- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
زيارة وزير الخارجية المصري إلى إسرائيل قد تستبق مبادرات السلام الدولية
في 10 تموز/يوليو، توجه وزير الخارجية المصري إلى إسرائيل، في زيارة هي الأولى من نوعها خلال السنوات التسع الأخيرة. ويأتي اجتماع سامح شكري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال فترة دفء في العلاقات الأمنية وتقارب استراتيجي بين البلدين، ويشمل ذلك المعارضة المشتركة لكل من تنظيم «ولاية سيناء» الذي يدور في فلك تنظيم «الدولة الإسلامية» وحركة «حماس» في غزة، واحتمالات تنامي النفوذ الايراني في الشرق الأوسط. بيد، تسير العلاقات الأمنية بصورة أسرع نحو الأمام مقارنة بالعلاقات الدبلوماسية. وهنا تجدر الإشارة بأنه لم يمض سوى ستة أشهر منذ أن أعادت مصر سفيرها إلى إسرائيل بعد توقف دام فترة طويلة.
وذَكر شكري أن الرحلة تأتي في فى إطار "الرؤية التى عبر عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى لتحقيق سلام شامل وعادل بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلي ووضع حد نهائى لهذا الصراع الطويل.... فهذا الانجاز إذا تحقق سيكون له آثار إيجابية على منطقة الشرق الأوسط بأكملها". وفي الواقع، بدأت التقارير تظهر على السطح بأن القاهرة قد تستضيف محادثات لبناء الثقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بحضور مسؤولين مصريين وأردنيين.
أما سبب تركيز إسرائيل على محادثات السلام في الوقت الحالي فهو أن نتنياهو كان قد أعرب عن قلقه من أن إدارة أوباما سوف تنظر بجدية في دعم قرار من قبل مجلس الأمن الدولي حول النزاع في نهاية العام الحالي. فهو يعتبر أن أي خطوة من هذا القبيل ستكون مرادفة لحل مفروض للقضايا الأساسية من الوضع النهائي (الحدود والترتيبات الأمنية والقدس واللاجئين والاعتراف المتبادل)، وأنه يعتقد أنه لا يمكن لإسرائيل أو للفلسطينيين قبول هذه النتيجة. كما يشعر نتنياهو بالقلق من أن مبادرة السلام الفرنسية قد تكتسب زخماً وتسهم في اتخاذ قرار من قبل مجلس الأمن. لذا يبدو أنه عازم على استباق هذه الجهود عن طريق عرض خيارات أخرى. على سبيل المثال، تفيد بعض التقارير أنه ناقش مقترحات لعقد مؤتمر سلام بديل عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الآونة الأخيرة.
وفيما يتعلق بالاجتماع الذي عقده شكري، من المرجح أن يعوّل نتنياهو على الضغط الذي يولّده الاجتماع على محمود عباس. وفي حين لم تكن لرئيس السلطة الفلسطينية أية مشكلة في رفض دعوة نتنياهو [سابقاً] لاستئناف المحادثات وسط تشكيكه بأنه لن ينتج عنها أي شيء ملموس، إلا أن مشاركة مصر لكي تساعد على جلب الأطراف سوية يرفع من تكاليف مثل هذا الرفض. وتجدر الإشارة إلى أن القاهرة هي الراعية التقليدية للسلطة الفلسطينية، لذلك فإن رفض النداءات لحضور قمة يستضيفها السيسي لن يكون شيئاً بسيطاً بالنسبة لعباس، وخصوصاً بعد زيارة شكري لرام الله في 29 حزيران/يونيو. بل قد تكهنت بعض التقارير بأن السيسي قد يجتمع علناً مع نتنياهو نفسه، على الرغم من أنه لم يظهر بعد أي دليل ملموس على مثل هذه الخطط.
وفي الوقت نفسه، سيكون من الصعب على نتنياهو أيضاً اتخاذ خطوات لبناء الثقة. وكانت المرة الأخيرة التي عرض فيها السيسي علناً التوسط للقيام بمبادرة بين إسرائيل والفلسطينيين هي في منتصف أيار/مايو، عندما كان نتنياهو يتحدث مع رئيس حزب العمل/الاتحاد الصهيوني يتسحاق هرتسوغ حول توسيع الحكومة. وقد انهارت تلك المناقشات في النهاية، ويرجع ذلك أساساً لأن نتنياهو لم يوافق على الالتزام خطياً بصيغة من شأنها أن تحظر نشاطات البناء الاستيطاني فيما وراء الحاجز الأمني في الضفة الغربية والسماح بوصول الاقتصاد الفلسطيني إلى مساحات غير مأهولة إلى حد كبير من "المنطقة ج". ولذلك ليس من المؤكد كيف سيتمكن من حشد الإرادة السياسية للتعهد بمثل هذه الالتزامات في الوقت الراهن في ظل ائتلافه الحالي، الذي انحرف نحو اليمين بصورة أكثر بعد فشل المحادثات مع هرتسوغ.
وإذا كان نتنياهو على استعداد في الواقع لمواصلة السير على هذا الطريق، فسيحتاج على الأرجح إلى تدبير رحيل حزب البيت اليهودي برئاسة وزير التعليم نفتالي بينيت. وبعد ذلك يمكنه أن [يقنع] هرتسوغ بالإنضمام إلى الحكومة أو ينتظر إلى أن تبدأ الكنيست عطلتها الصيفية خلال بضعة أسابيع. ومن الناحية القانونية، لا يُسمح بأي تصويت بسحب الثقة عن الحكومة أثناء هذه العطلة، لذلك فبإمكان رئيس الوزراء أن يسمح لائتلافه الحالي بالانهيار بهذه الطريقة.
وفيما يتجاوز القضية الفلسطينية، ليس هناك شك بأنه كانت هناك مسائل أخرى أراد شكري مناقشتها مع نتنياهو مباشرة. فمن جهة، توصلت إسرائيل مؤخراً إلى اتفاق مع تركيا لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بشكل كامل، إلا أن الخصومة المريرة بين أنقرة والقاهرة لا تزال قائمة. وربما أراد شكري التأكد من أن نتنياهو يفهم الخطوط الحمراء لمصر حول غزة، حيث تسعى أنقرة إلى الحصول على تأثير أكبر. إن الاتفاق بين إسرائيل والأتراك لن يسمح لهؤلاء بتشغيل الميناء في غزة أو بإرساء سفن مولدة للكهرباء قبالة سواحلها، ويرجع ذلك جزئياً لأن نتنياهو يعتقد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سوف يستغل مثل هذه التنازلات ويعتبرها انتصاراً سياسياً كبيراً.
وربما كان شكري يرغب أيضاً في الحصول على معلومات عن رحلة نتنياهو إلى وسط أفريقيا في الأسبوع الماضي. فقد كانت أثيوبيا من بين الدول التي زارها، وكما هو معروف تخطط أديس أبابا لبناء سد على نهر النيل يمكن أن يؤثر إلى حد كبير على إمكانية حصول مصر على المياه [الكافية من] نهر النيل. ويبدو أن القاهرة تعتقد أن زيارة نتنياهو قد تؤثر على إمكانية موافقة إثيوبيا على صيغة لتقاسم المياه مع مصر.
ديفيد ماكوفسكي هو زميل "زيغلر" المميز ومدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن.