- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
الفلسطينيون أكثر إيجابية من جيرانهم العرب بشأن "اتفاقيات إبراهيم" وأكثر انفتاحًا على القوى المتنافسة
أظهرت نتائج استطلاع جديد للرأي العام أجري في مناطق غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، عن العلاقات مع إسرائيل والأدوار التي تلعبها الولايات المتحدة والصين وروسيا والقوى الإقليمية الأخرى في المنطقة، عن اختلافات رئيسية في المواقف بين الفلسطينيين والمستطلعين في أماكن أخرى من العالم العربي.
قيّم هذا الاستطلاع الذي أجراه "المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي" بتكليف من "معهد واشنطن" في تموز/يوليو 2023، التصورات الفلسطينية حول مواضيع عدة، بدءًا من الحرب في أوكرانيا ووصولًا إلى الانقسامات السياسية الداخلية وقابلية استمرار المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. وكشفت المقارنة بين نتائج هذا الاستطلاع واستطلاع آخر أجري في وقت سابق في نيسان/أبريل 2023 وقيّم آراء مشاركين من سبع دول عربية أخرى، عن تباين محدود، ولكن ذو مغزى، بين وجهات نظر الفلسطينيين وبين تلك الدول العربية، فضلًا عن اختلافات الآراء بين الفلسطينيين أنفسهم من سكان الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.
ينظر نصف الفلسطينيين تقريبًا إلى "اتفاقيات إبراهيم" بإيجابية، على الرغم من أن الأغلبية تشعر بأنها مهملة من الحكومات العربية المشاركة في صنع السلام
كانت المواقف في غزة والقدس الشرقية مختلفة تمامًا عن آراء الجماهير العربية الأخرى التي اعتبرت أن "اتفاقيات إبراهيم" إيجابية "إلى حد ما" أو إيجابية "جدًا" للمنطقة بمتوسط 16% من الإجابات في استطلاع نيسان/أبريل 2023، ووصلت نسب الذين ينظرون إلى التأثير الإقليمي للاتفاقيات بإيجابية إلى 47% في غزة و63% في القدس الشرقية. وفي حين أن هذه النسبة تقلصت في الضفة الغربية، إلا أنها كانت مماثلة لتلك المسجلة في الإمارات في نيسان/أبريل 2023، وهي أكبر نسبة إيجابية (27%).
ومع ذلك، فإن الأغلبية العظمى من المستطلعين في المواقع الثلاثة، أي 58% في غزة و61% في الضفة الغربية و64% في القدس الشرقية، وافقت على الرأي القائل إن "الحكومات العربية تهمل الفلسطينيين وتبدأ في تكوين الصداقات مع إسرائيل لأنها تعتقد أنه يجب على الفلسطينيين أن يكونوا أكثر استعدادًا لتقديم التنازلات". وكما ورد في مقال منفصل، يتفق عدد كبير من سكان غزة وبعض من سكان الضفة الغربية على أن القيادة الفلسطينية يجب أن تطبّع العلاقات مع إسرائيل إذا قامت السعودية بذلك.
وتشمل القضايا الأخرى التي يختلف فيها الفلسطينيون عن الجماهير العربية الأخرى قبول المساعدات من إسرائيل في أعقاب كارثة طبيعية. وفي حين وافق ما لا يقل عن ثلثي المستطلعين العرب (مع شبه إجماع في لبنان بنسبة 98%) على الرأي القائل إن " في حال حصول هزة أرضية أو أي كارثة طبيعية أخرى، كما شهدنا في تركيا وسوريا، على الدول العربية رفض أي مساعدة إنسانية مقدّمة من إسرائيل"، انخفضت هذه النسبة إلى 50% في غزة و58% في الضفة الغربية و59% في القدس الشرقية.
