التعتيم على تقرير استقصائي جديد يتعلق بتنصت مكتب رئيس الوزراء العراقي، لكن تم أرشفته على الإنترنت
الكشف عن تقرير استقصائي مهم آخر حول فضيحة التصنت السياسي، لكن سرعان ما تم حجبه عن الأنظار. ويُعزى هذا التعتيم جزئيًا إلى ما تضمنه التقرير من انتقادات لاذعة لإسماعيل قاآني، قائد "فيلق القدس الإيراني".
بينما يتابع القضاء العراقي ما يمكن وصفه بنسخة محلية من فضيحة "ووترغيت" القرن الحادي والعشرين - وهي حملة تنصت واسعة النطاق استهدفت السياسيين وأفراد الميليشيات وعائلاتهم - ظهر منعطف جديد بعد أن تم التعتيم بسرعة على مقال استقصائي مثير للجدل حول القضية. كانت صحيفة "ذا نيو ريجين" من أوائل المنافذ الإعلامية التي نشرت تفاصيل عملية التنصت التي قام بها مكتب رئيس الوزراء الشهر الماضي، حيث أشارت إلى محمد جوحي، نائب المدير العام للدائرة الإدارية في مكتب رئيس الوزراء، باعتباره الشخص الذي يقود هذه الجهود نيابة عن عائلة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وفي 24أيلول/ سبتمبر، نشرت صحيفة "ذا نيو ريجين" تقريرًا استقصائيًا جديدًا، لكن تمت إزالته بعد خمس ساعات فقط من نشره نتيجة ضغوط سياسية مارسها أنصار السوداني في إيران ومكتب رئيس الوزراء العراقي.
ومع ذلك، فقد تم تنزيل المقال من قبل العديد من المستخدمين قبل حذفه، كما أن النص الكامل للمقال منشور على العديد من مواقع الأرشفة الإلكترونية. وقد تم اقتباس هذا النص أدناه، ولكن هناك عدة نقاط بارزة تستحق المزيد من التعليق
انتقادات مهمة لقاآني
يسرد المقال المحذوف تفاصيل مجموعة حساسة للغاية من الرحلات التي قام بها إسماعيل قاآني، قائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني ، إلى بغداد، والتي كان هدفها تهدئة الثورة المناهضة للسوداني داخل ”الإطار التنسيقي“، وهو ائتلاف القيادة الشيعية العراقية للفصائل السياسية الميليشياوية. ومن المعروف أن الكاتبة سؤدد الصالحي لديها مصادر جيدة داخل الفصائل (الجماعات المسلحة) المدعومة من قبل إيران؛ ويبدو أن هذه المصادر استخدمت مقالها للتنفيس عن انتقاداتها لقاآني لم نشهدها منذ أواخر عام 2021، عندما شعرت بعض الميليشيات أن القائد لم يدعمها بالشكل المطلوب بعد نتائج الانتخابات الكارثية في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 في العراق. في إطار هذه القضية، قالت الصالحي على لسان قيادي في الإطار التنسيقي لم تذكر اسمه، ربما قيس الخزعلي، أن قاآني أزعج قادة الإطار التنسيقي بعدم إبداء أي تفهم لحساسية قضية ”التنصت“ والمشاكل التي تسببت بها بعد مراقبة زوجات وأفراد عائلات المستهدفين. ثم تنقل الصالحي عن القيادي نفسه أن قاآني أساء إلى القادة العراقيين لأنه ”كان يعطي الأوامر ولم يكن يتحدث كوسيط متعاطف“ عندما طلب من أعضاء الإطار التنسيقي أن يتجاوزوا فضيحة التنصت ويمضوا قدماً“. ومن المثير للاهتمام أن قاآني أوصل رسالة ”تجاوز الأمر“ هذه نيابة عن المرشد الأعلى علي خامنئي - وهو أمر تقوم به طهران عندما تحتاج أن يتم الإصغاء لرسالتها والعمل بها ، وعندما تكون جاذبية قاآني المحدودة لدى الجماعات العراقية غير كافية لإيصال رسالة صارمة.
