- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
الرأي العام الإماراتي ما زال مؤيدًا لأمريكا ومنقسمًا حيال إسرائيل وعدائيًا تجاه إيران
كشف استطلاع جديد للرأي العام الإماراتي، أجرته شركة إقليمية مستقلة موثوقة بتكليف من "معهد واشنطن" في نيسان/أبريل 2023، عن بعض أكثر الآراء تأييدًا للولايات المتحدة وأكثرها مناهضة لإيران من بين مواطني أي دولة عربية تمّ استطلاعهم في الآونة الأخيرة. وفي ما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل، أتت وجهات النظر متباينة، وإنما معتدلة على نحو مفاجئ نظرًا إلى أن الاستطلاع أُجري خلال شهر رمضان المبارك.
إجماع الأغلبية على أن الولايات المتحدة هي شريكة الإمارات أو صديقتها، إلا أن الأولويات المحددة تختلف
تعتبر الأغلبية الكبيرة من المواطنين الإماراتيين اليوم أن الولايات المتحدة هي إما "صديقة" (17 في المئة) أو "شريكة أمنية" (30 في المئة) أو "شريكة اقتصادية" (35 في المئة) لدولتهم. وعند سؤالهم تحديدًا عما يجب أن تكون أبرز أولويات السياسة الأمريكية في المنطقة، انقسمت الإجابات كالآتي: "القيام بالمزيد من أجل المساعدة على حلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" بنسبة31 في المئة، أي أعلى بقليل مقارنةً بالسنوات القليلة الماضية، وتلتها "اتخاذ المزيد من الإجراءات للمساعدة على التصدّي للتهديدات التي تطرحها إيران" (26 في المئة)، ومن ثم بنسبة متقاربة "بذل المزيد من الجهود لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في الدول العربية (21 في المئة)، وبعدها "تقديم المزيد من المساعدات الاقتصادية إلى الدول العربية وتنفيذ المزيد من الاستثمارات فيها" (19 في المئة).
الصين وروسيا حصلتا على تأييد عالٍ أيضًا حتى أن ثلاثة أرباع المواطنين فضلوا انتصار روسيا على أوكرانيا
في الوقت عينه، ينظر حاليًا معظم الإماراتيين إلى الصين وروسيا بإيجابية أكثر. واعتُبرت الصين بالدرجة الأولى شريكًا اقتصاديًا (62 في المئة) أكثر منه شريكًا أمنيًا (10 في المئة فقط) أو دولة صديقة (18 في المئة). تنقسم الآراء بشأن روسيا بشكل متساوٍ نوعًا ما وأتت الإجابات كالتالي: شريك اقتصادي (42 في المئة) وشريك أمني (32 في المئة) ودولة صديقة (21 في المئة).
وعلى نحو غير متوقع، يوافق "إلى حد ما" على الأقل ثلاثة أرباع الإماراتيين (77 في المئة) على هذا الاقتراح الاستفزازي بشكل متعمد: "في الحرب الدائرة حاليًا بين روسيا وأوكرانيا، ستتمثل النتيجة الأفضل في انتصار روسيا، بما في ذلك ضمّ أراضٍ أوكرانية كبيرة إلى روسيا". وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاستطلاع قد أُجري قبل الدعوة التي تلقاها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وما رافقها من دعاية واسعة النطاق، لإلقاء كلمة في القمة العربية التي استضافتها المملكة العربية السعودية مؤخرًا.
ثلاثة أرباع الإماراتيين يعارضون إطلاق الصواريخ من غزة باتجاه إسرائيل والنصف تقريبًا يقبل بإقامة علاقات اقتصادية مع إسرائيل
شملت النتائج اللافتة للنظر في هذا الاستطلاع رأي الأغلبية الساحقة من الإماراتيين (76 في المئة) الذين يعتبرون أن "إطلاق الصواريخ على إسرائيل من غزة"، كما حصل في الواقع بعد أسابيع قليلة من إجراء الاستطلاع، "ستكون له انعكاسات سلبية على المنطقة". وردًا على سؤال مختلف، ولكن ذو صلة ربما، تتوقّع أغلبية كبيرة مماثلة تقريبًا (65 في المئة) أن تنتج آثار إيجابية من "الاحتجاجات الجماهيرية التي نظمها بعض الإسرائيليين ضدّ حكومة نتنياهو هناك".
أما الآراء حيال العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، فهي أكثر تباينًا ولكنها لا تزال إيجابية نسبيًا. يوافق حوالي نصف الإماراتيين (45 في المئة)، أي النسبة عينها تقريبًا التي سُجلت عند الإجابة على أسئلة مماثلة في استطلاعات سابقة، على "أن هذه الروابط ستساعد اقتصادنا، ومن المقبول إبرام بعض الصفقات التجارية مع شركات إسرائيلية". وعلى نفس المنوال، تتوقّع نسبة 41 في المئة أن "الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان" سيكون له بعض الآثار الإيجابية.
مع ذلك، لا تزال الشكوك تراود معظم الإماراتيين حيال التعاون مع إسرائيل في مواجهة إيران
في المقابل، لم يكن الرأي العام الإماراتي إيجابيًا بالدرجة نفسها حيال أسئلة أخرى أكثر عاطفية وإثارة للجدل على ما يبدو بشأن التطبيع.
