تصاعد الاغتيالات التي تنفذها المليشيات، الجزء الثاني: هجمات كانون الأول/ديسمبر
تقوم الميليشيات اليائسة في العراق حالياً بقتل المدنيين الشيعة في تفجيرات جماعية بينما تحاول اغتيال محققين عراقيين وأفراد من المخابرات.
منذ بداية تشرين الثاني/نوفمبر، عندما شنّت ميليشيات مثل "عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله" و"كتائب سيّد الشهداء" هجوماً على المحيط الخارجي لمركز الحكومة في "المنطقة الدولية"، كان هناك العديد من التهديدات العلنية من قبل هذه الميليشيات بالقتل ضد عناصر من قوى الأمن العراقية. (يمكن الاطلاع على تفاصيل تهديدات "صابرين نيوز" و"الوحدة 10000" التي سبقت موجة الاغتيالات في الجزء الأول من هذا المقال). وقد تُرجمت هذه التهديدات بهجومين فعليين ضد مجموعة من المسؤولين في الحكومة العراقية خلال الأسبوع الأول من كانون الأول/ديسمبر.
موجة الاغتيالات
وقعت عملية الاغتيال الأولى التي يمكن تصنيفها ضمن الموجة الجديدة في 4 كانون الأول/ديسمبر وتمثلت باغتيال عباس كاظم عبدالواحد، وهو محقق عراقي كان مشاركاً في توجيه اتهامات بالقتل (على خلفية مقتل الناشط العراقي إيهاب الوزني في 9 أيار/مايو 2021) ضد القائد الميليشياوي والقيادي في "قوات الحشد الشعبي" قاسم مصلح الذي يعمل بشكل وثيق مع "كتائب حزب الله" في الأنبار وبغداد. ونشرت "صابرين نيوز" خبر مقتله في كربلاء بعد وقت قصير من وقوعه حوالي الساعة 20:41 بتوقيت بغداد في 4 كانون الأول/ديسمبر.
وفي اليوم التالي، أي في 5 كانون الأول/ديسمبر، قُتل نائب قائد شرطة ميسان محمد حبوسي كريم السوداني. وسبق له أن شارك في التحقيق مع القتلة من الميليشيات وأمَرَ باعتقالهم.
وفي 6 كانون الأول/ديسمبر، تمّ اعتقال فريق اغتيالات مؤلف من 6 عناصر في الكاظمية ببغداد، يحمل أربعة منهم مسدسات كاتمة للصوت (موزعة بين فريقين يستخدمان دراجات) وتتبعهم سيارة مؤازرة يستقلها رجلان يحملان بندقيتين من نوع كلاشينكوف. وقد أرادوا قتل أحد القادة في قوات الأمن لكن تمّ رصدهم أثناء قيامهم بمراقبة المكان قبل تنفيذ الاعتداء.
الميليشيات تقتل أربعة مدنيين في قصف أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا
في 7 كانون الأول/ديسمبر تسبب انفجار بواسطة دراجة نارية مفخّخة باشتعال النيران في سيارة مدنية ومقتل أربعة مدنيين في البصرة. وسارع محافظ البصرة أسعد العيداني إلى اتهام تنظيم "الدولة الإسلامية" في التفجير.
وبعد ذلك بيوم واحد، قام رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بزيارة البصرة وقال إن "[هجوم] أمس كان محاولة اغتيال استهدفت ضابطاً في البصرة لأنه كان... يحقق في عصابة الموت". (و"عصابة الموت" هو مصطلح تستخدمه الحكومة العراقية لوصف فرق الاغتيال التابعة للميليشيات المدعومة من إيران والتي تستهدف مجموعة واسعة من الناشطين والإعلاميين الذين تعتبرهم مضرين بمصالحها).
وفي شباط/فبراير 2021، أعلن رئيس الوزراء العراقي أن عصابة الموت هي المسؤولة عن اغتيال العديد من المدنيين بمن فيهم فتى في الرابعة عشر من عمره وصحفي عراقي يدعى أحمد عبد الصمد تمّ اغتياله في البصرة في كانون الثاني/يناير 2020.
وفي تشرين الأول/أكتوبر2021، قال محمد (شقيق أحمد عبد الصمد) الذي حضر جلسات المحكمة الخاصة بمحاكمة عناصر عصابة الموت المسؤولين عن مقتل شقيقه، في مقابلة تلفزيونية، إن "كتائب حزب الله" كانت وراء اغتيال شقيقه. وفي وقت لاحق، أًدين أحد عناصر "كتائب حزب الله" ضمن عصابة الموت يدعى حمزة كاظم العيداني، باغتيال عبد الصمد وزميله صفاء عبد الحميد غالي، وحُكم عليه بالإعدام في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
والآن يقول رئيس الوزراء العراقي إن الذين يقفون وراء التفجير بدراجة نارية في 7 كانون الأول/ديسمبر كانوا يستهدفون ضابطاً يعمل في قضية عصابة الموت. وقال مصدر أمني لوكالة "فرانس برس" أن الضابط كان عنصراً في "جهاز المخابرات الوطني العراقي الذي يحقق في اغتيال الناشطين".
تواطؤ الميليشيات في الاغتيالات
تشير كثرة الأدلة إلى اضطلاع "كتائب حزب الله" بدور قوي في بعض عمليات القتل (عملية 4 كانون الأول/ديسمبر في كربلاء وتفجير 7 كانون الأول/ديسمبر)، في حين قد يكون البعض الآخر ناتجاً عن المعركة بين "عصائب أهل الحق" وأنصار مقتدى الصدر (على غرار عملية الاغتيال في ميسان في 5 كانون الأول/ديسمبر). وبالطبع، يُعتبر القتلة أنهم انتهكوا عدة بنود من "قانون العقوبات العراقي"، و"قانون مكافحة الإرهاب العراقي"، و"القانون الدولي لحقوق الإنسان". وكما ذُكر في الجزء الأول من هذه السلسلة الصغيرة، قد تكون "صابرين نيوز" وأي جهة تحرض على القتل المتعمد للمسؤولين الحكوميين مسؤولة باعتبارها شريكة في ارتكاب الجريمة. ويمكن للعقوبات التي يتمّ إنزالها بحق الشركاء في الجريمة أن تكون مماثلة لتلك التي تفرض على المجرم الأساسي بموجب "قانون العقوبات العراقي". بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم إبلاغ السلطات بارتكاب أي اعتداء يترافق أيضاً مع مسؤولية قانونية، بما فيها العقوبات المالية والاحتجاز.