الميليشيات ترحّب بقتل المشاهير من مجتمع "الميم-عين": "الإطار التنسيقي" يدفع إلى تجريم المثلية الجنسية
تقود الميليشيات المدعومة من إيران في العراق والمنضوية ضمن "الإطار التنسيقي"، الدعوة لتجريم أنماط الحياة البديلة، والاحتفاء بمقتل عراقي مثلي عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها.
في 25 أيلول/سبتمبر، قُتل مستخدم تطبيق "تيك توك" العراقي الشهير محمد نور الصفار، المعروف باسم "نور بي إم"، رمياً بالرصاص في وضح النهار في حيّ المنصور ببغداد. وكان "نور بي إم" يبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً فقط، ووصفته منظمة "عراق كوير" المدافعة عن حقوق مجتمع "الميم-عين" بأنه "مدون فيديو عراقي مثلي".
وعلى الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كان القاتل ينتمي إلى ميليشيات المقاومة العراقية، إلا أن قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بها احتفلت بالخبر. على سبيل المثال نشرت قناة "الحشد الإلكتروني" على تطبيق "تلغرام" مشاهد التقطتها كاميرات المراقبة لجريمة القتل وأضافت إليها وسم "#سلمت_يمينك" في إشارة إلى القاتل (الشكل 1). وشاركتها قنوات المقاومة الأخرى مثل قناة "شعجب نيوز" الشعور نفسه.
الميليشيات المدعومة من إيران تهاجم مجتمع "الميم-عين"
لقد حدثت جريمة القتل السافرة بعد أشهر من الضغط الذي مارسته المقاومة على الحكومة لإصدار قانون يعاقب المثلية الجنسية بعقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة. وفي هذا الإطار، أعلن قيس الخزعلي، زعيم جماعة المقاومة "عصائب أهل الحق" في تغريدة نشرها في 1 تموز/يوليو على منصة تويتر أنه "بعد كل ما ذكرنا من خطورة المشاريع الأمريكية الخبيثة، التي تستهدف قيم وتقاليد مجتمعنا، صار لزاماً على كل الشرفاء في مجلس النواب، تشريع قانون يجرّم الشذوذ الجنسي... بالشكل الذي يضمن إيجاد الحصانة والحماية الكافية للقيم والعقائد والأخلاق الأصيلة للمجتمع العراقي" (الشكل 2).
وبعد بضعة أيام، قال رئيس "كتلة حقوق" التابعة لـ "كتائب حزب الله"، سعود الساعدي، لقناة "العهد" التابعة لـ "عصائب أهل الحق"، إن نواباً تقدموا بطلب إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لإدراج بند ينصّ على تجريم المثلية الجنسية في قانون العقوبات (الشكل 3). (ومن المثير للاهتمام أن الساعدي هو نفس عضو مجلس النواب عن "كتلة حقوق" الذي دفع إلى إلغاء الاتفاقية العراقية الكويتية لعام 2013 بشأن ممر خور عبد الله المائي في شهر مايو/أيار الماضي، في قضية بتت فيها "المحكمة الاتحادية العليا" في 4 أيلول/سبتمبر).
كما حظيت هذه الجهود بتأييد كبير من ميليشيات المقاومة الأخرى مثل "حركة حزب الله النجباء". ففي تغريدة مطوّلة، حث المتحدث باسم "حركة حزب الله النجباء" نصر الشمري مجلس النواب على تجريم المثلية الجنسية والترويج لها. كما شن هجوماً لاذعاً اتهم فيه الغرب بنشر المثلية الجنسية من خلال التشويش على مفهوم النوع الاجتماعي (الشكل 4). وبالمثل، مارس "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي ضغوطاً على رئيس مجلس النواب الحلبوسي للإسراع بقديم تشريعات لمكافحة المثلية الجنسية (الشكل 5).
وسائل إعلام "الإطار التنسيقي" وميليشياته تضغط على الحلبوسي
في 15 آب/أغسطس، قدّم زعيم كتلة "الصادقون" البرلمانية التابعة لـ "عصائب أهل الحق"، حسن سليم، مقترحاً لتعديل "قانون مكافحة الدعارة" لعام 1988 بإضافة مواد تجرم المثلية الجنسية ومجموعة واسعة من "الجنح"، من بينها ارتداء ملابس الجنس الآخر. (من الجدير بالذكر أن "نور بي إم" وصف نفسه في مقابلات سابقة بأنه يرتدي ملابس نسائية). ومن شأن القانون المقترح أن يعاقب أي شخص يمارس المثلية الجنسية بالسجن مدى الحياة أو الإعدام، وبسجن الأفراد الذين يروجون للمثلية الجنسية لمدة لا تقل عن سبع سنوات، وقد حظي هذا الإجراء بتأييد 106 من أعضاء مجلس النواب، معظمهم من "الإطار التنسيقي".
وعلى الرغم من أن الحلبوسي أرسل مشروع القانون إلى اللجنة القانونية في مجلس النواب، وفقاً لبعض التقارير، إلا أنه لا يزال يواجه ضغوطاً كبيرة من شبكات المقاومة الإعلامية التي تتهمه بسحب الإجراء أو تأخيره من خلال اتخاذه خطوات إدارية. ونشرت مجموعة "صبيان السفارة"، وهي مجموعة مؤثرة متخصصة في شنّ حملات تشهير ضد أولئك الذين يُعتبرون معادين للمقاومة، قصة عن الحلبوسي تربط عرقلته المزعومة لمشروع القانون بجهوده المزعومة لتطبيع العلاقات العراقية مع إسرائيل (الشكل 6). وأعيد نشر هذا التقرير على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للمقاومة، ومن بينها موقع "صابرين نيوز".
هجوم واسع النطاق من قبل "الإطار التنسيقي" على حقوق الإنسان
تتناسب هذه الاتجاهات مع النمط الأوسع نطاقاً للاضطهاد الذي تتسارع وتيرته في ظل الحكومة التي أنشأها "الإطار التنسيقي" في تشرين الأول/أكتوبر 2022. ووفقاً لبعض التقارير، تستعد إحدى ركائز هذا الجهد، وهي "هيئة الإعلام والاتصالات العراقية"، لإزالة المحتوى المتعلق بقضايا مجتمع "الميم-عين" من مواقع التواصل الاجتماعي العراقية. وفي مشروع الأنظمة المثيرة للقلق التي لا تزال قيد النظر من قبل "هيئة الاتصالات والإعلام العراقية"، تُعتبر المواد المتعلقة بالمثلية الجنسية أقل إثارة للاعتراض من الاتجار بالبشر ولكن أسوأ من التلوث الإشعاعي. وفي 9 آب/أغسطس، منعت "الهيئة" الاستخدام العلني لمفردات "النوع الاجتماعي والجندر والمثلية" (في كافة المخاطبات الخاصة بـ "الهيئة")، لما لهذه المصطلحات من مدلولات سلبية في المجتمع العراقي، وطلبت من المواطنين استخدام مصطلح "الشذوذ الجنسي" بدلاً من ذلك. وأدانت المنظمات غير الحكومية الدولية وغيرها من المنظمات القرار، ولكنها تتعرض لضغوط أيضاً؛ ففي شباط/فبراير 2023، على سبيل المثال، تم طرد شبكة الإعلام الألمانية "دويتشه فيليه" من العراق لتغطيتها مواد متعلقة بمجتمع "الميم-عين".