"أصحاب الكهف" تسعى وراء مكاسب مرتبطة بالتجنيد من خلال التلميح إلى أعمال عنف
تقوم جماعة "أصحاب الكهف" بنشر المزيد والمزيد من المعلومات الكاذبة التي توحي بأنها حركة مقاومة مسلحة حقيقية، وإن كان ذلك دون أي دليل على عمليات حركية فعلية
في الساعات الأولى من يوم 29 أيار/مايو 2022، نشرت قناة تلغرام التابعة لجماعة الواجهة "أصحاب الكهف" رسالة داخلية "مؤقتة" موجهة إلى شخص يُدعى أبو ياسر. ونصّت الرسالة القصيرة: "مؤقت. هذه الرسالة لأبو ياسر" ثم حُذف المنشور بعد بضع دقائق.
وسرعان ما وَجّهت الجماعة بعد ذلك منشوراً أطول لأبو ياسر، تخللته هذه المرة بعض التعليمات، وجاء في الرسالة "... سلام عليكم أخينا أبو ياسر الشهيد الحي... أخينا العزيز نطلب منكم التجهز وتهيئة الإخوان وسيصلونك إخوتك من [القوات] الخاصة [ليروا] إذا احتجتم في شيء. هيئ أمرك يا من قطعت أوصالهم... فإن حربنا قد تبدأ هذه الأيام" (الشكل 1). وحُذفت هذه الرسالة أيضاً بعد بضع دقائق.
بعد ساعة واحدة، نُشرت رسالة أخرى تضمنت تعليمات أكثر تحديداً. وكانت الرسالة موجهة هذه المرة إلى "شباب 313" وطلبت منهم "الخروج من نينوى (الموصل) بشكل سريع... والانتقال لساحة أخرى ستعلمونها صباحاً". وتابعت الرسالة "... نقبّل أقدامكم الثابتة... وأياديكم التي لطالما أطلقت الصواريخ باتجاه التركي المستكبر... عودوا لبغداد والوسط والجنوب، فقد نطلب منكم القيام بما تشتهيه نفوسكم الأبية"(الشكل 2). وحُذفت هذه الرسالة أيضاً في وقت لاحق. وبقيت جميع هذه الرسائل التي تم حذفها على القناة الرئيسية لـ "أصحاب الكهف"، منشورة على قنوات تلغرام التابعة لجماعة "أصحاب الكهف".
وهذا سلوك غير مسبوق لقناة "أصحاب الكهف" الرئيسية على تلغرام، التي لا يدفعها عادةً التهور إلى استخدام قناة عامة للتواصل الاجتماعي من أجل توجيه الرسائل الداخلية. وفي الماضي، استخدمت "أصحاب الكهف" وجماعات "المقاومة" الأخرى (الميليشيات المناهضة للولايات المتحدة المدعومة من إيران) وسائل التواصل الاجتماعي لإطلاق عمليات إعلامية، وتوجيه التهديدات، والمبالغة بشأن قدراتها، وحتى تبنّي الهجمات الوهمية. ولكنها لم تكشف قط عن خطة عسكرية، مثل نقل الوحدات من منطقة إلى أخرى، على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تتوفر طرق أفضل لهذه الغاية.
قد تُعزى طريقة المراسلة غير التقليدية هذه إلى جهود "أصحاب الكهف" و "المقاومة" بشكل عام لتفريغ تنظيم "سرايا السلام" التابع للتيار الصدري. في 27 أيار/مايو 2023، كشفت قنوات التواصل الاجتماعي التابعة لـ"أصحاب الكهف" عن اسم أحد قادتها المتوفين للمرة الأولى. على سبيل المثال، نشرت قناة تلغرام تم إنشاؤها حديثاً بإسم "أهل الكهف" مقطع فيديو للسيد ناجي المرياني، القائد السابق الرفيع المستوى لـ "سرايا السلام" الذي كان النائب الجهادي لمقتدى الصدر. وقدّمت الرسالة المرياني على أنه "واحد من نخبة [مقاتلي]... «أصحاب الكهف»". وتتابع الرسالة "قد تكون هي المرة الأولى التي نعلنها... أين إخوة سيد ناجي؟ البصرة يتحرك فيها الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي والخليجي [بِحُرية]".
يبدو أن هذه هي دعوة لمقاتلي "سرايا السلام" في البصرة، مسقط رأس سيد ناجي المرياني، لمساعدة "أصحاب الكهف" في عملياتها. وقد تكون هذه محاولة لتجنيد مقاتلي "سرايا السلام".
في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، طُرد سيد ناجي المرياني وبضعة مقاتلين آخرين من "سرايا السلام". وفي آب/أغسطس 2020، توفي من جراء إصابته بمرض كوفيد-19. وفي أيلول/سبتمبر 2020، نشرت "المقاومة" ملصقات لسيد ناجي المرياني على الحدود بين لبنان وإسرائيل (الشكل 4). وعلى الرغم من أن الحسابات التابعة للصدريين على وسائل التواصل الاجتماعي كشفت في أيلول/سبتمبر 2020 عن ارتباط المرياني بجماعة "أصحاب الكهف"، إلّا أن هذه المعلومة لم تنتشر على نطاق واسع إلى أن قررت "أصحاب الكهف" استخدامها على ما يبدو لتشجيع المزيد من مقاتلي "سرايا السلام" على الانشقاق عن الميليشيا الصدرية.
قد تخدم تسمية أبو ياسر الغرض ذاته. من المحتمل أن تقصد جماعة "أصحاب الكهف" بـ "أبو ياسر" القائد الرفيع المستوى في "سرايا السلام"، أبو ياسر، الذي كان على غرار المرياني النائب الجهادي لمقتدى الصدر. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2021، قام مقتدى الصدر بخفض رتبة أبو ياسر من نائبه الجهادي إلى "مستشار جهادي فقط". ومن المحتمل أن جماعة "أصحاب الكهف" تحاول تشجيع المزيد من عناصر الميليشيات الصدرية على الانضمام إليها من خلال الكشف عن أن قادة آخرين رفيعي المستوى في "سرايا السلام" قد التحقوا بها أساساً.
وصعّدت "المقاومة" من عملية تجنيد قادة نافذين في "سرايا السلام". وفي 14 أيار/مايو 2023، طردت "سرايا السلام" أبو حسن الدراجي، أحد قادتها البارزين، من البصرة بتهمة "الخيانة"، وسرعان ما انضم إلى "عصائب أهل الحق".
من وجهة نظرنا، تشير معظم الأدلة المتوفرة حالياً إلى أن الكثير من الاتصالات التي قامت بها جماعة "أصحاب الكهف" مؤخراً، بما في ذلك تهديداتها ضد المروحيات الأمريكية وتبنيها بأثر رجعي جرائم قتل أمريكيين، لها دافعاً خفياً على ما يبدو. وربما لا تقوم جماعة "أصحاب الكهف" فعلياً بتكثيف حملة حركية قوية ضد الوجود الأمريكي المتبقي في العراق، ولكنها تستخدم رمزية أعمال "المقاومة" الفعلية في الماضي لتعزيز صورتها الحالية، على الرغم من عدم وجود مقاومة مسلحة حالية للوجود الأمريكي في العراق.