- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
تعزيز العلاقات المصرية -الإسرائيلية في ظل إدارة ترامب
تُرجمت هذه المقالة بعد الاجتماع بين الرئيسين السيسي وترامب في 3 نيسان/أبريل
اجتمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الاثنين مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض [معلّقاً] آمالاً كبيرة في الحصول على دعم قوي لمصر. ومن بين القضايا الرئيسية التي من المؤكد أن الرئيس المصري [قد أثارها] قطعاً للحصول على هذا التأييد هو استمرار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. وفي حين أن هناك أهمية لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وأن مصر تستحق التقدير في التقيّد بها، إلا أنه لم يكن أحد يتصور إمكانية التوقيع على مثل هذه المعاهدة قبل 40 عاماً تقريباً عندما أصبح البلدان شريكين في السلام، وكان هناك عدم ثقة عميق فيما يتعلق بالنوايا بين الجانبين. إن التوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل، مقترناً بالعلاقات العدائية القائمة بين الدولة اليهودية وجيرانها العرب، يضع مصر في موقف سيئ. ومع التغيرات التي شهدتها المنطقة في السنوات الست الماضية، يبدو أن العلاقات بين إسرائيل ومصر، وكذلك مع العديد من الدول العربية الأخرى، تتجه نحو مسار أكثر إيجابية. وبالنسبة للمصريين، بلغت علاقتهم مع إسرائيل ذروتها في أعقاب "الربيع العربي" عام 2011، عندما أدى الوضع الأمني المتدهور في شبه جزيرة سيناء إلى دفع مصر إلى التعاون مع إسرائيل، وللمرة الأولى دون إصرار أمريكي. بالإضافة إلى ذلك، وجدت نفسها العديد من دول الخليج أمام مصالح متقاربة مع إسرائيل، وخاصة مع تزايد التدخل الإيراني في المنطقة.
ومع ذلك، لا تزال المشاعر الشعبية في مصر تجاه إسرائيل سلبية. فوفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن "ميدل إيست مونيتور"، يعتبر 89 في المائة من العرب أن إسرائيل تشكل تهديداً رئيسياً للمنطقة، على قدم المساواة مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهي نسبة أعلى من الـ 72 في المائة من العرب الذين لديهم وجهة نظر سلبية تجاه إيران.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف يمكن لإدارة ترامب أن تبني على هذه الانفراجة بين حكومتي مصر وإسرائيل، لكي يتم إحراز تقدم حقيقي بين هذين الحليفين الأمريكيين المهمين بعد مضي عشر سنوات؟ عندما يتعلق الأمر بمناقشة العلاقات المصرية -الإسرائيلية مع الرئيس السيسي، [ربما أكّدت] إدارة ترامب على تعزيز تطبيع العلاقات بين البلدين. ومع أنه يمكن تفهم كوْن بعض القرارات التي تتخذها الحكومة المصرية بشأن إسرائيل مكلفة جداً من الناحية السياسية، إلّا أنّ هناك قرارات أخرى فيما يتعلق بإسرائيل، يمكن أن تكون إيجابية بالنسبة لمصر في المستقبل.
عند اجتماعهم مع السيسي، [ربما أكّد] مسؤولو الحكومة الأمريكية على ضرورة التغلب على العديد من العقبات التي تعرقل التقدم في العلاقات المصرية الإسرائيلية. وإحدى هذه العقبات هي استمرار العديد من رجال الدين في مصر في إلقاء المواعظ بأن اليهود خونة لا يمكن الوثوق بهم لأنهم "قتلة الأنبياء". ومنذ وصول السيسي إلى الحكم، كان يدرك تماماً دور الخطاب الديني في تشكيل وجهات نظر الناس وإلى أي مدى أدى ذلك إلى نتائج سلبية داخل المجتمع المصري. فخلال لقائه مع علماء الدين، قال السيسي "لا يمكن للدين أن يواجه العالم كله، لأن المشكلة ليست الدين، بل الأفكار، وهذا يتطلب دوراً كبيراً من علماء الأزهر والوقف". يجب على الولايات المتحدة أن تؤكد للمسؤولين المصريين بأنه ينبغي عليهم أن يحفّزوا المعلمين الدينيين على إلقاء خطابات دينية تدعو إلى التسامح وقبول الآراء الأكثر تقبلاً عندما يتعلق الأمر باليهود وغيرهم من الأقليات الدينية في البلاد، مثل المسيحيين الأقباط.
