- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3388
العرب يجازفون من أجل السلام: قصص من الخطوط الأمامية عن التواصل على المستوى الشعبي مع الإسرائيليين
"في 2 تشرين الاول/أكتوبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع إسماعيل سيد أحمد، وسكينة المشيخص، وعهدية أحمد السيد، ومحمد الحمادي، وجوزيف براودي. وأحمد هو صحفي وناشط مدني سوداني شارك في مشاريع الحوار الوطني لتعزيز المصالحة في بلاده. والمشيخص هي مذيعة تلفزيونية سعودية وناشطة بارزة في مجال حقوق المرأة في الخليج. والسيد هي رئيسة "جمعية الصحفيين البحرينيين". والحمادي هو رئيس تحرير صحيفة "الرؤية" الإماراتية اليومية ورئيس مجلس إدارة "جمعية الصحفيين الإماراتيين". وبراودي هو مؤلف دراسة معهد واشنطن لعام 2019 بعنوان "الاستصلاح: سياسة ثقافية للشراكة العربية الإسرائيلية"؛ وانضم إلى المناقشة ليصف عمل "المجلس العربي للتكامل الإقليمي". وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهم".
اسماعيل سيد احمد
تشهد المنطقة منذ اثنين وسبعين عاماً أعمال عنف ونزاعات متواصلة. وفي هذه المرحلة، يدرك القادة وشعوبهم أن السبيل لحلّ هذا النزاع تكمن في الحوار والمشاركة.
وتشكّل مسألة السلام مع إسرائيل، والسلام بشكلٍ عام، موضوعاً متداولاً في المجتمع السوداني، إذ تستعد البلاد لتوحيد حكومتها الوطنية والتعامل مع المجتمع الدولي بعد فترة من الانعزال بسبب الصراع الداخلي. وفي هذه المرّة، يُعرب السكان، وليس الحكومات فحسب، عن الرغبة في السلام مع إسرائيل. ففي السودان، يسعى الشباب بشكلٍ خاص إلى إلغاء مقاطعة إسرائيل من أجل التنمية الوطنية والتعاون الإقليمي. وعلى الرغم من الوضع السياسي الحالي المعقّد في البلاد، يتوق الناس إلى بناء علاقات مدنية وشراكة مع إسرائيل.
وتبرز أيضاً الأصوات الشعبية المطالبة بالسلام وتتجلّى في إنشاء "جمعية الصداقة السودانية الإسرائيلية"، وهي مجموعة جديدة تم تطويرها بالشراكة مع "المجلس العربي للتكامل الإقليمي". وتعمل بعض المنظمات مثل "المجلس العربي" على جمع الناس من مختلف الأعراق والجنسيات والمعتقدات الدينية.
سكينة المشيخص
تعرّض الأفراد الذين يؤيّدون علناً اتفاق التطبيع لأشكال مختلفة من الاضطهاد شملت الاتهامات بالخيانة والنبذ الاجتماعي والاعتداء في مكان العمل وحتى السجن في بعض البلدان.
وعلى الرغم من أن السعودية لم تتخذ رسميّاً أي خطوة تجاه محادثات السلام مع إسرائيل، إلا أن هناك دعماً متزايداً بين السكان السعوديين من أجل السلام. وفي الوقت نفسه، يخشى العديد من المواطنين من استمرار وجود العناصر المقاوِمة للسلام داخل الدولة ومؤسساتها، على الرغم من أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد عبّر عن التزامه بالسياسات الإصلاحية والموجّهة نحو السلام. لذلك، قد يتخوف أولئك الذين يؤمنون باحتمال إرساء السلام من العوائق الاجتماعية والسياسية التي قد يواجهونها إذا علت أصواتهم.
على المجتمع الدولي أن يعزز عملية بناء السلام بين الشعوب. ويجب منح صانعي السلام المدنيين الحماية والتضامن الدولي خلال سير الأحداث.
وتُعتبَر العلاقات بين الشعوب عبر الحدود والتخوم الوطنية في غاية الأهمية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. إن إطلاق نقاش وطني وإقليمي يدعم السلام بإمكانه أن يشجع الجهات الفاعلة المدنية والمواطنين على الانخراط في العملية.
عهدية أحمد السيد
تعرّض الصحفيون الذين عبّروا عن دعمهم لاتفاقيْ التطبيع البحريني والإماراتي مع إسرائيل لأنواع مختلفة من التخويف، بما في ذلك الاعتداء من قبل زملائهم المراسلين ونقابات الصحافة في مختلف أنحاء المنطقة. بل إن بعض الصحفيين تلقّوا تهديدات من جهات إرهابية بسبب موقفهم من هذه القضية.
