- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
الانتهاء من تحديد مسار تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر
بعد شهور من التأخير، تم التوصل إلى اتفاق لنقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي من عسقلان إلى العريش في شمال سيناء، لاستخدامه في السوق المحلية في مصر و / أو إعادة تصديره. ويمتد خط أنابيب "غاز شرق المتوسط" بعيداً عن الشاطئ بشكل رئيسي، متجنباً قطاع غزة. وتم بناؤه في الأصل لتزويد إسرائيل بالغاز المصري، لكن تدفق ذلك الغاز توقف في عام 2012 بعد انتخاب حكومة مصرية بقيادة «الإخوان المسلمين» وشن هجمات إرهابية متعددة على خط الأنابيب. والآن بعد أن أصبحت إسرائيل قادرة بشكل أساسي على تلبية احتياجاتها من الغاز - بسبب الإمدادات من حقل "تمار" البحري وحقل "ليفياثان" الأكبر حجماً البعيد عن الشاطئ، والذي يبدأ تشغيله في الشهر المقبل - فقد تَحوّل التركيز إلى المهمة الحاسمة المتمثلة في إيجاد أسواق التصدير.
وبالتوازي مع المحادثات حول تغيير ملكية خط أنابيب "غاز شرق المتوسط"، تم عكس محطات الضخ الخاصة به كما تم فحص خط الأنابيب للتأكد من سلامته الفنية، بسبب حدوث عثرات عرضية. وفي مرحلة ما، على سبيل المثال، أصبح روبوت التفتيش الهندسي المعروف باسم "الخنزير" عالقاً وكان لا بد من إخراجه.
وحيث تم حل هذه الصعوبات وغيرها من المشكلات الفنية، انضمت شركة "نوبل إنرجي" المشغلة لحقلي "تمار" و "ليفياثان" ومقرها في مدينة هيوستن الأمريكية إلى شركة "ديليك" الإسرائيلية وشركاء آخرين العام الماضي في توقيع اتفاقية لتوريد الغاز مع شركة "دولفينوس" المصرية. ومنذ ذلك الحين، تم تعديل الاتفاق لزيادة حجم الغاز الذي سيتم إرساله إلى مصر. ويتمثّل الحل التجاري الأكثر وضوحاً في معالجة الغاز في محطات التسييل في دلتا النيل، حيث يمكن إرسالها في صهاريج "الغاز الطبيعي المسال" إلى عملاء في جميع أنحاء العالم.
إن إسرائيل هي بالفعل مُصدِّراً صغيراً، حيث تقوم بإرسال غاز "تمار" إلى محطتين صناعيتين أردنيتين بجوار البحر الميت منذ عام 2017. وهناك خطط أكثر جوهرية لتوريد غاز "ليفياثان" إلى مولّد الكهرباء الرئيسي في الأردن بدأً من كانون الثاني/يناير، رغم أن هذه الصفقة تضع عمان في معضلة. ففي الوقت الحالي، يتم تلبية الطلب على الغاز في المملكة من خلال الإمدادات المصرية التي تم إحياؤها حديثاً، الرخيصة نسبياً والتي تصل عبر خط أنابيب، وأيضاً من "الغاز الطبيعي المسال" الباهظ الثمن الذي يتم شراؤه من السوق الدولية (بما في ذلك من قطر)، ويتم إيصاله إلى ميناء العقبة. وتم توقيع عقد "الغاز الطبيعي المسال" في عام 2015 في خضم أزمة طاقة محلية وهو يُلزِم الأردن بشراء اثنا عشر إمدادات أخرى في العام المقبل. بيد أن العَقْد الخاص بالإمدادات الإسرائيلية الجديدة من حقل "ليفياثان" يلزم الدفع حتى لو لم تكن هناك حاجة للغاز.
ومن الناحية الاقتصادية البحتة، فإن المنطق طويل الأجل هو أن تصبح إسرائيل، بدلاً من مصر، المورّد الرئيسي للغاز للأردن، البلد الذي يتم فيه أيضاً تعزيز قطاع الطاقة من خلال مشروعات الصخر الزيتي والطاقة الشمسية المحلية. وفي الوقت نفسه، فإن أفضل خيار تجاري لإسرائيل من فائض الغاز هو تصديره إلى مصر، ربما عبر خط مستقبلي يتم إنشاؤه تحت سطح البحر لمنع الهجمات الإرهابية، ويمتد من العريش إلى مصانع "الغاز الطبيعي المسال" الواقعة بين الإسكندرية وبورسعيد. (قد يتطلب خط أنابيب مقترح في قاع البحر يربط الحقول الإسرائيلية والقبرصية باليونان وإيطاليا اكتشاف كميات غاز أكبر بكثير من تلك التي وُجدت حتى الآن).
ومهما كانت النتيجة، تظل إمدادات الغاز الإسرائيلية موضوعاً حساساً سياسياً في كل من مصر والأردن، الأمر الذي قد يُعقّد تعاونهما في مجال الطاقة في المستقبل. وفي الوقت نفسه، لم يكن بالإمكان تصوّر المستوى الحالي للتعاون قبل بضع سنوات فقط، في حين توفّر آخر الأخبار المزيد من التشجيع.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.