- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 2631
ردود فعل الحكومات ووسائل الإعلام العربية على "هجوم أورلاندو"
أثارت المجزرة التي وقعت في ملهى ليلي في مدينة أورلاندو في 12 حزيران/يونيو، والتي ارتكبها فرد يدّعي أنه ينتمي إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش»)، إدانة فورية وحازمة في صفوف شريحة كبيرة من الحكومات العربية، مرفقة بالتعبير عن التعاطف مع الضحايا والولايات المتحدة. إلا أن تغطية وسائل الإعلام العربية للحدث وتعليقها عليه كانا محدودين نسبياً، ولاسيما بالمقارنة مع تعامل الإعلام سابقاً مع الهجمات الإرهابية التي طالت أوروبا على مدى الثمانية عشر شهراً الماضية. وبحلول 14 حزيران/يونيو، أي بعد أقل من يومين من التغطية المكثّفة للحدث، بدا وكأن الهجوم لم يعد يشغل عناوين الصحف ومعظم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة العربية الرائدة.
التغطية الإعلامية المقيّدة عموماً
في أعقاب الحادث، احتلّ خبر إطلاق النار مكانًة مهمة، وإن لم يأخذ عادًة حقه من عدد السطور، في تغطية الصحف العربية الدقيقة إلى حد كبير. فقد تجنب جزء كبير من هذه التغطية وصف المكان بشكل مفصّل، بما في ذلك طبيعته المعروفة بأنه نادي للمثليين الجنسيين، وبالمقابل أعطت وسائل الإعلام صورة عامة جداً عن الحادث وأشارت إلى فلوريدا وأورلاندو أو إلى "ملهى ليلي" عام. وعمدت المراجع الأكثر دقة إلى استخدام المصطلح المحايد "مثلي الجنس" عوضاً عن الأوصاف التحقيرية المستخدمة بشكل كبير في الشرق الأوسط ("المنحرف جنسياً"). وهذا ما كان الوضع عليه حتى في وسائل الإعلام المحافِظة عامة في المملكة العربية السعودية ومصر، حيث عادة ما يتم مقاضاة النشاط المثلي جنائياً. وقد استُثنت من ذلك قناة "الجزيرة" القطرية المعادية عادًة للغرب إذ استمرت في استخدام تسمية "المنحرف".
وغالباً ما ألقت التغطية الإعلامية العربية الضوء على أصول القاتل الأفغانية والأمريكية، مرفقة بصور تحطّ من قدره. وشدّدت صحيفتين على الأقل من الصحف السعودية اليومية الرئيسية، هما "الوطن"، و "الحياة العربية" التي مقرها في لندن، على صلته المزعومة بـ «حزب الله» عوضاً عن إلقاء الضوء على الولاء الذي أعلنه لـ تنظيم «الدولة الإسلامية».
وتمحورت معظم التعليقات حول تكهنات تتعلّق بنفاذ القانون أو بالآثار السياسية والانتخابية للمجزرة. فعلى سبيل المثال في 14 حزيران/يونيو، تناول برنامج أمده نصف ساعة على قناة "سكاي نيوز" العربية، أسئلة عما إذا كان "مكتب التحقيقات الفدرالي" قد سمح للقاتل بالإفلات من المراقبة، وكيف ستلعب مسألة امتلاك [أو السيطرة/مراقبة] السلاح دوراً في حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
والمفاجئ أن الموضوع شهد نقاشاً نادراً من وجهات نظر إسلامية، بما في ذلك إمكانية زيادة التعصب ضد المسلمين في الولايات المتحدة. واتخذت إحدى افتتاحيات الصحيفة الإماراتية الرائدة "الخليج" خطوة غير مسبوقة إذ وصفت هجمات 9/11 وإطلاق النار الذي طال أورلاندو بـ"عمل ارتكبه إرهابي، ينتمي إلى العقيدة التكفيرية"، في إشارة إلى الممارسات المتطرفة التي تلجأ إلى وسم كل الأجانب وحتى عدد كبير من المسلمين بـ "الكفار".
ويمكن نسب مثل هذا التعامل الإعلامي المحدود نسبياً، المتعلق بقصة قد تكون مثيرة، إلى مجموعة من العوامل غير المألوفة. وإحدى هذه العوامل هي الحساسية أو الإحراج المفترضين اللذين تثيرهما الطبيعة المثلية لهذا الحادث في المنطقة. والتوقيت هو عامل آخر: اندلعت هذه القصة في خلال شهر رمضان، عندما تحتل التغطية الدينية الأسبقية، كما أنها وقعت في أعقاب عدد كبير من الهجمات الأخرى التي أسفرت عن إصابات جماعية واسعة النطاق وطالت العرب في دمشق وبيروت ومدينة سرت وصنعاء وباريس وغيرها من المدن.
المسؤولون ينددون بالإرهاب ولكنهم يتجنبون المسائل الدينية إلى حد كبير
بشكل عام، كانت ردود الفعل الرسمية العربية على الهجوم سريعة حيث أعربت عن إدانتها الواضحة للعنف وعن تعازيها لذوي الضحايا. ووسم معظم المسؤولين الحادثة صراحة بـ "الإرهاب"، فيما شجب الكثيرون ما حصل ووصفوا الحادثة بالاعتداء على "القيم الإنسانية". بيد، لم يستخدم إلا القليل من الناس مصطلحات دينية بشكل علني في هذا السياق؛ فقد نددت الكويت بالهجوم معتبرة أنه "مسيء للإسلام"، ورفضه العاهل السعودي إذ اعتبر "أنه ينافي كل الأديان السماوية". وستوضح الأمثلة التالية رد الفعل الرسمي لكل بلد.
