- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
الأمل قائم بسيادة الديمقراطية في تركيا حتى لو فاز أردوغان مجدداً
يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منافسة شديدة من خصومه، بمن فيهم المرشح الرئيسي لـ «حزب الشعب الجمهوري» المعارض محرم اينجه ورئيسة حزب «إيي» («الحزب الجيد») ميرال أكشنار، خلال الانتخابات التي ستجري يوم الأحد، حين سيصوت الأتراك لانتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان أيضاً. وتُرَجح احتمالات الرئاسة لصالح أردوغان، حيث تجري الانتخابات في ظل حالة طوارئ؛ وتسيطر الشركات الموالية لأردوغان على نحو 90 في المائة من وسائل الإعلام؛ وبإمكان الحكومة فرض رقابة على المحتوى الإلكتروني؛ وبموجب قانون انتخابي جديد سيتم تعيين هيئات الإشراف على الانتخابات بحيث تضم أشخاص معينين من قبل الحكومة مقابل مراقبين مستقلين في الانتخابات السابقة.
ووفقاً لذلك، قد يفوز أردوغان في الانتخابات التي ستجري يوم الأحد، أو في الجولة الثانية التي ستجري في 8 تموز/يوليو بين المرشحَيْن الأول والثاني إذا لم يحصل أي مرشح رئاسي على أكثر من 50 في المائة من الأصوات يوم الأحد. ومع ذلك، لا يزال هناك أمل في الديمقراطية في تركيا. فمنذ تسلم أردوغان السلطة عام 2002 - من خلال «حزب العدالة والتنمية» الذي كان يرأسه، وهو سياسي متديّن تعود جذوره إلى الطبقة العاملة - حقق نصراً في 12 اقتراعاً في جميع أنحاء البلاد إذ لم يواجه قط أي منافس جدي.
إن تركيا هي دولة محافظة عموماً شكّلت فيها الأحزاب اليمينية الحكومة منذ عام 1950 باستثناء 17 شهراً. وخلال الأعوام الستة عشر التي سبقت هذه الانتخابات، جاء أبرز منافسي أردوغان حصراً من الحزب المعارض الأكبر - «حزب الشعب الجمهوري» اليساري. بيد، قوّض أردوغان ومؤيدوه أولئك المنافسين بسهولة، من خلال وصفهم باليساريين أو "الزنادقة". كما لعب أردوغان على الوتر الشعبي، حيث اعتبر منافسيه من «حزب الشعب الجمهوري» بأنهم من نخبة اسطنبول غير القادرين على التواصل مع جماهير الأناضول في تركيا.
لكن لم تعد هذه هي الحال: فكل من اينجه وأكشنار من المسلمين المحافظين ومن الأناضول أيضاً. وتتحدر أكشنار من «حزب العمل القومي» - وولِدت في مدينة أناضولية، وهي سياسية يمينية حسنة النية في السياق التركي. وعلى الرغم من أن اينجه يمثل «حزب الشعب الجمهوري» اليساري، إلّا أن تدينه العميق وخلفيته الأناضولية يجعلانه يبدو مرشحاً من اليمين الوسط أكثر منه كمنافس يساري تقليدي لأردوغان - أي أشبه بالرئيس التركي السابق سليمان ديميريل الذي كان يرأس حزب «الصراط المستقيم» في المجال السياسي التركي.
أما منافس أردوغان الآخر فهو صلاح الدين دميرتاش. ورغم أنه ينحدر من اليسار ومحامٍ يدافع عن حقوق الإنسان وذو أصول متواضعة، إلّا أنه بإمكان الناس إيجاد صلة معه على غرار أردوغان.
وخلال الانتخابات التركية التي جرت في حزيران/يونيو 2015، وسّع دميرتاش القاعدة القومية الكردية التقليدية الضيقة لـ «حزب الشعوب الديمقراطي» من خلال الوصول إلى الناخبين الأتراك الليبراليين. وكانت تلك المرة الأولى التي يتخطى فيها حزب موالٍ للأكراد عتبة الـ 10 في المائة - وهي نسبة التصويت الوطنية اللازمة للأحزاب الممثلة في البرلمان. وحيث شعر أردوغان بأنه مهدد من صعود دميرتاش، قام بسجنه عام 2016. ومع ذلك، فحتى مع قيام دميرتاش بإدارة حملة حزبه من وراء القضبان، لا يزال «حزب الشعوب الديمقراطي» يقترب من عتبة الـ 10 في المائة في استفتاءات الرأي. وبفضل كونه شخصية جذابة، يشكل دميرتاش تهديداً لأردوغان على المدى الطويل، كما أثبت حتى من زنزانته في السجن.
وللمرة الأولى، لا يواجه أردوغان مرشحاً واحداً من اليمين بل مرشحَيْن إضافةً إلى دميرتاش. وليس من المفروغ منه القول إن الفرسان الثلاثة في تركيا، أي أكنشار واينجه ودميرتاش، سيكونون منافسي أردوغان على المدى الطويل، حتى لو لم يتمكنوا من إزاحته عن كرسي الرئاسة هذه المرة.
سونر چاغاپتاي هو زميل "باير فاميلي" ومدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، ومؤلف الكتاب الجديد: "السلطان الجديد: أردوغان وأزمة تركيا الحديثة".
"سيغما إنسايت تركي"