- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
ثلاثة عيوب في اتفاق الإطار النووي الإيراني من شأنها تقويض الاتفاق النهائي
يتمحور معظم الجدال الذي يدور حول اتفاق الإطار النووي الإيراني - الذي أُعلن في الثاني من نيسان/أبريل - حول ما إذا كان هذا الاتفاق جيداً أم سيئاً. إلا أنه يغفل سؤالاً أعمق وهو ما إذا كان الاتفاق بصيغته الحالية مؤهلاً للنجاح، إذ تشوب تصميمَه ثلاثة عيوب قد تكتب له الفشل بغض النظر عمّن سيخلف الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
أولاً، يتطرق اتفاق الإطار إلى النشاط النووي الإيراني من منظارٍ ضيق عوضاً عن معالجة كامل النزاعات القائمة بين إيران والولايات المتحدة. وهذا أمر مفهوم من ناحية معينة: فمعالجة الأزمة النووية صعبة بما يكفي ولا تنقصها صعوبة التطرق إلى الدعم الإيراني للإرهاب والأعمال المخلة بالاستقرار في المنطقة. لكن هذه المقاربة تقوم على فرضية أنه يمكن فعلاً فصل هذه المشاكل عن بعضها البعض. وتَعتبر إيران أن مساعي إنتاج سلاح نووي تشكل جزءاً من استراتيجية أوسع لتطوير إمكانيات استراتيجية وغير متجانسة تدعم مساعيها لإظهار قوتها وتعزيز مكانتها في العالم. وإذا لم تتغير هذه الاستراتيجية - أي إذا واصلت إيران دعم الإرهاب واتخاذ القرارات السياسية المجازفة في المنطقة وما يرتبط بذلك من سياسات - فلن يتغير منطقها الكامن وراء امتلاك القدرة على إنتاج أسلحة نووية.
عندما يتعلق الأمر بالعقوبات الأمريكية، فقلّة منها "مرتبطة بالبرنامج النووي" فعلاً، وهي عبارة ظهرت في "خطة العمل المشتركة" التي تم التوصل إليها في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 وكذلك في اتفاق الإطار الموقع في لوزان والذي تم الكشف عنه هذا الشهر ولكن لم يتم تعريف تلك العقوبات في أيٌّ من هاتين الوثيقتين. فمعظم العقوبات مرتبطة بعدة سياسات إيرانية، وليس بأنشطتها النووية فقط. وهذا يعني إما أن تلك العقوبات ستستمر وأن إيران لن تحظى سوى بتخفيف بسيط لها، أم أنه سيتم تخفيف العقوبات وستحصل إيران على الحرية التامة في سياساتها غير النووية أيضاً. وفي الحالة الأخيرة، عندما لن تعد تتوفر العقوبات الأمريكية الأكثر فعاليةً، ستضطر الولايات المتحدة إلى التعويل على العقوبات الأقل فعالية أو الأعمال الأكثر مباشرة ضد إيران. وسيؤدي ذلك على الأرجح إلى تورّط الولايات المتحدة بصورة أكثر في النزاعات الإقليمية، وليس أقل انخراطاً فيها.
ثانياً، من المؤكد أن يؤدي الاتفاق إلى تعكير الديناميات الإقليمية بغض النظر عن التقدم المحرز داخل إيران أو بين الولايات المتحدة وإيران. وقد أكد النقاد أن افتقار اتفاق الإطار إلى شرطٍ يلزم إيران بتفكيك بنيتها التحتية النووية يوحي بأن إدارة أوباما تراهن على تنامي ودية القيادة الإيرانية خلال الأعوام العشرة القادمة. إلا أن قدرة إيران على الوقوف على العتبة النووية تطرح مشكلة سواء تحسنت علاقتها مع الولايات المتحدة أم لا. ومن المستبعد أن يتخلى النظام عن مثل هذه القدرة من تلقاء نفسه حتى إذا أصبح يتحلى بودية أكبر، و بغض النظر إن كان ذلك لأسباب تتعلق بالكرامة الوطنية فقط. كما أن تاريخ إيران الطويل الحافل بالطموحات والمنافسات الإقليمية بدأ يتسبب منذ الآن بسعي أطراف أخرى في الشرق الأوسط إلى موازنة الإمكانيات الإيرانية أو مضاهاتها، بصرف النظر عن طبيعة النظام في طهران أو موقفه من الولايات المتحدة.
ثالثاً، قد يتبين أن الاتفاق يفتقر إلى الثبات وقد يكون غير مستدام في النهاية بغض النظر عمن سيشغل المكتب البيضاوي للرئاسة الأمريكية. ومن المحتمل أن يتم التنازل في البداية عن العقوبات النفطية والمالية التي فرضتها الولايات المتحدة بدلاً من رفعها لأن الخطوات المباشرة المطلوبة من إيران ليست كافية ولا يمكن الرجوع عنها بما يكفي لكي تستحق رفع فوري للعقوبات. وهذا يعني أن الرئيس أوباما - وخلفه وربما خلف خلفه - سيحتاج إلى المصادقة على الامتثال الإيراني والتأكيد على تعليق العقوبات كل ستة أشهر. ولكن بما أن الاتفاق لا يستلزم شفافيةً تامة وصريحة من قبل إيران، وبما أن حجم البرنامج الإيراني المتبقي سيجعل أعمال التفتيش معقدة (ومرهقة) للغاية، فمن المرجح أن تنتشر الشكوك حول الاحتيال الإيراني على نطاق واسع. كما أن الاضطرابات في المنطقة وغياب أي التزامات من قبل إيران تجاه السياسات الأخرى التي تثير قلق واشنطن قد تؤثر بشكل متكرر على عملية تطبيق الاتفاق. ومن هنا، توحي هذه المشاكل مجتمعةً إلى أن إعادة التأكيد باستمرار على تخفيف العقوبات قد يكون أمراً صعباً.
لذلك فإن أي اتفاق أكثر استدامةً سيتطلب المزيد من الجانب الإيراني - فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية وتفكيك البنية التحتية النووية للبلاد على حد سواء - في الوقت الذي يُعرض فيه على إيران منذ البداية تخفيفاً أكبر للعقوبات. وإذا رأى المفاوضون استحالة التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، عليهم أن يوضحوا كيف ينوون "سد الثقوب" في الاتفاق الراهن.
مايكل سينغ هو المدير الإداري لمعهد واشنطن. وقد نشرت هذه المقالة في الأصل من على مدونة "ثينك تانك" على موقع "وول ستريت جورنال".
"وول ستريت جورنال"