو محلل سياسي إماراتي شهير وكاتب ساخر يستضيف برنامج "الليلة مع نديم" على قناة "سكاي نيوز عربية". وغدار هي "زميلة فريدمان" في "برنامج جدولد" حول "السياسة العربية" التابع للمعهد ومديرة التحرير السابقة لـ "ناو ليبانون". وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم".
ماجد حرب
لا تستند قوانين وتشريعات مكافحة التطبيع في لبنان على قانون واحد، بل إلى ثلاث مجموعات مترابطة من القوانين هي: قانون العقوبات اللبناني، و"قانون المقاطعة لعام 1955"، و"قانون القضاء العسكري". وبشكل عام، تنص هذه القوانين على حظر أي نوع من الاتصال بين المواطنين اللبنانيين والإسرائيليين؛ ويمكن أن تتراوح العقوبة من بضعة أشهر في السجن إلى الإعدام. ونظراً لصياغة كل قانون بلغة غامضة، غالباً ما تكون قرارات المحاكم بشأن الانتهاكات تعسفية، وقد يُفسَّر أي اتصال تقريباً مع الإسرائيليين على أنه تجسس أو خيانة.
وإحدى المشاكل الأخرى هي أنه قد تم سن "قانون المقاطعة" قبل عقود من ظهور عالمنا الحالي المعولم والمترابط. فاليوم، يمكن لرسالة نصية واحدة أو عملية تفاعل واحدة على وسائل التواصل الاجتماعي أن تخرق نص القانون.
وتعجز جهود الإنفاذ أيضاً عن أخذ دوافع الشخص في الحسبان. ففي الآونة الأخيرة، أُدين ناشط لبناني شاب بالخيانة العظمى لمجرد إجرائه مقابلة مع صحفي إسرائيلي - وهي المعاملة نفسها التي يُمكن أن يتلقاها عميل إسرائيلي. وكما هو منصوص عليه، تُعرّض القيود الحالية كل مواطن لبناني يستخدم الإنترنت أو يسافر إلى الخارج لخطر مستمر. حتى أن مفاوضي الحكومة الذين كانوا يناقشون قضايا الحدود البحرية مع نظرائهم الإسرائيليين يخالفون القانون من الناحية التقنية.
وعلى الرغم من هذه المشاكل، لا ينبغي أن يكون الهدف إلغاء القوانين. يجب أن تبقى مدوّنة في التشريعات لأن البلدين لا يزالان في حالة حرب، وتتوافر حالات استُخدمت فيها هذه القوانين لمحاكمة الجواسيس الإسرائيليين الفعليين. وبدلاً من ذلك يجب أن يكون الهدف توضيح القيود بطريقة تحمي اللبنانيين وتُمَكّنهم من تحديد ما يشكل بالضبط انتهاكاً. فكما هو الحال الآن، غالباً ما تُستخدم القوانين لأسباب خاطئة، مثل إسكات المعارضين السياسيين والناشطين. على اللبنانيين الذين يعيشون في الخارج نشر الوعي بشأن هذا التطبيق التعسفي، لأنهم يتمتعون بحرية أكبر في التعامل مع هذه القضية مقارنةً بأبناء وطنهم في الداخل.
نديم قطيش
يتعرض العديد من المغتربين اللبنانيين الذين يعيشون في دول لديها علاقات طبيعية مع إسرائيل لخطر كبير يتمثل في مقاضاتهم بموجب قوانين مكافحة التطبيع في بلدهم الأم. ويشمل ذلك 300,000 لبناني يقيمون في الإمارات العربية المتحدة.
ومن خلال "اتفاقيات أبراهام"، تُعمّق الإمارات وإسرائيل تكاملهما في قطاعات متعددة، وليس فقط في العلاقات الدبلوماسية. ويشغل العديد من اللبنانيين مناصب عليا في الشركات العاملة في الإمارات، ويواجهون الآن احتمال حدوث مشاكل قانونية إذا تطلبت وظيفتهم التعامل مع الإسرائيليين الذين يزورون الإمارات. وكانت المحاكم اللبنانية قد حاكمت غيابياً مواطنين في الخارج، وهو ما يمكن أن يُحدث تداعيات سلبية على حياتهم في بلدهم الأم. وفي الوقت نفسه، يحظر القانون الإماراتي التمييز ضد أي شخص على أساس الجنسية أو الدين، بما في ذلك الإسرائيليين. وبالتالي، فإن اللبنانيين في الإمارات عالقون بين هذين القانونين المتعارضين.
