- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع للرأي العام في مصر يُظهر ارتفاعا في نسبة الدعم لحركة حماس؛ ولا تزال الجماعات المدعومة من قبل إيران والإخوان المسلمين لا تحظى بشعبية
في حين لقت "حماس" موجةً من الدعم الشعبي في مصر، لم تؤثر هذه الآراء على الذين يعبرون عن نظرة إيجابية لجماعة "الإخوان المسلمين". وظل وكلاء إيران، وأهمهم "حزب الله" والحوثيون، لا يتمتعون بشعبية كبيرة في بين المصريين.
كشف استطلاع حديث للرأي العام في مصر أجرته شركة تجارية إقليمية في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر بتكليف من "معهد واشنطن" أنه بعد سنواتٍ من أوجه النظر السلبية تجاه "حماس"، ينظر ثلاثة أرباع المصريين الآن إلى الحركة بشكلٍ إيجابي، ما يظهر تأثير الحرب بين إسرائيل و"حماس" على الرأي العام المصري. ولا تزال غالبية المصريين ترفض العلاقات مع إسرائيل والإسرائيليين، في حين لا يزال وكلاء إيران لا يحظون بشعبية. كما أن الغالبية نفسها تعتقد أن الولايات المتحدة لديها القدرة على وضع حدٍ للحرب في غزة.
وفي ما يتعلق بدور الولايات المتحدة في الحرب الدائرة في غزة، أظهر الاستطلاع الحالي أن أكثر من ثلاثة أرباع المصريين وافقوا على أن "الولايات المتحدة لا تزال في الموقع الأفضل للمساعدة في إنهاء الحرب في غزة، ولو أنني أعارض سياساتها". ومع ذلك، ينقسم المصريون حاليًا حول الاقتراح القائل إنه "لم يعد بإمكاننا الاعتماد على الولايات المتحدة، لذا علينا أن نتطلّع أكثر إلى دول أخرى مثل روسيا والصين كشريكتين"، إذ وافق 57% من المصريين على هذا البيان في حين عارضه 42%.
أما بالنسبة إلى الدور الذي ينبغي أن تؤديه الدول العربية في الصراع الدائر، أظهر الاستطلاع الحالي وجهات نظر متباينة. فطالبت غالبية كبيرة من المصريين (97%) الدول العربية باتخاذ موقف صارم ضد إسرائيل و"قطع كافة الاتصالات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية وأي اتصالات أخرى مع إسرائيل على الفور احتجاجًا على أعمالها العسكرية في غزة". ولو أن ذلك لم يكن بالإجماع، وافق أكثر من ثلثي المصريين (69%) أيضًا على أنه " يجب أن تضطلع الحكومات العربية بدور أنشط في عملية صنع السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال تقديم الحوافز للجانبين من أجل اتخاذ مواقف أكثر اعتدالًا". علاوةً على ذلك، رأت الغالبية العظمى (96%) من المصريين أنه على بلدهم تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، ولو تطلّب ذلك بعض التنسيق العملي مع إسرائيل.
والملفت أنه في حين لقت "حماس" موجةً من الدعم الشعبي، في ظل الارتفاع الكبير في هذا الرأي لدى الجماهير العربية الأخرى التي شملها الاستطلاع، لم تؤثر هذه الآراء على الذين يعبرون عن نظرة إيجابية لجماعة "الإخوان المسلمين". وترى الحكومة المصرية الحالية أن جماعة "الإخوان المسلمين" نفسها وفرعها الفلسطيني يهددان سياستها الداخلية. منذ نحو ثماني سنوات، أي منذ نشر نتائج استطلاع خريف 2015 الذي تلقت فيه "حماس" نقاط سلبية، تبنى غالبية المصريين موقفًا سلبيًا تجاه الحركة. في المقابل، يُظهر الاستطلاع الحالي أن ثلاثة أرباع المصريين ينظرون إلى "حماس" بإيجابية، في حين أن أقل من الربع يعربون عن آراء سلبية تجاه الحركة. وبالمثل، يُنظر إلى الحرب في غزة على أنها انتصارٌ للفلسطينيين والعرب والمسلمين.
بالإضافة إلى ذلك، وفي حين أظهرت بيانات استطلاعات الرأي السابقة أن أكثر من ثلث المصريين يميلون إلى معارضة انخراط "حماس" في صراعٍ مسلح مع إسرائيل، أظهرت بيانات الاستطلاع الحالية أن 86% من المصريين لا يوافقون على التصريح القائل أنه "يجب على "حماس" التوقف عن الدعوة إلى تدمير إسرائيل والقبول بدلًا من ذلك بحل الدولتين الدائم على أساس حدود عام 1967". وبالمثل، تعتقد الغالبية العظمى (94%) أن "حماس" لم تقتل المدنيين. ويمكن أن يعزى هذا التغيير الكبير في موقف الجمهور المصري تجاه "حماس" إلى ثلاثة عوامل وهي: اندلاع الحرب في غزة، والتقارب بين "حماس" والنظام المصري في أعقاب الأحداث العنيفة التي شهدها حي الشيخ جراح في القدس الشرقية في عام 2021، وتخفيف لهجة الخطاب الإعلامي في مصر تجاه "حماس" بعد أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وظل وكلاء إيران، وأهمهم "حزب الله"، لا يتمتعون بشعبية كبيرة في بين المصريين. والملفت أن الاستطلاع الحالي يظهر أن 79% من المصريين عبّروا عن وجهات نظر سلبية نحو "حزب الله" في لبنان، في حين وافق ما يقرب من ثلاثة أرباعهم على أن "إيران وحزب الله والحوثيون وحلفائهم من الميليشيات الأخرى غير راغبين أو غير قادرين في الواقع على مساندة الفلسطينيين، بغض النظرعن ادعاءاتهم". وتتماشى هذه النتائج مع البيانات الصادرة في استطلاع حديث للرأي أجري في تشرين الأول/أكتوبر الماضي أعرب فيه 80% من المصريين عن وجهة نظر سلبية للغاية تجاه "حزب الله"، بينما عبر عدد مماثل عن وجهة نظر سلبية تجاه الحوثيين في استطلاع شتاء 2021. أما بالنسبة لهجمات الحوثيين الأخيرة على ممرات الشحن في البحر الأحمر، والتي تُرجعها الجماعة إلى الحرب في غزة، فإن تأثيرها على الرأي العام المصري غير واضح، مع أن هذه الهجمات كانت قد بدأت خلال فترة إجراء الاستطلاع الذي تم فيه طرح هذا السؤال عن وكلاء إيران.