إلا أن الآراء الفلسطينية حول مواضيع أخرى تتعلق بإسرائيل تماشت إلى حد كبير مع تلك التي عبر عنها المستطلعون في الدول العربية الأخرى. ففي ما يتعلق بإطلاق "حماس" صواريخ من غزة على إسرائيل وتأثير هذا العمل على المنطقة، وقعت آراء المستطلعين في الضفة الغربية والقدس الشرقية في منتصف مجموعة المستجيبين، إذ قال 41% منهم إن هذا التطور سيكون له تأثير إيجابي "إلى حد ما"، مع العلم أن جولة جديدة من إطلاق الصواريخ قد حصلت في وقت إجراء الاستطلاعات الإقليمية العربية والفلسطينية. وكانت استجابة سكان غزة بالنسبة إلى الصواريخ هي الأكثر إيجابية (58%) من بين جميع الفلسطينيين الذين شملهم الاستطلاع، متخلفين فقط عن لبنان والأردن اللذين سجّلا 62% و60% على التوالي.
وفي ما يتعلق باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، انقسمت مجددًا أراء الفلسطينيين نسبيًا، على غرار جيرانهم العرب. ففي كل من غزة والضفة الغربية رأت نسبة 44% أن الاتفاق سيكون له تأثير إيجابي "جدًا" أو "إلى حد ما" على المنطقة، فيما بلغت نسبة الذين اعتبروا أن الاتفاق سيكون له آثار سلبية 48% و47% على التوالي. أما في القدس الشرقية، فاعتبرت الأغلبية (64%) أن الاتفاق سيكون له تأثير إيجابي مقارنة بنسبة 33% فقط من الآراء السلبية.
وعلى صعيد الاحتجاجات الجماهيرية الأخيرة ضد إدارة نتنياهو في إسرائيل، تباينت الاستجابات الفلسطينية بحسب المناطق. في قطاع غزة، قال 57% من المستطلعين إن الاحتجاجات سيكون لها تأثير إيجابي "إلى حد ما"، مقارنة بنسبتي 61% و74% في الضفة الغربية والقدس الشرقية على التوالي. ومع ذلك، يتوافق هذا الاختلاف مع نتائج استطلاع نيسان/أبريل 2023، إذ تراوحت نسب الآراء إيجابية بشأن الاحتجاجات بين 65% في الكويت والإمارات و74% في لبنان.
الفلسطينيون يعطون أهمية أكبر للعلاقات مع القوى العالمية، ويختلفون في وجهات نظرهم حول الشراكة مع الولايات المتحدة وإيران
عند السؤال عن أهمية العلاقات مع الصين وروسيا والولايات المتحدة وإيران، اعتبرت أغلبية الفلسطينيين في المناطق الثلاث أن هذه العلاقات مهمة "إلى حد ما" أو "مهمة جدًا"، وفاقت هذه النسبة تلك المسجلة في الدول العربية الأخرى. وفي ما يتعلق بالصين مثلًا، اعتبر 76% من المستطلعين في الضفة الغربية هذه العلاقات مهمة، بينما انخفضت هذه النسبة قليلًا في القدس الشرقية (73%) وقطاع غزة (72%)، ولكن حتى هذه الأغلبية تساوي تلك المسجلة في الدول العربية الأخرى أو تفوقها. وعندما طُرح هذا السؤال في المرة الأخيرة في استطلاع إقليمي أجري في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، سجّل لبنان 72%، وهي أعلى نسبة من المواطنين العرب الذين اعتبروا أن العلاقات الصينية مهمة. وتراوحت النسب في جميع الدول الأخرى بين 50% و60%.
وعلى نحو مماثل، وصفت أغلبية كبيرة في غزة (64%) والضفة الغربية (63%) والقدس الشرقية (77%) العلاقات الجيدة مع موسكو بأنها مهمة "إلى حد ما على الأقل". ومقارنة بنسبة 58% في لبنان التي اعتبرت أن العلاقات مع روسيا مهمة في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وهي أعلى نسبة بين جميع البلدان التي شملها الاستطلاع في ذلك الوقت، تكشف هذه النتائج عن اختلاف رئيسي في المواقف بين سكان الأراضي الفلسطينية وجيرانهم.