ليس هناك الكثير مما يمكن للحكومة الإماراتية القيام به من أجل تشجيع التغيير في هذه القضية، لأنها لا تريد أن تبدو وكأنها تتدخل في شؤون لبنان الداخلية. ومن غير المرجح أيضاً أن تساعد شبكات الإعلام العربي في هذا الصدد، وذلك جزئياً لأنها ترى قوانين مكافحة التطبيع مسألة هامشية للغاية كقضية يجب تغطيتها. لذلك، يجب أن يكون الشتات اللبناني هو من ينشر الوعي ويولّد زخماً للتغيير، بما أنه أكثر المتضررين من القوانين خارج لبنان. وقد يكون المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون على استعداد أيضاً للضغط على بيروت من أجل تغيير القوانين أو توضيحها.
إن أولئك الذين يفرضون مثل هذه القوانين لا يفعلون ذلك لتسجيل نقاط سياسية فحسب، بل لفرض تعريفاتهم لماهية القومية ومَن هم أعداء لبنان أيضاً. وهذه المقاربة تجعل من المستحيل على الأمة مناقشة ما إذا كانت إسرائيل في الواقع عدواً أسوأ من إيران وسوريا على سبيل المثال. ويواجه لبنان مشاكل كثيرة مع إسرائيل لها حلول عملية؛ وفي المقابل، تعمل طهران ودمشق بشكل مباشر على تغيير نسيج لبنان وتحاولان ابتلاعه في بعض الحالات.
حنين غدار
بدلاً من حماية الأمن القومي اللبناني، أصبحت قوانين مناهضة التطبيع أداة سياسية لاغتيال الشخصية ودعم الجهود الرامية لتشويه سمعة المعارضين للنخبة الحاكمة، وخاصة معارضي «حزب الله». إن مجرد اتهام شخص بالتصرف كعميل إسرائيلي أو التعاطف مع التطبيع يمكن أن يكون لهما عواقب وخيمة على مهنته وحياته ووسَطه الاجتماعي. ويمكن أن يؤدي مثل هذا الاغتيال للشخصية حتى إلى اغتيال حقيقي. فعلى سبيل المثال، استُخدمت هذه القوانين مراراً لتشويه سمعة الكاتب والناشط البارز وناقد «حزب الله» لقمان سليم وتهديده. وقد قُتل سليم في شباط/فبراير.
قد تؤثر هذه المشكلة أيضاً على دورة الانتخابات النيابية القادمة. ويدرك كل من أفراد شخصيات المجتمع المدني والنشطاء السياسيين الذين يعارضون النخبة السياسية أنهم حالما يصبحون مرشحين جدّيين، سيتعرضون لخطر حملات التشهير والتهديدات الجسدية بحجة انتهاك هذه القوانين.
ولحماية اللبنانيين من الانتهاكات المناهضة للتطبيع، تشكل مناقشة هذا الموضوع في المنتديات العامة بداية جيدة. ويجهل الكثيرون في المجتمع الدولي وجود مثل هذه القوانين أو لا يدركون جدية الخطر الذي يهدد سكان لبنان. ومن الضروري أيضاً زيادة المساءلة حتى لا يُقتل أشخاص مثل لقمان سليم دون عقاب. ففي البيئة الحالية، لن تؤدي التحقيقات المحلية إلى أي إجراء ملحوظ ضد أولئك الذين يتهمون النشطاء زوراً أو يهددونهم أو يقتلونهم، لذلك على الجهات الفاعلة الدولية التحقيق في هذه الجرائم.
علاوة على ذلك، يتمتع كل من "الاتحاد الأوروبي" والولايات المتحدة و"الأمم المتحدة" بنفوذٍ يمكن استخدامه للضغط من أجل تغيير القوانين. على سبيل المثال، تتمتع المحاكم العسكرية اللبنانية حالياً بسلطة قضائية على تطبيق مناهضة التطبيع لأن القوانين المعنية تتعلق نظرياً بالأمن القومي. ولتجنب احتمال قيام القوات العسكرية بمحاكمة المزيد من المدنيين، على واشنطن استخدام النفوذ الذي اكتسبته من خلال مساعدة "الجيش اللبناني" كوسيلة لتحفيز التغييرات القانونية اللازمة.
أعد هذا الملخص أليكس شاناهان.