- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 2434
تسييج الإرهاب: حالات سابقة مشابهة للحاجز الأمني في كينيا
في 21 نيسان/ إبريل، أعلنت السلطات الكينية عن خطط لبناء حاجز على طول الحدود مع الصومال بهدف منع المزيد من الهجمات المنتشرة من "حركة الشباب المجاهدين" التابعة لـ تنظيم «القاعدة». وعلى الرغم من أن الخطة احتلت عناوين الصحف العالمية، إلا أنها بعيدة عن الحالة الأولى التي تم في سياقها اقتراح حواجز أو تشييدها باسم تعزيز الأمن الوطني والرفاه، مع تعدد المخاوف الكامنة وراءها من المقاتلين وصولاً إلى المهاجرين مروراً بالمواشي المصابة. وإلى جانب الحواجز التي تلقى دعاية جيدة وانتقادات كثيرة على طول الحدود الإسرائيلية-الفلسطينية وتلك التي تربط ما بين الولايات المتحدة والمكسيك، شهدت عدّة مناطق تاريخاً طويلاً من المشاريع الأمنية الحدودية الرئيسية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تفصّل اللائحة التالية الدوافع والخطط وراء الحاجز الكيني فضلاً عن مشاريع مماثلة في المملكة العربية السعودية، وما بين بلغاريا وتركيا، وماليزيا وتايلاند، وبوتسوانا وزيمبابوي.
كينيا
على الرغم من أن الإرهاب لم يكن غريباً عن كينيا في الماضي، إلا أن تردد هجمات "حركة الشباب المجاهدين" وخطورتها في الآونة الأخيرة لم يسبق لها مثيل. ونظراً إلى فشل التدابير الأخرى، وفقاً للتقارير - بما في ذلك القانون الجديد لمكافحة الإرهاب وتعزيز وجود الشرطة والمساعدة الأمنية الهامة من الغرب - شعر المسؤولون الكينيون بأنهم مجبرين على اتباع حل صارم وهو: بناء جدار حدودي سيمتد من "مقاطعة مانديرا" في الطرف الشمالي الشرقي للبلاد إلى المحيط الهندي. ووفقاً لتقارير إخبارية، ترى الحكومة أن مثل هذا الجدار هو أفضل وسيلة لعزل كينيا عن هجمات الكر والفر من "حركة الشباب المجاهدين" على المدى القصير. وفي حين يقر المسؤولون بأن الحاجز الممتد على طول 424 ميلاً - الذي وُصف على أنه أقل من كونه جدار بل عبارة عن "أسوار وخنادق ونقاط مراقبة" - بأنه ليس الحل النهائي ولا المثالي للحالة الأمنية اليائسة التي تعاني منها كينيا، إلا أنهم يعتقدون أنه سينفذ، على أقل تقدير، ما فشلت التدابير السابقة بإنجازه، أي منع إرهابيي "حركة الشباب المجاهدين" من دخول البلاد في المقام الأول.