تفاصيل عملية التنصت
شرح المقال الذي تم حذفه الطريقة التي تستخدمها خلية التنصت التابعة لمكتب رئيس الوزراء بالتفصيل. ووفقًا للصالحي استخدمت "شبكة جوحي" سجلات تفاصيل المكالمات البسيطة التي تم الحصول عليها من مزودي خدمات الاتصالات العراقيين دون الحصول على أمر قضائي. توفر هذه السجلات ”بيانات وصفية حول المكالمات والرسائل الهاتفية“ التي ”تُظهر عادةً أرقام هواتف المتصل والمستقبل، ووقت وتاريخ المكالمة ومدتها، وبيانات الموقع بناءً على أبراج الاتصالات الخلوية“. يمكن لهذا النوع من البيانات أن يكشف أنماطًا مدمرة من الأدلة حول العلاقات بين الأفراد، بما في ذلك الأمور الخاصة مثل زيارات العشيقات والمخبرين وأصحاب الأموال. وفى هذا السياق، لم تتطرق الصالحي في مقالها الجديد إلى التسجيلات الصوتية والرسائل الأخرى التي تم استخراجها من "شبكة جوحي" التي يقوم قاضي التحقيق على جفات حاليًا بتحليلها.
شرح عملية الحذف
في ظل قيادة السوداني، يمتلك مكتب رئيس الوزراء جناحاً إعلامياً كبيراً وممولاً بشكل جيد بقيادة ربيع نادر، الذي سبق أن عمل مع جماعات إرهابية مصنفة من قبل الولايات المتحدة مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق. وفى العام الماضي، منعت الولايات المتحدة نادر من حضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب هذه الارتباطات الإرهابية. ومن المرجح أن يكون هذا الجناح قد تحرك بسرعة للتعتيم على التقرير الاستقصائي لانتقاده قاآني وتحقيقه في تواطؤ مكتب رئيس الوزراء في فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية. كما يشمل التقرير تكهنات بأن “شبكة جوحي" قد تكون "تشكلت وعملت بموافقة السوداني وعلمه وتحت حمايته". ومن ثم، يثير ذلك تساؤلات حول سبب كتابة المقال في المقام الأول حيث قد يكون ذلك مرتبطاً أكثر بغضب الخزعلي المتزايد ليس فقط تجاه السوداني، بل تجاه قاآني أيضاً.
النص المسترجع: الزعماء الشيعة في العراق على خلاف بشأن فضيحة التنصت رغم جهود الوساطة الإيرانية.
23 أيلول/ سبتمبر 2024
ملخص: وصل قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني إلى بغداد الأسبوع الماضي بهدف نزع فتيل التوتر بين القوى الشيعية ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني على خلفية فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية، بحسب ما أفادت مصادر عدة لصحيفة “ذا نيو ريجين".
سؤدد الصالحي
بغداد، العراق - قام قائد قوات فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني برحلة سريعة وسرية إلى بغداد يوم الثلاثاء على أمل نزع فتيل التوتر المستمر منذ أسابيع بين قادة الإطار التنسيقي الشيعي ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لكن دون جدوى، وذلك وفقًا لما صرح به العديد من القادة السياسيين لصحيفة “ذا نيو ريجين".
يواجه السوداني، الذي تولى منصبه في أكتوبر/تشرين الأول 2022، أكبر أزماته حتى الآن مع أبرز داعميه من قادة الإطار التنسيقي الحاكم.
بعد الكشف عن شبكة التنصت المزعومة الشهر الماضي، والتي يُزعم أن عددًا من موظفي مكتب رئيس الوزراء كانوا يديرونها داخل القصر الحكومي، حيث يمارس السوداني عمله اليومي، بدأت شعبية السوداني القوية في التراجع.
وقيل إن شبكة ”التنصت“، أو ”شبكة محمد جوحي“ كما أطلق عليها مجلس القضاء الأعلى، متورطة في ”أنشطة غير نظيفة“، بما في ذلك التنصت والتجسس والابتزاز وغيرها من الأنشطة التي استهدفت قادة سياسيين، ونوابًا، وقضاة، وصحفيين.
ويعد جوحي الذي قيل إنه كان يقود الشبكة إلى جانب عدد من ضباط جهاز الأمن والمخابرات والأمن الوطني، أبرز المعتقلين حتى الآن، حيث كان يشغل منصب معاون مدير عام الدائرة الإدارية في مكتب سوداني ومسؤول المتابعة مع أعضاء البرلمان.
