من المقرر أن يقوم كبير المستشارين الرئاسيين جاريد كوشنر مع فريق من كبار المفاوضين الأمريكيين بزيارة السعودية وقطر هذا الأسبوع، مما يزيد الآمال في إمكانية حل الخلاف بين حليفي الولايات المتحدة - الذي بدأ بعد بضعة أشهر من تسلم إدارة ترامب السلطة - وذلك قبل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي. ولكن من الضروري تسوية العديد من القضايا الشائكة أو تخطيها قبل أن يحدث ذلك.
تأثير الشقاق
على الرغم من أن الانقسامات بين دول الخليج تنبع من مجموعة من الخلافات السابقة، إلا أن الانقسام الحالي بدأ بشكل أساسي في 23 أيار/مايو 2017، حين نشرت "وكالة الأنباء القطرية" سلسلة من المقالات الموالية لإيران، مما أثار إدانة من قبل السعودية والإمارات. (خلص المسؤولون الأمريكيون لاحقاً إلى أن الإمارات دبرت اختراق الموقع). وفي 5 حزيران/يونيو، انضمت الرياض وأبوظبي إلى البحرين ومصر في قطع علاقاتهما الدبلوماسية مع الدوحة وفرض حصار بري وبحري وجوي على البلاد. وفي اليوم التالي، اتهم الرئيس ترامب قطر علناً بدعم الإرهاب. ثم في 23 حزيران/يونيو، وبعد أن ضغطت وزارة الخارجية الأمريكية على الأطراف المعنية لتوضيح الخلاف، أصدرت دول الحصار الأربعة قائمة مطالب مؤلفة من ثلاث عشرة نقطة اتهمت فيها قطر بتنمية علاقات وثيقة مع إيران، ودعم الإرهاب والتطرف الإسلامي، وتمويل وسائل الإعلام المعادية (للحصول على القائمة الكاملة، إقرأ المذكرة السياسية لمعهد واشنطن "قطر بدون تميم").
وفي معظم المقاييس، باء الحصار بالفشل. فقد تمكّنت قطر، التي تجني عائدات ضخمة من مبيعات الغاز الطبيعي، من الصمود وحتى حققت ازدهاراً اقتصادياً. وفي الوقت نفسه، بقيت علاقتها مع واشنطن سليمة. ففي كانون الثاني/يناير 2018، شكر الرئيس ترامب الأمير تميم بن حمد آل ثاني على جهود "مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله"، في حين تستمر "قاعدة العديد الجوية" العملاقة في استضافة أكثر من10,000 جندي أمريكي وطائرة مقاتلة تم استخدامهم في الحملة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». كما تشعر واشنطن بالامتنان للدوحة لاستضافتها بعثة "طالبان" وبالتالي ساهمت في تسهيل محادثات السلام في أفغانستان. وفي قطاع غزة، تستمر الأموال القطرية التي يتم إيصالها عبر إسرائيل في تقديم الدعم الإنساني للفلسطينيين (على الرغم من أن الكثيرين يخشون من أن الأموال تدعم حركة «حماس» أيضاً).
الفرص والعوائق الدبلوماسية
اللافت للنظر هو أن التقارير المتعلقة برحلة كوشنر تُلمِّح إلى أنه لن يزور أبوظبي، حيث يُعتقد أن الحاكم الفعلي للإمارات، ولي العهد الأمير محمد بن زايد آل نهيان، يعارض بشدة تقديم أي تنازلات تجاه الدوحة. وفي هذا الصدد، صرح سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة في 16 تشرين الثاني/نوفمبر أن إنهاء الشقاق "لا يندرج ضمن قائمة أولويات أحد".
من جانبها، تَعتبر قطر أن فتح المجال الجوي السعودي أمام الرحلات الجوية القادمة من الدوحة والوافدة إليها هو بمثابة جائزة أولية تستحق نيلها في حال توفرها - وقد كان هذا الموضوع أحد بنود جدول الأعمال في المحادثات السعودية القطرية قبل عام. ومع ذلك، قد لا يرغب الزعيم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في تقديم تنازلات لوفد من إدارة ترامب. وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر، نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" تقريراً طويلاً بعنوان "السعودية تسعى لحل أزمة قطر كـ «هدية» لجو بايدن".
وقد يشكل فضّ الخلاف أيضاً تحدياً بسبب الإجراءات القانونية التي اتخذتها الدوحة. ففي حزيران/يونيو، قضت "منظمة التجارة العالمية" بأن الرياض قدمت دعماً فاعلاً لشركة يُزعم أنها قرصنت قناة رياضية فضائية مملوكة لقطر. وفي تموز/يوليو، أيّدت "محكمة العدل الدولية" شكوى قطر إلى "منظمة الطيران المدني الدولي" بأن دول الحصار تنتهك الاتفاقيات الخاصة برحلات الركاب عبر الأجواء الأجنبية.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل، يمكن القول إن قطر لا تزال شريكاً محتملاً في التطبيع على الرغم من الرواية المضادة التي تجاهر بها الإمارات. وكانت الدوحة قد اتخذت خطوات أولية نحو هذه الغاية منذ فترة تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، مما أدى إلى إدانتها آنذاك من قبل الدول العربية المجاورة. وقد حضر أحد الوزراء القطريين جنازة رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في عام 1995، وكان مكتب تجاري إسرائيلي قائماً في الدوحة منذ عدة سنوات. وعلى الرغم من فتور العلاقات منذ ذلك الحين، لا يزال بإمكان الإسرائيليين زيارة البلاد بواسطة جوازات سفر إسرائيلية.
وبالنظر إلى الصورة الكبرى، لا يخفى أن هذا الخلاف قد قوّض وحدة الخليج العربي في مواجهة أنشطة إيران الخبيثة في المنطقة. لذلك، فإن حلّ الخلاف سيعزز فعالية السياسة الأمريكية في هذا الشأن وفي القضايا الأخرى ذات الصلة في الشرق الأوسط.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.