منذ مقتل ثلاثة أمريكيين في هجوم على قاعدة عسكرية بالقرب من الحدود الأردنية- السورية، بقيت الجماعات التي تُطلق على نفسها اسم "المقاومة" غير نشطة تقريباً، باستثناء شنها موجة من الهجمات الوهمية والمحبطة وتلك التي تم التنصل منها، في إشارة إلى أمر من إيران بتهدئة الأمور.
في 28 كانون الثاني/يناير 2024، ضربت الميليشيات المدعومة من إيران خمسة أهداف أمريكية في العراق وسوريا والأردن، من ضمنها الهجوم الدامي بطائرة بدون طيار الذي أدى إلى مقتل ثلاثة أمريكيين وإصابة عدد أكبر في قاعدة "البرج 22". ومنذ ذلك الحين، وفي ظل الزيادة المفاجئة في تصميم الولايات المتحدة على الانتقام، أوقفت الجماعات المدعومة من إيران بشكل شبه كلي الهجمات الفعلية، محوّلةً الهجمات المتبقية إلى سوريا بوتيرة أقل، ومتبنيةً على ما يبدو هجمات وهمية فقط داخل العراق.
التداعيات الفورية لهجوم 28 كانون الثاني/يناير - "كتائب حزب الله" تتوقف على ما يبدو وحركة "النجباء" تريد تزييف الهجمات المستمرة
حتى قبل وصول قائد "فيلق القدس" التابع "للحرس الثوري الإسلامي"، إسماعيل قاآني، إلى بغداد في 30 كانون الثاني/يناير، كانت "كتائب حزب الله" وشبكة "صابرين نيوز"، الخاضعتان بشدة لسيطرة إيران، تخفضان حدة الصراع بين الولايات المتحدة والميليشيات. ووفقاً لما أفادت به "الأضواء الكاشفة للمليشيات"، أصبحت مسألة تبني الهجمات على الفور غريبة للغاية، حيث أظهرت بوادر الارتباك والانشقاق حول مواصلة الهجمات:
- في 28 و29 كانون الثاني/يناير، تبنى "الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق" شنّ هجوم بطائرة بدون طيار على المبنى الملحق التابع للتحالف في مطار أربيل، دون توفر أي دليل مرئي أو مسموع بشأنه. واستناداً إلى أنماط سابقة، وقع هذا الهجوم في منطقة عمليات حركة "النجباء". وقد تضمن تبني هجوم ضد إسرائيل تفاصيل أقل من المعتاد.
- في 29 كانون الثاني/يناير، يبدو أن حركة "النجباء" نفذت "هجومين" آخرين، وأدى كلاهما إلى نتائج غريبة جداً. فعلى الحدود بين العراق وسوريا، تم على ما يبدو إحباط عملية إطلاق صواريخ عيار 122 ملم عابرة للحدود (يُعتقد أن حركة "النجباء" هي التي أطلقتها) عندما تخلى طاقم الصواريخ عن المركبة بعد أن تعرض أفرادها للمضايقة من القوات العراقية. وفي 30 كانون الثاني/يناير، تحطمت طائرة مسيّرة من طراز "كي إيه إس-04" بعد وقت قصير من إقلاعها في منطقة كركوك دون اختراق المجال الجوي الكردستاني. وتعد كلتا الحالتين غير عاديتين إلى حد ما، وكانت النتيجة النهائية أن إحدى الجماعتين - ربما حركة "النجباء" - آظهرت نية مستمرة على شنّ هجمات دون إنهائها فعلياً.
- في 31 كانون الثاني/يناير، أعلنت حركة "النجباء" (وليس "الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق") مسؤوليتها عن هجوم آخر بطائرة مسيّرة على "قاعدة حرير الجوية" دون توفر أي دليل بشأنه، وقد تبرأت منه شبكة "صابرين نيوز"، مما أدى إلى خلاف بين "النجباء" و"كتائب حزب الله" والإغلاق المؤقت لشبكة "صابرين نيوز". ونشر "الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق" (ملخصاً) تبنى فيه الهجوم على إسرائيل في الأول من شباط/فبراير ثم قام بإزالته، وهو (مجدداً) تصرف غريب جداً.