ومع ذلك، إن هذا التقييم الإيجابي للعلاقات مع روسيا لا يمكن ترجمته بالضرورة إلى دعم المستطلعين لأعمال روسيا في أوكرانيا. فنسبة الذين وافقوا على أن "في الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا، ستتمثل أفضل نتيجة بانتصار روسيا، بما في ذلك ضم أراض أوكرانية واسعة إلى روسيا"، كانت ضئيلة نسبيًا في غزة والضفة الغربية وبلغت 49% و50% على التوالي. وفي الاستطلاع العربي السابق، وافق أكثر من 70% من المستطلعين في كل البلدان على هذه الفكرة "إلى حد ما على الأقل" باستثناء لبنان وتماشت آراء سكان القدس الشرقية (71%) مع آراء اللبنانيين. وكثيًرا ما انتقدت وسائل الإعلام العربية الدعم الدولي لأوكرانيا مقارنة بالدعم الدولي للفلسطينيين، ولكن يتعاطف على الأرجح المزيد من الفلسطينيين مع جهود الأوكرانيين للحفاظ على دولتهم نظرًا لنضال الفلسطينيين المستمر من أجل السيادة والتصدي للتهديدات بالضم.
وبدا أن الفلسطينيين هم أكثر ميلًا إلى الإشادة بالعلاقات مع الولايات المتحدة أيضًا. وافق 80% من المستطلعين في القدس الشرقية "إلى حد ما على الأقل" على أنهم "لا يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة هذه الأيام" ويجب عليهم "التطلع أكثر إلى روسيا أو الصين كشريكين" مقارنة بالسعودية سجلت نسبة 61% في استطلاع تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وهي النسبة الأعلى المسجلة في ذلك الوقت. وما زالت أغلبية كبيرة نسبيًا من المستطلعين في غزة (65%) والقدس الشرقية (59%) ترى أن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة "مهمة" أو "مهمة إلى حد ما". أما في الضفة الغربية، فبلغت هذه النسبة 51%. وبالمقارنة مع نتائج استطلاع تشرين الثاني/نوفمبر 2022 الذي أجري على مستوى المنطقة، سجلت القدس الشرقية وغزة، أكبر نسبة من بين جميع الجماهير الذين وصفوا العلاقات الأمريكية بأنها مهمة. وعبرت أرقام مماثلة عن هذا الرأي في مصر بنسبة 57%، وفي الإمارات بنسبة 44% وفي المملكة العربية السعودية بنسبة 41% وفي لبنان بنسبة 41%.
ومع ذلك، تختلف آراء المستطلعين الفلسطينيين في توصيفهم لدور الولايات المتحدة في المنطقة. تصف نسب ضئيلة جدًا من الغزاويين 13% و3% في الضفة الغربية و8% في القدس الشرقية، الولايات المتحدة بأنها "صديقة"، في حين تصف نسبة 39% و46% و32% على التوالي الولايات المتحدة بأنها "منافسة" أو "عدوة". وبالمقارنة مع النتائج الإقليمية، تأتي نسبة المستطلعين في الضفة الغربية الذين يعتبرون الولايات المتحدة منافسًا أو عدوًا في المرتبة الثانية بعد لبنان (56%).
