"في 3 آب/أغسطس، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع ماثيو ليفيت، وكاش باتيل، وخوان زاراتي لعرض نشرة "الخريطة التفاعلية والجدول الزمني لمجموعة مختارة من الأنشطة العالمية لـ «حزب الله» اللبناني"، وهي أول أداة تفاعلية متعددة الوسائط متاحة للجمهور على الإطلاق، تعرض تاريخ من المؤامرات الإرهابية، والهجمات، والخدمات اللوجستية، والأنشطة المالية التي قام بها التنظيم، فضلاً عن الإجراءات المتخذة ضده. وليفيت، مبتكر الخريطة، هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب" في المعهد. وباتيل عمل كنائب مساعد للرئيس الأمريكي ومدير أقدم لمكافحة الإرهاب في "مجلس الأمن القومي". وزاراتي شغل منصب نائب مساعد للرئيس الأمريكي ونائب مستشار الأمن القومي لمكافحة الإرهاب في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش. وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهم".
ماثيو ليفيت
تُعدّ خريطة الأنشطة العالمية لـ «حزب الله» أكبر قاعدة بيانات للمعلومات المفتوحة المصدر عن أنشطة التنظيم غير المشروعة حتى الآن، ويمكن البحث فيها وفقاً للفئة والموقع والجدول الزمني والكلمات الرئيسية. وتشمل قاعدة البيانات عند إطلاقها حوالي ألف مدخل (كلمة/بند)، سيضاف إليها المزيد في المستقبل، وكلٌّ منها مكمّلٌ بالصور ومقاطع الفيديو وموجز الأحداث والروابط الجغرافية/المواضيعية والوثائق المستمدة من مصادر أولية.
وخلال فترة إصدار كتابي المعنون "’حزب الله‘: البصمة العالمية لحزب الله اللبناني" الذي نُشر عام 2013، وأيضاً في الفترة التي أعقبت ذلك، سافرتُ إلى مختلف أنحاء أوروبا محاولاً إقناع المشرّعين بإدراج التنظيم على قائمة الإرهاب. وكشفت تلك المحادثات عن فجوتين رئيسيتين في المؤلفات المتعلقة بالموضوع، وهما: غياب مخزن جاهز للمعلومات المتعلقة بـ «حزب الله»، وشحّ المواد المتوفرة من مصادر غير سرية. ورغم تناول الكتاب هاتين المشكلتين إلى حدٍّ ما، إلا أن فيض المعلومات المتضمنة فيه لم يكن متوفراً بسهولة ولم يخضع للتحديث المنتظم. وكانت هذه المعضلة هي المحفّز لتطوير المشروع التفاعلي. الجديد.
وتسلّط هذه الخريطة الضوء على الكثير من المعلومات النادرة وغير المُبلغ عنها بتاتاً أو بشكل كافي. على سبيل المثال، تَنشر علناً أن الاسم الحقيقي للموجّه في «حزب الله» فادي كساب هو على الأرجح ماجد عبدالله، وأنه يحمل على الأرجح جواز سفر بريطاني أو أوروبي. وبالمثل، تفضح الخريطة الحقيقة غير المعروفة وهي أن «حزب الله» قام في عام 2010 بتخزين كميات من نترات الأمونيوم المخصصة لصنع المتفجرات في منزل اشتراه أستاذٌ جامعي لبناني فرنسي يخضع حالياً للمحاكمة. وفي الواقع، توفّر إمكانيات الخريطة طريقة سهلة لمعاينة الروابط بين البيانات ذات الصلة، كأنماط السفر التي يتبعها ملياد فرح وعناصر آخرون متورطون في تفجير حافلة بورغاس عام 2012. فضلاً عن ذلك، تلقي الخريطة الضوء على المؤامرات التي لم تؤتِ ثمارها، ومنها الخطة المشتركة بين «حزب الله» و«حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين» لاستهداف مهاجرين يهود في كنيسٍ في وارسو وفي مطار بودابست في أواخر التسعينات.
وتوضح أحدث الحالات الأخيرة الموثقة بالخريطة نطاق انتشار «حزب الله» عبر الحدود الوطنية إلى ما يتخطى المشرق. على سبيل المثال، يكشف أحد البنود تفاصيل عن اعتقال عناصر من «حزب الله» في الكويت في آب/أغسطس 2015، كان بحوزتهم كميات هائلة من المتفجرات. ويغطي بندٌ آخر مؤامرة آذار/مارس 2017 في بوليفيا البعيدة؛ وتوثّق عدة بنود أنشطة ممول «حزب الله» محمد بزي، الذي تمتد أنشطته التجارية إلى بلجيكا والعراق ولبنان وعدة دول في غرب إفريقيا. وتُظهر الأمثلة الأحدث كهذه أنه لم يتم ثني التنظيم عن مواصلة أنشطته الإجرامية والمالية والإرهابية في جميع أنحاء العالم، حتى في أوروبا.
