تبنّي الهجمات من دون تبنّيها: ردود الميليشيات العراقية على الهجمات التركية
تعمل "صابرين نيوز" كمركز معلومات لتغطية هجمات "المقاومة" ضد الأهداف التركية، حيث تشير إلى جماعات واجهة محددة وتُلمّح إلى هجمات مستقبلية داخل تركيا.
بعد أن أودى القصف التركي بحياة تسعة مدنيين عراقيين وجرح ما يقرب من ثلاثين شخصاً في محافظة دهوك في «إقليم كردستان» في 20 تموز/يوليو كان من المؤكد أن يتبع ذلك انتقام "المقاومة" العراقية المدعومة من إيران. وفي وقت لاحق من تلك الليلة، نفذت ميليشيات "المقاومة" هجوماً بواسطة طائرة بدون طيار على قاعدة مدفعية تركية في بامرني شمال دهوك، وهجوماً صاروخياً على القاعدة التركية في زيلكان بمحافظة نينوى. وكما حذرت منصة "الأضواء الكاشفة للميليشيات" في أيار/مايو، تتصاعد احتمالات اندلاع صراع بين تركيا والميليشيات حيث تبحث الجماعات التي تُسمّي نفسها "المقاومة" عن احتلال يمكنها أن تدّعي بثقة أنها تقاومه.
ويُشكّل نمط تبنّي الهجومين المذكورين أعلاه اللذين نفذتهما "المقاومة" خير مثال على ذلك. وشَهد الهجوم بالطائرة بدون طيار على بارمني المُنفّذ في الساعات الأولى من يوم 20 تموز/يوليو (والذي يبدو أنه أعقبه هجوم بعدة طائرات مسيرة على القاعدة) التسلسل التالي:
الساعة 22:15 بتوقيت العراق: اقتبس حساب "تلغرام" التابع لجماعة الواجهة «أصحاب الكهف» قولاً لشاعر عربي من القرون الوسطى جاء فيه "كل من يريد تحقيق انتصارات عظيمة، عليه استخدام السيف".
22:17: ادّعت "صابرين نيوز" أن "سربين من الطائرات المسيرة ذات الأجنحة الثابتة انطلقا متوجّهان نحو إحدى قواعد الاحتلال التركية في العراق".
22:21: نسبت "صابرين" الهجوم إلى «أصحاب الكهف» قائلةً "استهدفت القوة الجوية التابعة للمقاومة الإسلامية «أصحاب الكهف» نقاطاً عسكرية تابعة لجيش الاحتلال التركي في محافظة دهوك، بالقرب من قاعدة بامرني في بلدة العمادية، بواسطة أسراب من الطائرات المسيرة المتفجرة ذات الأجنحة الثابتة".
22:31: جاء في منشور صادر عن «أصحاب الكهف»: "القتل بالقتل والطائرة بدون طيار بطائرة بدون طيار والصاروخ بمدفع... بامرني تحترق بفضل الطائرات المسيرة ذات الأجنحة الثابتة... لا يمكن لأي دفاع جوي أن يمنع الطائرات من بلوغ أهدافها".
(تجدر الإشارة إلى أن منظومات التصدي للطائرات المسيّرة التركية في بامرني اعترضت على ما يبدو الهجوم اللاحق بالطائرات بدون طيار المنفذ في 22 تموز/يوليو، على الرغم من ادعاء "صابرين" أنه تمّ استخدام مسيرات ذات أجنحة ثابتة من طراز "مراد-5" في الهجوم. وسيكون من المثير للاهتمام رؤية كيفية تعامل "المقاومة" مع هذا الفشل التكتيكي/الفني).
وجرى تبني الهجوم الصاروخي المُنفذ في 20 تموز/يوليو على زيلكان، الموقع التركي الأكثر استهدافاً من قبل الميليشيات، بتسلسل كاشف مماثل:
-
19:42: نشر حساب أبو علي العسكري من «كتائب حزب الله» على "تلغرام" نقله الآية القرآنية التالية: "إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ، لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ".
22:23: نشرت جماعة الواجهة "لواء ثأر المهندس" الآية نفسها.
22:25: نسبت "صابرين" الهجوم على زيلكان إلى "لواء ثأر المهندس"، قائلةً: "استهدفت قاذفات صواريخ «لواء ثأر المهندس» التابع للمقاومة الإسلامية قواعد الاحتلال التركي".
ينطوي المنحى هنا على عملية ضبابية لتبني الهجمات إذ يسبق الهجوم إما بيت شعر أو آية قرآنية تنبئان به، ثم تروّجه قناة "صابرين" ومن ثم تنسبه إلى جماعة واجهة. ويكتسي أيضاً هذان الهجومان أهمية إذ إنه الثاني فقط الذي يتمّ ربطه بجماعة «أصحاب الكهف» التي نفذت هجمات على أهداف تركية، والهجوم الأول المرتبط بجماعة "لواء ثأر المهندس". وقد يشير ذلك إلى توجّه خلايا إضافية نشطة ميدانياً ترتبط بميليشيات «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق»، و«حركة حزب الله النجباء» إلى الشمال للمشاركة في هجمات ضدّ أهداف تركية.
والملفت أيضاً هو أن منشور "صابرين نيوز" في 22 تموز/يوليو أنذر بهجوم أبعد مدى بواسطة طائرة مسيرة على اسطنبول. واستخدمت القناة عبارة "معلمي" التي تدل عادةً على بلاغ صادر عن أحد كبار المسؤولين الإيرانيين أو قائد ميليشيا/تنظيم إرهابي، وأوردت "صابرين" ما يلي: "قال لي معلمي إن طائراتنا المسيرة ستطال اسطنبول، ومن طرق الباب سوف يسمع الجواب". ولا تُعتبر ضربة مماثلة مستبعدة بالنظر إلى الهجمات التي شنتها الميليشيات المدعومة من إيران مؤخراً بواسطة طائرات بدون طيار من العراق ضد أهداف في الرياض ومنشآت نفط في الخليج وأهداف في أبوظبي.