وقد صرح مسؤولون وسياسيون مطلعون على التحقيقات لصحيفة “ذا نيو ريجين" إن ما لا يقل عن أربعة من كبار قادة الإطار التنسيقي وعائلاتهم كانوا مستهدفين من قبل شبكة جوحي". وقال قياديون في الإطار التنسيقي تحدثوا لصحيفة “ذا نيو ريجين" إن التسهيلات الأمنية الواسعة التي كان يتلقاها جوحي وفريقه لممارسة عملهم ”بحرية“ لأكثر من عام داخل مكتب رئيس الوزراء تشير إلى سيناريوهين محتملين فقط:
إما أن الشبكة كانت تعمل طوال تلك الفترة مستخدمة الصلاحيات الواسعة والموارد البشرية والمالية والأمنية الواسعة الممنوحة لمكاتب رئيس الوزراء العسكرية والخاصة دون علم السوداني، وهو ما سيكون ”خرقاً خطيراً للأمن القومي لا يمكن التغاضي عنه“، أو أن الشبكة تشكلت وعملت بموافقة السوداني وعلمه وحمايته، وهو ما سيعتبرونه ”خيانة كبرى للأمانة وتجاوزاً لأحد أهم الخطوط الحمراء التي يكفلها الدستور والقيم الدينية والأخلاقية.
ومع ذلك، بلغت التوترات بين السوداني وداعميه الرئيسيين من الشيعة، بمن فيهم نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي السابق وزعيم ائتلاف دولة القانون، وقيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق والراعي الحكومي الرئيسي للسوداني، أعلى مستوياتها منذ الكشف عن الشبكة.
وقالت مصادر مطلعة لصحيفة “ذا نيو ريجين" إن قاآني، الذي يعد نقطة الاتصال الإيرانية مع القوى السياسية والمسلحة العراقية المدعومة من قبل طهران وخليفة الراحل قاسم سليماني، وصل إلى بغداد يوم الثلاثاء ”لمناقشة آخر التطورات الإقليمية والمحلية“. وخلال زيارته السرية للغاية التي استمرت ثلاثة أيام، التقى قاآني بمعظم قادة الفصائل الشيعية المسلحة المرتبطة بإيران وقادة الإطار التنسيقي وفائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى.
منذ مقتل سليماني في غارة أمريكية خارج مطار بغداد الدولي، توارى المسؤولون الإيرانيون، خاصة أولئك التابعين للحرس الثوري الإيراني، عن الأنظار خلال زياراتهم للعراق. لم يكن قاآني استثناءً لذلك، ففي مناسبات عديدة، ظلت زياراته إلى بغداد سرية تمامًا عن وسائل الإعلام.
وكانت تسوية القضايا العالقة بين السوداني وداعميه من الشيعة من أبرز القضايا التي أثيرت خلال اجتماعات قاآني الأسبوع الماضي، بحسب ما صرح به قادة شاركوا في عدد من هذه الاجتماعات لصحيفة “ذا نيو ريجين". وبحسب هؤلاء، فإن قاآني لم يدخل في تفاصيل القضية، ولم يتطرق إلى تحفظات ومخاوف قيادات الإطار التنسيقي التي تأثرت بواقعة التنصت .
في الواقع، صرح عدد من القادة الذين حضروا الاجتماعات لصحيفة "ذا نيو ريجين" إن قاآني لم يبدِ أي تفهم لحساسية قضية ”التنصت“ والمشاكل التي تسببت فيها بعد مراقبة زوجات وأفراد أسر المستهدفين.
وأضاف القادة إنه أراد فقط غلق الملف والمضي قدماً دون التسبب في أي ضرر للسوداني وحكومته، وإن كل ما حققه قاآني كان وعداً بتهدئة الأوضاع إلى حين اكتمال التحقيقات وإعلان نتائجها من قبل القضاء.
وقال أحد القادة الذين التقوا قاآني لصحيفة "ذا نيو ريجين": ”لقد أوصل [قاآني] رسالة من السيد علي خامنئي مفادها أن هذه حكومتكم، وهي حكومة جيدة، فصححوا أخطاءها وامضوا قدماً“. وأضاف: ”كان الرجل يعطي الأوامر ولا يتحدث كوسيط متعاطف مع الأطراف المتضررة، لذلك لم يناقشوا معه أي حلول“.