المملكة العربية السعودية
في أيلول/ سبتمبر الماضي، وفي محاولة لمنع هذا النوع من الامتداد العنيف الذي شهدته كينيا، بدأت المملكة العربية السعودية بناء "سور عظيم" يمتد على طول 600 ميل على طول حدودها مع العراق. وقد ورد أن هذا الجدار، الذي تم اقتراحه لأول مرة خلال الحرب الأهلية في العراق عام 2006، يهدف إلى حماية المملكة من مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية». وعند الانتهاء من بنائه، سيكون الحاجز متطوراً جداً وسيتألف من خنادق وحاجز ثلاثي الطبقات من الفولاذ، وأبراج مراقبة مجهزة بمعدات رؤية ليلية وكاميرات رادار ذات تقنية عالية. وقد تم بالفعل اختبار الحاجز الناشئ في أوائل كانون الثاني/ يناير عندما هاجم مسلحو «داعش» موقعاً حدودياً في عرعر، مما أدى إلى تعزيز قناعة المسؤولين بأنه يجب على المملكة أن تكون معزولة عن الفوضى التي تجتاح جارتها الشمالية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها الرياض إلى تأمين حدودها من خلال جدار طويل. ففي عام 2013، بدأت بناء حاجز أمني يمتد على طول 1100 ميل على طول الحدود الجنوبية الغربية، وذلك رداً على الصراع الطائفي المتصاعد في اليمن. وقد أفادت التقارير أن هذا الحاجز الذي تبلغ تكلفة بنائه مليارات الدولارات، والذي استُكمل بالأسلاك الشائكة والأضواء الكاشفة والكاميرات الحرارية، حدّ من تدفق الإرهابيين والعناصر الإجرامية واللاجئين الاقتصاديين إلى داخل المملكة. وعلى الرغم من هذا النجاح الواضح، إلا أن تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» الذي مقره في اليمن يُفاخر بشكل مستمر بقدرته على التسلل عبر الحدود. وبغض النظر عن صحة إدعاءات هذا «التنظيم»، لا يزال هناك العديد من الخطوات التي ينبغي القيام بها: فحراسة المناطق التي يكثر فيها العشب والمناطق الجبلية التي تتخللها وديان عميقة وقرى يمنية لا تزال صعبة بالنسبة إلى حرس الحدود السعودي.
بلغاريا وتركيا
على عكس الحواجز الكينية والسعودية، المقترحة في المقام الأول كتدابير لمكافحة الإرهاب، وافق مسؤولون بلغاريون على بناء سياج يمتد مسافة 100 ميل على طول الحدود مع تركيا وتوسيعه، من أجل مقاومة العدد المتزايد من طالبي اللجوء الذين يتدفقون من الجنوب. يُذكر أن عدّة عوامل قد دفعت بالمسؤولين إلى تعزيز دفاعات البلاد، ومن أبرزها الضغط الاقتصادي والمخاوف من تسلل المسلحين، والرغبة في الانضمام إلى "منطقة الشنغن" في أوروبا.
ووفقاً لتقارير إخبارية، تمت الموافقة، في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر 2013 ، على البناء الأولي لأسلاك شائكة تمتد على مسافة واحد وعشرين ميلاً وتعمل على تطويق نقطة عبور شعبية للاجئين، وتم الإنتهاء من تنفيذه بعد حوالي عام. وفي كانون الثاني/ يناير 2015، أعلن المسؤولون عن خطط لتمديد السياج ثمانين ميلاً، لتغطية ما تبقى من الحدود مع تركيا. واعتبر رئيس الوزراء بويكو بوريسوف أن هذا القرار "ضروري جداً" من أجل مواصلة تخفيف الضغوط المستمرة التي يشكلها اللاجئون. وبينما لا يوجد حالياً سوى القسم الممتد على طول واحد وعشرين ميلاً، يؤكد المسؤولون أن التأثير كان قوياً ومذهلاً. وذكرت قصة نُشرت في صحيفة "نيويورك تايمز" في 5 نيسان/ إبريل أن "عدد المعابر غير الشرعية المعروفة انخفض إلى حوالي 4000 في عام 2014 بعد أن كان 11000 في العام الذي سبقه".
ماليزيا وتايلاند
تمت إقامة الحواجز بين ماليزيا وتايلاند لأول مرة في أوائل السبعينيات، وكان ذلك ظاهرياً لمكافحة التهريب. وقد بنيت تلك الحواجز أساساً من الخرسانة والفولاذ والأسلاك الشائكة، مع سياج من الحديد في بعض الأجزاء. وبنى كل بلد من البلدين جداره الخاص الذي يمتد على طول 340 ميلاً، مع مساحة تفصل ما بين الجدارين [يبلغ طولها] 30 قدماً غير تابعة لأي من الطرفين.
