- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع رأي جديد يبيّن أنّ الإمارات العربية المتحدة منقسمة في الخاص بشأن قضايا رئيسية
تظهر بيانات استطلاع نادر للرأي العام في الإمارات العربية المتحدة أجري في نوفمبر/تشرين الثاني أنّ الإماراتيين منقسمين أكثر مما يُفترض في كثير من الأحيان بشأن عدد من القضايا الموضوعية، سواء كانت خارجية أم محلية. وتشمل هذه القضايا حقوق المرأة والتعاون مع إسرائيل وحتى علاقات الإمارات العربية المتحدة الوثيقة مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنّ هذه النتائج لا توحي بسخط شعبي واسع، فهي تمثّل اختلافاً في الآراء يبيّن أنه ينبغي على الحكومة التعامل مع هذه التقاطعات في المواقف الشعبية.
تصوّر الإمارات العربية المتحدة نفسها في ما يتعلق بالمسائل الاجتماعية والاقتصادية الداخلية على أنها واحة من التسامح والحداثة، إلا أنّ حوالى نصف المواطنين غير موافق على الكثير من الإصلاحات التي تقوم عليها سمعة البلاد هذه. على سبيل المثال، قال 47٪ إنّ حكومتهم تقوم "بأكثر من اللازم" من أجل "تعزيز الفرص والمساواة للمرأة"، كما قال 52٪ إنّ السلطات الإماراتية تتدخل بشكل كبير في الشؤون الاقتصادية المحلية ضمن محاولتها الرامية إلى "مشاركة أعباء الضرائب وغيرها من الالتزامات تجاه الحكومة بطريقة عادلة".
وعلى نحو أكثر دلالةً، لا يوافق ثلثا المستطلعين على "ضرورة أن نستمع إلى من يحاولون منّا تفسير الإسلام في اتجاه أكثر اعتدالاً وتسامحاً وحداثة". ووحدها نسبة 28% - وهي نسبة منخفضة جداً بحسب المعايير الإقليمية - تشعر فعلاً بأنه "في الوقت الحالي، الإصلاح الاقتصادي والسياسي الداخلي مهمّ لبلدنا أكثر من أي قضية تتعلق بالسياسة الخارجية". وبشكل عام، يميل الإماراتيون إلى أن يكونوا تقليديين اجتماعياً ومحافظين سياسياً، على الرغم من بهجة وبريق وسط مدينة أبو ظبي أو دبي.
أداء الحكومة تجاه السياسات المحلية الأخرى أفضل بحسب المستطلعين، إذ يعتبر ثلثهم فحسب أنّ جهود الإمارات العربية المتحدة غير كافية في مجال "الحدّ من مستوى الفساد في حياتنا الاقتصادية والسياسية". وتعتقد نفس النسبة المنخفضة نسبياً أن حكومتهم لا تهتم بما يكفي "بحماية حريات المواطنين الأفراد وخصوصيتهم". وبالمقارنة، هذه النسب أعلى بكثير في المملكة العربية السعودية المجاورة، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالفساد.
ولكن تبقى إشكالية محتملة تتمثل في استمرار بعض التعاطف الشعبي غير المعلن مع جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنّفها الحكومة الإماراتية كمنظمة "إرهابية"، إذ لا يزال موقف ثلث المواطنين السنّة (الذين يشكّلون 90٪ من مجموع السكان) "إيجابياً إلى حدّ ما" تجاه الإخوان المسلمين. لم تتبدّل هذه النسبة في السنوات الثلاث الماضية على الرغم من حملة رسمية عنيفة وثقيلة الوطأة أحياناً ضد الجماعة. وعلى الرغم من أنّ مستوى الدعم السلبي للإخوان المسلمين لا يبدو وكأنه يشكّل تهديداً عاجلاً، إلا أنه يساعد في تفسير يقظة الحكومة ضده – وردّ الفعل العنيف المحتمل الذي قد يخلقه بين أقلية من الجمهور إذا سمحت الظروف الأخرى بذلك.