كما تسلّط الأداة الضوء على الاتجاهات الرئيسية في عمليات «حزب الله»، مثل اعتمادها المتزايد على تهريب المخدرات وغسل الأموال. وتزامن هذا الارتفاع مع انخفاض تدفّق الإيرادات من إيران وسط تزايد العقوبات، وتراجع أسعار النفط، ووباء "كوفيد-19". وفي حين لا تزال طهران تملك الأموال اللازمة لدعم وكلائها الإرهابيين، إلّا أن معظمها يتم تحويله حالياً لدعم نظام الأسد في سوريا. ومن المرجح أن يكون الدعم الإيراني لـ «حزب الله» أقل من المبلغ السنوي المُعلن عنه سابقاً والبالغ 700-800 مليون دولار، وقد دفع هذا الانخفاض إلى قيام التنظيم بإغلاق مكاتب له، وخفض الرواتب، والتكيّف مع بيئةٍ أصبح فيها تنفيذ العمليات أقل تساهلاً. وفي غضون ذلك، يعاني الشعب اللبناني من عواقب الفساد الهائل للنخبة في صفوف «حزب الله» والتنظيمات الطائفية الأخرى التابعة لمختلف الأطراف السياسية.
ويستعرض المقال التمهيدي والعرض التوضيحي للخريطة تفاصيل تقنية إضافية حول كيفية الوصول إلى هذه البيانات وغيرها وجمعها سويّة. وباعتبارها مشروعاً "حياً"، سيتم تحديث الواجهة الرقمية مع توفّر المزيد من المعلومات والوثائق. ويتم تشجيع المستخدمين على إرسال الملاحظات والوثائق، المحددة منها والعامة، عبر أداة البريد، مع الإشارة إلى أن جميع هذه المعلومات ستخضع للفحص الدقيق قبل إدراجها في قاعدة البيانات.
كاش باتيل
تركّز الخريطة التفاعلية الجديدة على أربع نقاط رئيسية بشكل خاص. الأولى هي أن «حزب الله» هو منظمة إرهابية - كان قد تم تصنيفه من قبل الولايات المتحدة للمرة الأولى على هذا النحو في عام 1997، وتُواصل الحكومة الأمريكية رفضها أي تمييز بين "الأجنحة" العسكرية والسياسية للحزب، وبدلاً من ذلك تشجع المجتمع الدولي على أن يحذو حذوها في تصنيف التنظيم كمنظمة إرهابية وفرض عقوبات عليه.
ثانياً، «حزب الله» هو الوكيل الإرهابي الأكثر خطورة وكفاءة للنظام الإيراني. فالتنظيم يعمل منذ سنوات طويلة على وضع المخططات وتخزين الأسلحة لاستخدامها في الهجمات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية.
ثالثاً، «حزب الله» يسيء استخدام النظام المالي العالمي لدعم أنشطته. فإلى جانب الأموال القادمة من إيران، تساعده المخططات وشبكات التمويل غير المشروعة في الحفاظ على وجوده.
رابعاً، تعتقد إدارة ترامب أنه من الضروري اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة الأنشطة الإرهابية العالمية لـ «حزب الله» وعرقلتها ومنعها. على سبيل المثال، عَمَلَت الإدارة الأمريكية بشكل وثيق مع الحكومة الألمانية لحظر التنظيم بأكمله، وهو قرار تم نشره علناً في نيسان/أبريل. وفي العام الذي سبق، أضافت بريطانيا وكوسوفو «حزب الله» إلى قائمتهما للتنظيمات الإرهابية، شأنهما شأن الدول الشريكة في أمريكا الجنوبية، الأرجنتين وكولومبيا وهندوراس وباراغواي.
وعلى الرغم من مواصلة الولايات المتحدة تشجيع بلدان أخرى، بما فيها دول البلقان، على تصنيف «حزب الله» كمنظمةً إرهابية، إلا أن هذه الخطوات والعقوبات المالية ذات الصلة ليست سوى الوسيلة الأولى من بين العديد من الوسائل التي يجب اتباعها للحد من أنشطة التنظيم. فالعقوبات ضرورية لجهود الإدارة الأمريكية لشل التنظيمات الإرهابية، لكنها ليست سوى قطعة واحدة من اللغز.