وتبقى سلامة هؤلاء الصحفيين مدعاةً للقلق البالغ - أولئك الذين يخشون العقاب بسبب التحدث علانية دعماً للتطبيع يحتاجون إلى مساعدة المجتمع الدولي. وأحد الأمثلة التي تجسد التضامن الدولي هو التشريع الذي اقترحه عضوا مجلس الشيوخ الأمريكيان كوري بوكر (ديمقراطي من نيو جيرسي) وروب بورتمان (جمهوري من أوهايو) لحماية الجهات الفاعلة المدنية في الشرق الأوسط من خلال الإبلاغ عن حالات الانتقام القضائي وغير القضائي من قبل الحكومات العربية. وعلى نطاقٍ أوسع، يجب على المنظمات الدولية تشجيع التعاون بين الجهات الفاعلة المدنية العربية والإسرائيلية، والدفع بالحكومات لبناء أطر تشريعية يمكنها حماية هذه الجهات من خطاب الكراهية والتهديدات وأساليب التخويف الأخرى.
محمد الحمادي
تتعدد أوجه مبدأ السلام في الشرق الأوسط. فمعظم الناس يرغبون في تحقيق السلام الإقليمي والعالمي بشكلٍ عام، ولكنّ السلام مع دولة إسرائيل هو مسألة أكثر تعقيداً. أما الأفراد في العالم العربي الذين يشجّعون محادثات السلام مع إسرائيل أو يشاركون فيها فيتعرّضون للنبذ ويُصنَّفون كخوَنة، ولا يزال التطبيع يحمل وصمة عار شديدة داخل المجتمع العربي. ومن أجل حماية الجهات الفاعلة المدنية، من الضروري إحراء إصلاح تشريعي يعالج القوانين المناهضة للتطبيع في البلدان العربية.
ومنذ الإعلان عن اتفاق التطبيع الإماراتي، دعت بعض الشخصيات الإعلامية في المنطقة إلى إخراج "جمعية الصحفيين الإماراتية" من "الاتحاد العام للصحفيين العرب". فالإمارات تُعامَل حالياً بمعايير مزدوجة: فلبنان بدأت بمحادثات مع المسؤولين الإسرائيليين، بينما تحافظ تركيا على علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ومع ذلك لم تتعرض أي من هاتين الحكومتين لنفس الضغوط على غرار الإمارات.
وفيما يتعلق بالفلسطينيين، شجّعت الجهات الفاعلة الحكومية والمدنية في الإمارات، ومن بينهم الصحفيون، على اتباع نهجٍ ذي شقّيْن يتمثل بالمشاركة في محادثات السلام مع إسرائيل والاستمرار في تعزيز الحقوق الفلسطينية. يجب على إسرائيل المصادقة على هذا النهج من خلال الوفاء بوعدها بتجميد خطط الضم.
في آب/أغسطس، اتّخذت الإمارات القرار الهام الذي يقضي بإلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، المعروف رسميّاً بـ"القانون الاتحادي رقم 15 لسنة 1972". ولكن على الرغم من هذا الانجاز المفاجئ، إلا أن الجهود الحكومية وحدها لن تكون كافية لتحقيق سلام طويل الأمد في المنطقة. وأبرزت التجارب الفاشلة لصنع السلام في العقدين الماضيين حقيقة أنّ اتفاقات السلام الجديدة يجب أن تتمحور حول العلاقات بين الشعوب. ومع ذلك، لا تزال هناك أسئلة حول كيفية تحقيق هذا الشكل الجديد من السلام.
جوزيف براودي
في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، شكّلت اثنتان وثلاثون جهة فاعلة مدنية من 15 دولة عربية "المجلس العربي للتكامل الإقليمي" من أجل رفض مقاطعة إسرائيل وتعزيز العلاقات بين الشعوب. ويعترض المجلس على حالة الانعزال المتبادل القائمة منذ فترة طويلة بين العرب والإسرائيليين لثلاثة أسباب رئيسية. أوّلاً، منعت هذه المقاطعة العرب من جني منافع الشراكات مع إسرائيل في مجموعة من القطاعات. ثانياً، منعت المقاطعة العرب في مختلف أنحاء المنطقة من بناء الجسور بين الإسرائيليين والفلسطينيين عن طريق التواصل. ثالثاً، أصبحت أدوات المقاطعة المتمثلة في التحريض وتجنّب اللوم، التي استهدفت إسرائيل في البداية، نموذجاً للصراع المهلك داخل البلدان العربية، مما أدى إلى مزيد من التصدع في مجتمعاتها. ويشكّل التغلب على هذه المشاكل وتعزيز السلام بين الشعوب مهمةً صعبة تتطلّب جهوداً هائلة ومنظّمة جيّداً لزيادة الحوار والدبلوماسية وبناء القدرات لصانعي السلام المدنيين.
أعدت هذا الملخص رنوة الكيخيا. أمكن تنفيذ سلسلة برامج منتدى السياسات بفضل سخاء "عائلة فلورنس وروبرت كوفمان".