رغم أنه كان من المتوقع أن يؤثر هذا الدعم المتزايد لحركة "حماس" علي المصريين بشكلٍ إيجابي على دعمهم لجماعة "الإخوان المسلمين"، التي حظرتها الحكومة المصرية باعتبارها "منظمة إرهابية"، أظهر الاستطلاع الأخير أن عدد المصريين المنحازين للأخيرة آخذ في التراجع. فقد أظهر الاستطلاع الحالي أن 11% فقط من المصريين ينظرون الآن إلى جماعة "الإخوان المسلمين" بشكلٍ إيجابي، في تراجعٍ قدره 12 نقطة بالمقارنة مع نتائج استطلاع شتاء 2021. ومن المرجح أن يكون هذا السؤال حساسًا بالنسبة للمصريين بشكلٍ خاص، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن الاتجاه التنازلي المستمر في هذا الشأن بالمقارنة مع استطلاعات الرأي السابقة.
وفي ما يتعلق بأجواء "السلام البارد" بين مصر وإسرائيل، وكما كان الحال قبل الحرب، لا تزال فكرة العلاقات مع الإسرائيليين لا تحظى بشعبية واسعة. ومع أن مصر كانت أول دولة عربية تقيم علاقاتٍ دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، لا تزال المعارضة الشعبية لإقامة علاقات غير رسمية مع إسرائيل أو الإسرائيليين قويةً. فقد وافق 8% فقط من المصريين على البيان القائل إنه "يجب السماح للراغبين في بناء علاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين بالقيام بذلك". وتظل هذه النسبة منخفضةً، كما كانت عليه في الاستطلاع السابق الذي أجري في خريف عام 2022، حيث وافق 11% من المصريين فقط على البيان نفسه. كما أن 2% من المصريين فقط يوافقون على عبارة "أتمنى أن نصبح أصدقاء مع الإسرائيليين يومًا ما، فنحن جميعنا بشر في النهاية". وتعكس هذه المواقف السلبية الفجوة الكبيرة القائمة بين آراء الشعب المصري وسياسات حكومته التي تقيم علاقات تجارية وأمنية مع إسرائيل منذ توقيع معاهدة السلام.
وتعليقًا على الأحداث العنيفة الجارية في غزة الآن، وافق 78% من المصريين على أن إسرائيل "ضعيفة ومنقسمة للغاية لدرجة أنه يمكن هزيمتها يومًا ما". وقد شدد ما يقرب من ثلاثة أرباع السعوديين والإماراتيين على وجهة النظر هذه عن الانقسام الداخلي في اسرائيل في استطلاع خريف 2023 الأخير. ورغم الدمار والخسائر في الأرواح، يعتقد 89% من المصريين أن الحرب في غزة هي انتصار للفلسطينيين والعرب والمسلمين.
يرى المصريون الحرب في غزة من منظورٍ ديني، لكن الغالبية العظمى منهم تعتبر أن المفاوضات، وليس الحرب، هي الوسيلة الوحيدة للتوصل إلى اتفاق. كما تنظر غالبية المصريين إلى الحرب الحالية في غزة على أنها تشكّل تهديداً للأماكن المقدسّة الإسلامية والمسيحية. فقد أظهر الاستطلاع الحالي، أن 94% من المصريين "قلقون بشكلٍ جدي من أن إسرائيل تريد تدمير المسجد الأقصى وكنائسنا وإلحاق الضرر بديننا". ومع ذلك، وعلى الرغم من الموقف السلبي تجاه إسرائيل، فإن غالبية المصريين ما زالت تعتقد أنه يمكن تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي هذا الصدد، رأى 86% من المصريين أنه لا يمكن حل الصراع مع إسرائيل عسكريًا، بل سياسيًا. وفي تناغمٍ مع هذا الموقف، وافق 84% من المصريين إما "بشدة" أو "إلى حدٍ ما" على البيان القائل إن "الإصلاحات السياسية والاقتصادية الداخلية في الوقت الحالي هي أهم بالنسبة إلى بلادنا من أي قضية تتعلق بالسياسة الخارجية، لذا علينا البقاء في منأى عن الحروب الخارجية".
ملاحظة حول المنهجية
يستند هذا التحليل إلى نتائج استطلاع أجري بتكليف من معهد واشنطن ونفذته شركة استطلاعات تجارية إقليمية مستقلة تتمتع بمستوى عالٍ من الكفاءة والخبرة. قام الاستطلاع على مقابلات شخصية مع عيّنة وطنية تمثيلية شملت ألف مواطن سعودي تم اختيارهم وفقًا لإجراءات الاحتمالية الجغرافية المعيارية. وقدّمت الشركة ضوابط جودة صارمة وضمانات السرية طوال مدة العمل الميداني والترميز ومعالجة البيانات. ويبلغ هامش الخطأ النظري لعيّنة بهذا الحجم وهذه الطبيعة حوالى ثلاث نقاط مئوية.