تتمثّل إحدى القضايا البارزة مؤخراً في السياسة الخارجية في تعاون الإمارات العربية المتحدة المتزايد وغير الرسمي مع إسرائيل – والذي أشير إليه في هذا الاستطلاع من خلال مثال عزف النشيد الوطني لإسرائيل في مكان عام عندما فاز فريق إسرائيلي زائر بمنافسة دولية للجودو على الأراضي الإماراتية. ولكن لم يحبّذ معظم المستطلعين ذلك، إذ وحدها نسبة 20% من المستطلعين – وهي نسبة مماثلة للنسب المحققة في المجتمعات العربية الأخرى التي أجريت فيها استطلاعات رأي مؤخراً - تريد "العمل مع إسرائيل في قضايا أخرى مثل التكنولوجيا ومكافحة الإرهاب واحتواء إيران"، بينما رأي 38% من المستطلعين إيجابي تجاه حماس التي ترفض السلام مع إسرائيل بشكل كامل.
ولكن في حال جرت محادثات سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في يوم من الأيام، ترغب الغالبية العظمى من المواطنين الإماراتيين (72%) في أن "تلعب حكومتهم دوراً جديداً ... وأن تمنح الطرفيْن محفّزات لاعتماد مواقف أكثر اعتدالاً" – وهذه نسبة مشابهة للنسب في البلدان العربية الأخرى التي جرت فيها استطلاعات رأي في السنوات الثلاث الماضية. ويمنح ذلك بعض الأمل لمفهوم إدارة ترامب القاضي بحشد الدعم العربي الخارجي لعملية صنع السلام الإسرائيلية الفلسطينية. ولكن ليست هذه السياسة الأمريكية الأكثر أولوية بالنسبة إلى الإماراتيين، إذ وحدها نسبة 23% قد اختارت "الدفع بقوة أكبر باتجاه حلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" كخيارهم الأبرز من قائمة لأهداف الولايات المتحدة في المنطقة، بينما ركّز المستطلعون الآخرون على اليمن أو إيران أو مكافحة الإرهاب.
وعلى نطاق أوسع بشأن العلاقات مع الولايات المتحدة، اعتبر نصف المستطلعين أنّ هذه العلاقات مهمة لبلادهم – بما في ذلك نسبة 25% التي اعتبرتها "مهمة جداً"، إلا أنّ وحدها نسبة 12٪ تنظر إلى الرئيس ترامب بشكل إيجابي. هذه الأرقام نموذجية إلى حدّ ما بالمقارنة مع نتائج استطلاعات رأي عربية أخرى أجريت مؤخراً، مما يشير إلى أنّ هذه الجماهير قادرة على التفريق بين الدول وقادتها.
وفي ما يتعلّق بواحدة من أهم قضايا السياسة الخارجية الحاسمة بالنسبة إلى الإمارات العربية المتحدة اليوم، ألا وهي إيران وحلفائها الإقليميين، فقد دعم المستطلعون الموقف الرسمي بقوة – مع استثناء ثانوي محدّد أدناه. وحدها نسبة 13% من الإماراتيين قد اعتبرت أنّ العلاقات الجيدة مع إيران مهمة، على الرغم من العلاقات التجارية الواسعة بين البلدين في السابق. وقالت نسبة أقل حتى (6 إلى 8%) إنها تتمتع بنظرة إيجابية إلى حزب الله - أو الحوثيين في اليمن والذين تشن عليهم دولة الإمارات في الوقت الراهن حرباً واسعة النطاق. ومع ذلك، كان للأقلية الشيعية الصغيرة من المواطنين الإماراتيين وجهات نظر مختلفة إلى حد كبير، إذ أعرب ما يصل إلى نصف المستطلعين عن رضاهم عن هذه الأطراف الثلاثة المترابطة.
تنبثق هذه النتائج عن استطلاع رأي تجاري ضمن مقابلات شخصية أجرته شركة مهنية إقليمية عالية الخبرة وموثوقة ضمن عينة وطنية تمثيلية من ألف مواطن إماراتي. وقد تبع أخذ العينات طريقة الاحتمالية الجغرافية القياسية. ويمثّل هامش الخطأ الإحصائي نسبة 3% تقريباً كزيادة أو نقصان. تتوفّر التفاصيل المنهجية الكاملة عند الطلب.