- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
الملك عبد الله والأردن يستحقان دعم الولايات المتحدة - ومساعداتها المالية
تُرجمت هذه المقالة بعد الاجتماع بين الرئيس ترامب والملك عبد الله في 5 نيسان/أبريل
في وقت سابق من هذا الأسبوع، استضاف الرئيس الأمريكي ترامب نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض، وعقدا اجتماع قمة أمريكي - مصري هو الأول من نوعه منذ سبع سنوات. وبعد يومين، استُقبل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في المكتب البيضاوي لاجتماع ثانٍ مع ترامب خلال الثلاثة والستين يوماً الماضية. ومن بين حلفاء واشنطن العرب، تحتل الأردن الصدارة بشكل متزايد.
ويتجاوز التقدير الأمريكي للأردن حدود المحادثات والاجتماعات المتكررة والرفيعة المستوى. فخلال عام 2016، تلقّت مصر - التي يبلغ عدد سكانها 95 مليون نسمة - أقل من 1.5 مليار دولار بقليل على شكل مساعدات اقتصادية وأمنية من الولايات المتحدة، في حين قدّمت واشنطن للأردن، الذي يناهز عدد سكانه 9.5 ملايين نسمة، حوالى 1.7 مليار دولار. وقد نجحت عمّان في انتزاع مكانة نادرة بفضل دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأمريكي، من خلال اعتمادها سياسات معتدلة وتوجه موالٍ للولايات المتحدة دون خجل.
غير أن الوضع لم يكن على هذه الحال دائماً. ففي عام 1948، ومرة أخرى في عام 1967، شنّت المملكة حرباً ضد إسرائيل. وفي عام 1991، وقف الأردن، تحت حكم الملك حسين، إلى جانب مموّله الرئيسي - صدام حسين - وبقي "محايداً" خلال حرب الخليج الأولى.
لكن في عام 1994، وقّعت المملكة الهاشمية اتفاق سلام مع إسرائيل وأحيت تحالفها السياسي والاقتصادي مع الغرب. ومنذ ذلك الحين، احتضنتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة والممثلون الجمهوريون والديمقراطيون على السواء.
ويقيناً، تعاني المملكة من بعض المشاكل. فبعد عام من وفاة الملك حسين وتتويج الملك عبد الله، خفضت مؤسسة "فريدوم هاوس" تصنيف الأردن من "حر جزئياً" إلى "ليس حراً". فوسائل الإعلام في المملكة مقيّدة بشدّة، والمؤسسات الديمقراطية ضعيفة، وأفادت بعض التقارير أن العشرات من السجناء الإسلاميين المتشددين قد ماتوا بشكل غامض خلال العام الماضي في السجون الأردنية.
أما اليوم، فيواجه الأردن خطراً متنامياً يطرحه التطرف الإسلامي. ويقدَّر حالياً بأن هناك ما يقرب من 3000 مواطن أردني يقاتلون من أجل الجهاد في سوريا. وفي العام الماضي، شهدت المملكة عدداً كبيراً من الهجمات الإرهابية الواسعة النطاق نفّذها جميعاً أردنيون محليون. وفي غضون عام واحد، لقي خمسة جنود ومقاولين أمريكيين حتفهم عندما كانوا يعلمون في منشآت أمنية "بنيران صديقة" - وهي حصيلة تفوق تلك المسجلة خلال الفترة نفسها في أفغانستان.
ومؤخراً، أدّت الثغرات الأمنية في عام 2016 إلى زعزعة الجهاز الأمني في المملكة بشكل كبير. ففي الخريف الماضي، على سبيل المثال، أُحيل جميع الضباط الستة في "هيئة الأركان المشتركة" على التقاعد في وقت واحد. ثم في كانون الأول/ديسمبر، تم أقالة وزير الداخلية. وفي الأسبوع الماضي فقط، تمّ استبدال رئيس المخابرات فوراً وبسرعة.
