- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3729
ردود الفعل اللبنانية على مواقع التواصل الاجتماعي تجاه الضربات الصاروخية التي استهدفت إسرائيل
تشير عينة من المنشورات إلى مخاوف من اندلاع حرب كارثية أخرى، وتشكيك عام متزايد في «حزب الله» كحركة "مقاومة"، وغضب من تعاونه مع إيران في تعريض سيادة لبنان للخطر.
في 6 نيسان/أبريل، تم إطلاق 34 صاروخاً من جنوب لبنان على إسرائيل، وهو أكبر هجوم من نوعه منذ حرب عام 2006. وصرح الجيش الإسرائيلي أن الهجمات نفذتها حركة «حماس» الإرهابية الفلسطينية التي التقى زعيمها، إسماعيل هنية، بالأمين العام لـ «حزب الله»، حسن نصر الله، في لبنان في اليوم السابق. كما تم تصوير هنية وهو يلتقي بجماعات فلسطينية مختلفة في الضاحية، معقل «حزب الله»، حيث أعلن أن "الفصائل لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا العدوان الوحشي"، في إشارة إلى العملية الأخيرة للشرطة الإسرائيلية في المسجد الأقصى في القدس.
وعلى ضوء اجتماعات هنية وواقع أن الصواريخ تم إطلاقها من الأراضي اللبنانية، فمن شبه المؤكد أن «حزب الله» منح «حماس» موافقته على الضربات، ولا تزال الجماعتان أيضاً تنسقان عبر "غرفة العمليات المشتركة". ورداً على الحادثة، شنت إسرائيل غارات جوية على غزة وجنوب لبنان في 7 نيسان/إبريل، استهدفت البنية التحتية لـ "حماس" بالقرب من الرشيدية.
وتسلط ردود فعل اللبنانيين الأولى على وسائل التواصل الاجتماعي تجاه هذه الأحداث الضوء على كيفية تغير الآراء بشأن «حزب الله» بدرجة كبيرة منذ الحرب مع إسرائيل عام 2006، حيث أصبحت أعداد متزايدة من المواطنين ترى التنظيم كوكيل لإيران، وليس كشكل من أشكال المقاومة الحقيقية ضد إسرائيل. ومن وجهة نظرهم، قوضّت علاقة التنظيم بطهران السيادة اللبنانية وصرفت الانتباه عن الاقتصاد المتردي والفساد المستشري في البلاد. كما أعرب الكثيرون عن قلقهم من احتمال نشوب نزاع كارثي آخر على الأراضي اللبنانية، يأملون في تجنبه بأي ثمن.
وعندما اندلعت حرب عام 2006، اعتبر الكثير من اللبنانيين «حزب الله» حركة مقاومة شرعية وكانوا على استعداد لتقديم تضحيات كبيرة تحت شعار التصدي لإسرائيل. ولكن الأحداث منذ ذلك الحين غيرت التصورات المحلية تجاه التنظيم وأثرت على ردود الفعل الفردية على الأزمة الأخيرة، مما يشير بقوة إلى أن حرباً أخرى لن تحظى بنفس القدر من التأييد الشعبي الذي حصلت عليه في عام 2006.
على سبيل المثال، أدان أحد مستخدمي "تويتر" اللبنانيين الضربات الصاروخية نظراً لاقتصاد لبنان المتداعي، معتبراً أن مؤيدي الهجوم "يشعرون بالملل ويرغبون في الانغماس في الحرب في وقت لا نملك فيه الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة". وغرد مستخدم آخر: "مشكلة [«حزب الله»] هي أنه إذا شُنت حرب إسرائيلية ضد #لبنان، فلن تحظى بتأييد شعبي. لن نستقبل أحداً في منازلنا. عام 2006 لن يتكرر". وأعلن مستخدم آخر: "رغم كل المأساة، هذه ليست حربنا. لقد كان لدينا ما يكفي. نقطة".
وبشأن مشكلة نزعة «حزب الله» للتدخل في الشؤون الإقليمية، التي تصرف الانتباه عن القضايا الداخلية، غرد محامٍ لبناني: "نريد لبنان منصة اقتصادية وثقافية، وها هو منصة للصواريخ المسعورة". وأشار مستخدم آخر بسخرية: "أتمنى لو شعرتم بنفس القدر من الحماسة عندما تم تفجير المرفأ"، مشيراً إلى أن رد فعل "حزب الله" على انفجار مرفأ بيروت في عام 2020 وعواقبه الكارثية يعكس ازدواجية معايير خبيثة. وسلطت منشورات مماثلة الضوء على أن مقاومة إسرائيل لا تعالج القضايا المعيشية اليومية التي يسعى اللبنانيون بشدة إلى معالجتها.
ووصف مستخدمون آخرون أنشطة «حزب الله» بصراحة أكبر على أنها تهديد وطني. فقد غرد أحدهم: "لقد ذهبوا إلى حلب واليمن والعراق، والآن يدمروننا... لقد قتلوا من صفوفنا أكثر مما قتلوا من صفوف العدو. منْ مِنّا يستطيع أن يتحمل حرباً أخرى؟" وغرد آخر أن الضربات كانت "عملاً عدوانياً من قبل وكلاء إيران والفصائل الفلسطينية المدعومة من إيران"، مؤكداً على نفوذ طهران على «حماس» و«حزب الله». وفي تقرير مصور لقناة "العربية"، قال الصحافي الشيعي مصطفى فحص إنه لا يمكن لأحد إطلاق صاروخ من جنوب لبنان ضد إسرائيل دون علم «حزب الله». ثم سأل عما إذا كان لبنان قد عاد إلى حقبة ما قبل عام 1982، عندما كانت "منظمة التحرير الفلسطينية" تعمل بحرية في الجنوب.
