- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع رأي في قطر يُظهر أن الشعب راضٍ، غير موالٍ لإيران، وثلثه يتقبّل بعض الروابط مع إسرائيل
يعبر القطريون عن وجهات نظر إيجابية تجاه التقارب مع تركيا، وبنفس القدر، ينظرون إلى الولايات المتحدة والصين وروسيا كشركاء قيّمين.
يُظهر استطلاع جديد ونادر للرأي لحوالي 350 ألف مواطن قطري أجرَتهُ شركة تجارية إقليمية بتكليفٍ من "معهد واشنطن" في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أن الأغلبية الكبرى ترفض الاحتجاجات العامة ضد الفساد. وإلى ذلك، يقول 30% من المستجيبين فحسب في جلسةٍ خصوصية إن حكومتهم "لا تتخذ الإجراءات الكافية" من أجل السيطرة عليه – وهي النسبة الأدنى على الإطلاق مقارنةً بنتائج استطلاعات موازية أُجريت في السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، ومصر، والأردن، ولبنان. وبخصوص القضايا الاقتصادية والمحلية الأوسع نطاقاً، فإن نسبة القطريين الذين يقولون إن حكومتهم "لا تحرك ساكنًا" لمعالجة ظاهرة الفساد قد تراجعت إلى الربع فقط، أو حتى أقل من ذلك.
وفي حين لا يتضح مقدار الاهتمام الذي يوليه حكام هذا النظام الملكي الثري الى الرأي العام، إلا أن نتائج هذا الاستطلاع تشير إلى وجود سبب وجيه للقلق بشأن الاحتجاجات الشعبية. وتجدر الإشارة، مع ذلك، إلى أن الغالبية العظمى من سكان البلاد، أكثر من مليون عامل وافد، لم يشملهم هذا الاستطلاع.
وفي ما يتعلق بمسائل السياسات الخارجية، يقول 16% فحسب من القطريين إن العلاقات الجيدة مع إيران مهمة – وهي نسبة متدنية بشكلٍ مفاجئ، بالنظر إلى سمعة قطر "الموالية لإيران" نسبيًا بين بعض المنتقدين، واعتمادها الاقتصادي على حقل الغاز البحري العملاق بارس الجنوبي المشترك مع إيران. وعلى سبيل المقارنة، يقول نصف المستجيبين إن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة مهمة لبلادهم. وأصبح ما يفوق الثلث بقليل، أي ما يوازي تقريبًا النسبة المسجلة في الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية، يوافق اليوم على العلاقات الاقتصادية العربية-الإسرائيلية. إلا أن مجرد 14% من القطريين يتوقعون تحقيق أثرٍ إيجابي من "اتفاقيات إبراهيم" الرسمية مع إسرائيل والتي وقّعتها أربع دول عربية منذ نحو العام.
القطريون يرفضون بشكلٍ ساحق الاحتجاجات ضد الفساد، على عكس العرب الآخرين الخاضعين للاستطلاع
لدى سؤال القطريين أولاً عن عدة مسائل محلية، لا يلوم سوى أقليات صغيرة من القطريين الحكومة على عدم اتخاذ الإجراءات الكافية لمعالجتها. وتشمل اللائحة: "التعامل مع... المشاكل الاقتصادية" 11%، و"حماية حريات المواطنين الأفراد وخصوصيتهم" 20%، و"مشاركة عبء الضرائب والموجبات الأخرى مع الحكومة بشكلٍ عادل" 24%. وتتصدر اللائحة مسألة "الحد من الفساد في الحياة الاقتصادية والسياسية" إنما سجّلت نسبة 30% فحسب.
في الوقت عينه، يوافق 86٪ من القطريين، أي أكثر من أي من المجتمعات العربية التي شملها الاستطلاع، على العبارة الآتية: "من الجيد أنه ليس لدينا احتجاجات شعبية كبيرة ضد الفساد كما في بعض البلدان العربية الأخرى".
المفاجئ أن الأغلبية الكبرى تعتبر أن العلاقات مع إيران غير مهمة
في ما يخص العلاقات الخارجية، إن النتيجة الأبرز التي توصل إليها هذا الاستطلاع هي النسبة المتدنية جدًا (16%) من المواطنين القطريين الذين يقدّرون العلاقات الجيدة مع إيران. والمثير للانتباه هو أن أقليةً فحسب (43%) تتوقع نتائج إيجابية من "المحادثات الدبلوماسية الأخيرة بين إيران والسعودية" – مقارنةً بثلاثة أرباع يتوقعون أمورًا جيدة من "الخطوات التدريجية لتحسين العلاقات العربية مع تركيا"- الصديق المقرب بشكل خاص لقطر خلال السنوات الأخيرة.
أما بالنسبة إلى نظام الأسد في سوريا، وهو الحليف الإقليمي الأول لإيران، من المذهل أن أقليةً ضئيلة فحسب (7%) من القطريين تقول إن "خطوات بعض الحكومات العربية لإعادة إرساء العلاقات" مع النظام ستُحدث أي آثار إيجابية في المنطقة. علاوةً على ذلك، تتوقع أغلبية القطريين (59%) وقوع أثر سلبي من "انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسًا لإيران". حتى أن أغلبيةً مشابهة (56%) توافق على هذه العبارة المثيرة للجدل: "أينما تتدخل إيران، تؤذي العرب المحليين ولا تساعد الفلسطينيين".