وفي المرحلة القادمة، سيكون التعاون بين الوكالات والقطاع الخاص ضرورياً لتبادل المعلومات وزيادة التوعية بشأن «حزب الله»، واستباق خطواته التالية. لكن تصنيف السياسيين اللبنانيين على قائمة الإرهاب هو مسألة حساسة. يتعين على الحكومة الأمريكية أن تقرر ما إذا كانت ستستهدف أولئك الذين يعملون بالتنسيق مع «حزب الله» أو التعاون معهم دبلوماسياً من أجل تفكيك التنظيم من الداخل. وقد سبق لإدارة ترامب أن صنّفت اثنين من هؤلاء السياسيين على قائمة الإرهاب، بينما يجري النظر في تصنيف عدة أشخاص آخرين.
خوان زاراتي
يشكّل إصدار هذه الخريطة التفاعلية انعكاساً كبيراً لسعة الاطّلاع العلمي للدكتور ليفيت وخبرته وخلفيته كمحلل سابق لدى "مكتب التحقيقات الفيدرالي" ومسؤول في وزارة الخزانة. وتُعتبر الخرائط عموماً وسيلة قيّمة لإيصال المعلومات في زمنٍ نغرق فيه بالمعلومات ولكن تنقصنا الذاكرة. فهي قادرة على دمج المعلومات وتنظيمها وعرضها، وبذلك توسّع مخيّلة [المتتبعين] وتسمح للسلطات والمنظّمين والعلماء وغيرهم بطرح الأسئلة الصعبة.
عندما كنت أعمل لدى إدارة بوش الثانية، تحسّر الرئيس على عدم وجود خريطة شاملة للحرب على الإرهاب. فحاول طاقم الأمن القومي تلبية هذه الحاجة بأفضل ما يمكن. وفي ذلك الوقت، كانت خريطة نزاع دارفور - التي أصدرها "مشروع القمر الصناعي سانتينيل" بالاشتراك مع "متحف المحرقة" باستخدام تقنية "غوغل إرث" (Google Earth) - نموذجاً واعداً لكشف التجاوزات والمخاطر على الأمن القومي، ولطالما أملتُ أن تكون رائدة للمشاريع المستقبلية كمشروع الدكتور ليفيت.
وتعكس خريطة «حزب الله» النطاق الدولي لأنشطة التنظيم، وإمكانياته العملياتية خارج لبنان، بالإضافةً إلى السجل التاريخي الممتد على 40 عاماً والمنسي في غالب الأحيان عن الأعمال التي قام بها وعن تلك التي اتُّخذت ضده. ويشكّل المشروع أيضاً مادة تغذّي النقاشات المطلوبة بإلحاح حول دور «حزب الله» في الأزمة الاقتصادية في لبنان، وكذلك مساعيه الدولية وروابطه بالدولة الرئيسية الراعية له، إيران.
وغالباً ما أدّى الضغط الاقتصادي المتزايد على طهران إلى تحفيز «حزب الله» على استغلال الفرص السانحة في المجال الإجرامي. على سبيل المثال، تم تصنيف «البنك اللبناني الكندي» كـ "مؤسسة تشكل مصدر قلق رئيسي من ناحية غسل الأموال" في عام 2011، في فترة كانت خلالها إيران أقل قدرة وميلاً إلى تمويل التنظيم. واليوم، يواصل قادة «حزب الله» التعبير عن مخاوفهم من الضغط الذي تعانيه ميزانية التنظيم بسبب نقص التمويل الإيراني، الذي يرجع إلى حد كبير إلى العقوبات. وتهدف العقوبات إلى جعل عملية جمع الأموال وتحويلها في جميع أنحاء العالم أمراً أكثر صعوبة وتكلفة ومخاطر على أعداء أمريكا. وعلى الرغم من عدم استطاعة العقوبات قطع التمويل عن «حزب الله» بالكامل، إلّا أنها سترغم التنظيم وإيران على إجراء تحليلات التكاليف والفوائد وتقدير العواقب المترتبة عن أفعالهما.
لقد حاول «حزب الله» إثبات شرعيته بالوسائل السياسية والاجتماعية في لبنان. ولكن طالما يستمر في تهديد المواطنين الأوروبيين، فذلك يرسّخ طبيعته ككيان إرهابي - وهو خطأ استراتيجي من المرجح أن يجذب انتباه الحكومات الأوروبية وغضبها. فضلاً عن ذلك، إذا أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عن إدانة أفراد من «حزب الله» في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، فسوف يؤدي ذلك إلى تقويض شرعية التنظيم ومصداقيته على الساحة المحلية.
أعدت هذا الملخص سامانثا ستيرن.
انقر على صورة الخريطة أعلاه لعرض الخريطة التفاعلية الكاملة والجدول الزمني.