- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع جديد للرأي السعودي يظهر أن زيارة بايدن بالكاد بددت الشكوك حيال السياسات الأمريكية
For the most recent polling data from Saudi Arabia, see our November 2022 data here.
جاءت آراء الجمهور السعودي متباينة حول قضايا مثل التطبيع والعلاقات مع الولايات المتحدة، لكنهم اتفقوا في ما يتعلق بأفعال روسيا في أوكرانيا والعلاقات مع إيران.
يظهر استطلاع خاص للرأي السعودي أجرته إحدى شركات الاستطلاع التجارية الإقليمية بتكليف من "معهد واشنطن" بين 25 تموز/يوليو و15 آب/أغسطس 2022 أن الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن في منتصف حزيران/يونيو لم تؤثر فعليًا على مواقف الشعب السعودي من الولايات المتحدة أو التطبيع مع إسرائيل أو أي قضايا أخرى.
لكن السعوديين لا يزالون يشعرون بالعدائية تجاه إيران، ويعارضون عمومًا غزو روسيا لأوكرانيا. مع ذلك، تولي أغلبية ضيقة أهميةً للعلاقات الجيدة مع روسيا، في حين أن أقلية كبيرة بشكلٍ مفاجئ (نحو 40%) ترحّب بإبرام اتفاقٍ نووي جديد مع إيران. والمثير للدهشة بشكلٍ أكبر هو أن نصف السعوديين يرون الآن أن "الوضع الاقتصادي في بلدنا سيئ عمومًا، وسيبقى هكذا على الأرجح". هذا ولا تزال الفوارق بين الأجيال والطوائف ضئيلةً بشكلٍ غريب، مع بعض الاستثناءات المحدودة الواردة أدناه.
الولايات المتحدة متخلفة عن الصين وروسيا من حيث أهمية العلاقات مع السعودية
ترى نسبة تفوق %40 بقليل من المواطنين السعوديين أن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة مهمة "نوعًا ما" على الأقل لبلدهم، وهي النسبة نفسها تقريبًا المسجلة في استطلاعات الرأي التي أجريت في السابق. ولدى سؤال المشاركين في الاستطلاع عن زيارة بايدن بالتحديد، رأى ربعهم فحسب أنها حملت أثرًا إيجابيًا. وتؤيد أغلبية السعوديين (59%)، كما في الاستطلاعات السابقة، المقولة التالية: "لا يمكننا التعويل على الولايات المتحدة حاليًا، لذا علينا أن نتطلع إلى روسيا والصين كشركاءٍ لنا".
فعلى صعيد أهمية العلاقات السعودية مع سائر الدول، أصبحت الولايات المتحدة في الوقت الراهن متخلفة عن الصين (55%) وروسيا (52%) – وحتى الاتحاد الأوروبي (46%). ومن بين القوى الأجنبية الكبرى، تأتي الهند مباشرةً بعد الولايات المتحدة، حيث يرى 37% من المشاركين أن العلاقات الجيدة مع نيودلهي مهمة بالنسبة إلى السعودية.
هذا وتنوعت الإجابات ردًا على السؤال حول أولويات السياسة الأمريكية تجاه السعودية. فاحتلت المرتبة الأولى إجابة "مساعدتنا على حل النزاعات الإقليمية بالقنوات الدبلوماسية"، تليها بفارقٍ ضئيل إجابة "توفير الأسلحة المتطورة لقواتنا المسلحة"، في حين حلت إجابتان مفاجئتان "تنفيذ مشاريع الاستثمار والتجارة والبناء" أو "احترام ديانتنا وثقافتنا" في المرتبتين التاليتين بفارقٍ ضئيل أيضًا.
الآراء إزاء التطبيع مع إسرائيل لا تزال متباينةً
لا تزال المواقف الشعبية السعودية تجاه التطبيع مع إسرائيل و"اتفاقيات ابراهيم" متباينة للغاية. فيوافق 42% من المشاركين على أنه "يجب السماح للأشخاص بالتواصل مع إسرائيل على الصعيديْن التجاري أو الرياضي إذا رغبوا في ذلك". تضاعفت هذه النسبة مباشرة بعد الإعلان الرسمي عن "اتفاقات إبراهيم" في خريف عام 2020؛ وظلت مستقرة منذ ذلك الحين، حتى في أعقاب العمليات العسكرية الانتقامية الإسرائيلية مباشرة في غزة في أيَّار/ مايو 2021 ومرة أخرى في تموز/يوليو الماضي فقط.
لكن الأغلبية (57%) لا توافق على ذلك، ومنها نسبة 26% تعارض ذلك "بشدة". وهذه إحدى المسائل القليلة التي يكون الفارق بين الأجيال بخصوصها كبيرًا من الناحية الإحصائية: ففي أوساط الراشدين ممن عمرهم دون الثلاثين عامًا، يوافق 46% على التواصل مع الإسرائيليين. أما في صفوف الراشدين الذين تجاوزوا الثلاثين عامًا، فتنحدر النسبة إلى 39%. وفي الوقت عينه، في ما يتعلق بـ"اتفاقيات ابراهيم" الرسمية الموقعة بين إسرائيل وعدة دول عربية أخرى، يرى نحو ربع السعوديين فقط أن لها انعكاسات إيجابية على المنطقة. يذكر أن هذه النسبة بقيت على حالها تقريبًا خلال العام الفائت، من دون تسجيل اختلاف كبير بين السعوديين الأصغر والأكبر سنًا.