وبالمثل، ركزت بعض ردود الفعل الرسمية تجاه الهجمات على قضية السيادة. فقد غرد مارك ضو، وهو نائب إصلاحي انتخب في عام 2022: "لبنان ليس منصة صاروخية لخدمة أي طرف. فالسيادة الوطنية هي الاعتبار الأول. إولئك الذين أطلقوا الصواريخ ومن ساعدهم ارتكبوا جريمة بحق لبنان". وأصدر رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بياناً ندد فيه بإطلاق «حماس» صواريخ تجاه إسرائيل، رافضاً استخدام الأراضي اللبنانية كنقطة انطلاق لمحاولات زعزعة الاستقرار في المنطقة، وشدد على أن قوات الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تعمل على اعتقال الجناة.
ويقيناً، لم يوجّه جميع المعلقين حنقهم نحو «حزب الله» و«حماس». فقد رفض الكثير من اللبنانيين من مستخدمي "تويتر" تصريح ميقاتي واعتبروا أنه لم يكن صارماً في إدانة الأعمال الإسرائيلية في مسجد الأقصى. وغرد مستخدم آخر: "لكي يكون لبنان حراً، احموا الأجواء اللبنانية من الطائرات الصهيونية... وحرِروا القسم المحتل من الجنوب، وإلا فلن يتحرر لبنان".
ردود فعل إضافية
تم التعبير عن المواضيع المذكورة أعلاه في الكثير من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي في الساعات التي أعقبت الهجوم الصاروخي. وفيما يلي عينة صغيرة من الاقتباسات التوضيحية، من بينها النسخ الموسعة لبعض المنشورات المشار إليها سابقاً (بعضها في الأصل باللغة الإنجليزية، والبعض الآخر من العربية ولكن تمت كتابتها باللغة الفصحى):
"ها هو لب المشكلة: أنتم تعتبرون #حزب الله لبنانياً وجزءاً من مجتمعي ومجتمعكم. أما أنا فأعتبر الحزب تنظيماً ميليشياوياً متعدد الجنسيات شبيهاً بـ# داعش ونعم، أنا أحمل ناخبيه المسؤولية المباشرة عن جميع الجرائم التي يرتكبها. فالحزب غير منفصل عن قاعدته الشعبية. وهذا المحور الإقليمي يخضع لحاضنة شعبية، وأنا لن أقوم بمساعدتها". (https://twitter.com/MajdolineLahham/status/1644035400518758425)
"لبنان ليس مَعْبراً لأحد ولا لتوجيه الرسائل. خيارنا ليس الحرب ولن نخوض معارك الآخرين". (https://twitter.com/yumnafawaz/status/1644005045795422209)
"أنا من #لبنان وأنا ضد إطلاق الصواريخ على #إسرائيل نيابة عن أي شخص، أفلسطينياً كان أم إيرانياً أم غير ذلك. إذا كنت لبنانياً وتشاركني الرأي، ارفع صوتك!" (https://twitter.com/FirasMaksad/status/1643962724265623554)
"أنا لبناني وفلسطيني على حد سواء ولدي أقارب [في] لبنان وفلسطين وأدين هذا العمل العدواني من قبل وكلاء إيران والفصائل الفلسطينية المدعومة من إيران". (https://twitter.com/rimaanabtawi/status/1644045151101390848)
"لماذا تمدحون مَن أطلق الصواريخ؟ هل تعتقدون أن لا أحد يعيش في هذا البلد؟ هل تعتقدون أنهم قلقون حقاً بشأن القدس، يا شيخ؟ [ملاحظة المحرر: كان الملصق يشير إلى الشيخ حسن مرعب، المفتش العام المساعد في مؤسسة "دار الفتوى" الدينية الحكومية، الذي غرد دعماً للهجمات]. منذ سنوات، يقال لنا إننا سنصلي في القدس، وما الذي فعلوه؟ ذهبوا إلى حلب واليمن والعراق، والآن يدمروننا، فجّروا مساجدنا، وقتلوا من صفوفنا أكثر مما قتلوا من صفوف العدو. مَن مِنّا يستطيع أن يتحمل حرباً أخرى؟ ألا تقلقون على سلامة عائلاتكم؟ بلدنا يقف على أرض مهتزة، ولم يعد بإمكاننا تحمل ذلك". (https://twitter.com/_AmarRashid/status/1644024174149509144)
"مشكلة #حزب الله ليست رد فعل #إسرائيل المتوقع على خطوته الحمقاء التي تندرج تحت فئة "إجبار المسيحيين في لبنان على انتخاب #سليمان_فرنجية رئيساً" مقابل التهدئة. مشكلة الحزب أنه إذا تم شن حرب إسرائيلية على #لبنان، فلن تحظى بتأييد شعبي. لن نستقبل أحداً في منازلنا. عام 2006 لن يتكرر". (https://twitter.com/MajdolineLahham/status/1644007794926841856)
"المجد لصواريخ الكاتيوشا! مقاتل من المقاومة على "تويتر" يعيش في أوروبا أو شمال لبنان وليس لديه أقارب في الجنوب، يشعر بالملل ويريد الانغماس في الحرب في وقت لا نملك فيه الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة. ملاحظة: إذا شنت إسرائيل هجوماً، فسأؤيد كل عمل مقاومة ضدها (وآمل أن يفكر جميع اللبنانيين بالمثل)". (https://twitter.com/Salah_Halawi/status/1644017303413989379)
إريك يافورسكي وفارس المعري هما باحثان مساعدان في "برنامج السياسة العربية" التابع لمعهد واشنطن.