وفي عام 1991، أعلنت ماليزيا أنها ستبني جداراً خرسانياً يمتد على طول ستين ميلاً في مقاطعة كيلانتان، وهو الجزء الوحيد من الحدود التايلندية التي لم يسبق أن تم تسييجها. وفي عام 2001، اتفقت الدولتان على هدم نظام الجدار المزدوج واستبداله بحاجز واحد يتكون من سياج من الفولاذ يقوم على قاعدة خرسانية.
وفي أيلول/ سبتمبر 2013، أعلنت ماليزيا عن خطط جديدة لإقامة أسوار مكهربة تمتد على مسافة تسعين ميلاً على طول نهر كولوك في كيلانتان، كانت تايلاند قد وافقت عليها. وقد كان من المتوقع أن يتم الانتهاء من تنفيذ المشروع في غضون ثلاث سنوات. وكمَنَ الغرض المعلن من هذه الأسوار الجديدة في مكافحة التهريب، إذ يُقال إن ماليزيا تفقد ما يصل إلى 1.9 مليار دولار سنوياً بسبب تهريب السلع مثل الأرز والغاز ووقود الديزل والكحول والسجائر والأسمدة والمبيدات. أضف إلى ذلك أن الاتجار بالبشر يشكل مصدر قلق آخر.
وفي المرحلة القادمة، يبدو أنه ستتم إقامة المزيد من الحواجز. وفي حين أن الحكومة الماليزية خصصت في بادئ الأمر لجنة لدراسة الخيارات المتاحة لإقامة سياج جديد على طول حدود كيلانتان فقط، إلا أنه قد تم توسيع نطاق اختصاص هذه اللجنة فيما بعد ليطال مقاطعات صباح وساراواك المجاورة لإندونيسيا. وسيمتد السياج المقترح بأكمله على مدى 1600 ميل. يُذكر أن الدراسة كانت لا تزال جارية خلال شهر آذار/ مارس من هذا العام.
بوتسوانا- زيمبابوي
بعد تفشي مرض الحمى القلاعية حول الحدود مع زيمبابوي في عام 2003، بدأت بوتسوانا ببناء سياج مكهرب، يهدف ظاهرياً إلى السيطرة على الوباء. وكان لا بد من قتل آلاف المواشي في بلد تشكل فيه تربية الماشية ثاني أكبر صناعة. بيد، رأى المسؤولون في زيمبابوي والعديد من المراقبين الآخرين أن الهدف من السياج كمَنَ، على الأقل جزئياً، في إبعاد اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين. ويجدر بالذكر إن دولة بوتسوانا الأصغر مساحة بكثير (مع عدد سكان يبلغ 1.7 مليون نسمة، مقارنة بـ 11.8 مليون نسمة في زيمبابوي) شعرت في ذلك الوقت بالتهديد من آلاف اللاجئين الفارين من الأزمة السياسية والاقتصادية التي أثارها الرئيس روبرت موغابي - ووفقاً للسلطات في بوتسوانا، تم إعادة ما قد يصل إلى 2500 شخص من زيمبابوي كل شهر قبل بناء الجدار الفاصل.
وقد بلغ ارتفاع السياج الناتج عن ذلك ستة أقدام وامتد على مسافة تزيد عن 300 ميل، وكانت تكلفته نحو 3.7 مليون دولار. وتم تصميمه ليُحدِث صدمة مؤلمة لكن غير قاتلة بقوة 220 فولت، إلا أنه لم يجري قط تشغيل الكهرباء. وبالمثل، أفادت التقارير أنه تم تعيين وحدات من الشرطة والجيش لحراسة الحدود، ولكن يبدو أنه يُنتظر أن تقوم بذلك بصورة مستمرة. وفي الواقع، أزال الزيمبابويون أجزاءً من الجدار، كما أن قطع السياج أصبحت أمراً شائعاً.
سارة غيلكس هي باحثة متدربة سابقة في برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن. كيلسي سيكاوا هي باحثة مساعدة في المعهد.