- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3766
أفول الاتفاق الإيراني في تشرين الأول/أكتوبر: تعزيز العقوبات من دون إعادة فرضها
على الاتحاد الأوروبي وبريطانيا تمديد بعض قيودهما على طهران من جانب واحد، مع اقتراب موعد انتهاء صلاحية عقوبات الأمم المتحدة وعدم رغبتهما في إطلاق عملية "إعادة فرض العقوبات".
أجرت الولايات المتحدة وإيران عدة جولات من المحادثات غير المباشرة هذا العام واتخذتا خطوات متعددة لخفض التوتر والحفاظ على احتمال التوصل إلى اتفاق نووي. ومع ذلك، واصلت طهران أيضاً سلوكها المزعزع للاستقرار، من خلال تزويد روسيا بالأسلحة لاستخدامها ضد أوكرانيا وقمع المدنيين في الداخل الإيراني، واستيلاءها على السفن التجارية في الخليج العربي، والاستمرار في إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب. وتؤكد هذه الأعمال الشكوك حول التزام إيران بوقف التصعيد.
وسيؤدي انتهاء سلسلة من المهل الزمنية، في 18 تشرين الأول/أكتوبر، إلى تسليط الضوء على الضغوط في سياسات الغرب ضد إيران. فقد استمر العمل تلقائياً ببعض عناصر الاتفاق النووي لعام 2015، بما في ذلك انتهاء الصلاحية المقرر لبعض الإجراءات في غضون أقل من ثلاثة أشهر، على الرغم من توقف واشنطن وطهران عن الالتزام بشروط الاتفاق. وبما أن "إعادة فرض العقوبات" بالكامل هو أمر مستبعد، على الاتحاد الأوروبي وبريطانيا اتخاذ خطوات أخرى لضمان عدم استفادة إيران من هذا التخفيف غير المبرر للعقوبات.
مخاوف بشأن "إعادة فرض العقوبات"
بإمكان الحكومات الأوروبية إطلاق عملية تعرف باسم "سناب باك"، أو "إعادة فرض العقوبات"، لمنع انتهاء صلاحية معظم القيود التي فُرضت على إيران والتي حددت تاريخ انتهاء مدتها كل من "خطة العمل الشاملة المشتركة" وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 المرافق لها. ومن شأن عملية "إعادة فرض العقوبات" أن تعيد تفعيل قرارات الأمم المتحدة بشأن إيران التي انتهت صلاحيتها، وإلغاء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وإعادة فرض جميع العقوبات التي رُفعت بموجب ذلك الاتفاق. ولكن من غير المرجح أن تقدم الأطراف الأوروبية الشريكة في "خطة العمل الشاملة المشتركة"، أي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، على هذه الخطوة ما لم تُقبل إيران على تصعيد جديد وخطير.
وفي الواقع أن أوروبا تعتبر حالياً أن التهديد بإعادة فرض العقوبات هو أكثر فائدة من إعادة فرضها فعلياً، بحجة أن مخاوف طهران بشأن إعادة تفعيل العقوبات قد ساعدت في ردعها عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المائة وعن اتخاذ خطوات أخرى لصنع قنبلة نووية. ويشعر المسؤولون الأوروبيون بالقلق من احتمال أن تؤدي إعادة فرض العقوبات حالياً إلى تحفيز طهران على اتخاذ مثل هذه الخطوات، من دون أن تحثها العواقب الاقتصادية الناتجة من العملية على تغيير مسارها. كما أن إعادة فرض العقوبات قد تقوّض جهود واشنطن المستمرة التي تدعمها أوروبا لتهدئة التوترات.
تاريخ انتهاء الصلاحية
بما أن إعادة فرض العقوبات أمر غير مرجح، على الحكومات الغربية أن تخطط لكيفية التعامل مع مختلف حالات انتهاء الصلاحية وتداعياتها التي من المتوقع أن تتكشف في 18 تشرين الأول/أكتوبر، المعروف باسم "يوم الانتقال".
قيود الأمم المتحدة. في 18 تشرين الأول/أكتوبر ستنتهي صلاحية ثلاثة بنود من "القرار رقم 2231":
- بند ينص على أن "المطلوب من إيران ألا تقوم بأي نشاط يتصل بالقذائف التسيارية المعدة لتكون قادرة على إيصال الأسلحة النووية".