بالنسبة لهؤلاء القادة، لم تكن لهجة قاآني ونهجه مقنعين بما يكفي، ولم يروا فيه شخصاً جاء بنية حل المشاكل.
”قال القيادي: ”في الواقع، لم يؤد تدخله [قاآني] إلا إلى زيادة استياء القادة وجعلهم يشعرون بأن كرامتهم قد تم المساس بها. ”لذلك عاملوه بالمثل. وعرضوا عليه كرم الضيافة وقالوا ببساطة إنهم سينتظرون نتائج التحقيقات“.
غياب كامل للشفافية
لم يُفصح مجلس القضاء الأعلى عن أي معلومات تتعلق بتطورات التحقيقات مع المتهمين - الذين بلغ عددهم حتى الآن ثمانية على الأقل.
إلا أن مصادر قضائية قالت لصحيفة "ذا نيو ريجين" إن التحقيقات الأولية لا تزال جارية ولا يمكن لأحد التواصل مع المتهمين بما في ذلك أهاليهم ومحاميهم الشخصيين، حتى يتم إحالتهم للمحاكمة وتسجيل أقوالهم أمام قاضي محكمة الجنايات.
وأكدت مصادر أن قاضي التحقيق المكلف على جفات استدعى يوم الجمعة الماضي مدير عام دائرة التنصت في جهاز المخابرات العراقي حيدر السوداني. ومع ذلك، فإن إصرار القضاء على إجراء التحقيقات بعيدًا عن الساحة السياسية والإعلامية قد أوجد ضبابية كبيرة في المشهد السياسي .وقد أفاد قادة الإطار التنسيقي أنفسهم إنهم لا يزالون يجهلون الحجم الفعلي لشبكة جوحي أو حجم الضرر الذي قد تكون تسببت به.
والأمر الوحيد المؤكد حتى الآن لدى قادة الإطار التنسيقي هو أنهم تعرضوا "للمراقبة"، وأن بعض النواب والمسؤولين الحكوميين قد تعرضوا للابتزاز نتيجة هذه المراقبة، وذلك بحسب ما صرح به ثلاثة من قادة الإطار ومسؤولان كبيران أحدهما مقرب من السوداني لصحيفة "ذا نيو ريجين".
كما صرح مسؤول كبير مطلع على التحقيقات الجارية لصحيفة "ذا نيو ريجين" أنه لم يكن هناك تنصت بالمعنى التقليدي للتنصت، ولم تكن هناك أجهزة تنصت معروفة يمتلكها جهاز المخابرات، مثل المركبات أو الطائرات بدون طيار المجهزة لهذا الغرض، كما يشاع”.
وأضاف المصدر أن ”شبكة جوحي استخدمت شركات الاتصالات العاملة في العراق لمراقبة هواتف القادة والنواب المستهدفين والأشخاص المحيطين بهم“. وأضاف ”من المؤكد أن هواتف القادة المستهدفين وهواتف عائلاتهم والأشخاص الذين يتواصلون معهم قد تم مراقبتها و تم تسجيل مكالماتهم “.
كان المالكي والخزعلي من بين القادة الشيعيين الذين قيل إن شبكة جوحي استهدفتهم مع عائلاتهم وموظفيهم، بحسب ما أفادت مصادر لصحيفة "ذا نيو ريجين".
ونفت مصادر مقربة من المالكي والخزعلي أن يكونا قد رفعا دعاوى قضائية ضد جوحي وشبكته حتى الآن. ومع ذلك، أكد قيادي مقرب من المالكي لصحيفة "ذا نيو ريجين" أن الدعوى القضائية جاهزة، لكن الممثل القانوني للمالكي لن يرفعها حتى يتلقى النتائج النهائية للتحقيق.
” وأضاف القيادي أن القضية كبيرة جداً وخطيرة جداً وما زلنا لا نعرف ما هي القضية التي نتعامل معها بالضبط. هل هي تنصت؟ تجسس؟ ابتزاز؟ فساد إداري؟ أو جميعها مجتمعة“.
وأضاف القيادي : ”لقد أثيرت هذه التساؤلات في كل اجتماع لقادة الإطار التنسيقي تقريبًا منذ الكشف عن الشبكة، لذا قررنا جميعًا انتظار نتائج التحقيقات للحصول على الإجابات اللازمة".