الاهتمام بتحسين العلاقات مع طهران ضئيل، إنما الآراء متباينة بشكلٍ مفاجئ إزاء الاتفاق النووي
في تناقضٍ صارخ، أفادت نسبة 14% من السعوديين فقط بأن العلاقات الجيدة مع إيران مهمة "نوعًا ما" لبلدهم. وهذه المسألة من القضايا القليلة التي يبرز فيها الاختلاف بين الطوائف، ولو كان محدودًا: ففي أوساط الأقلية الشيعية السعودية الصغيرة، تولي نسبة 22% أهميةً للعلاقات الجيدة مع طهران، في حين تؤيد أغلبية السعوديين (57%) عمومًا إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران. إلا أن أقليةً كبيرةً مفاجئة (39%) ترى أن الاتفاق سيخلف أثرًا إيجابيًا بعض الشيء على المنطقة، مع تأييد الأقلية الشيعية له بنسبةٍ أكبر بقليل.
الأغلبية الكبرى لا تزال تعارض غزو روسيا لأوكرانيا وتلومها على ارتفاع أسعار المواد الغذائية
يعارض نحو ثلاثة أرباع السعوديين، وهي نسبة مساوية تقريبًا لتلك المسجلة في استطلاع آذار/مارس 2022، "العمليات العسكرية التي تنفذها روسيا في أوكرانيا". كما يؤيد ثلثي السعوديين فكرة أن غزو روسيا "هو السبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في المملكة". وتتناقض هذه الآراء القوية والثابتة نسبيًا بشكلٍ كبير مع وجهة نظر يتشاركها في الوقت نفسه أكثر من نصف السعوديين بأن العلاقات الجيدة مع روسيا لا تزال مهمة. ولا شك في أن هذه المواقف المتباينة تساهم في تفسير مواصلة السعودية استمالة روسيا وانتهاجها سياسة حذرة إزاء الأزمة الأوكرانية.
نصف السعوديين متشائم حيال اقتصاد البلاد، ونحو نصفهم بات يفضل الإسلام "المعتدل"
على صعيد القضايا المحلية، سجل هذا الاستطلاع نتيجةً مفاجئة مفادها أن نصف السعوديين متشائم حيال "الوضع الاقتصادي السيئ عمومًا في البلاد"، بمن فيهم نسبة 22% تؤيد هذه المقولة "بشدة". ويتشارك وجهة النظر هذه الأصغر والأكبر سنًا بالتساوي تقريبًا. وينبع هذا الشعور - غير المتوقع، في ضوء التركيز الخارجي الكبير على ارتفاع عائدات النفط - من تصور السعوديين لارتفاع أسعار المواد الغذائية، المذكور أعلاه
وفي نتيجةٍ أكثر إيجابية، تؤيد في الوقت الراهن نسبة 42% من السعوديين من الراشدين الشباب أو كبار السن المقولة التالية: "يجب أن نصغي إلى الذين يحاولون تفسير الإسلام بطريقةٍ أكثر اعتدالًا وتسامحًا وحداثة". وتجدر الملاحظة أن عدد مؤيدي وجهة النظر هذه كان يرتفع بوتيرةٍ بطيئة إنما مطردة في الاستطلاعات التي أجريت خلال السنوات الخمسة الماضية. ومن الملاحظ بشكل خاص اليوم، أن هذا الاستطلاع تم إجراؤه في وقت قريب من موسم الحج (الحج السنوي إلى مكة المكرمة)، حيث أثير بعض الجدل حول اختيار الإمام المعتدل الشيخ محمد العيسى لإلقاء الخطبة الرئيسية في يوم عرفة.
ملاحظة حول المنهجية المتّبعة
تقوم هذه النتائج على مقابلات استطلاعية شخصية لعيّنة تمثيلية وطنية شملت 1000 مواطن سعودي تم اختيارهم عشوائيًا بحسب إجراءات الأرجحية الجغرافية المعيارية. وقد أجرت الاستطلاع شركة تجارية إقليمية عريقة ومتمرسة ومستقلة، واعتمدت ضوابط الجودة والضمانات الشديدة للسرية. ويناهز هامش الخطأ الإحصائي لعينة ذات حجم وطبيعة مماثلين 3 في المئة تقريبًا. هذا ويمكن الاطلاع على معلومات إضافية متعلقة بالمنهجية، بما فيها الاستبيان الكامل وجداول البيانات، على منصة بيانات الاستطلاعات التفاعلية الجديدة على الموقع التالي www.fikraforum.org.