- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
رئيس "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" يزور إيران: التوقعات والخطوات التالية
نظراً للتصعيد الأخير في الأعمال العدائية بين إيران وإسرائيل وتهديداتهما المتبادلة المبلغ عنها ضد منشآتهما النووية، فمن المرجح أن تركز زيارة رئيس "الوكالة النووية للطاقة الذرية" لإيران على الدبلوماسية.
في 6 و 7 أيار/مايو، سيحضر رئيس "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، رافائيل غروسي، "المؤتمر الدولي الأول للعلوم والتكنولوجيا النووية"، الذي تستضيفه إيران في مدينة أصفهان. ومن المتوقع أن يجري محادثات مع مختلف المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم محمد إسلامي، رئيس "هيئة الطاقة الذرية الإيرانية". وتأتي الزيارة بعد وقت قصير من الهجوم الإيراني بالصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل في 13 نيسان/أبريل (الذي شمل وفقاً لبعض التقارير مفاعل ديمونة النووي كأحد أهدافه) والرد العسكري الإسرائيلي في 19 نيسان/أبريل (الذي شمل تدمير أنظمة الرادار في موقع صاروخي يقال إنه يحمي محطة نطنز لتخصيب اليورانيوم، على بعد حوالي سبعين ميلاً شمال أصفهان).
على الرغم من أن جدول أعمال غروسي المحدد ومواضيعه غير معروفة، فمن المرجح أن يتّبع مساراً دبلوماسياً يتماشى مع المهمة الشاملة "للوكالة الدولية للطاقة الذرية"، والتي تتمثل في تشجيع الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية ومراقبة نظام الضمانات الذي توافق عليه إيران والدول الأعضاء الأخرى لضمان عدم استخدام هذه التكنولوجيا لأغراض عسكرية. وفي زيارته السابقة في آذار/مارس 2023، اجتمع غروسي مع إسلامي والرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، الذين وافقوا على بيان من ثلاثة أجزاء بشأن التعاون في قضايا الضمانات العالقة. لكن طهران لم تنفذ التزاماتها في تلك الاتفاقية، وكثفت تكتيكاتها غير التعاونية بعد مغادرة غروسي، ومن بينها رفضها المستمر لمنح تأشيرات دخول للكثير من مفتشي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" الأكثر خبرة.
ويتمتع غروسي بسمعة كونه هادئاً ولكنه حازم، وقدمت مقابلة أجراها مع صحيفة "دويتشه فيله" في 23 نيسان/أبريل لمحة عن الضغوط المحددة التي قد يسعى إلى ممارستها في أصفهان. وفيما يتعلق بالأزمة الحالية، أوضح أن "مهاجمة المنشآت النووية أمر محظور تماماً". كما أدان الاتجاه "المثير للقلق للغاية" الذي تلوّح فيه إيران وجِهات فاعلة أخرى "بالتهديد بمهاجمة المنشآت النووية أو حتى استخدام الأسلحة النووية، كما حدث... في بداية النزاع [في غزة]. لذلك أعتقد أن هذا التطبيع للحديث عن الأسلحة النووية، أي استخدام الأسلحة النووية والحصول عليها، أمر مؤسف للغاية".
كما أدلى غروسي بتصريحات حذرة بل معبّرة حول وضعية البرنامج الإيراني. فقد علّق أولاً على المخاوف المتزايدة بشأن احتمال تجاوز إيران للعتبة النووية. وأضاف أنه في حين أن البلاد هي على بعد "أسابيع وليس أشهر" من تخصيب ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة (نووية)، فإن هذا "لا يعني أن إيران تمتلك أو ستمتلك سلاحاً نووياً في تلك الفترة الزمنية... فالرأس الحربي النووي الفعال يتطلب العديد من العناصر الأخرى بشكل مستقل عن إنتاج المواد الانشطارية". وعندما سُئل عن سبب قيام طهران بتخصيب اليورانيوم إلى "مستويات عسكرية" إذا كانت لا تريد قنبلة نووية، وصف غروسي ذلك بأنه "سؤال عادل"، مشيراً إلى أن دوافع الحكومة وأهدافها "هي مسألة تكهنات". وتابع: "في إيران، بطبيعة الحال، الموقف العام هو أنهم يريدون هذه المواد لأغراض طبية أو غيرها من الأغراض المدنية. ومن غير الواضح تماماً سبب الحاجة إلى هذه الكمية، وهذه السرعة، وهذا المستوى لتحقيق ذلك".
وانتقد غروسي أيضاً القيود التي فرضتها إيران على مفتشي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، مشيراً إلى أن هذا الموقف لا يؤدي إلا إلى زيادة التكهنات حول التقدم في البرنامج. وبالإضافة إلى إبلاغ المسؤولين الإيرانيين "مراراً وتكراراً" بأن نشاطهم المكثف في مجال التخصيب "يثير تساؤلات"، فقد أشار إلى أن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» "لا تحصل على درجة كافية من الوصول والرؤية... وإذا أخذنا كل تلك الأمور مجتمعةً، ينتهي بنا المطاف بطبيعة الحال بطرح الكثير من علامات الاستفهام". ويشبه هذا التصريح تعليقات أدلى بها في شباط/فبراير، عندما أشار إلى أن الوكالة برئاسته وإيران "يتباعدان عن بعضهما البعض" وأن خطة "العمل الشاملة المشتركة" لعام 2015 "قد تفككت تقريباً".
وسلط غروسي الضوء أيضاً على "النتائج (التي توصلت إليها) «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» والتي لم يتم حلها" في مقابلة مع "دويتشه فيله"، والتي تشمل "آثار اليورانيوم المخصب في مواقع غير متوقعة، مما أدى إلى تفاقم الشكوك حول الشفافية (السياسية) لإيران". ثم أكد دوره الدبلوماسي في حل هذه الأمور قائلاً: "لقد كان ذلك في صلب هذا الحوار الذي كنت وما زلت أحاول إجراؤه مع إيران". ورداً على سؤال أخير حول رسالته الرئيسية في أصفهان، خلص إلى أنه "يجب على إيران أن تتعاون بصورة أكثر... سأكون هناك لمحاولة إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح إذا أراد [الإيرانيون] أن يتم تصديقهم... نحن بحاجة إلى التحقق. من الضروري أن نكون قادرين على الوصول دون قيود... إذا لم يكن لديهم ما يخفونه، كما يؤكدون، فلماذا لا يتعاونون معنا كما ينبغي؟"
ومن غير المرجح أن يكشف غروسي الكثير علناً خلال زيارته، لكن من المؤكد أن تتم مناقشة النتيجة في الاجتماع المقبل لمجلس محافظي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" في فيينا في الفترة 3 - 7 حزيران/يونيو. وخلال الاجتماع المرتقب، ستتم أيضاً مراجعة التقرير الأخير الصادر عن مفتشي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" الذين سُمح لهم بمراقبة المنشآت في إيران.
سايمون هندرسون هو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.