هل تمتلك "شبكة جوحي" القدرة التقنية للتنصت؟
"في الأسابيع الأخيرة، كان السؤال الأكثر تداولًا في الجلسات السياسية، سواء الخاصة أو العامة، يتمحور حول مدى وحجم القدرات التقنية لـ” شبكة جوحي."
علاوة على ذلك، صرح قادة الإطار التنسيقي، الذين تعرضوا للمراقبة، كما يفضلون تسميتها في هذه المرحلة، إن المعلومات التي حصلوا عليها تشير إلى أن شبكة جوحي اعتمدت على سجلات تفاصيل المكالمات (CDRs) الخاصة بشركات الهاتف المحمول العاملة في العراق، كما صرح اثنان من قادة الإطار التنسيقي لصحيفة "ذا نيو ريجين".
تجدر الإشارة إلى أن سجلات تفاصيل المكالمات هي سجلات تُنشئها شركات الاتصالات، وتتضمن بيانات وصفية تتعلق بالمكالمات والرسائل الهاتفية، وعادةً ما تُظهر هذه السجلات أرقام هواتف المتصل والمستقبل، ووقت وتاريخ المكالمة، ومدة المكالمة، وبيانات الموقع الجغرافي بناءً على أبراج الاتصالات الخلوية.
على الرغم من أن سجلات تسجيل المكالمات لا تتضمن محتوى المحادثات، إلا أنها لا تزال تحتوي على معلومات حساسة لأنها يمكن أن تكشف عن مكان وجود الشخص في وقت محدد، مما قد يسمح بتتبع تحركاته، كما يمكن أن تكشف عن جهات الاتصال التي يتواصل معها الشخص بشكل متكرر، مما يوفر نظرة ثاقبة على علاقاته الاجتماعية.
من خلال تحليل أنماط تكرار المكالمات وتوقيتها ومواقعها، يمكن الاستدلال على الروتين اليومي أو سلوك شخص ما، وغالبًا ما تُستخدم سجلات تفاصيل المكالمات (CDRs) للمراقبة، خاصة في القضايا المتعلقة بالأمن القومي أو التحقيقات الجنائية. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي سوء الاستخدام أو الوصول غير المصرح به لهذه السجلات إلى انتهاك حقوق الخصوصية بسهولة.
ووفقًا للقانون العراقي المعمول به، لا يُسمح لشركات الهاتف المحمول بمشاركة هذه السجلات مع أي طرف، بما في ذلك الحكومة، إلا بإذن قضائي ولأغراض قانونية أو أمنية. ومع ذلك، لم يحصل جوحي وفريقه على إذن قضائي للوصول إلى هذه السجلات، لكنهم حصلوا عليها بطريقة ما واستخدموها، وذلك وفقًا لما قاله قادة متضررون لصحيفة "ذا نيو ريجين". وإذا افترضنا أن سجلات تسجيلات الـ CDRs هي الأداة التي استخدمتها شبكة جوحي لمراقبة أهدافها، فإن هذا يُثير عشرات الأسئلة، بما في ذلك كيف ومن أين حصلوا عليها وما هو الغرض من استهداف الأشخاص الذين استهدفوهم.
وتدور شكوك أخرى حول هوية الأشخاص القادرين على الحصول على مثل هذه البيانات، بالإضافة إلى الجوانب الأخلاقية لمشاركة شركات الاتصالات مثل هذه البيانات السرية معهم. ”القضية محرجة للغاية. لا يمكن لموظف محدود الصلاحيات أن يفعل كل هذا بمفرده. وفى هذا السياق ، أفاد أحد كبار قادة الإطار التنسيقي لصحيفة "ذا نيو ريجين" أن " التحقيق في يد زيدان، وهو لم يكشف لنا سوى جزء صغير من نتائج التحقيق حتى الآن.
“ وأضاف: ”نحن نعلم أن جوحي هو أحد البيادق في هذه اللعبة، لذلك نحن ننتظر لنرى ما سيكشفه زيدان لأن هدفنا وأولويتنا الآن هو الكشف عن العقل المدبر لهذه العملية ولن نقبل أن يتم تقديم جوحي ككبش فداء للتغطية على شخص آخر“.