وأظهرت أيضًا الاستطلاعات أن هناك نسبة كبيرة نسبيًا من فلسطينيي غزة (29%) والضفة الغربية (32%) والقدس الشرقية (18%) الذين ينظرون إلى روسيا على أنها "منافس" أو "عدو". وفي نيسان/أبريل 2023، تراوحت هذه النسبة بين 2 و4% فقط في جميع البلدان الأخرى باستثناء لبنان، حيث اعتبر 53% من المستطلعين روسيا "منافسًا" أو "عدوًا". وفي ما يتعلق بالصين، اتفقت مواقف الفلسطينيين في مناطق الاستطلاع الثلاث إلى حد كبير مع مواقف جيرانهم العرب، ولكن اعتبرت نسب أقل بكثير بلغت 30% في غزة و35% في الضفة الغربية و46% في القدس الشرقية، أن الصين هي "شريك اقتصادي" مقارنة بنسبة 60% أو أكثر من الآراء المماثلة في جميع البلدان باستثناء لبنان.
أما بالنسبة إلى تقييم إيران، يبدو أن عدد الفلسطينيين الذين يتقبلون العلاقات الجيدة أو الشراكات الاقتصادية والأمنية يفوق عدد نظرائهم في معظم الدول العربية الأخرى. فاعتبر %65 من المستطلعين في غزة و %51في الضفة الغربية و63% في القدس الشرقية أن العلاقات الجيدة مع إيران "مهمة إلى حد ما" أو "مهمة جدًا". وتفوق هذه النسب حتى الاستطلاع اللبناني (44%) في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، مع أن هذا الرقم ارتفع إلى 88% عند اللبنانيين الشيعة.
كما أظهرت استطلاعات الرأي الفلسطينية أعلى نسب من المستطلعين الذين وصفوا إيران بأنها "شريك أمني" وبلغت 28% في غزة، و22% في الضفة الغربية، و41% في القدس الشرقية مقارنة بنسبة 19% فقط في البحرين في نيسان/أبريل 2023، وهي أعلى نسبة بين جميع البلدان التي شملها الاستطلاع في ذلك الوقت. وبناء على ذلك، وصفت نسب منخفضة نسبيًا في غزة (7%) والضفة الغربية (13%) والقدس الشرقية (14%) إيران بأنها "عدو". وانتهجت نسبة فاقت 40% في الأردن ومصر والإمارات والسعودية ولبنان آراء مماثلة في استطلاع نيسان/أبريل. وفي ما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية التي استُؤنفت مؤخرًا بين إيران والسعودية، نظرت أغلبية كبيرة من المستطلعين في القدس الشرقية (66%) إلى الانفراج السياسي بشكل إيجابي "إلى حد ما على الأقل"، وتعتبر هذه ثاني أعلى نسبة من بين جميع البلدان التي شملها الاستطلاع بعد لبنان (83%). وعلى الرغم أن نسب الاستجابات الإيجابية لموضوع المصالحة هذه كانت أقل في قطاع غزة (48%) والضفة الغربية (35%)، فقد كانت أعلى من النسبة المسجلة في السعودية نفسها والتي بلغت 31% فقط.
ملاحظة منهجية
يعتمد هذا التحليل على نتائج استطلاع قائم على مقابلات شخصية أجريت في الفترة الممتدة بين 8 و27 تموز/يوليو 2023، مع عينة احتمالات جغرافية عشوائية حقيقية قوامها 1572 فلسطينيًا بالغًا الثامنة عشرة من سكان الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية. قام المؤلفون بمراجعة ترجمة الاستبيان شخصيًا، بالإضافة إلى إجراءات أخذ العينات، وضوابط الجودة، وضمانات السرية، وبقية بروتوكولات العمل الميداني بالتعاون مع الفريق المهني الفلسطيني بأكمله، المتواجد في بيت ساحور في الضفة الغربية. يبلغ هامش الخطأ الإحصائي لعينة بهذا الحجم والطابع حوالي4 ٪ لكل عينة فرعية، ويبلغ مستوى الثقة إلى 95٪. تتوفر تفاصيل منهجية إضافية، بما في ذلك الإجابات الكاملة على جميع الأسئلة الواردة في الاستطلاع، عند الطلب أو على منصة بيانات الاقتراع التفاعلية الجديدة لمعهد واشنطن.