في الانتخابات الإيرانية الأخيرة حصل انخفاض كبير في نسبة المقترعين، وإلى حد أقل، زيادة طبيعية في عدد السكان، وبالتالي، الناخبين المؤهلين. فقد صوّت هذا العام، أقل من 29 مليون إيراني أو 48 في المائة فقط من قاعدة أكبر من الناخبين. لذلك، فإن حصة رئيسي من التأييد بين إجمالي الناخبين بالكاد تغيرت عندما نأخذ في الحسبان ملايين الناخبين المؤهلين الذين لم يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع هذا العام.
خلال الانتخابات الرئاسية التي شهدتها إيران عام 2017، فاز ابراهيم رئيسي بنسبة 38 في المائة من الأصوات في إطار مسعى خاسر؛ أما هذا العام، فقد فاز بنسبة 62 في المائة من الأصوات. وقد يبدو ذلك ملفتاً للوهلة الأولى، لكن تقييم هذه الأرقام بمعزل عن كافة العوامل الأخرى يُعد أمراً مضللاً للغاية.
بالكاد زاد رئيسي من شعبيته؛ وما حصل هو انخفاضاً كبيراً في نسبة المقترعين (وإلى حد أقل، زيادة طبيعية في عدد السكان، وبالتالي، الناخبين المؤهلين). في عام 2017، أدلى أكثر من 41 مليون إيراني بأصواتهم، أو 73 في المائة من إجمالي عدد الناخبين. لكن هذا العام، اقترع أقل من 29 مليون شخص أو 48 في المائة فقط من قاعدة أكبر من الناخبين. لذلك، بينما حصل رئيسي على 62 في المائة من أصوات الناخبين الذين اقترعوا هذا العام، إلا أن حصته من التأييد بين إجمالي الناخبين بالكاد تغيرت عندما نأخذ في الحسبان ملايين الناخبين المؤهلين الذين لم يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع هذا العام. ومن هذا المنطلق، تكون نسبة تأييده قد ازدادت 2 في المائة فقط، بحيث حصل على 28 في المائة من أصوات الناخبين عام 2017 مقارنة مع 30 في المائة هذا العام.
ولم تنخفض نسبة المشاركة بمقدار 25 نقطة فحسب، بل إن نسبة الأشخاص الذين أدلوا بأوراق اقتراع فارغة - "بطاقات الاقتراع البيضاء" على الصعيد الإيراني، والتي تُعتبر عالمياً على أنها بطاقات اقتراع احتجاجية - ارتفعت بمقدار 4 نقاط، أي من 2 في المائة من عدد الناخبين إلى 6 في المائة. فمن جهة، يعني ذلك أن نسبة 13 في المائة كاملة من الذين صوتوا اختاروا وضع ورقة بيضاء بدلاً من الاختيار بين المرشحين؛ ومن جهة أخرى، لم يدلي 58 في المائة من إجمالي عدد الناخبين بأصواتهم لمنصب الرئيس، رغم أن بعضهم أدلى بصوته. وهذا أسوأ بكثير مما جرى خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية، المشهورة دولياً بمعدل إقبال متدنٍ. وكان الوضع أكثر سوءاً حتى في كبرى المدن الإيرانية؛ ففي طهران، هبطت نسبة الإقبال إلى أقل من 30 في المائة.
ولو بقي عدد الناخبين وعدد الذين وضعوا أوراقاً بيضاء كما كان عليه في عام 2017، لكان من المرجح أن تذهب العديد من الأصوات الإضافية إلى المرشح شبه الإصلاحي الوحيد المتبقي، عبد الناصر همتي. وبدلاً من ذلك، لم يحصل همتي سوى على أقل من 2 في المائة من أصوات الناخبين - وهي نتيجة مذهلة ومهينة لأي سياسي إيراني يُقدّم نفسه كمصلح (وإن كان ذلك غير معقول).
وفي الانتخابات السابقة عندما لم يكن الرئيس الشاغل المنصب مرشحاً، كان الناخبون يميلون إلى تغيير رأيهم في اللحظة الأخيرة لصالح مرشح خارجي (محمد خاتمي في عام 1997، ومحمود أحمدي نجاد في عام 2005، وحسن روحاني في عام 2013). وأظهرت الأيام الأخيرة من تلك الحملات تغيّراً ملحوظاً في الآراء، مما جعل النتائج مختلفة تماماً عما كان متوقعاً. إلّا أن هذه السيناريو لم يحصل هذا العام.
لقد أدار همتي حملة انتخابية محترمة - وبالتأكيد أفضل بكثير من الأداء الفاتر لرئيسي. فقد تناول همتي الأمور التي تهم الشعب أكثر من غيرها، وخاصة الاقتصاد وإلى حد ما القضايا الاجتماعية. وفي المقابل، كان حديث رئيسي عن الاقتصاد فاجعاً؛ فقد أثبت أنه غير ملم بالموضوع على الإطلاق.
وما تغيّر هو اختفاء الدعم الضخم للإصلاحيين في إيران، على الأقل هذا العام. ونظراً للديناميكيات الاجتماعية والسياسية في البلاد منذ عام 2017 وتنحية النظام الصارمة بشكل خاص لمرشحين قبل الحملة الانتخابية، لم يعلّق الكثيرون آمالاً على أن التصويت لمرشح إصلاحي قد يُحدث فرقاً، بخلاف ما حصل خلال الدورات الانتخابية السابقة. وبالتالي، اضطر همتي والمقربون منه إلى محاولة إقناع الناخبين بأنهم أهون الشرين - وهو الأمر الذي لم يكن أبداً دافعاً قوياً عندما تَعلق ذلك بزيادة الإقبال.
پاتريك كلاوسون كلاوسون هو "زميل مورنينغستار" الأقدم ومدير الأبحاث في معهد واشنطن.