- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع جديد للرأي في الضفة الغربية يُظهر تحولاً من الآراء المتطرفة لعام 2020.
يُظهر استطلاع جديد للرأي العام في الضفة الغربية أن الدعم لفكرة حل الدولتين لا يزال يشكل الأقلية، ومع ذلك، طرأت تحولات ذات مغزى في المواقف على مدار العامين الماضيين.
صرح المسؤولون الأمريكيون أن الزيارة المرتقبة للرئيس بايدن للضفة الغربية تهدف إلى "إعادة التأكيد على الدعم القوي لمقترح حل الدولتين" وتطوير"حوارا جديدا ومنعشًا" بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية. وفى هذا السياق، أظهر استطلاع جديد للرأي في الضفة الغربية أن دعم حل الدولتين لا يزال يشكل الأقلية. ومع ذلك، فقد حصلت تحولات معتدلة وذات مغزى في المواقف منذ عام 2020. وفي غضون ذلك، يحظى التدخل الخارجي في الصراع - سواء كان من قبل الولايات المتحدة أو الدول العربية أو الجهات الفاعلة الدولية الأخرى - بدعم متزايد. وفي المقابل، لا يزال الإحباط من حكم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية مرتفعاً.
يتجلى التراجع في المواقف بشكل واضح منذ عام 2020 في ما يتعلق بالأولوية الوطنية الفلسطينية العليا خلال السنوات الخمس المقبلة. وابتعد الرأي عن الدعم القوي الذي تمنحه الأغلبية لـمسألة "استعادة فلسطين التاريخية، من النهر إلى البحر"، حيث انخفض بشكل حاد من 66% في عام 2020 إلى 37% فقط.
انعكست تلك التغييرات على آراء المستطلَعين الذين عبر ربعهم عن اهتمامهم بحل الدولتيْن، وأظهرت الإجابات أيضًا دعمًا غير متوقع ومتزايدًا لنتائج بديلة، حيث حظي خيار "الانتقال نحو حُكم مشترك مع الأردن أو مصر، يشمل الحكم الذاتي الفلسطيني" بدعم مرتفع بشكل ومدهش بنسبة 18%. وعلى عكس التصور الخطاء الشائع، لا يزال خيار "تحقيق حل الدولة الواحدة التي يتمتع فيها اليهود والعرب بحقوق متساوية" يحتل المرتبة الأخيرة، حيث حظي بدعم 16% فقط.
بالنظر إلى أبعد من ذلك بكثير، وعند سؤالهم عن كيفية انتهاء الصراع في نهاية المطاف، يستمر نصف سكان الضفة الغربية في الاعتقاد بأنه في " نهاية المطاف"، سيسيطر الفلسطينيون على كامل فلسطين تقريبًا، لأن الله إلى جانبهم"، وهو ما يعكس انخفاضا قدره 13 نقطة مقارنةً بعام 2020. ويقابل ذلك ازديادٌ قدره 11 نقطة لدى أولئك الذين يعتقدون أن إسرائيل والفلسطينيين سيتوصلون إلى "تسوية سياسية، لتقسيم الأرض والعيش جنبًا إلى جنب".
يعتقد المزيد من سكان الضفة الغربية (44%) الآن أن الإسرائيليين سيقبلون حل الدولتيْن لتحقيق السلام الدائم، وذلك بزيادة قدرها 12 نقطة عن عام 2020. كما يعتقد المزيد (حوالي النصف) أن استئناف المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة كان مرجحًا إلى حد ما على الأقل، وذلك على الرغم من أن السقوط اللاحق للحكومة جعل أي تحولات جديدة على هذه الجبهة غير متوقعة في الوقت الحاضر.
ومن الجدير بالملاحظة هنا هو تراجُع حدة الدعم نوعًا ما للنضال المسلح، فبينما يوافق 61% من سكان الضفة الغربية على الأقل إلى حدٍ ما على الاقتراح المتمثل بضرورة توجُّه الفلسطينيين نحو انتفاضة جديدة، يوافق عدد أقل "بشدة" على هذا التصريح – من % 27 في عامَي 2019 و2020 إلى 18 % في عام 2022. ورغم العمليات العسكرية الإسرائيلية المتكررة في مخيم جنين خلال الأشهر القليلة الماضية، فإن الرأي العام ما زال منقسما حول ما إذا كان "ينبغي للسلطة الفلسطينية أن توقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، بغض النظر عما يحدث".