الشظايا تصيب في كل اتجاه.
لم يكتف حلفاء السوداني السابقون وخصومه الجدد باستهداف عمل حكومته بمزاعم الفساد، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك محاولين تجريده من كل حلفائه. ويأتي على القائمة التالية فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي وأحد أبرز حلفاء السوداني الشيعة الذين رفضوا التخلي عنه حتى يومنا هذا.
يُعد الفياض أحد الداعمين الرئيسيين لتحالفات السوداني مع "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الحاكم في أربيل من جهة، ومع القوى السياسية والعشائرية السنية في نينوى وصلاح الدين والأنبار وشمال بغداد من جهة أخرى. ومن شأن إسقاط الفياض وإخراجه من المعادلة أن يُجرد السوداني من آخر قاعدة دعم شيعية له.
يقود النائب ياسر صخيل، رئيس كتلة "دولة القانون" النيابية وصهر نوري المالكي، حراكًا نيابيًا منذ أسبوعين يهدف إلى إجبار الحكومة على تنفيذ قرار مجلس الدولة الذي يقضي بإحالة رؤساء الهيئات المستقلة والمحافظين إلى التقاعد عند بلوغهم سن الستين. ويُعد فالح الفياض، البالغ من العمر 68 عامًا، أول المستهدفين بهذا القرار في حال تطبيقه. وقد قاطع 160 نائبًا الأسبوع الماضي جلسات البرلمان احتجاجًا على عدم تصويت المجلس لإلزام الحكومة بتطبيق هذا القرار.
وقال مسؤول رفيع المستوى في هيئة الحشد الشعبي ومقرب من فياض لصحيفة "ذا نيو ريجين" إن ”هناك من يحاول تجنيب فياض هذا الموضوع“، لكن دون جدوى. وقال المسؤول: ”هناك قرار شبه نهائي بإقالة فياض من قبل قيادات الإطار التنسيقي لمعاقبته على وقوفه مع السوداني“. وأضاف: ”المالكي والخزعلي يسعيان لإقالته منذ فترة طويلة، لكن الآن لديهما مبرر قوي وغطاء قانوني للقيام بذلك“. وأضاف أن ”الفياض سيكون أحد ضحايا المعركة بين السوداني وقادة الإطار التنسيقي “.
المعركة مع السوداني لم تعد شيعية فقط
كانت المعركة التي أشعلتها فضيحة ”التنصت“ شيعية داخلية حتى الأسبوع الماضي، لكن دخول محمد الحلبوسي، رئيس مجلس النواب السابق، الذي أقيل بتهمة التزوير في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، على خط المعركة وتصريحاته العلنية حول شبكة جوحي التي تستهدفه، وسّع ساحة المعركة وأخرجها من الفضاء الشيعي. فقد خرج الحلبوسي، الذي يعد أحد أبرز الحلفاء الجدد للخزعلي، عن صمته الطويل، ودخل في قلب الأزمة بعد يوم واحد فقط من رحيل قاآني، ما يوحي بوجود تنسيق بينه وبين الخزعلي.
وبناءً على ذلك ، فإن توسيع رقعة المعركة وإخراجها من المعسكر الشيعي يعطيها بعداً وطنياً، ويقلل من الضغوط التي تمارس على القيادات الشيعية المدعومة من قبل إيران، ويجعل من الصعب على أي طرف من أطرافها، بما في ذلك القضاء، التعويل على أي تسوية مقترحة.
وقد صرح الحلبوس في مقابلة متلفزة بثت يوم الجمعة: ”نريد من الأجهزة الأمنية أن تراقب العدو... لا أن تنفذ رغبات (شخص ما) في رصد ومتابعة تحركات قادة البلاد والقوى السياسية العاملة في البلاد والوزراء والشخصيات العامة بسبب الخوف منهم أو الخوف من عدم تأييدهم للحكومة“. وأضاف: ”[القضية] عبارة عن تجسس وتنصت وتحريف للإرادات ... أنا أحد المتضررين... وبالتأكيد لن أتنازل عن حقي“.
تواصلت صحيفة "ذا نيو ريجين" مع مصدرين من مكتب السوداني للتعليق على القضية، لكنهما لم يقدما أي معلومات حول الموضوع.