حركة "النجباء" تتولى السيطرة على "الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق" والضربات على الأمريكيين
- تغيرت بعد ذلك إدارة حساب "الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق" في 2 شباط/فبراير، وفي تقييمنا ما زالت تحت سيطرة حركة "النجباء" وليس "كتائب حزب الله".
- منذ الغارات الجوية الأمريكية داخل مناطق عمليات "كتائب حزب الله" في غرب العراق وسوريا، فإننا نقدر أن حركة "النجباء" وحدها ضربت القواعد الأمريكية وتلك الكائنة داخل سوريا ومن نقاط إطلاق سورية فقط (على سبيل المثال، تم شن هجوم على "منطقة هبوط رميلان" بشكل غير عادي بطائرة مسيّرة من وادي نهر الفرات السوري، وليس بإطلاق الصواريخ التقليدية من عيار 122 ملم من منطقة الحدود العراقية السورية). وعلى الرغم من مقتل عناصر من "قوات سوريا الديمقراطية" الشريكة للولايات المتحدة في إحدى هذه الهجمات، يبدو أنه تم استهدافهم بعناية بغارة أطلقت من طائرة مسيّرة - على خلاف الطائرة بدون طيار الدقيقة التي تضرب الأفراد الأمريكيين.
نظرية حول سلوك "المقاومة" منذ 28 كانون الثاني/يناير
في أعقاب قيام الولايات المتحدة بقتل اثنين من كبار عناصر "كتائب حزب الله" في بغداد في 7 شباط/فبراير، والرد الأولي الخافت بشكل مفاجئ لـ "كتائب حزب الله"، يجدر تقديم النظرية التالية كنوع من الافتراض القابل للدحض:
- لتجنب ضرب إيران وتفادي الاستهداف الحركي لعناصر "كتائب حزب الله" المنتشرة عبر "قوات الحشد الشعبي" أو فرض عقوبات عليها، هل بعث "فيلق القدس" التابع "للحرس الثوري الإسلامي" رسالة حازمة لوقف التصعيد ضد الولايات المتحدة، مغيراً مساره بعد عدة أسابيع من تخطيه الحدود عبر اتخاذه إجراءات محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد في كانون الثاني/يناير؟
- منذ 28 كانون الثاني/يناير، تصرفت "كتائب حزب الله" وبتشجيع من قاآني بطريقة تتسم بالانضباط ونكران الذات، إذ قبلت إلقاء اللوم عليها وانتقادها لوقف الهجمات المعادية للولايات المتحدة، ثم تقبلت الأضرار المادية في 3 شباط/فبراير والخسائر في القيادات في 7 شباط/فبراير.
- سعت حركة "النجباء" خلال هذه الفترة إلى الاحتفاظ بحرية مهاجمة القوات الأمريكية، وقد مُنحت هذه الحرية، طالما أنها تتم بوتيرة منخفضة، وبطرق غير استفزازية نسبياً، وتبقى داخل سوريا تماماً. وبعد بضعة أيام من الجدال حول هذا الإعفاء، تم منح حركة "النجباء" زمام القيادة في العمليات المناهضة للولايات المتحدة في سوريا والسيطرة على حساب "الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق".
إذا صحّ جزء كبير من هذه النظرية، فسوف تتجاهل "كتائب حزب الله" حتى ضربة 7 شباط/فبراير على اعتبار أنها ثمن لا مفر منه لقتل الأمريكيين وطريقة مفيدة لإظهار تفانيها وانضباطها تجاه "فيلق القدس" التابع "للحرس الثوري الإسلامي"، بينما ستقوم حركة "النجباء" بشن ضربات أقل خطورة، وأقل استفزازية في الأراضي السورية فقط. إذا لم يكن لهذه النظرية أي أساس من الصحة أو تم إبطالها بسبب ضربة 7 شباط/فبراير، فقد تقوم "كتائب حزب الله" و/أو حركة "النجباء" بالتصعيد ضد المواقع الأمريكية في العراق أو سوريا أو في كلا البلدين.