والعائق الثاني هو أن إسرائيل هي واحدة من ست عشرة دولة لا يستطيع المصريون السفر إليها دون الحصول على تصريح من سلطات الأمن القومي. ونتيجة لذلك، لا يسافر المصريون إلى إسرائيل إلا في ثلاث حالات: دبلوماسيون في السفارة في تل أبيب، بعض الحجاج المسيحيين، وعدد قليل من الصحفيين الذين يثق بهم جهاز الأمن.
ومن الخطوات الهامة بالنسبة لمصر هي عمل الحكومة على جعل السياحة ممكنة لإسرائيل دون طلب حصول الأفراد على إذن من جهاز المخابرات والأمن في البلاد. وتمنع العملية نفسها الكثير من الناس حتى من التفكير في هذا الخيار. وإذا أصبحت رحلات السفر إلى إسرائيل خياراً، فسيكون هناك جمهور من المجتمع المصري على استعداد للسفر ورؤية الجانب الآخر. وعلى الرغم من الحقيقة بأنهم سيكونون بأعداد صغيرة، إلا أن ذلك سيشكل بداية لتعزيز التفاهم الثقافي بين الجانبين. ومن شأن التجربة والانطباعات التي سيحصلون عليها أن تساعد على إزالة العديد من الصور النمطية والكراهية العميقة الجذور في المجتمع المصري تجاه إسرائيل واليهود بشكل عام.
وهناك مجال ثالث لزيادة التعاون وهو في قطاع التعليم. ومن المثير للاهتمام أنه لدى مصر مراكز لتدريس اللغة العبرية في ثلاثة عشر جامعة في جميع أنحاء البلاد، ولكن لا يسمح لآلاف الطلاب الذين يتخرجون من هذه البرامج كل عام بالسفر إلى إسرائيل. وسيكون فتح فرص السفر مفيداً، سواء من الناحية التعليمية أو الشخصية. ويمكن أن تكون الخطوة الأولى هي تقليد "المركز الأكاديمي الإسرائيلي" في القاهرة من خلال إنشاء "مركز أكاديمي مصري" في تل أبيب، وهو ما وعد به المسؤولون المصريون منذ سنوات عديدة. ويمكن أن يقترن ذلك بإنشاء برامج لتبادل الطلاب لمدة نصف عام دراسي بين جامعات إسرائيلية بارزة ومختارة ونظيراتها المصرية.
رابعاً، من شأن تعزيز التعاون الاقتصادي أن يقطع شوطاً طويلاً في تحسين العلاقات بين مصر وإسرائيل. وقد مرَّ الاقتصاد المصري بمرحلة صعبة في السنوات القليلة الماضية. وتشكل قضايا الأمن المائي إحدى التحديات الاقتصادية المستقبلية في مصر. ونظراً لتجارب إسرائيل الهائلة في مجال تقنية المياه، فمن الممكن أن يكون التعاون مع إسرائيل مفيداً جداً لمصر على المدى الطويل. ومع ذلك، فمنذ معاهدة السلام، لم يُسمح سوى لعدد قليل من رجال الأعمال المصريين بالمشاركة في تعاملات تجارية مع إسرائيل، وفقط تحت رقابة من مؤسسة الأمن القومي. ومن شأن تخفيف هذه القيود أن يساعد على تعزيز العلاقات المصرية -الإسرائيلية.
وعموماً، ينبغي على إدارة ترامب أن تؤكد للسيسي على أهمية الحفاظ على معاهدة السلام [بين إسرائيل ومصر]، ولكن الأهم من ذلك، تعزيز التطبيع بين البلدين في العديد من المجالات الرئيسية في المرحلة القادمة.
هيثم حسنين هو زميل "غليزر" في معهد واشنطن.
"سايفر بريف"