- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع إماراتي جديد: توافق شعبي مع توازن السياسة الخارجية والظروف المحلية
يظهر استطلاع الرأي إجماع طائفي حول معظم القضايا، مع بعض الاختلاف حول إيران.
أظهر استطلاع رأي جديد نادر أجرته شركة إقليمية مستقلة تتمتع بالمؤهلات في صفوف الإماراتيين في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، بتكليف من "معهد واشنطن"، شبه تعادل بين أهمية الولايات المتحدة والصين بالنسبة لبلدهم. لكن على صعيد المنطقة، أقلية فقط تقيّم الروابط مع إسرائيل، حتى أن نسبة أقلّ تقول الشيء نفسه عن إيران – ولكن نحو الثلث يؤيدون الاتصالات القائمة مع هاتين الدولتين المتنافستين.
ففي الأشهر القليلة الماضية، وخلال إجراء الاستطلاع، كرّر كبار المسؤولين الإماراتيين رغبتهم في إقامة علاقات جيدة مع واشنطن وبكين، كما التقوا قادة من إسرائيل وإيران على السواء. وفي الوقت الذي تعدّل فيه الإمارات سياساتها الخارجية في هذه الاتجاهات المتعددة، تتواءم المواقف الشعبية إلى حدّ كبير مع هذه الخطوات – سواء في أوساط المواطنين الشباب أو المسنين أو بين الأغلبية السنّية أو الأقلية الشيعية الصغيرة.
وفي ما يتعلق بالمسائل الداخلية أيضًا، نحو الربع فقط يعتبرون أن الحكومة لا تبذل الكثير من الجهود بشأن مجموعة من المواضيع. وهذه النسبة المتدنية نوعًا ما من حيث المظالم الشعبية، وهي أقل بكثير مما هي عليه في معظم الدول العربية المستطلعة، وتمنح أيضًا المسؤولين الإماراتيين هامش مناورة كبيرًا.
الولايات المتحدة والصين وروسيا لا تزال تُعتبر دولًا شريكة محتملة
وسط الخلاف الحالي بشأن الشروط المفروضة على شراء الإمارات للمقاتلات الأمريكية "أف-35"، لا يزال نصف الشعب الإماراتي يعتبر أن إقامة روابط جيدة مع القوى الخارجية الكبرى الثلاث "مهمة" لبلدهم. وكما كانت الحال في الاستطلاعات السابقة، يرى ربع السكان أن العلاقات مع كل من هذه القوى الخارجية "مهمة للغاية" ويعتبرها ربع إضافي "مهمة إلى حدّ ما". ومن المثير للاهتمام، أن الرقم الإجمالي لمن ينظرون الى أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة قد ارتفع بشكل طفيف منذ عام 2017، من 43٪ إلى 51٪، بينما ظلت التوجهات والمشاعر الشعبية في صالح العلاقات الجيدة مع الصين أو روسيا ثابتة. ولوضع هذه الأرقام في إطارها الصحيح، 12 في المائة فقط من الإماراتيين يصنّفون العلاقات الجيدة مع إيران على أنها مهمة بعض الشيء للإمارات – على الرغم من الانفتاح الدبلوماسي الأخير والروابط الاقتصادية المهمة بين الدولتين المتجاورتين.
فضلًا عن ذلك، وعند طرح سؤال قابل صراحةً للمقارنة وغير مسبوق حول الولايات المتحدة وأبرز منافسيها، انقسمت أيضًا آراء الإماراتيين. وقد سئلوا عن رأيهم بهذه المقولة: "لم يعد بإمكان بلدنا الاعتماد على الولايات المتحدة هذه الأيام، وعلينا بالتالي أن نتطلع أكثر فأكثر إلى روسيا أو الصين لتكونا شريكتين". وقد أيّد نصف الإماراتيين هذا التأكيد المثير للجدل: حيث أن نسبة 22 في المائة وافقت "بشدة" و29 في المائة "بعض الشيء". أما النصف الآخر، فقد عارضها؛ ولكن 15 في المائة فقط تؤيد بشدة هذا القول.