ومن الأمور التي تدعو للحذر مسألةٌ تتعلق بالأغلبية الضئيلة (التي ربما تبلغ حوالي 10 في المئة) من المواطنين الشيعة في قطر الذين يعربون عن آراء أكثر تعاطفًا نوعًا ما مع إيران. فثلثا هذه الفئة يعارضون الرأي الأخير السلبي حول التدخلات الإيرانية. ومع ذلك، لا يقول سوى ربع الشيعة القطريين إنهم يقدّرون العلاقات الجيدة مع طهران.
يُنظَر إلى كل من الولايات المتحدة والصين وروسيا على أنها دول شريكة لقطر، لكنّ نسبةً قليلة من القطريين يساندون وجود القوات الأمريكية في المنطقة
لغرض التوضيح، يقول نصف الشعب القطري تحديدًا إن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة مهمة لبلاده. ويتقارب كل من الصين وروسيا إحصائيًا من الولايات المتحدة في هذه المسألة. ولم يتبدل ذلك التعادل كثيرًا خلال السنوات القليلة الماضية.
وما يثير قلقًا أكبر هو الإجابة على هذا الزعم الجازم والاستفزازي الذي طُرح هنا للمرة الأولى: "لا يستطيع بلدنا التعويل على الولايات المتحدة هذه الأيام، لذا علينا النظر أكثر إلى روسيا والصين كدولتين شريكتين". فتُوافق الأغلبية الضئيلة (56%) من القطريين حاليًا على ذلك الحُكم السلبي على مدى موثوقية الولايات المتحدة.
إضافةً إلى ذلك، ومن المفارقات نظرًا إلى تواجد "قاعدة العديد الجوية" العملاقة على أرضهم، يبدو أن القطريين يحترسون من التواجد العسكري الأمريكي في منطقتهم. فيتوقع معظمهم (70%) أن ينتج أثر إيجابي عن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. ويبرز تباين حاد مع النسبة التي لا تتجاوز 19% التي تتوقع تحقيق نتيجة جيدة من "الاتفاق الأمريكي لإبقاء بضعة آلاف المستشارين العسكريين في العراق".
أقليةٌ تدعم "اتفاقيات ابراهيم" المبرمة مع إسرائيل، إنما يتقبّل حوالي الثلث وجود روابط اقتصادية مع هذه الأخيرة
لا يتوقع سوى 14% من القطريين أن تنتج آثارًا إقليمية إيجابية عن "اتفاقيات السلام بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان" التي أُبرمت في أواخر عام 2020 (ويبلغ هذا الرقم الضعف تقريبًا في الإمارات والبحرين). ومع ذلك، يوافق 38% من الشعب القطري على أن "الأشخاص الذين يريدون التواصل مع إسرائيل على الصعيدين التجاري أو الرياضي يجب السماح لهم بذلك". وتتوقع النسبة نفسها تقريبًا (34%) بعض النتائج الجيدة من "الصفقات الاقتصادية الأخيرة بين إسرائيل ومصر والأردن". كذلك، تتوقع نسبة مشابهة (30%) أن ينتج أثر إيجابي عن "استبدال نتنياهو كرئيس وزراء إسرائيل"، بينما اختار 10% من المستجيبين عدم التعبير عن رأيهم بشأن هذه المسألة. يتفق المواطنون القطريون من صغار وكبار السن إلى حد كبير، على عكس التصور الخاطئ الشائع.
ومن النتائج التي عكست التوقعات، إنما تكررت في المجتمعات الستة الأخرى التي خضعت للاستطلاع، هو شبه انعدام الفوارق بين الأجيال في المواقف التي نُقلت بشأن هذه المسائل. فعلى سبيل المثال، من بين القطريين الذين يبلغ عمرهم أكثر من 30 عامًا أو أقل، كانت النسبة التي أعربت عن توقعات إيجابية من "اتفاقيات ابراهيم" مع إسرائيل هي نفسها تمامًا: 14%. وعلى نحوٍ مماثل، كانت عمليات التواصل مع إسرائيل على الصعيدين التجاري أو الرياضي مقبولة بالنسبة إلى 38% من القطريين الشباب؛ أما ذلك الرقم لدى الجيل الأكبر فليس أدنى سوى بنقطة واحدة، ويبلغ 37%. كما يوجد نفس النمط من الإجماع بين الأجيال حول الموضوعات الأخرى التي تم تناولها في هذا الاستطلاع غير المعتاد للغاية.
ملاحظة حول المنهجية المتّبعة
يقوم هذا التحليل على مقابلات استطلاعية شخصية أجرتها شركة تجارية إقليمية وغير سياسية تمامًا وعالية الكفاءة في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 مع عينة تمثيلية وطنية شملت 1000 مواطن قطري. وتم اختيار العينة بحسب إجراءات الأرجحية الجغرافية المعيارية، بحيث يناهز هامش الخطأ الإحصائي ثلاثة في المئة تقريبًا.
وفّرت الشركة المستطلِعة ضمانات صارمة بالسرية وضوابط الجودة وبروتوكولات السلامة المتعلقة بفيروس كورونا خلال إجراء العمل الميداني ذات الصلة. واتبعت استطلاعات الرأي العربية الأخرى المذكورة هنا لغرض المقارنة إجراءاتٍ مشابهة جدًا. ويمكن توفير معلومات إضافية متعلقة بالمنهجية عند الطلب، بما فيها تفاصيل الاستبيانين العربي والإنكليزي الأصلي، والإطار المفصّل لأخذ العيّنة، والمعلومات الديموغرافية.