- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع جديد للرأي يُظهر إحباط اللبنانيين من الحكومة وإيران وقوى أخرى
تؤكد نتائج الاستطلاع الجديد الذي أُجري في لبنان على أوجه الإحباط الذي يشعر به عامة الناس على الصعيد المحلي وبسبب إيران، أي حليفة "حزب الله" الرئيسية، وتُظهر تضاربًا في الآراء تجاه القوى الأخرى.
أُجري هذا الاستطلاع في آذار/مارس ونيسان/أبريل 2023 بتكليفٍ من "معهد واشنطن"، وتسلّط نتائجه الضوء على أوجه الاختلاف بين اللبنانيين ومواطني البلدان الأخرى التي شملها الاستطلاع في المنطقة، وعلى النقاط التي يتفق بشأنها اللبنانيون أو يختلفون بحسب طائفتهم.
المشاكل المحلية المستمرة
في ظل حالة الانهيار التي يعاني منها لبنان، والسؤال الذي لم يلقَ جوابًا بعد بشأن مَن سيتولى رئاسة الجمهورية بعد أشهرٍ من شغور المنصب، لا شيء يدعو اللبنانيين إلى التفاؤل على صعيد القضايا المحلية. وقد أظهرت استطلاعات الرأي مرارًا وتكرارًا على مدى السنوات الماضية أن اللبنانيين، بصرف النظر عن اختلافاتهم حول القضايا الأخرى، يجمعهم فعليًا الإحباط من حكومتهم بسبب مسائل الفساد وحرية التعبير وغيرها الكثير. وعلى الرغم من أن احتجاجات عام 2019 هدأت، بسبب القمع العنيف من بين أمور أخرى، ما زال 92 في المئة من المشاركين في الاستطلاع الأخير يرفضون البيان التالي: "إنه لأمر جيد ألا نشهد احتجاجات جماهيرية في الشارع ضد الفساد". وتختلف آراء اللبنانيين هذه عن تلك السائدة في المنطقة، حيث يعارض الكثيرون من العرب المظاهرات الكبيرة.
الإحباطات العميقة من إيران
يبدو أن هذا الشعور بالإحباط تعكسه أيضًا الآراء بشأن الجهات الفاعلة الخارجية التي تتدخل في لبنان. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى عدم توافق الآراء إطلاقًا بشأن إيران، بما في ذلك في صفوف اللبنانيين الشيعة. فمن بين المستطلَعين الشيعة، يصنّف 58 في المئة فقط إيران على أنها دولة صديقة للبنان في المقام الأول. وفي غضون ذلك، يعتبر الربع إيران دولة عدوّة أو دولة منافِسة. وفي حالة المستطلَعين السنّة والمسيحيين، تقفز نسبة الذين يرون إيران كدولة عدوّة إلى 66 في المئة و83 في المئة على التوالي. والجدير بالذكر أن نسبة اللبنانيين الذين يعتبرون إيران دولة عدوّة تساوي النسبة المسجَّلة في المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة، وتفوق تلك المسجَّلة في مصر أو الأردن أو الكويت. ولا يصف سوى 18 في المئة من اللبنانيين عمومًا إيران على أنها "صديقة" في المقام الأول.
كما يتطلع الكثيرون من اللبنانيين إلى تطور وضع إيران في المنطقة. فمن ناحية، يؤيد اللبنانيون عمومًا استئناف العلاقات بين السعودية وإيران، إذ يقول 83 في المئة منهم إن هذا التطور إيجابي، مقارنةً بـ31 في المئة فقط من المواطنين السعوديين. ومن ناحية أخرى، يوافق أكثر من نصف السنّة اللبنانيين (53 في المئة) على البيان الاستفزازي التالي: "بما أن إيران تقترب كثيرًا من امتلاك قنبلة نووية، حان الوقت لكي تحصل دولة عربية على واحدة أيضًا". وعلاوةً على ذلك، عند سؤالهم عما إذا كانوا يوافقون هذا القول: "ستحمل ضربة أمريكية أو إسرائيلية كبيرة على إيران تداعيات خطيرة وتنعكس سلبًا على بلادنا"، لم توافق نسبة مماثلة (54 في المئة) على ذلك، خلافًا للمواقف السائدة في البلدان الأخرى بشأن هذه المسألة. وعلى النحو نفسه، أيّد اللبنانيون السنّة إلى حدٍ كبيرٍ الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران عندما سئلوا عن ذلك في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، إذ أشار 69 في المئة منهم إلى أن هذه الاحتجاجات ستُخلّف تأثيرًا إيجابيًا على المنطقة. أما في ما يتعلق بالتأثير الإقليمي لإعادة إحياء العلاقات بين الدول العربية والأسد، تتماشى وجهة نظر اللبنانيين مع الرأي العام السائد في الدول الأخرى. وفي هذه الحالة، تنقسم الآراء بالتوازي، إذ ينظر نصف المستطلَعين إلى هذا التطبيع بشكل إيجابي. وترتفع هذه النسبة إلى 71 في المئة لدى المستطلَعين الشيعة.