تراجع القيمة المتصوّرة لـ"اتفاقات أبراهام" رغم استمرار قبول 37 في المائة بالروابط مع إسرائيل
يكشف هذا الاستطلاع الأحدث تراجعًا واضحًا في المواقف الشعبية في ما يتعلق بأثر "اتفاقات السلام الموقعة في الآونة الأخيرة بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب والسودان" على المنطقة. ففي حزيران/يونيو، اعتبرت نسبة 44 في المائة من الإماراتيين أنه سيكون لها تأثير إيجابي على المنطقة؛ أما اليوم، فقد هوت هذه النسبة إلى 23 في المائة فقط. ويعكس هذا التغيّر على الأرجح خيبة أمل من تداعيات تلك الاتفاقات على إيران. ففي حزيران/يونيو الماضي، وللإشارة إلى نقطة بيانات وثيقة صلة، رأت أغلبية الإماراتيين أملًا في المفاوضات النووية مع طهران، لتكتشف أن المأزق لا يزال قائمًا اليوم. ومع ذلك، يُعد هذا المستوى المنخفض من التوقعات الشعبية من اتفاقات إبراهيم، حتى في خضم الاحتفالات العلنية الواضحة بالذكرى السنوية الأولى للاتفاق، دليلًا إضافيًا على أن العديد من المستجيبين يرغبون بشكل واضح في تقديم آراء خاصة تتعارض إلى حد كبير مع الموقف الرسمي لحكومتهم.
في الوقت نفسه، لا تزال نسبة قبول الإماراتيين ببعض الروابط مع إسرائيل على حالها: 37 في المائة تواصل موافقتها، وهي النسبة نفسها تقريبًا التي سجلها استطلاع أُجري في حزيران/يونيو 2021 وآخر في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، على أنه "يجب السماح للراغبين في إقامة علاقات مع الإسرائيليين في مجال الرياضة أو الأعمال بذلك". وتتوقع النسبة نفسها اليوم أن يترك "استبدال نتنياهو كرئيس للوزراء" أثرًا إيجابيًا. حتى أن 23 في المائة من الإماراتيين، وهي نسبة أعلى بعض الشيء مقارنةً بالدول العربية الأخرى المستطلعة، ترى أن بعض الآثار الإيجابية ستنجم عن "المؤتمر الذي تمّ تنظيمه في إربيل في العراق مؤخرًا ودعا إلى السلام مع إسرائيل".
الأقلية الشيعية الصغيرة أكثر تفاؤلًا حيال إيران
في ما يتعلق بمعظم المسائل المستطلعة، كانت مواقف الأقلية الشيعية التي لا تتجاوز العشرة في المائة من إجمالي عدد المواطنين الإماراتيين تعكس إلى حدّ كبير آراء الأغلبية السنّية. غير أن بعض الاختلافات المهمة تبرز في ما يخص إيران. على سبيل المثال، في حين أن 70 في المائة من السنّة يعتبرون أنه "حيث تتدخل إيران، تلحق الضرر بالعرب المحليين ولا تساعد الفلسطينيين"، لا يوافقهم سوى ثلث الشيعة الإماراتيين الرأي. وفي الوقت الذي يعتقد فيه ثلثا السنّة أن الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي سيؤثر سلبًا على المنطقة، إلا أن الأغلبية (59 في المائة) من الشيعة تقول العكس.
مع ذلك، وعلى صعيد مسألة العلاقات مع إيران عمومًا، يتقلّص هذا الانقسام الطائفي بشكل كبير. فنسبة 11 في المائة فقط من السنّة الإماراتيين تعتبر العلاقات الجيدة مع إيران مهمة لبلدهم وتؤيّد نسبة 21 في المائة من الشيعة الإماراتيين هذه النظرة إزاء العلاقات مع طهران.