مصر
استنكر المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد الهجوم بشدة وأكد أن مصر ستقف إلى جانب الولايات المتحدة في مثل هذه الأوقات الصعبة. وأكّد أيضاً على دعم القاهرة الحازم للتعاون الدولي لمواجهة كل جوانب الإرهاب، التي وصفها بالمنافية للقيم الإنسانية.
وبالمثل، أدان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان المصري محمد العرابي الهجوم ودعا إلى مضاعفة الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب. كما دعا أيضاً إلى اعتماد نهج جديد يستهدف عناصر الإرهاب المختلفة، من بينها الأسلحة والتمويل والأفراد. وفي الوقت نفسه، حذّر من زيادة الكراهية والتحريض ضد الإسلام في أي مكان من العالم. (اليوم السابع).
المملكة العربية السعودية
أصدرت السفارة السعودية في واشنطن البيان التالي: "تدين المملكة العربية السعودية بأشد العبارات الهجوم على الأبرياء في أورلاندو في فلوريدا وتقدم تعازيها الحارة لعائلات الضحايا وأصدقائهم وإلى شعب الولايات المتحدة.... نقف إلى جانب الشعب الأمريكي في هذا الوقت العصيب، ونصلّي من أجل تعافي وشفاء جميع المصابين في الهجوم، وسنواصل عملنا مع الولايات المتحدة وشركائنا في المجتمع الدولي لإنهاء هذه الأعمال العقيمة من العنف والإرهاب."
بالإضافة إلى ذلك، أفادت وسائل الإعلام العربية التي تمتلكها السعودية أن الملك سلمان قد بعث ببرقية تعزية إلى الرئيس أوباما في 14 حزيران/يونيو. وكما ذُكر سابقاً، ندد أيضاً بالهجوم "لأنه ينافي كل الأديان السماوية".
الأردن
أصدر المتحدث باسم الحكومة ووزير الإعلام محمد المومني بياناً أدان فيه جميع أشكال الإرهاب والعنف. وعبّر البيان أيضاً عن تعازي عمّان للشعب الأمريكي ولعائلات الضحايا (الدستور).
الكويت
أعربت وزارة الخارجية عن تعازيها وأدانت الهجوم، ووصفته بالمسيء للإسلام وبالانحراف عن مبادئه التي تدعو إلى التسامح. وأشارت الوزارة أيضاً إلى أن الهجمات الإرهابية المستمرة قد أجبرت المجتمع الدولي على مضاعفة جهوده لكبح هذه "الظواهر البغيضة" ولتخليص العالم من مثل هؤلاء "الأشرار". بالإضافة إلى ذلك، كررت الحكومة موقف الكويت الحازم والمبدئي المناهض لكافة أوجه الإرهاب. (الراي)
الإمارات العربية المتحدة
أصدر وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي بياناً عبر فيه عن تعازيه وإدانته للهجوم، وأكد أن "مثل هذه الأعمال الإجرامية تتطلب تعاوناً وتضامناً دوليين على جميع المستويات للقضاء على قوى الشر والإرهاب التي تستهدف نشر الدمار وبث الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في العالم. بالإضافة إلى ذلك، إن مثل هذه الأعمال الإجرامية التي تستهدف المدنيين الأبرياء تتنافى مع جميع المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية." (البيان)
البحرين
بالإضافة إلى إدانة الهجوم وتقديم التعازي ، أكدت وزارة الخارجية البحرينية أن المملكة متضامنة مع الولايات المتحدة وجددت رفضها لكافة أوجه الإرهاب والعنف، وطالبت المجتمع الدولي بالتنسيق من أجل القضاء على الإرهاب في جميع أنحاء العالم.(وزارة خارجية البحرين)
قطر
على غرار سائر البلدان، أصدرت وزارة الخارجية القطرية بياناً أدانت فيه كافة أشكال الإرهاب والعنف ودعت المجتمع الدولي إلى التعاون من أجل كبح هذه "الأعمال الإجرامية" التي تطال المدنيين في جميع أنحاء العالم. (وكالة أنباء الإمارات "وام")
السلطة الفلسطينية
أرسل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس برقية تعزية إلى الرئيس أوباما، وعّبر رئيس الوزراء رامي حمدالله عن تضامنه في رسالة إلى الولايات المتحدة .(شاشا نيوز)
لبنان
تشير تقارير وسائل الإعلام إلى أن الحكومة اللبنانية لم تتخذ حتى هذه الساعة أي موقف رسمي. إلا أن رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري أدان الهجوم ووصفه بالجريمة النكراء ضد الإنسانية. وأكد أيضاً أن تنظيم «الدولة الإسلامية» هو العدو الأكبر للمسلمين في العالم. (أخبارك)
الجامعة العربية
أصدر الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بياناً صحفياً أدان فيه "الهجوم الوحشي". وأشار أيضاً إلى ضرورة ردّ المجتمع الدولي على هذا الاعتداء عبر تضافر جهوده لمكافحة الإرهاب وثقافة الكراهية على حد سواء، اللذين يشكلان غذاءً للمتطرفين. (المصري اليوم)
ديفيد بولوك هو زميل كوفمان في معهد واشنطن ومدير منتدى فكرة. محمد عبد العزيز هو محرر اللغة العربية بـ "منتدى فكرة".