- اشتراط حصول الدول على إذن من مجلس الأمن الدولي قبل نقل أنواع محددة من الصواريخ والطائرات بدون طيار والتكنولوجيا ذات الصلة من إيران وإليها.
- مطالبة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتجميد أصول ثلاثة وعشرين فرداً وواحد وستين كياناً متورطاً في برنامج إيران النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.
وتنطوي الطريقة الوحيدة لتمديد صلاحية هذه القيود، في غياب احتمال "إعادة فرض العقوبات"، على تمرير قرار جديد من قبل مجلس الأمن، وهذا أمر مستحيل نظراً للمعارضة الروسية والصينية. لذلك، من شبه المؤكد أن صلاحية هذه البنود الثلاثة من الاتفاقية ستنتهي في تشرين الأول/أكتوبر. وسيخفف ذلك من بعض الضغوط الدبلوماسية على طهران ويمنح الرئيس إبراهيم رئيسي انتصاراً سياسياً. ومع ذلك، قد تكون تأثيرات هذا الوضع محدودة عملياً، لأن إيران تتجاهل باستمرار هذه القيود حين تقوم باختبارات إطلاق القذائف التسيارية وتزود شركاءها ووكلاءها الأجانب بأسلحة محظورة.
قيود الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. من المقرر رفع مجموعة واسعة من العقوبات والقيود الأوروبية في تشرين الأول/أكتوبر:
- القيود على الأفراد والكيانات المشاركة في برامج إيران الصاروخية والنووية وغيرها من برامج الأسلحة، من بينها إبدال تصنيفات الأمم المتحدة، أي نسخها فضلاً عن قائمة أوسع من العقوبات المستقلة.
- العقوبات على أكثر من 300 فرد وكيان تم تعليقها عند تنفيذ "خطة العمل الشاملة المشتركة"، إلى جانب العقوبات الأخرى على مستوى القطاعات التي تم تعليقها في الوقت نفسه.
- حظر نقل "جميع أنواع" الأسلحة والتكنولوجيا المتعلقة بالصواريخ الباليستية إلى إيران أو تقديم خدمات ذات صلة.
- العقوبات على المعاملات والخدمات المتعلقة بأنواع معينة من المعادن والبرمجيات.
- حظر تقديم خدمات الطيران والشحن للطائرات والسفن الإيرانية المشتبه في تورطها في نشاط غير مشروع.
ومن بين جميع العقوبات التي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في تشرين الأول/أكتوبر، من المحتمل أن يكون لإزالة القيود الأوروبية أكبر فائدة عملية لطهران. وتشمل الكيانات التي سيتم رفع التصنيف عنها أهم الشركات المصنعة للصواريخ والطائرات والطائرات بدون طيار (على سبيل المثال، "منظمة صناعات الطيران الإيرانية"، و"الصناعات التحويلية للطائرات الإيرانية"، و"مجموعة شهيد بكري الصناعية"، و"مجموعة شهيد همت الصناعية"). وقد يفتح رفع هذه القيود مجالات جديدة أمام إيران للاستحواذ على الأسلحة والتكنولوجيا وقطع الغيار.
ولكن خلافاً لعقوبات الأمم المتحدة، لن يكون انتهاء صلاحيات القيود الأوروبية تلقائياً. وبالتالي، تملك بروكسل ولندن خيارات عملية يمكنهما من خلالها تجنب بعض هذه السيناريوهات السلبية (انظر أدناه).
العقوبات الأمريكية. لو كانت واشنطن لا تزال طرفاً في "خطة العمل الشاملة المشتركة"، لتوجب عليها في تشرين الأول/أكتوبر إنهاء بعض بنود قوانين العقوبات وإزالة عشرات الأفراد والكيانات من قوائم عقوباتها. ولكن من المفترض أن هذه الالتزامات قد فقدت أهميتها بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.
الالتزامات الإيرانية. بحلول "يوم الانتقال"، يتعين على الإيرانيين السعي إلى الحصول على تصديق رسمي على الملحق (البروتوكول) الإضافي، وهو نظام تفتيش متقدم "للوكالة الدولية للطاقة الذرية"، الذي طبقوه مؤقتاً بموجب "خطة العمل الشاملة المشتركة". ولكن بما أنهم توقفوا عن تطبيق الملحق (البروتوكول) الإضافي ولو بشكل مؤقت، فلن يصادقوا عليه في الموعد المحدد.