تزايد الدعم للخطوات العملية، حتى بدون إحراز تقدم دبلوماسي
عند سؤالهم عن رأيهم في الاقتراح القائل بأنه "على الفلسطينيين التركيز على الأمور العملية مثل الوظائف [و]الرعاية الصحية... وليس على الخطط السياسية الكبيرة أو خيارات المقاومة"، وافق % 59 على ذلك. كما أن هناك اهتمامًا متزايدًا من قبل الأقلية بالتدخل الإسرائيلي، حيث يختار حاليًا 25% من سكان الضفة الغربية أن يكونوا "مواطنين إسرائيليين" إذا كان هناك اتفاق لحل الدولتيْن، وهي نسبة ارتفعت بعد أن كانت %9 ،في عام 2020. كما زاد الاهتمام بالشركات الإسرائيلية التي تعرض وظائف داخل الضفة الغربية وغزة في خلال العامين الماضيين من 11 % إلى 28 %.
وتعتقد أقلية مماثلة (29 %) أنه "سيكون من الأفضل لنا لو كنا جزءًا من إسرائيل بدلًا من الأراضي التي تحكمها "السلطة الفلسطينية" أو "حماس"، مع أن هذه النسبة انخفضت فعليًا منذ عام 2020 حين كانت تبلغ 36 %. وتبرز المواقف طويلة المدى أن الآراء الحالية تعكس تفاؤلاً ووفاقًا اقل بكثير مما كانت عليه قبل خمس سنوات.
الرغبة في ضغط أمريكي على إسرائيل و"السلطة الفلسطينية" يقابلها فتورٌ في الموقف إزاء نَهج إدارة بايدن
وفى ما يتعلق بالفاعليين الدوليين في الصراع، تحسنت الآراء بشأن تدخل الولايات المتحدة في القضايا الفلسطينية بشكل ملحوظ مقارنةً بعهد ترامب، لكنها ظلت متشككة. وبالعودة لعام 2020، أرادت نسبة كبيرة (%45) "عدم تدخل الولايات المتحدة إطلاقًا في الشؤون الفلسطينية وشؤون الشرق الأوسط". والآن، يعبر 13المئة فقط عن نفس الرأي، حيث يرغب حاليًا %35 بضغط الولايات المتحدة على إسرائيل لتقديم التنازلات. ويرغب 24 %آخرون في ضغط أمريكي على "السلطة الفلسطينية" وحركة "حماس" لتكونا "أكثر ديمقراطية وأقل فسادًا"، بينما يعطي 10% الأولوية لإشراك الدول العربية بشكل أكبر في حل المشكلة الفلسطينية. ومع ذلك، فإن النظرة العامة لمقاربة إدارة بايدن للصراع كانت سلبية بشكل ضيق الآن حيث وصلت الى (57%).
وبمقارنة الولايات المتحدة الامريكية بالقوى العظمى الأخرى، ينقسم سكان الضفة الغربية الى النصف تقريباً في ما يتعلق بالتصريح الاتي: "لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة هذه الأيام، لذا يجب علينا أن نتطلع إلى روسيا أو الصين كشريكتَين". في غضون ذلك، يعتقد 69٪ الآن أنه يجب على الفلسطينيين التركيز على إشراك وسطاء دوليين مختلفين "مثل روسيا وأوروبا والأمم المتحدة" في الصراع، بزيادة تقارب 20%عن السنوات السابقة. كما يعتقد 69 % من سكان الضفة الغربية أن الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا مهم إلى حدٍ ما على الأقل، مقارنةً بـ 64% يقولون الشيء نفسه عن الولايات المتحدة و68 %أيضًا عن الصين.
انخراط الدول العربية-بما في ذلك القدس- لا يزال يحظى بشعبية
هناك أيضا دعم متزايد في الضفة الغربية نحو المزيد من مشاركة الدول العربية في الوساطة، حيث تريد الغالبية أن تؤدي الحكومات العربية دورًا فعالًا أكثر في عملية صنع السلام، "عبر تقديم الحوافز للجانبيْن من أجل اتخاذ مواقف أكثر اعتدالًا" – وازدادت نسبة هذه الغالبية قليلًا من عام 2020. وفى هذا السياق، أكد ثلثَيْ سكان الضفة الغربية أنه "على الفلسطينيين الضغط على الحكومات العربية لدعم حقوقنا الكاملة، ثم ستفعل ذلك على الأرجح".