ولكن في الوقت عينه، وبخلاف الاعتقاد الخارجي الخاطئ الشائع حول اتفاقيات إبراهام، تؤيد أقلية ضئيلة فقط (21 في المئة) التصريح التالي: "على الرغم من خلافاتنا مع إسرائيل حول قضايا أخرى، يجب على بعض الدول العربية التعاون مع إسرائيل ضد التهديدات الإيرانية التي نواجهها". كما يوافق ثلاثة أرباع الإماراتيين (74 في المئة) "إلى حد ما" على الأقل على هذا على هذا الطرح الصريح بشكل متعمد: "في حال حصول هزة أرضية أو أي كارثة طبيعية أخرى، كما شهدنا في تركيا وسوريا، على الدول العربية رفض أي مساعدة إنسانية مقدّمة من إسرائيل". وبشكل عام، وردًا على السؤال بشأن انعكاسات "اتفاقات إبراهيم" على المنطقة، يرى الآن الربع فقط (27 في المئة) أنها إيجابية، في نسبة مماثلة تقريبًا لتلك المسجلة في الاستطلاعات السابقة خلال العاميْن الماضيين.
أغلبية كبيرة ترى في إيران خصمًا وقلّة قليلة ترغب إما في خوض حرب معها أو مضاهاتها نوويًا
في تناقض صارخ، ترى أغلبية ساحقة من الإماراتيين أن إيران هي "منافس" (30 في المئة) أو حتى "دولة عدوة" (55 في المئة) لدولتهم. لكن هذا السؤال هو من بين الأسئلة القليلة التي تكشف عن اختلاف بين الطوائف من الناحية الإحصائية. ففي حين أن 9 في المئة فقط من الإماراتيين السنّة يعتبرون إيران صديقة أو شريكة، تسجل هذه النسبة ارتفاعًا كبيرًا في أوساط الأقلية الضئيلة من الشيعة في الإمارات، عند 34 في المئة.
وفي سياق متصل، يتوقع ثلث الإماراتيين (35 في المئة) فقط أن تترتب آثار إيجابية على "عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران". في المقابل، ترى نسبة أكبر إلى حد ما (46 في المئة)، ولكنها ما زالت من الأقلية، أن "الخطوات التي تقوم بها بعض الحكومات العربية، بما فيها حكومة الإمارات، لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه مع الأسد في سوريا"، سيكون لها انعكاسات إيجابية.
مع ذلك، لا تعني هذه الآراء السلبية عمومًا إزاء إيران رغبة شعبية كبيرة في مواجهتها عسكريًا، سواء من قبل قوى خارجية أو من قبل الدول العربية بذاتها. وعلى العكس، يوافق الإماراتيون بأغلبيتهم، ونصف هؤلاء تقريبًا "يوافقون بشدة"، على هذا القول: "ستحمل ضربة أمريكية أو إسرائيلية كبيرة على إيران تداعيات خطيرة وتنعكس سلبًا على بلادنا". في المقابل، توافق أقلية فقط من الإماراتيين (39 في المئة)، سواء من السنّة أو الشيعة، على ما يلي: "بما أن إيران تقترب كثيرًا من امتلاك قنبلة نووية، حان الوقت لكي تحصل دولة عربية على واحدة أيضًا".
ملاحظة منهجية
يستند هذا التحليل إلى نتائج استطلاع لعينة تمثيلية على المستوى الوطني من 1000 مواطن إماراتي وفقًا لإجراءات الاحتمالية القياسية. وتجدر الإشارة إلى أن هناك فقط حوالي مليون مواطن إمارتي من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ حوالي 10 ملايين نسمة، والبقية هم في الغالب من العمال الوافدين (وأحيانًا عائلاتهم) من دول عربية أو آسيوية أو أوروبية أخرى، ولديهم تصاريح إقامة مؤقتة. وبخلاف هذا الاستطلاع، لا تميز معظم استطلاعات الرأي العربية الأخرى بين المواطنين والمغتربين.
وتم توفير ضوابط صارمة للجودة وضمانات للسرية طوال فترة الاستطلاع من قبل الشركة التجارية الإقليمية غير السياسية وذات الخبرة والمؤهلات العالية التي نفذت العمل الميداني. بالنسبة للتركيبة السكانية، تجدر الإشارة إلى أن ثلثي مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة يقيمون في إمارتين اثنتين فقط من الإمارات السبع: أبو ظبي (حوالي 40٪) ودبي (25٪)؛ وقد أبرزت العينات تلك النسب. ومع ذلك، يُظهر التحليل الإحصائي فقط اختلافات متواضعة للغاية في المواقف حسب الإمارة، أو حتى حسب العمر (أقل من 30 عامًا أو أكثر).
ويناهز هامش الخطأ الإحصائي لعينة ذات حجم وطبيعة مماثلين 3 في المئة تقريبًا. لكن العينة الفرعية المتناسبة من المواطنين الشيعة ضئيلة للغاية (N = 88) بحيث يجب اعتبار هذه الأرقام دلالية أكثر منه دقيقة من الناحية الإحصائية. يمكن الاطلاع على تفاصيل منهجية إضافية على منصة بيانات الاستطلاعات التفاعلية.