التوصيات
في ظل سياسات إيران المزعزعة للاستقرار المذكورة أعلاه، تكثر الأسباب التي تدفع الحكومات الأوروبية إلى الاستنتاج بأن رفع العقوبات في أقل من ثلاثة أشهر ليس خياراً عملياً، ولكنها ستحتاج إلى إيجاد حل وسطي، مع استبعاد إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.
وبما أن المسؤولين الأوروبيين حريصون على إبقاء إجراءاتهم ضمن إطار "خطة العمل الشاملة المشتركة" و"القرار رقم 2231"، فقد يستخدمون أولاً آلية حل النزاعات الخاصة بهذه الاتفاقية، والتي تسمح للطرف بالتعامل مع قضية لم يتم حلها "كأساس للتوقف عن الوفاء بالتزاماته... كلياً أو جزئياً". وقد سبق أن أطلق الأوروبيون هذه الآلية في عام 2020 في استجابة للتصعيد النووي الإيراني، ولكنهم لم يتخذوا أي خطوات للرد في ذلك الوقت. لذلك يمكنهم بموجب هذه الآلية ترك معظم القيود سارية المفعول بعد "يوم الانتقال". أمّا بالنسبة إلى القيود الأوروبية المتعلقة بقوائم عقوبات الأمم المتحدة، فسيكون الحفاظ عليها أكثر تعقيداً، ومن المرجح أن يتطلب تشريعات على المستوى الأوروبي، لكن هذه الخطوات تبدو قابلة للتنفيذ في السياق الحالي للتوترات الأوسع نطاقاً مع إيران.
وبالإضافة إلى الحفاظ على القيود، يتعين على المسؤولين الأوروبيين ربط سياستهم المتعلقة "بيوم الانتقال" بجهود جديدة لتسليط الضوء على انتشار الطائرات بدون طيار وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، مع التأكيد على أن خفض التصعيد في بعض المسارح لن يمنع الغرب من اتخاذ إجراءات في مواقع أخرى. ويصادف شهر أيلول/سبتمبر الذكرى السنوية لأحداث على جبهتين: الارتفاع الأولي في عدد الطائرات الإيرانية بدون طيار التي تظهر في ساحات القتال في أوكرانيا، ومقتل مهسا أميني، الذي أشعل الحركات الاحتجاجية الشعبية الأخيرة في إيران. وبناء على ذلك، على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا التخطيط لفرض عقوبات إضافية تتعلق بهذه القضايا ورفع السرية عن مزيد من التفاصيل عنها. وتشكل العقوبات وإجراءات تعزيز سلطات مراقبة الصادرات، التي أعلنتها بروكسل ولندن مؤخراً، بداية جيدة، ولكن يمكنها، بل ينبغي عليها، أن تذهب إلى أبعد من ذلك.
وأطلعت الحكومات الأوروبية طهران بشكل عام على خطتها لإبقاء القيود سارية، مما أدى إلى اعتراض المسؤولين الإيرانيين، ولكن ليس بشديد العبارة. فقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن طهران ستنتظر لترى ما ستفعله أوروبا عملياً ثم ستقوم برد "متوازن ومتناسب". وأدلى مَنفذ إخباري مرتبط "بالمجلس الأعلى للأمن القومي" الإيراني بتعليقات مماثلة. وقد تُصعّد إيران إجراءاتها مع اقتراب شهر تشرين الأول/أكتوبر، مثل التنصل من الحد الأقصى المزعوم لمدى الصواريخ الباليستية البالغ 2000 كيلومتراً. وفي هذه الحالة، يجب على المسؤولين تذكير طهران بأن أي تمديد للقيود الأوروبية هو نتيجة عدم امتثالها لشروط الاتفاق وأنه يمكن إزالتها في إطار اتفاق نووي أعيد إحياؤه.
هنري روم هو زميل أقدم في معهد واشنطن. لويس دوجيت-جروس هو زميل زائر في المعهد ودبلوماسي في "الوزارة الفرنسية لأوروبا والشؤون الخارجية". الآراء الواردة هنا شخصية بحتة.