وعلى الرغم من هذه المشاكل - أو ربما بسبب هذه القضايا - يتزايد التعاون الاستراتيجي بين واشنطن وعمّان. واليوم، أصبح الأردن ليس فقط قاعدة العمليات للحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، بل هو شريك واشنطن الرئيسي (أي العربي) في هذا المسعى. وبمقارنتها مع مصر - التي لم تنشر قوات برية خارج حدودها منذ عملية "عاصفة الصحراء" في عام 1991 - فإن المملكة، خلاف ذلك، تنفّذ غاراتٍ جوية فوق سوريا وتشارك في مهمات العمليات الخاصة المشتركة مع الجنود الأمريكيين في سوريا.
وبنفس القدر من الأهمية، لا يزال الملك عبدالله من أشد مناصري التسامح الديني والإسلام المعتدل. وفي حين أنه من غير الواضح ما إذا كانت رسالته تلقى ترحيباً كبيراً في الداخل، من الواضح أنه يتحدث بلغة واشنطن.
وخلال إفطار "الدعاء الوطني" في شباط/فبراير، حيث كان الرئيس الأمريكي من بين الحاضرين، أشار الملك إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» على أنهم "خوارج؛ إنهم خارجون عن ديننا الإسلامي". وأضاف، "يتحدث الناس في هذه الأيام عن 'تحريف الأخبار' ؛ وهؤلاء الخوارج يحرفون تعاليم 'الإسلام' ".
ويبدو أن خطاب الملك والاجتماع الذي انعقد في 2 شباط/فبراير قد تركا انطباعاً لدى الرئيس ترامب. ففي مساء ذلك اليوم، عندما كان الملك عبدالله في طريق عودته إلى عمّان، أصدر البيت الأبيض بياناً قوياً - كرر فيه موضوع نقاش يتمّ تداوله عادة في البلاط الملكي - وحثّ إسرائيل على "الامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب ... بما في ذلك الاعلانات الاستيطانية". وفي الآونة الأخيرة، وفقاً لتقارير صحفية، أحجمت إدارة ترامب عن تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» كمنظمةً إرهابية بناءً على طلب الأردن حيث يشكّل «الإخوان» التكتل الأكبر في البرلمان.
وخلافاً لمعظم الزوار الأجانب، من غير المحتمل أن يكون البيت الأبيض [قد طلب] "أمراً كبيراً" من الملك عبدالله خلال زيارته. لكن من المرجح أن يكون الأردن [قد طلب] من واشنطن مساعدات عسكرية واقتصادية إضافية.
ومنذ عام 2011، استُنزفت قوى الجيش الأردني بسبب عمليات نشر الجنود المستمرة على طول الحدود الشمالية والشرقية. وكانت السنوات القليلة الماضية صعبةً بشكل خاص أيضاً على اقتصاد المملكة الضعيف تقليدياً. فقد ترتبت تكاليف باهظة على استقبال 1.4 مليون لاجئ سوري. والأسوأ من ذلك، أن الحدود مع شريكيْن تجارييْن رئيسييْن، سوريا والعراق، مغلقة منذ سنوات. ووفقاً لـ "البنك الدولي"، لا يشارك سوى 36 في المائة من الأردنيين في القوى العاملة. ومن بين أولئك الذين يرغبون فعلاً في العمل، يبلغ معدل البطالة 16 في المائة. ومن أجل تقليص العجز المتزايد في الميزانية، فرضت الحكومة في الآونة الأخيرة ضريبةً كبيرة ورجعية على القيمة المضافة. أما الأجواء المحلية فهي متشائمة، والاحتجاجات شائعة على نحو متزايد.
وتفيد التقارير إن الملك عبدالله يرغب في زيادة التزامات التمويل الأمريكية الأساسية من 1 مليار دولار إلى 2 مليار دولار سنوياً. ورغم أن إدارة ترامب تسعى إلى خفض المساعدات الأجنبية، يستحق طلب الأردن اهتماماً خاصاً. ونظراً لأهمية الأردن والتدهور الإقليمي العام، سيبدو استقرار المملكة استثماراً حكيماً.
ديفيد شينكر هو زميل "أوفزين" ومدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن.
"فوكس نيوز"