- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
تنظيم «الدولة الإسلامية» مكتف ذاتياً من الناحية المالية
"فيما يلي مساهمة زميل "فرومر ويكسلر" في معهد واشنطن، خلال جلسة حوار على مائدة مستديرة أقامتها شبكة "بي. بي. سي." حول السؤال "هل المملكة العربية السعودية هي المسؤولة عن ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية»؟"
خلافاً للاعتقاد السائد، تشكل هبات المانحين الأثرياء حصةً صغيرةً نسبياً من مصادر تمويل تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق والشام» (الذي يُعرف اختصاراً بـ «داعش» أو «الدولة الإسلامية»). وفي حين كان تمويل الإرهاب ضمن المملكة العربية السعودية مشكلةً كبرى في ما مضى، بدأت الرياض تشهد انعطافة إيجابية على هذا الصعيد، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتمويل تنظيم «الدولة الإسلامية».
إنّ تنظيم «داعش» مكتفٍ مالياً منذ سنوات، بما في ذلك خلال أيامه الأولى كـ تنظيم «القاعدة في العراق». ووفقاً لتقييم أمريكي أًجري في عام 2006، أسس تنظيم «القاعدة في العراق» حركة تمرد تتمتع بالاكتفاء الذاتي في العراق وتجمع ما بين 70 و 200 مليون دولار (أي ما بين 47 مليون و 134 مليون جنيه استرليني) سنوياً من الأنشطة غير المشروعة وحدها. وتشير وثائق تم الاستيلاء عليها من تنظيم «القاعدة في العراق» إلى أن "الهبات الخارجية شكّلت حصةً صغيرةً - لا تزيد عن 5% - من ميزانية التنظيم التشغيلية في الفترة الواقعة بين العامين 2005 و 2010".
واليوم، تتمثل مصادر التمويل الأساسية الخاصة بتنظيم «الدولة الإسلامية» بالابتزاز وتهريب النفط وغيرها من الأنشطة الإجرامية. وقد قامت وزارة الخزانة الأمريكية بتسمية عدد صغير من المانحين البارزين كممولين للإرهاب، إلا أنّ هؤلاء كانوا من الاستثناء للقاعدة. وقد قامت المملكة العربية السعودية بإلقاء القبض على عدة مئات من الأشخاص المشتبه في انتمائهم لتنظيم «داعش»، بمن فيهم ممولين للتنظيم وفقاً لبعض التقارير، لكنّ الرياض لم تكشف عن الأرقام بالتفصيل.
وتُظهر بيانات استطلاعات الآراء الأخيرة أنّ نسبة الدعم المقدم لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» ضمن المملكة العربية السعودية تحوم حول 5%. إلا أنّ هذه النتائج يجب أن تكون مدعاة للقلق بالنسبة إلى السعوديين، إذ تمثّل نسبة 5% من السكان السعوديين أكثر من نصف مليون شخص من المانحين المحتملين.
وتقلق السلطات بشأن قدرة المتعاطفين مع تنظيم «داعش» على جمع الأموال ونقلها عن طريق تحويلات نقدية يصعب تعقبها، وهي طريقة تقليدية يتبعها المانحون السعوديون. ويتمثل هاجس آخر بقيام تنظيم «الدولة الإسلامية» بجمع التبرعات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من تقنيات التواصل. فقد أفادت السلطات السعودية أنّ جامعي التبرعات لصالح تنظيم «داعش» قد ناشدوا المانحين عبر موقع "تويتر" وطلبوا منهم التواصل معهم عبر خدمة "سكايب"، ثم طلبوا منهم شراء بطاقات دولية مسبقة الدفع وإرسال أرقام هذه البطاقات لهم عبر "سكايب"، وذلك لبيعها بهدف كسب المال.
وفي آذار/مارس، شاركت المملكة العربية السعودية إلى جانب الولايات المتحدة وإيطاليا في ترأس الاجتماع الافتتاحي لـ "مجموعة عمل مكافحة تمويل تنظيم «الدولة الإسلامية»". وستلقى مجموعة العمل هذه دعماً هاماً من قمة وزراء المالية التي عُقدت مؤخراً على مستوى مجلس الأمن الدولي والتي ركزت على مكافحة تمويل تنظيم «داعش». وبطبيعة الحال تضمّن جدول أعمالها ضرورة بذل المزيد من الجهود لمنع مانحي تنظيم «الدولة الإسلامية» من نقل الأموال عبر المصارف ومكاتب الصرافة.
"بي. بي. سي. نيوز"