وفي حين أن "اتفاقيات إبراهيم" لا تحظى بشعبية، إذ لا ينظر إليها سوى الربع بشكل إيجابي إلى حد ما، إلا أن هذه النسبة أعلى مما كانت عليه عندما أجاب الأردنيون والمصريون واللبنانيون والكويتيون على السؤال نفسه في وقتٍ سابقٍ. وعلى عكس التوقعات، فإن سكان الضفة الغربية (إلى جانب الفلسطينيين الآخرين) هم السكان العرب _الذين شملهم استطلاع معهد واشنطن – وهم الأقل قابلية للنظر إلى "اتفاقيات إبراهيم" بشكل "سلبي للغاية"، حتى عند مقارنتهم بالبحرينيين أو الإماراتيين.
تجدر الإشارة أيضًا إلى وجود دعم غير متوقع ومتزايد في الضفة الغربية للتدخل العربي في مستقبل مدينة القدس المتنازع عليها، وذلك على حساب القيادة الفلسطينية الوحيدة. واللافت للنظر أن 67% من سكان الضفة الغربية يعتقدون أن الأردن يجب أن يلعب دورًا رئيسيًا في مستقبل القدس، وهو ما يعكس ارتفاعا ملحوظا بمقدار 25 نقطة منذ أن طُرح السؤال في عام 2020، وتتوافق تلك النسبة على قدم المساواة مع الدعم لمشاركة رئيسية للسلطة الفلسطينية (65٪)، وتتخطى النسبة التي حظيت بها حركة حماس (61٪). وعلى النحو عينه، يعتقد أكثر من %70 من سكان الضفة الغربية الآن أن المملكة العربية السعودية يجب أن تؤدي دورًا طفيفًا على الأقل في مستقبل القدس – بعد أن بلغت هذه النسبة48 % في عام 2020. وعلى العكس، تراجعَ فعليًا دعم قيام "السلطة الفلسطينية" وحركة "حماس" بتأدية دور رئيسي بنحو 20 نقطة منذ عام 2020.
لا تزال الحوكمة والانتخابات من القضايا الرئيسية بالنسبة لسكان الضفة الغربية
وفى ما يتعلق بالشؤون الفلسطينية الداخلية، تُظهر استطلاعات الرأي التي أجراها مؤخرًا كل من معهد واشنطن و المركز الفلسطيني للبحوث المسحية والسياسة، أن السلطة الفلسطينية لا تحظى بشعبية كبيرة في الوقت الحالي. وتحظى تلك القضايا المحلية بوزن كبير، حيث ينقسم سكان الضفة الغربية حول ما إذا كان "الإصلاح السياسي والاقتصادي الداخلي أهم بالنسبة إلينا من أي قضية تتعلق بالسياسة الخارجية". وعلى نحو مماثل، يوافق حوالي 40 % على التصريح التالي، "على الفلسطينيين التزام الهدوء وتحويل جهودنا الأساسية نحو بناء اقتصادنا ومؤسساتنا إلى حين تحسُّن الوضع السياسي الإسرائيلي أو الدولي".
وفى حقيقة الأمر، ترى أيضًا أقلية كبيرة أن قضايا الحوكمة المحلية هي المسألة الأكثر إلحاحًا التي تواجه الفلسطينيين. وعند السؤال عما هي الأولوية القصوى التي يجب أن يشكلها الهدف الوطني الفلسطيني الآن، اختار 36% من المستطلَعين "إجراء انتخابات جديدة" أو جعل "حكومات "السلطة الفلسطينية" وحركة "حماس" أكثر فعالية وغير فاسدة" بدلًا من الأولويات المتعلقة بإنهاء الاحتلال أو الحصول على اعتراف دولي بكيان الدولة الفلسطينية.
من الواضح أن الفساد الداخلي يشكل هاجسًا، حيث يؤيد63 % من سكان الضفة الغربية أنه على الفلسطينيين "الضغط بشكلٍ أقوى" من أجل استبدال القيادة السياسية الفلسطينية الحالية بخيارات "أكثر فعالية وأقل فسادًا"، ويؤيد عدد مماثل (%65) التصريح بأن "حركة "حماس" و"السلطة الفلسطينية" يجب أن تسمحا بإجراء انتخابات فلسطينية حرة وعادلة". كما تؤكد استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسة والمسحية أن حركة حماس والسلطة الفلسطينية فاسدتان بالفعل. ومع ذلك، وبشكل ملحوظ، تقول أقلية فحسب إنها تدعم الاحتجاجات الجماهيرية ضد الفساد "كما نشاهد في الدول العربية الأخرى".