نفور ملحوظ من الولايات المتحدة وروسيا والصين
تشمل السبل المحتملة لمعالجة التحديات السياسية والاقتصادية في البلد اللجوء إلى الجهات الفاعلة الخارجية الأخرى. ومع ذلك، ينقسم اللبنانيون من مختلف الطوائف حول أدوار الدول الخارجية. فالقوى العالمية العظمى، أي الولايات المتحدة وروسيا والصين، تُعتَبر عدوّة للبلاد بالنسبة إلى نِسَب مئوية ملحوظة من اللبنانيين، في حين أنها تُعتبَر صديقة بالنسبة إلى آخرين.
على سبيل المثال، من بين البلدان التي شملها الاستطلاع، كان لبنان البلد الوحيد الذي رأى فيه نصف السكان تقريبًا ( 47في المئة) أن الولايات المتحدة هي دولة "عدوّة لبلدنا". ولم يقتصر هذا الرأي على الشيعة اللبنانيين، الذين تستهدفهم ربما بشكلٍ مباشرٍ رسائل "حزب الله" بشأن واشنطن أكثر من غيرهم، بل أيّده أيضًا حوالي 40 في المئة من اللبنانيين السنّة والمسيحيين. ولكن بالإضافة إلى هذه النسبة السابقة، صنّف ما يقرب من الثلث (34 في المئة و33 في المئة، على التوالي) الولايات المتحدة كدولة "صديقة للبلاد". ويرى عدد قليل نسبيًا أن الولايات المتحدة هي شريك أمني أو اقتصادي في المقام الأول.
ما من إجماعٍ أيضًا على دولة أخرى "صديقة" للبلاد. ففي حالة الصين، قال 30 في المئة من اللبنانيين إن الصين هي دولة عدوّة للبنان. وعند طرح السؤال نفسه عن روسيا، برز الرأي عينه تمامًا: فهي عدوّة بالنسبة إلى 30 في المئة من الشيعة، و44 في المئة من السنّة، و54 في المئة من المسيحيين.
تنعكس هذه المواقف تجاه روسيا في نظرة اللبنانيين إلى الحرب في أوكرانيا. فمن بين الدول السبع التي شملها الاستطلاع، كانت آراء اللبنانيين هي الأكثر انقسامًا في ما يتعلق بالانتصار العسكري الروسي. وفي حين وافق حوالي ثلاثة أرباع المستطلَعين الخليجيين والأردنيين والمصريين على التصريح التالي: "ستتمثل النتيجة الأفضل في انتصار روسيا، بما في ذلك ضمّ أراضٍ أوكرانية كبيرة إلى روسيا"، كان الجمهور اللبناني أكثر تناقضًا. وحتى بين المستطلَعين الشيعة، وهم المجموعة الفرعية التي يُحتمَل أن تُوافق أكثر من غيرها على تلك العبارة، وافق 63 في المئة. وعلاوةً على ذلك، لم يوافق سوى ثلث اللبنانيين من السنّة والمسيحيين، في حين عارض النصف تقريبًا بشدة هذا الرأي، مقارنةً بحوالي 10 في المئة فحسب في البلدان الأخرى.
معارضة شديدة لإسرائيل إلا على صعيد الاتفاق البحري
لا تزال الأغلبية الساحقة من اللبنانيين تُعارض بشدة إقامة علاقات مع إسرائيل، سواء في حالة المساعدات الإنسانية أو العلاقات الاقتصادية. وعلى عكس الخليج، تعتقد نسبة كبيرة من اللبنانيين (62 في المئة) أن هجمات "حماس" الصاروخية من غزة على جارتهم الجنوبية تُشكل تطورًا إيجابيًا في المنطقة. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان يحظى بشعبية لدى أكثر من نصف اللبنانيين المستطلَعين (58 في المئة)، مع أن نسبة اللبنانيين الشيعة الذين يؤيدونه تراجعت بنحو عشر نقاط مئوية منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
ملاحظة حول المنهجية
يعتمد هذا التحليل على نتائج استطلاع قائم على مقابلات شخصية مع عينة وطنية تمثيلية عشوائية قوامها 1000 مواطن لبناني. اتبع اختيار العينة إجراءات الاحتمالية الجغرافية القياسية، ما أسفر عن هامش خطأ إحصائي يبلغ حوالي 3 في المئة. تم إجراء الاستطلاع من قبل شركة تجارية إقليمية تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة وذات خبرة وطابع غير سياسي على الإطلاق. تم توفير ضوابط صارمة للجودة وضمانات للسرية في كافة مراحل العمل الميداني. يمكن الاطلاع على تفاصيل الإضافية، بما في ذلك أسئلة الاستطلاع الكاملة، والتصنيفات الديمغرافية، على منصة بيانات الاستطلاعات التفاعلية لمعهد واشنطن.