الاختلافات بين الأجيال قليلة جدًا
يكشف الاستطلاع على نحو مفاجئ عن درجة كبيرة من التوافق في المواقف بين الشريحة السكانية ما دون سنّ الثلاثين وما فوقها. على سبيل المثال، لم يعد الجيل الأصغر سنًا يدعم "اتفاقات أبراهام" مع إسرائيل، وهو نمط يتماشى مع الاستطلاعات السابقة خلال العقد الماضي من الزمن، ما يشير إلى توافق اجتماعي مستقر نسبيًا.
وقد برز اختلاف بسيط بين الفئات العمرية حول سؤال جديد عن التقارب الإقليمي. فلدى سؤالهم عن "المحادثات الدبلوماسية الأخيرة بين السعودية وإيران للتوصل إلى تفاهمات بينهما"، توقّعت نسبة 42 في المائة من فئة الشباب الإماراتي بعض الآثار الإيجابية. أما بين الأكبر سنًا، فقد أتت هذه النسبة أدنى بقليل حيث سجلت 36 في المائة.
قلّة تشعر أن السلطات لا تقوم "بالكثير" في ما يتعلق بالمسائل المحلية
في تناقض صارخ مقارنةً بمعظم الشعوب العربية الأخرى المستطلعة مؤخرًا، خمس الإماراتيين فقط يعتبرون أن مساعي الحكومة غير كافية في المسائل البارزة التالية: "التعامل مع المشاكل الاقتصادية"؛ أو "الحدّ من مستوى الفساد في حياتنا الاقتصادية والسياسية"؛ أو "مشاركة عبء الضرائب وغيرها من الموجبات إزاء الحكومة بطريقة عادلة". والنسبة المفاجئة على نحو أكبر هي أن 26 في المائة فقط ترى أن الإمارات "لا تقوم بالكثير" من أجل "حماية الحريات وخصوصية المواطنين الأفراد".
فضلًا عن ذلك، توافق أغلبية كبيرة (79 في المائة) من الإماراتيين على المقولة التالية: "من الجيد أننا لا نشهد احتجاجات كبيرة في الشارع ضد الفساد، كما يحصل في دول عربية أخرى". في المقابل، فقط نصف المصريين أو الأردنيين أو حتى السعوديين يوافقونهم الرأي، استنادًا إلى استطلاعات موازية أُجريت في تلك البلدان خلال تشرين الثاني/نوفمبر. أما في لبنان، الذي يشهد حاليًا انهيارًا اقتصاديًا حادًا، فلا أحد تقريبًا يساوره هذا الشعور بالقناعة.
ملاحظة حول المنهجية
استُخلصت هذه النتائج من مقابلات أجريت وجهًا لوجه في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 مع عيّنة تمثيلية وطنية شملت ألف مواطن في الإمارات السبع التي تشكّل دولة الإمارات العربية المتحدة، بما يتماشى مع نسبتهم من إجمالي عدد السكان بأكثر من مليون نسمة بقليل. وتمّ اختيار المستطلعين بحسب أساليب الأرجحية الجغرافية المعيارية الصارمة، بحيث يناهز هامش الخطأ الإحصائي للعيّنة الإجمالية ثلاثة في المائة تقريبًا لإجمالي العيّنة، ونحو 5 في المائة لكل من العينتين الثانويتين للأجيال. يجب أن تُعتبر العيّنة الثانوية الصغيرة للأقلية الشيعية، التي لم تتجاوز المئة المستطلع، دلالية وغير حاسمة إحصائيًا.
وقد وفّر المتعاقد الميداني، وهو شركة مهنية إقليمية رائدة، ضوابط صارمة تتعلق بالجودة، وبروتوكولات السلامة الشاملة الخاصة بجائحة كوفيد-19، وضمانات السرية. وستكون التفاصيل الإضافية عن المنهجية، بما فيها تفاصيل الاستبيان الكامل باللغتين الإنكليزية والعربية والمعلومات الديمغرافية، وغيرها من المعلومات، متاحة عند الطلب.