ساحة لعب الميليشيات: إعادة تركيز العمليات الحركية على شرق سوريا
يبدو أن الجماعات المدعومة من إيران توجّه هجماتها الأكثر خطورة ضد قوات التحالف في سوريا، وليس العراق، وقد يتسارع هذا الاتجاه في أوائل عام 2022.
أفادت "الأضواء الكاشفة للميليشيات" سابقاً عن فترات زادت خلالها "المقاومة" العراقية وتيرة استهدافها للمراكز الأمريكية في سوريا. وبدأت قنوات الميليشيات في الإبلاغ عن هذه الهجمات للمرة الأولى في حزيران/يونيو، واصفةً الهجمات الصاروخية ضد القواعد الأمريكية. وخلال النصف الأول من تموز/يوليو، أبلغت عن خمس هجمات في سوريا، تزامنت مع تصعيد كبير ضد قوات التحالف في العراق. واستمرت الهجمات المتفرقة في أيلول/سبتمبر قبل توقفها لفترة بالتزامن إلى حد كبير مع تراجع وتيرة الهجمات في العراق. وشكل الاستثناء الوحيد هجوم 20 تشرين الأول/أكتوبر غير المعتاد على القاعدة الأمريكية في "التنف" باستخدام طائرات بدون طيار أحادية الاتجاه.
ولكن في النصف الأول من كانون الأول/ديسمبر استُؤنفت الهجمات في سوريا، وشملت ضربتيْن صاروخيتيْن على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، أفادت قنوات "المقاومة" عما لا يقل عن أربع هجمات بالقنابل المزروعة على جانب الطريق زعمت أنها استهدفت قوافل لوجستية تابعة للتحالف. وزُعم أن كافة هذه الهجمات على القوافل حصلت في محيط محافظة الحسكة شمال شرق سوريا (الشكل 1). وفي حين يُعتبر استهداف القوافل أسلوباً شائعاً جداً تستخدمه "المقاومة" في العراق، إلا أن الميليشيات لم تبلغ أو تُعلن عن تنفيذ ضربات بقنابل مزروعة على جانب الطريق في سوريا حتى الآن. وكان نشاطها الإعلامي فيما يتعلق بالقوافل الأمريكية في سوريا يقتصر في السابق على الصور التي تُظهر أنها كانت تراقب هذه التحركات.
وتعكس الهجمات المبلغ عنها في سوريا بشكل فضفاض وضع "المقاومة" في العراق - أي ارتفاع وتيرتها خلال فترات التصعيد وتراجعها خلال فترات وقف إطلاق النار الجزئي. ومع ذلك، استمرت الميليشيات في استخدام الصواريخ والطائرات بدون طيار في سوريا حتى خلال الفترات التي اقتصرت فيها الهجمات العراقية بشكل متزايد على القنابل المزروعة على جوانب الطريق. ويرتبط تنامي الهجمات مؤخراً بازدياد التصعيد والتهديدات التي تطلقها القنوات الإعلامية والمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي التابعون لـ"المقاومة"، و"التنسيقية" ("الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية")، إلى جانب ميليشيا "حركة حزب الله النجباء" وزعيمها أكرم الكعبي. وأكدت "التنسيقية" أن قرار الميليشيا "بوقف إطلاق النار" ضد القوات الأمريكية سينتهي في 31 كانون الأول/ديسمبر، وهو التاريخ المقرر لانتهاء المهمة القتالية الأمريكية في العراق رسمياً. وقد تكرر هذا الموعد النهائي على نطاق واسع عبر وسائل إعلام الميليشيات.
وبخلاف ما يحصل في العراق حيث خلّفت الهجمات تداعيات سياسية سلبية متزايدة على الميليشيات، يبدو أنه يتم التعامل مع سوريا على أنها بيئة غير مقيدة. ونتيجةً لذلك، قد تكون الميليشيات أكثر استعداداً للقيام بتجاوزات. وعلى الأرجح، يشكل الارتفاع الأخير في الهجمات المبلغ عنها جزءاً من جهود زيادة نشاطها واختبار الاستجابة قبل تنامي أعمال العنف المحتمل عند انتهاء فترة وقف إطلاق النار. وستبقى عناصر مختلفة تابعة للولايات المتحدة والتحالف في العراق بعد انقضاء الموعد النهائي، لذلك مع استئناف الميليشيات استجابتها لهذا الواقع في أوائل كانون الثاني/يناير، قد تتركز عملياتها بشكل أساسي في سوريا.
وقد توجّه "المقاومة" أيضاً ضربات في سوريا لإحياء ذكرى حدثين رئيسيين وقعا في عام 2020: الضربة الأمريكية التي قتلت القائد الميليشياوي أبو مهدي المهندس وقائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني في 3 كانون الثاني/يناير، والقرار غير الملزم بطرد القوات الأجنبية الذي أقرّته أقلية من أعضاء مجلس النواب العراقي في 5 كانون الثاني/يناير. وقد تعتبر الميليشيات أيضاً أربيل في «كردستان العراق» هدفاً منخفض التكلفة نسبياً.